وعي العقل الغربي بالإسلام والمسلمين

Last Updated: 2024/04/26By

وعي العقل الغربي بالإسلام والمسلمين

د. علي المؤمن

يعود الاهتمام الغربي بدراسة الإسلام وتاريخه واتجاهاته الفكرية والاجتماعية إلى ما قبل مرحلة تشكيل الوعي الاستشراقي، وهي المرحلة اللاهوتية المسيحية؛ إذ بدأ الوعي دينياً لاهوتياً (مسيحياً)، وانتهى مركّباً من عدة اتجاهات ومدارس غربية، بالتزامن مع الصراعات العسكرية بين الدول المسلمة والدول الاوروبية، ثم موجات الغزو والاحتلال الأوروبي للبلدان الإسلامية منذ القرن السادس عشر الميلادي.

أما المرحلة الجديدة من الدراسات الغربية؛ فقد بدأت في نهاية السبعينات، مع اندلاع الثورة الإسلامية الإيرانية، ثم أخذت – تلك الدراسات – شكلها الحالي في مطلع الثمانينات مع إعلان الحركة الإسلامية العراقية عن نفسها، وصولاً إلى تأسيس حركة المقاومة الإسلامية في لبنان. ويشتمل الاهتمام على دراسة تيّارات النهوض الإسلامي وجذورها العقدية والفقهية والتاريخية، ورموزها وأهدافها، والقواعد الفكرية السياسية والفكرية التي تشكّل بعضها دوافع لتأسيس تيّارات الصحوة والنهوض الإسلامي. فخلال الثمانينات تأسست في الغرب مئات المراكز واللجان والمجموعات البحثية لدراسة الصحوة الإسلامية الجديدة، وصدرت آلاف الكتب والبحوث والمقالات في هذا المجال. وقد ذكرت بعض المصادر أن وكالة المخابرات الأمريكية (C.I.A) موّلت خلال عام 1983 أكثر من (120) مؤتمراً وندوة لدراسة (ظاهرة) الصحوة الإسلامية وجذورها.

ومنطلقنا هنا في تقويم الوعي الغربي بالإسلام والمسلمين وفهمه وتفكيك عناصره، ليس ردود الفعل تجاهه، أو وعي التناقض المسبق مع معاييره، بل المنطلق هو تكوين وعي موضوعي به، من خلال استقراء اتجاهات أكبر عدد ممكن من التيّارات والرموز التي تمثّل العقل الغربي. فالنظرة الواقعية للغرب ولبناه العقلية والفكرية والاجتماعية، ليست نظرة ستاتيكية ذات أحكام نمطية جاهزة وفي إطار اتجاه فكري وثقافي محدد، كما هو الحال مع النظرة الغربية للإسلام والمسلمين وعموم الشرق، وإن كانت هناك بعض الثوابت في هذا المجال، والتي يحاول بعض المفكّرين المسلمين تحويلها إلى بنية فكرية في مقابل الاستشراق، أطلقوا عليها عنوان: «الاستغراب».

يقف فهمنا الواقعي لوعي الغرب بنا على دعامتين:

الأولى: وعينا بذاتنا وعياً موضوعياً، والذي يتضمّن اكتشاف هذه الذات والعودة إليها وإعادة إنتاجها.

الثانية: وعينا المستقل لبنية العقل الغربي ومعاييره في فهمنا وتقويمنا.

ويشتمل هذا الفهم على قواعد الوعي الغربي وخلفياته وأهدافه، إضافة إلى الوعي اللاهوتي السلطوي والاستشراقي والاستعماري، ومعاييره ومناهجه، وأساليبه وإفرازاته؛ إذ أن العقل الغربي الذي ينتج هذا الوعي المتجدد بالإسلام والمسلمين والصحوة الإسلامية ومظاهر الصعود الإسلامي، ليس أحادي العامل، بل يتشكل من أربعة عناصر أساسية، متمازجة ومتشابكة في نشأتها وتأثيراتها المتبادلة، هي: لاهوت السلطة، الخطاب الاستشراقي، النزعة الاستكبارية وفكر النهضة الأُوروبية.

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment