نسر صلاح الدين الأيوبي

Last Updated: 2024/04/26By

نسر صلاح الدين الأيوبي: إرث الدولة العراقية الطائفية

د. علي المؤمن

لا يعنيني مذهب صلاح الدين الأيوبي وطائفته وقوميته؛ بل يعنيني صلاح الدين الجزار الفاسد الذي قتل ما يقارب من 15 بالمائة من مسلمي مصر وبلاد الشام والعراق، ودفنهم في المقابر الجماعية، وبينهم عدد كبير من الفقهاء والمحدثين والعلماء والباحثين والمؤرخين والشعراء والأدباء، وغيّر ديمغرافيا البلدان الثلاثة، وطمس كثيراً من حضاراتها وآثارها ونتاجاتها الثقافية، ونهب ثرواتها بأساليب في غاية الخسة، ووزع أراضيها على أولاده؛ مُلكاً عضوضاً. وهو بذلك يعد الذراع العسكري لشيخ التكفير ابن تيمية، والأب الروحي للقاعدة وداعش. وبالتالي؛ فإن هذا الرجل من أبشع رموز الطائفية في تاريخ المسلمين.

وكان النسر شعار صلاح الدين الذي رفعه بعد إسقاطه الدولة الفاطمية، واعتبره رمزاً للقضاء على حاضرة مصر (كان الشيعة يمثلون ثقلاً سكانياً كبيراً آنذاك). وقد بقي الشعار الدموي لصلاح الدين الأيوبي متداولاً في مصر وبلاد الشام والعراق على أيدي أولاد صلاح الدين وأحفاده. ويخطئ من يعتقد أن نسر صلاح الدين صقرٌ أو باز أو عقاب كما يروج بعض الكتّاب.

وقد ورثت جمهورية جمال عبد الناصر نسر صلاح الدين الأيوبي بعد سقوط الملكية في مصر. ثم استعارته الدولة العراقية الطائفية في عهد عبد السلام عارف؛ تأسيّاً بمصر وسوريا، و لا تزال تتمسك به كرمز لانتماء الدولة العراقية الطائفي الممزوج برائحة الدم والظلم والفساد والتمييز والقهر والإضطهاد، وبمشاهد المقابر الجماعية والمشانق والتهجير والتعذيب والتطهير الطائفي، وأيضاً كدليل على لامبالاة حكام العراق بعد العام 2003 تجاه الرموز السيادية للدولة، وجهل معظمهم بدلالاتها التاريخية والطائفية والعنصرية والفنية؛ بدءاً بالعلم والنشيد الوطني، وليس انتهاءً بشعار الدولة والمناهج الدراسية والدستور الملغوم.

فكيف تسمح إنسانية المسؤولين العراقيين ودينهم أن يفخروا بوضع نسر صلاح الدين الأيوبي في مكاتبهم ومؤسساتهم وبيوتهم، وهو الذي الذي فاقت ممارساته الإجرامية حملات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي قام بها البيض في أمريكا وأفريقيا واستراليا ضد سكانها الأصليين!؟. ولذلك؛ من المؤلم أن يصر العراق الجديد على رموز دموية طائفية فاسدة أسس لها المنتصرون الجزارون؛ كالمنصور والرشيد وصلاح الدين وصدام.

وإذا أرادت الدولة العراقية الجديدة أن تتخلص من إرثها الطائفي وتاريخها العنصري، وتتبرأ من رموز الماضي البشعة، وتؤسس لحاضر جميل ومستقبل أجمل؛ بعيداً عن كل مايثير حساسية وحفيظة مكوناتها الوطنية، وتعمل على إعادة بناء الأمة العراقية؛ فينبغي أن تبدأ برموزها السيادية: العلم والنشيد الوطني والشعار؛ لتصل الى الشخصيات الرمزية والمناهج الدراسية والثقافة المجتمعية؛ وإلّا ستبقى الدولة العراقية طائفية في بنيتها وجوهرها، ولاتحترم انتماء الأغلبية السكانية ومشاعرهم.

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment