يمينُ الموصل يساراً في الجغرافية العراقية الطائفية

د. علي المؤمن

(5/3/2017)

سؤال جيوسياسي محير؛ أرجو من أصحاب الاختصاص الإجابة عليه إجابة علمية توثيقية؛ يتعلق بمعيار تحديد الاتجاهات الجغرافية للمدن والمحافظات وعموم المواقع العراقية في البلد: لماذا يمينُ الموصل يساراً في الجغرافية العراقية؟

    البديهي أن هذا المعيار ينحصر في النظرة من الجنوب الى الشمال، أو من العاصمة؛ مثلاً، حين نقول المحافظات الشرقية فإننا نقصد شرق العراق، يعني ديالى وواسط. وهكذا المحافظات الغربية. وذلك بالقياس الى النظرة من موقع العاصمة باتجاه هذه المناطق، أو النظرة من الجنوب نحو الشمال. وهذا معيار جغرافي بديهي.

ولكن لا ينطبق هذا المعيار الثابت على الموصل؛ فيطلق على الجانب الأيمن (قياسا على المعيار الصحيح انطلاقا من جنوب البلاد) مصطلح الجانب الأيسر، بينما الجانب الأيسر الحقيقي يطلق عليه الجانب الأيمن.

أعتقد أن هذا المعيار هو معيار استعماري تركي؛ إذ أن زاوية نظرنا الى تحديد جغرافيا الموصل ليست زاوية عراقية؛ بل زاوية تركية؛ أي أن الجانب الأيمن للموصل ـ كما هو التوصيف السائد الخاطئ ـ هو أيمن بالنسبة لتركيا وليس بالنسبة للعراق، وهكذا الجانب الأيسر.

وهذا تكريس للجيوبولتيك الاستعماري التركي؛ الذي يعتبر الموصل إحدى محافظاته الجنوبية، وهو ما سمعتُه من رئيس جامعة تركية متخصص في الجغرافيا السياسية، والذي يؤكد: ((إننا ننظر الى جغرافيا الموصل من منطلق جغرافيا اسطنبول؛ لأن الموصل محافظة تركية أساساً؛ لذلك فان أيسر الموصل بالنسبة لاسطنبول، هو أيمن بالنسبة لبغداد، وهكذا الأيمن بالنسبة لاسطنبول هو إيسر بالنسبة لبغداد، ولكننا نحاول أن نشيع بأن المقصود هما ساحلا نهر دجلة الذي ينبع من الأراضي ويقسم المدينة نصفين، ولأن المنبع هو من تركيا؛ فإن اتجاه الضفتين يتم النظر إليه من المنبع باتجاه الجنوب، أي باتجاه مسير المياه)).

أقول؛ من حق الأتراك أن يفكروا بمنهجية استعمارية، ولكن لماذا نحن نذعن لمنهجيتهم الاستعمارية تجاه أرض عراقية محضة؟! سيما ونحن على أبواب تحرير كامل الموصل، ولا بد من إحداث تغييرات في المصطلحات الجيوسياسية المعيارية الاستعمارية الموروثة الشاذة؛ لأن هذا اللون من معركة المصطلحات هو جزء من حربنا المصيرية من أجل تكريس سيادة العراق الجديد وإعادة بنائة والتخلص من الموروثات الاستعمارية؛ بكل صيغها.