نظام البعث وتمثل الأيديولوجيا العنصرية الطائفية للدولة العراقية الحديثة

Last Updated: 2024/04/26By

نظام البعث وتمثل الأيديولوجيا العنصرية الطائفية للدولة العراقية الحديثة

د. علي المؤمن

مثّل النظام البعثي حقيقة الأيديولوجيا العنصرية الطائفة الموروثة للدولة العراقية الحديثة، بكل تفاصيله، منذ تأسيسها في العام 1921، ولكن بصورة اكثر تطرفاً وعمقاً وسعة؛ إذ عمل منذ انقلابه في العام 1968 على اضطهاد الشيعة وقمعهم وتشريدهم وقتلهم، ومنعم من ممارسة شعائرهم وطقوسهم الدينية، كما عمل على تغيير حقائق الجغرافية السكانية للعراق؛ فأستورد ملايين العرب السنة من الخارج، ولاسيما من مصر، وأسكنهم في المناطق الشيعية، وفي المقابل؛ قرر تهجير ما يقرب من 6 بالمائة من عدد سكان العراق الى ايران، بحجة أُصولهم الإيرانية، وذلك ابتداء من عام 1970، كما قتل عشرات الآلاف من العرب الشيعة والكرد السنة في الحرب مع سكان شمال العراق (الأكراد)، وأضعافهم في الحرب مع الجارة (إيران)، وكان من أهدافه في هاتين الحربين، زرع الأحقاد والتفرقة بين مضطهدي الوسط والجنوب (الشيعة) ومضطهدي (الأكراد)، رغم أن المكونين يشكلان الأغلبية السكانية الساحقة، وكذا زرع الأحقاد بين شيعة العراق وشيعة ايران، على اعتبار أن حوالي 75 بالمائة من جنود الجيش العراقي والمراتب الصغيرة والمتوسطة، الذين كانوا وقود حروب النظام ضد أكراد العراق وضد ايران والكويت، هم من الشيعة.

ولم تكن دولة البعث في العراق طائفية وحسب، بل كان أموية بالمعنى الايديولوجي، وهذا الانتماء وما يترتب عليه من منهجية في التفكير والسلوك؛ أخطر بكثير من المعنى الطائفي المتعارف، لأن حدود سلوك الطائفي هو الحقد والظلم، في حين تنطوي الايديولوجيا الأموية على مشروع ايديولوجي اجتثاثي شامل للآخر العقدي والمذهبي، رغم أن الايديولوجية الأُموية ليست دينية ولا رموزها متدينين، بل لأنها تستشعر الخطر الكبير من مجرد وجود الشيعة، ومن ممارستهم لشعائرهم وعملهم بعقيدتهم وفقهم. ولعل هناك من يقول بأن صدام حسين لم يكن متديناً أساساً لكي يكون طائفياً وأموياً، وهنا تكمن شيفرة الايديولوجية الأموية؛ فمعاوية ويزيد وسلاطين بني أمية لم يكونوا متدينين أصلاً، ويرتكبون كل أنواع المحرمات والموبقات نهاراً جهاراً، لكنهم في الوقت نفسه؛ يمارسون أبشع أنواع الإقصاء والقمع والظلم والاجتثاث ضد أهل البيت وأتباعهم، ليس من منطلق طائفي أو من أجل المحافظة على عروشهم وملكهم وحسب، بل لأن ايديولوجيتهم تنطلق من رفض التعايش مع الايديولوجيا الشيعية، ويعملون على فرض أنفسهم على جميع المسلمين بقوة السلاح والمال، أي أن منطلق العقيدة الأموية في اجتثاث الآخر المختلف؛ ليس منطلقاً دينياً؛ بل هو منطلق ايديولوجي مركّب، تتمثل أبرز ركائزه وقواعده فيما يلي:

  • اجتثاث التشيع، عقيدةً وشعائر وطقوس، عبر وسائل القمع والحصار والمنع وفتاوى التكفير، فضلاً عن الدعاية المنظمة المضادة.
  • إقصاء الشيعة عن مراكز القرار في الدولة وسلطاتها المدنية والدينية والعسكرية.
  • تشويه سمعة الرموز الدينية والسياسية والفكرية للشيعة، واتهامهم بشتى التهم، عبر الدعاية المركزة المنظمة، من أجل تمزيق المجتمع الشيعي من داخله أيضاً.
  • خطف المسلمين عقدياً، عبر فرض العقيدة الأموية عليها بكل السبل، وتصوير العقيدة الأموية بأنها العقيدة الإسلامية الصحيحة، وأن حكمها هو حكم الإسلام الشرعي.
  • خطف أهل السنة، وإجبارهم عبر وسائل الشحن الطائفي للسير في ركاب العقيدة الأموية والحاكم الأموي، وإن حافظ المختطفون المغرر بهم أو المجبورون على تبعيتهم للمذاهب السنية، لأن العقيدة الأموية يهمها كثيراً أن تظهر بمظهر الحامي لعقيدة أهل السنة ولجمهور السنة، وأنها هي التي تمثل جماعة المسلمين دون غيرها، وحينها يكون كل مسلم لا يؤمن بعقيدتهم فهو ليس من جماعة المسلمين، وهو أفضع أنواع التكفير الشامل.
  • رفض الشراكة والتعايش والتعددية المذهبية والفكرية والثقافية؛ فالأُموي لا يقبل بالشراكة في أي موقع، ولا التعايش مع الآخر المذهبي والفكري، ولاسيما الشيعي، وإذا قبل بالشراكة أو التعايش مضطراً؛ فإنه يعتبرها مرحلة مؤقتة؛ ريثما تتوافر له فرصة الغدر.
  • العنصرية للعرب، وازدراء واحتقار المسلمين من القوميات الأخرى، وتحديداً القوميات التي اتبعت مذهب أهل البيت؛ فكانوا يسمونهم في أيام الحكم الأموي بالموالي والأعاجم، بينما يطلق عليهم الأمويين المعاصرون تسميات العجم والفرس والمجوس والصفويين.

وللايديولوجيا الأُموية دعامتان، لكل منهما مقوماته الفكرية وثقافته ووسائل تطبيقه وسلوكياته، ويستخدمهما الحاكم بأسلوب منظم ومنهجي وفقاً للحاجة والظرف:

  • دعامة ثيوقراطية دينية سياسية، وتتمظهر في السلطة الدينية للحاكم الأُموي، وهي التي تشرعن للمؤسسة التنفيذية صلاحياتها وفقهها السلطاني وسلوكياتها. وهذه الدعامة تتمثل اليوم في العقيدة الوهابية ونظامها السياسي السعودي، وتفرعاتها، كالقاعدة وداعش والنصرة وطالبان وجيش الصحابة وبوكو حرام وغيرها، وكذا من يحمل أفكارها من سلفيين وغير سلفيين، وهي الجناح اليميني في الأُموية المعاصرة.
  • دعامة علمانية سياسية، والتي تتمظهر في السلطة السياسية العنصرية الدنيوية للحاكم الأموي، وهي يتمثل في حزب البعث العراقي ومن يحمل أفكاره من غير البعثيين، وهو الجناح اليساري للأموية المعاصرة.

ولا تمثل العقيدة البعثية الصدامية النموذج الأموي بدعامتية، بل تمثل الدعامة السياسية العنصرية للعقيدة الأموية المعاصرة، أو اليسار السياسي العنصري الأموي، في مقابل العقيدة الوهابية السعودية التي تمثل الدعامتين معاً، وإن كانت الدعامة اليمينية الدينية أكثر وضوحاً في العقيدة الوهابية، كونها تتبنى القواعد الثيوقراطية في التأسيس لشرعية سلطتها السياسية ــ الدينية، ولذلك؛ هي أقل عنصرية من حزب البعث.

وكان الخطاب الطائفي للنظام البعثي يتراوح بين التغليف والعلانية، وفق الظروف السياسية الداخلية والخارجية التي كان يعيشها؛ فمثلاً خلال سنوات الحرب ضد ايران (1980ـــ 1988)؛ كان الخطاب الطائفي للنظام وسلوكه ضد الشيعة حادين جداً وعلانيين، عبر ضرب الحوزة العلمية النجفية وتهجير واعتقال وإعدام علمائها، ومنع طباعة ونشر الكتب الشيعية، وإغلاق المساجد والحسينيات، ومنع شعائر وطقوس عزاء أهل البيت والإمام الحسين، وكذلك عبر وسائل الإعلام والفتاوى والمؤتمرات، وخاصة “المؤتمر الإسلامي الشعبي”؛ فقد حاول النظام من خلال خطابه الطائفي تصوير الحرب مع ايران وكأنها بين العراق العربي السني وايران الفارسية الشيعية، وهو يجمع  بين العاملين القومي والطائفي، من أجل كسب تعاطف الأنظمة والشعوب العربية السنية، وقد نجح في ذلك الى حد مطلوب، برغم أن الأغلبية الساحقة من وقود حربه كانوا من الشيعة، بالنظر الى نسبة الجنود والمراتب وصغار الضباط الشيعة في الجيش العراقي، والتي لا تقل عن 75 بالمائة من أفراد الجيش العراقي.

وفي أواسط سنوات الحرب؛ دعا خير الله طلفاح (خال صدام حسين) العشائر العراقية السنّية لحمل السلاح دفاعاً عن المذهب السنّي الذي تريد إيران تدميره في العراق، وكان يردد: ((إنّ الشيعة مجوس ودمهم مباح)). كما كان يحث النظام البعثي خلال انتفاضة النجف في صفر من العام 1977، لتدمير النجف، لأنها البؤرة الشيعية التي تؤذي النظام السني. وهو الخطاب نفسه الذي كان يردده رموز النظام الآخرين، ومنهم القائد العسكري الفريق الركن ماهر عبد الرشيد (والد زوجة عدي صدام حسين)، الذي صرح لصحيفة الأهرام (القاهرية): ((نحارب الإيرانيين، لأنهم مجوس تآمروا على محمد وقتلوا علياً والحسين ونحن نثأر لأجدادنا)).

وخلال انتفاضة شعبان (آذار 1991) التي حاول فيها الشعب العراقي إطاحة النظام الحاكم، ارتفع الخطاب الطائفي للنظام، وبرزت ممارساته الطائفي بأوضح صورها؛ إذ دمّرت صواريخ النظام ومدافعه كثيراً من مراقد أئمة آل البيت، وقتلت عشرات الألوف من سكان الوسط والجنوب، ودفنتهم في المقابر الجماعية، تحت الشعار المركزي الذي رفعته آنذاك: ((لا شيعة بعد اليوم)). وبرغم أن الدور الطائفي الخارجي لنظام البعث العراقي قد ضعف كثيراً بعد انتحاره في الكويت، وانهياره السياسي والاقتصادي، وفقدانه معظم حلفائه الطائفين، إلّا أنه ظل يمارس دوره الطائفي في الداخل بنفس القوة؛ إذ جاءت الأحداث بعدها بالشكل الذي يؤكد مخطط النظام المعلن في تغيير هوية العراق، وكان منها احتفالات الزواج الجماعي السنوية التي كان يقيمها النظام خلال العشرة الأولى من شهر محرم الحرام، وخاصة في يوم العاشر من المحرم، وهو يوم مقدس عند الشيعة، وهم الأكثرية السكانية، ويمثل يوم حزن وبكاء، لأن فيه ذكرى استشهاد أمامهم الحسين.

واستطاع نظام البعث تجيير عدد كبير من الموظفين الطائفيين للتعبير عن خطابه، والذين تنوعت عناوينهم وواجباتهم، بحسب اختصاص كل منهم؛ فكان فيهم مفتون ومشايخ وكتّاب وإعلاميون وأكاديميون وسياسيين، وهم ينقسمون إلى: موظفين عراقيين منتسبين إدارياً إلى الحكومة والحزب الحاكم، أو أشخاص انتهازيين يعملون لمصالح مالية، أو أصحاب ميول نفسية وفكرية، سواء كانوا عراقيين أو عراقيين. وقد بدأ هؤلاء الموظفون نشاطاتهم الطائفية وأداء وظائفهم، بعد انتصار الثورة الإسلامية في ايران؛ فاستبقوا الاحداث، وراحوا يتحدثون عن (الخطر الشيعي) الذي يستهدف الحكومات السنّية المعتدلة. ثم انتقلوا إلى مراحل أكثر خطورة بعد اندلاع حراك السيد محمد باقر الصدر في العراق، والحرب ضد ايران.

ومن هؤلاء أُنموذجاً: بشار عواد معروف (الواعظ البعثي العراقي)، الذي استطاع التوفيق بين انتمائه البعثي وعقيدته الدينية السلفية، فيقول: «وما من شك في أن الأمة الإسلامية في هذه الأيام تتعرض لتشويه في عقيدتها تقوم به النحلة الخمينية الفاجرة التي أفتى علماء الأمة الإسلامية، المؤتمنون على عقيدتها، بخروجها من الإسلام». ويغطي بشار عواد هنا على فتواه بتكفير الشيعة بإطلاق توصيف (النحلة الخمينية) عليها، شأنه شأن أغلب الوعاظ والمشايخ الطائفيين، الذين كانوا ولايزالون يحاربون التشيع ويكفرون الشيعة من خلال التستّر بشعارات محاربة (الخمينية). يقول عبد المنعم النمر (وزير الأوقاف المصري الأسبق): «إنّ أهل السنّة، بدءاً من أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى آخر مولود منهم، كفّار عند الخميني؛ فهل بعد ذلك يصح أن نجد بيننا من يسمح له أو لأفكاره الخربة مكاناً في مجتمعاتنا؟».

وكان أحمد بزيع الياسين (الرئيس السابق لبنك التمويل الكويتي) أكثر وضوحاً حين قال:«دولة كبيرة تستغلها طائفة منحرفة لترويج أفكارها المضلّة، باذلة في سبيل ذلك المال والشهرة». وفي الهند أوجب الشيخ أبو الحسن الندوي على من أسماهم بعلماء الإسلام فضح الفكر الشيعي، بقوله:«آن الوقت كي ينهض علماء الإسلام كل بواجبه في البراءة من هذه الضلالات، وكشف تلك الانحرافات، وفضح الغايات الفاسدة للخميني وأتباعه». وكان يثني على موسى الموسوي (ايراني عمل مع نظام البعث وتحول الى التسنن)، لأنه اتهم التشيع بالانحراف والغلو، ودعا الشيعة لتبني الفكر السلفي؛ إذ يقول:«هناك امور نسبتها كتب الغلاة إلى الأئمة وتبناها فقهاء المذهب [الشيعي]، وذكرتها كتب الأخبار الموثوق عندهم مثل: “أصول الكافي” و “الوافي” و”وسائل الشيعة” و “الاستبصار”، ولعل من أهم مواضيع الغلو: العصمة والعلم اللدني، والإلهام، والمعجزات والكرامات والإخبار بالغيب، وتقبيل الأضرحة».

ويقول الشيخ عبدالقادر ازاد (شيخ سلفي باكستاني):«إن الخميني أحدث تغييراً وتبديلاً في ألفاظ الآذان، وجعل المؤذنين ينطقون اسمه، ويقحمونه كلما رفعوا الأذان في صلاة من الصلوات». ويوضح آزاد ما يقصده هنا: «الذي احدثه الخميني حين أقحم اسمه في الأذان وجعلهم يقولون «خميني رهبر» [خميني قائد] بعد «الله اكبر»، عمل محرم قطعاً. وأنا في هذا المجال، أتساءل: ماذا كان من الممكن أن يحدث لو أنّ الإمام علياً قائم بيننا وسمع المؤذن يدخل في نصل الأذان ما ليس منه، ويقول «أشهد أن علياً ولي الله»؟ هذا بالنسبة لاسم الإمام علي، فما بالكم باسم الخميني، الذي أصبحت له شهادة خاصة تعقب شاهدة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، ثم الشهادة الثالثة المبتدعة بأنّ علياً ولي الله».

هناك من يقول بأن نظام البعث كان عادلاً في ظلمة وأن ظلمه شمل الجميع، وهذه المقولة متهافتة ولا تصمد أمام الحقائق البديعية، صحيح أن ظلم نظام البعث شمل كل الشعب العراقي، لكن ظلمه للشيعة كان طائفياً في أغلبه، أي أنه كان يظلم الشيعة لأنهم شيعة وليس لأنهم معارضين، فثلاثة أرباع ممارسات النظام ضد الشيعية كانت مبادرات اجتثاثية وأعمالاً هجومية واستباقية، ولها علاقة بالجوانب العقدية والفقهية والاجتماعية، ولم يكن لهذه الممارسات أية علاقة بالمعارضة أو الجانب السياسي، بل منطلقه الحقد الطائفي والعداون وهكذا بالنسبة للكرد؛ فقد كان ظلمه لهم عنصريا، ومنطلقه عنصرياً وليس لأنهم معارضين، أما ظلمه لبعض السنة فكانت أسبابه سياسية، ولأن هذا البعض كان معارضاً له، بمن فيهم أعضاء حزبه، ولم يكن منطلق هذا الظلم طائفيا وعنصريا؛ فلم يضطهد نظام البعث أي عالم دين سني أو يعتقله ويقتله لمجرد أنه سني، بينما فعل هذا الشي مع آلاف علماء الدين الشيعة لمجرد أنهم شيعة، ولم يكونوا معارضين ولاعلاقة لهم بالسياسة.

ويمكن إجمال صورة طائفية نظام البعث، من خلال أفكاره وسلوكياته، بما يلي:

1- التمييز الطائفي والعنصري في مناصب الدولة: كان السنة العرب، ونسبتهم من عدد السكان 16 بالمائة فقط، يسيطرون على 90 بالمائة من المسؤوليات الرأسية، كرئاسة الجمهورية ومجلس قيادة الثورة والقيادة القطرية للحزب والوزارات وقيادات الجيش والقوات المسلحة، وكان المذهب السني الحنفي هو مذهب الدولة الرسمي، دون إعلان. أما الشيعة الذين تشكل نسبتهم السكانية 65 بالمائة؛ فكانوا يشغلون 5 بالمائة فقط من المسؤوليات، ومن يشغلها كانوا مجرد موظفين عند أسيادهم المسؤولين السنة العرب، سواء في الحزب أو الحكومة أو الجيش. وكانت رمزيات الدولة التاريخية والمعاصرة، السياسية والدينية، ومناهجها الدراسية وأدبيات الإعلام والصحافة، والتوجهات الثقافية، كلها سنية طائفية، وموجّهة بالدرجة الأساس ضد الشيعة وهويتهم ومذهبهم.

2- القتل والإعدامات والمقابر الجماعية: قتل نظام البعث خمسة مراجع دين شيعة، و(32) مجتهداً و(870) عالم دين شيعي، وأغلب هؤلاء لم يكن لهم أي موقف سياسي ضد النظام، قتل ما يقرب من (160) ألف رجل وامرأة وصبي وطفل من الشيعة، دفن ضحاياه الشيعة في مقابر جماعية، منها (420) مقبرة مكتشفة.

3- الاعتقال والحبس: بلغ عدد من تعرضوا للاعتقال والسجن بمدد مختلفة، أكثر من ثلاثة ملايين شخص، وذلك بشبهة معارضة نظام البعث أو انتقاده، وأغلب هؤلاء لم يكونوا معارضين ولا علاقة لهم بالسياسة.

4- جرائم التعذيب والتنكيل: وهو أنواع من التعذيب النفسي والجسدي النادر تاريخياً وجغرافياً، إذ تعرض مئات آلاف الرجال والنساء إليه، كما تعرضت مئات النساء الشيعيات المعتقلات الى الاغتصاب، بما في ذلك الاغتصاب أمام أعين ذويهن، لحملهن على الاعتراف أو حمل ذويهن على الاعتراف، كما تعرض مئات الأطفال الى الخنق وتهشيم الجمجمة أمام آبائهم وأُمهاتهم لحملهم على الاعتراف.

5 – جرائم الملاحقة وإسقاط الجنسية والتهجير القسري الى خارج العراق: تسبب نظام البعث وصدام في هجرة أكثر من مليوني عراقي الى الخارج، بسبب ملاحقة من يشتبه بمعارضته، أو للتخلص من مطاحن الحروب، أو بسبب الفقر والمرض وانعدام الخدمات، مع الإشارة الى أن عدد سكان العراق ما يقرب من نصف عدد السكان حالياً، وكذلك تهجير ما يقرب من (500) ألف مواطن عراقي شيعي الى إيران بحجة التبعية، وهم يمتلكون الوثائق العراقية كافة، بعد إسقاط الجنسية عنهم، ومصادرة أموالهم، ونقلهم الى الحدود دون أي سابق إنذار إسقاط الجنسية عن مئات العراقيين ممن يشتبه بمعارضتهم للنظام، بينهم شخصيات شهيرة. وقد أصدر نظام البعث قانون إسقاط الجنسية رقم 666 لسنة 1980، والذي أسقط بموجبه الجنسية العراقية عن مئات آلاف الشيعة العرب والفيلية والمجنسين الإيرانيين.

  • محاربة العقيدة الشيعية ومؤسستها الدينية: قام النظام بمصادرة المدونات العقدية والفقهية والفكرية والثقافية للمذهب الشيعي، ومنع طباعتها واستيرادها، بما فيها كتب الأدعية، ومحاربة المرجعية الدينية والحوزة العلمية، والتنكيل بها ومنعها من ممارسة دورها الديني والتوجيهي، وصولاً الى قتل المراجع وعلماء الدين وحبسهم وتسفيرهم وفرض الإقامة الجبرية عليهم، حتى انخفض عدد منتسبي حوزة النجف في العام 1990 الى 5 بالمائة من عددهم في عام 1968، وكذلك تخريب المدارس الدينية الحوزوية أو إغلاقها، ومنع الشعائر الدينية، وخاصة ذكريات وفيات وولادات أئمة آل البيت، وفي المقدمة مراسيم استشهاد الإمام الحسين، ومن بينها مهاجمة مشاة زيارة الإمام الحسين في ذكرى الأربعين بالدبابات والطيران، واعتقال الخطباء وقتلهم.

 

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment