منهج دراسة «الاجتماع الديني الشيعي»

Last Updated: 2024/04/26By

منهج دراسة «الاجتماع الديني الشيعي»

د. علي المؤمن

إنّ منهج دراسة «الاجتماع الديني الشيعي» هو منهج مركب يجمع بين الوصفي التحليلي ودراسة الحالة، والدراسة التاريخية وتحليل المضمون، وهو في مجموعه يستند إلى وصف المشهد العام للنظام الاجتماعي الديني الشيعي وأُسسه النظرية وظواهره التطبيقية ومساراته، عبر المعلومة الدقيقة الموثقة، ثم يحلل الظاهرة العامة والظواهر الفرعية كحالات مترابطة، وذلك للوصول إلى الصور الحقيقية وجذورها وخلفياتها وانعكاساتها.

أما المدخل العلمي الأساس للموضوع فهو علم الاجتماع الديني، ولكن بصيغته التوفيقية المنسجمة مع خصوصية الاجتماع الشيعي، والذي أسميته بــ «علم الاجتماع الديني الشيعي». وهذا يعني أنني أصف بدقة ما هو كائن أو ما سيكون، وأبحث في جذوره، وأحلله وفق مناهج علم الاجتماع الديني الشيعي، واستشرف مستقبله. أمّا ما ينبغي أن يكون عليه النظام الاجتماعي الديني الشيعي؛ فقد حاولت قدر الإمكان عدم الخوض في التفاصيل التي تخرج الدراسة عن منهجها العلمي الوصفي التحليلي. ومع هذا، فقد قاربت بعض الأُسس والعناصر الواقعية العامة في إطار مقولات الإصلاح والتجديد والتأصيل للواقع، ولكن ليس بهدف التأصيل والتجديد للأُسس النظرية التشريعية (العقدية والفكرية والفقهية) للنظام الاجتماعي الديني الشيعي.

ويختلف المدخل العلمي الذي استخدمته في هذا البحث عن المدخل العلمي لعدد من دراساتي ومؤلفاتي التي قاربت موضوعات مشابهة، ولا سيما كتاب «الإسلام والتجديد» وكتاب «تجديد الشريعة» وغيرهما، والتي تمثل مقاربات فكرية نظرية تأصيلية وتجديدية. أي أنّ البحث هنا لا يتناول الجانب النظري ومحاولة تأصيله، بل يتناول الجانب التطبيقي للنظرية أو انعكاسات النظرية العقدية والفقهية للتشيع على الواقع الاجتماعي الشيعي، وشكل الواقع الذي تخلقه النظرية.

وهذا الكتاب محاولة في إطار علم الاجتماع الديني؛ لفهم النظام الاجتماعي الديني الشيعي وهيكليته ومكوناته وأجزائه وأنساقه الداخلية، وعلاقاته مع الآخر المختلف مذهبياً ودينياً وفكرياً وسياسياً، وتأثير أُسسه العقدية والفقهية والفكرية في صياغة اجتماعه الديني والسياسي والثقافي، وأعرافه وتقاليده وطقوسه. وبالنظر لخصوصية هذا النظام وعدم قدرة مناهج علم الاجتماع الديني التقليدي وقوالبه على استيعاب تفاصيله؛ فقد كان لزاماً استحداث منهجية جديدة تحت عنوان «علم الاجتماع الديني الشيعي» كما سيأتي؛ لتنسجم مع خصوصية هذا النظام وفرادته.

هذا المدخل المنهجي يقودنا إلى هدف البحث وجغرافيته، واللذان يتلخصان في توضيح حقائق المشهد الاجتماعي الديني الشيعي العام الذي يحمل عنوان: «النظام الاجتماعي الديني الشيعي»، بجغرافيته العالمية، والإجابة عن أسئلة ملايين الناس ممن لا يعرفون حقيقة هذا المشهد، واستشراف مستقبله، ومقاربة إمكانيات تطوير نظام مجتمع المذهب، دون أن يتحدد بحالة اجتماعية محلية أو إقليمية أو قومية أو وطنية. وتزداد أهمية هذه الدراسة مع تراكم تجليات الواقع الاجتماعي الذي أظهر فقراً معرفياً شديداً بعنوان: «الاجتماع الديني الشيعي»، وعنوان قيادته المتمثلة بالمرجعية الدينية ووظائفها وصلاحيتها، ومدخلية ولاية الفقيه كأصل تشريعي في انبثاق كيان المرجعية.

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment