نظرية حزب الدعوة الإسلامية

Last Updated: 2024/04/26By

نظرية حزب الدعوة الإسلامية ومنظومته الفكرية

د. علي المؤمن

تأسس حزب الدعوة الإسلامية على وفق نظرية فقهية، ولتحقيق غايات عقيدية، وهو حزب ايديولوجي؛ مهمته الدعوة للإسلام، وبناء الكتلة المؤمنة المغيرة للمجتمع، والتي تقوم بتعميق البعد الإيماني والعبادي والتربوي والثقافي والسياسي في الأمة والفرد؛ وصولاً إلى قدرته على استلام السلطة في بلد من البلدان وتأسيس الدولة الإسلامية، وانتهاءً بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على مستوى الدولة والمجتمع والفرد، ومن خلال أدوات الدولة نفسها. وقد جاء في نشرة مقدمة النظام الداخلي للحزب: ((إن اسم الدعوة الإسلامية هو الاسم الطبيعي لعملنا، والتعبير الشرعي عن واجبنا في دعوة الناس إلى الإسلام. ولا مانع أن نعبِّر عن أنفسنا بالحزب والحركة والتنظيم، ونحن دعاة إلى الإسلام، وأنصار الله، وأنصار الإسلام، ونحن حركة في المجتمع وتنظيم في العمل. وفي كل الحالات نحن دعاة إلى الإسلام، وعملنا دعوة إلى الإسلام. وسبب اختيارنا له يعود إلى مشروعيته أولاً، وفائدته ثانياً)).

وتدخل نظرية حزب الدعوة في إطار مدرسة إسلامية مذهبية؛ ولذا جاز أن نقول إنه حزب إسلامي متمذهب، أي أن نظريته العقدية والفقهية تدخل في إطار أحد المذاهب الإسلامية، وهو المذهب الشيعي الجعفري (نسبة إلى الإمام جعفر بن محمد الصادق)؛ شأنه في ذلك شأن كل الأحزاب الايديولوجية، ولاسيما الإسلامية، كجماعة الإخوان المسلمين وحزب التحرير، وهي أحزاب مذهبية تتبع المذاهب السنية، ولكن ليس بالضرورة أن تكون نظريتها طائفية؛ ولكنها قد تنتقل من المذهبية إلى الطائفية في ممارساتها وأدائها السياسي.

وصفة الطائفية تختلف عن صفة المذهبية؛ فالمذهبية هي انتماء الجماعة عقدياً وفقهياً إلى مذهب إسلامي معين، أما الطائفية – في الاصطلاح الرائج – فهي خطاب وممارسة اجتماعيان سياسيان غالباً، وتعني التعصب السياسي للجماعة الدينية، وتغليب مصالح الطائفة (الحاضنة الاجتماعية) التي ينتمي إليها الحزب اجتماعياً؛ على مصالح الطوائف الأخرى وعلى مصلحة الوطن والشركاء فيه، ومحاولة تهميش وإقصاء الطوائف الأخرى. ومن هنا؛ فإن صفة الطائفية يمكن أن تطلق أيضاً على غير الأحزاب والحكومات الدينية؛ كالحكومات والأحزاب السياسية الليبرالية والقومية. فمثلا حزب البعث العراقي هو حزب طائفي، ونظام حزب البعث العراقي كان نظاماً طائفياً؛ على الرغم من أنه حزب علماني معادٍ للدين.

ويطرح حزب الدعوة الإسلامية أهدافاً مرحلية له؛ تتمثل بما يلي:

1 – بعث الفكر الإسلامي الأصيل، ونشر الوعي في صفوف الأمة.

2 – تصحيح المفاهيم التنظيمية للحركات الإسلامية، وتجنب الاعتماد على تجارب الحركات اللا إسلامية، وبناء التنظيم على أساس القرآن والسنة الشريفة.

3 – نشر الثقافة السياسية وتعميق المنهج الإسلامي في التقييم والتحليل السياسي، وخلق الذهنية السياسية الإسلامية.

4 – تطهير المجتمع من التقاليد والأعراف الدخيلة، وبعث الروح الإسلامية شكلاً ومضموناً في حياة الناس.

5 – تربية الأمة التربية الإيمانية الصحيحة؛ التي لا ينفصل فيها المضمون عن الشكل في الممارسات العبادية.

وعلى صعيد الفرد؛ يهدف الحزب إلى تجديد بناء الشخصية الإسلامية والأسرة المسلمة، بكل مقوماتهما من تربية وثقافة وسلوك.

وتحقيق «الدعوة» لأهدافها العقدية المرحلية؛ لا يمكن أن يتم إلّا عبر النخبة الواعية من أبناء الأمة – كما تذكر أدبيات الحزب -. وهذا البناء يتأتى من خلال عملية التثقيف والتعبئة الفكرية كمبدأ تفرضه الضرورة الموضوعية. ولذا فقد أولى حزب الدعوة الإسلامية الجانب الثقافي اهتماماً بالغاً، ووضع لذلك برنامجاً دقيقاً لبناء أعضائه (الدعاة) ككتلة وطليعة واعية تقود المجتمع وتؤثر فيه.

وتنقسم الثقافة الحزبية لأعضاء حزب الدعوة (الدعاة) إلى ثلاثة مستويات:

1 – الحد الأدنى، وهو مفروض على جميع الدعاة، ويشمل:

أ – المداومة على قراءة القرآن بتدبر، وحفظ بعض آياته.

ب – اطلاع مجمل على العقيدة الإسلامية والعقائد الأخرى.

ت – اطلاع مجمل على سيرة الرسول (ص) والصحابة وأئمة المسلمين(ع) وتاريخ الإسلام.

ث – معرفة الأحكام الشرعية والفقهية مورد الابتلاء والحاجة.

ج – استيعاب مواد الحزب وأدبياته ونشراته في الفكر العام والفكر التنظيمي والسياسي والإيماني.

2 – المستويات العالية:

أ – المستوى الأول: التفهم والتلقي الحسن.

ب – المستوى الثاني: حسن الاختيار والعطاء، وتنسيق الأفكار وتقديمها.

ت – المستوى الثالث: الأصالة الفكرية والإبداع، واستنباط الأفكار ومحاكمتها بمقياس الإسلام.

3 – الاختصاصات: وهي مرحلة الأصالة الفكرية المكتملة الناضجة في أحد المجالات الفكرية المتعددة.

كما تنقسم الثقافة الفكرية لحزب الدعوة إلى خمسة أقسام، هي:

1 – الفكر الإيماني، ويستوعب البعدين الروحي والسلوكي للفرد المسلم والمجتمع المسلم عموماً، والدعاة وجماعة «الدعوة» خصوصاً.

2 – الفكر العام، ويختص في مجال توضيح معالم الإسلام والمجتمع الإسلامي.

3 – الفكر التنظيمي والحركي، ويشتمل على الأبعاد الفنية والتقنية في العمل التنظيمي الحزبي، وأساليبه العامة والخاصة، وطبيعة علاقة الدعاة بـ«الدعوة» وتنظيماتها.

4 – الفكر السياسي العام، ويوضح جانب المذاهب والأفكار السياسية المختلفة، والأحداث الجارية في بلاد المسلمين والعالم. ويشتمل على التحليل السياسي العام؛ أي القواعد والأسس، والتحليل الخاص، وكذلك التثقيف السياسي.

5 – فكر الحكم. على الرغم من أن الحزب يدمج فكر الحكم في الفكر السياسي؛ ولكن لهذا الفكر خصوصية بالغة الأهمية، وينبغي فصله عن الفكر السياسي؛ لأنه يوضح رأي الحزب في القانون الدستوري الإسلامي والنظام السياسي الإسلامي والدولة الإسلامية؛ على اعتبار أن الدولة الإسلامية هي الهدف شبه النهائي لحزب الدعوة، ووسيلته لبلوغ هدف تطبيق الشريعة الإسلامية.

وتقول أدبيات الحزب بأن «الدعوة» من أجل أن تسير نحو تحقيق أهدافها سيراً تكاملياً دقيقاً؛ فإنها تبنت العمل المرحلي كسنة كونية وشرعة إسلامية مستمدة من سيرة الرسول الأعظم(ص) في دعوته الأولى، وكضرورة يفرضها واقع الأمة والظروف العامة الراهنة.

وفي المجال الاختصاصي؛ ينقسم فكر حزب الدعوة إلى قسمين:

1 – الفكر العام: وهو الفكر العلني الذي دوّنه مؤسسو الحزب ورواده وقادته وكوادره في كتبهم ومحاضراتهم العامة.

2 – الفكر الخاص: وهو الفكر الداخلي الخاص بالحزب. وغالباً ما كان ولا يزال يكتبه نخبة قليلة من مفكريه وينشر في نشرات الحزب الداخلية؛ ولاسيما «صوت الدعوة».

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment