معارك السعودية للاستحواذ على المنطقة
معارك السعودية للاستحواذ على المنطقة
د. علي المؤمن
استمراراً لمساعيها المحمومة منذ ستينات القرن الماضي؛ دخلت المملكة السعودية في شراكة استراتيجية إقليمية جديدة مع الولايات المتحدة الأمريكية في العام 2017، خاصة بمنطقة الشرق الأوسط، وبهدف إعادة ترتيبها سياسياً وأمنياً، وأعطيت لهذه الشراكة تسمية (خطة)، أي أنها شراكة تنفيذية، وقد حمل الملف المسرب لها عنوان ((الملخص التنفيذي لخطة الشراكة الاستراتيجية بين حكومتي المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية))، وكانت بنوده الإقليمية الأساسية تقضي بما يلي:
- إسقاط النظام الإيراني خلال ثلاث سنوات من إطلاق الخطة، أي خلال العام 2020، عبر خنقه اقتصادياً، وتشويهه دعائياً، ومحاصرته سياسياً ودبلوماسياً، وضرب منشآته وبناه التحتية عسكرياً بذريعة البرنامج النووي من قبل قوات أمريكية وإسرائيلية وسعودية، وزعزعته من الداخل من خلال المظاهرات المنظمة المطلبية في ظاهرها، والعمليات المسلحة للمجاميع المتغلغلة عبر باكستان وإقليم كردستان العراق وبندر لنكه، وتأليب القوميات الإيرانية بهدف الانفصال بذريعة الحقوق القومية.
- إسقاط حزب الله في لبنان، عبر ضرب قواعده عسكرياً من قبل إسرائيل، ومنع اشتراكه في الحكومة، ومحاصرته سياسياً ودولياً، وقطع مصادر تمويله، وفصله عن حاضنته الشيعية اللبنانية، وتدمير صورته عربياً وإسلامياً.
- اجتثاث حركة أنصار الله في اليمن، وإسقاط حكومة الشراكة بقيادة الحوثيين، عبر إلحاق الدمار الشامل بالعاصمة والمناطق الخاضعة لسيطرة حكومة الشراكة، وإنهاء سبل العيش فيها، من طعام وماء وكهرباء ووقود وعلاج.
- إسقاط سيطرة الشيعة على حكم العراق، عبر تفكيك الحركات الإسلامية الشيعية العراقية المشاركة في الحكم وإنهاكها وضربها ببعضها وتمزيقها من الداخل، ولا سيما حزب الدعوة والمجلس الأعلى والتيار الصدري ومنظمة بدر وتيار الحكيم وفصائل المقاومة، وتحريك الشارع الشيعي ضدها، وتشويهها دعائياً، وتكريس تهمة عمالتها وفسادها وفشلها في لا شعور المواطن العراقي. ويتم في الفترة الانتقالية احتواء بعضها وبعض الوجوه الشيعية الليبرالية، وصولاً الى إسقاطها جميعاً عبر المجيء بتحالف يضم بعثيين وإسلاميين سنة وعلمانيين شيعة.
- إسقاط نظام بشار الأسد في سوريا، عبر عمل عسكري طاحن، أو عبر دستور جديد يمنعه وتياره من الترشح لرئاسة جديدة، لصالح نظام يضم قوميين وسلفيين وبعثيين طائفيين سوريين.
- ضرب الحراك الشيعي البحراني المتمثل في حركة الوفاق والتجمع العلمائي وحلفائهما، ضربة قاضية ونهائية، عبر تعميق سياسات الترهيب القصوى، والاعتقالات والإعدامات الجماعية، وإسقاط الجنسية، والإبعاد خارج البلاد، والفصل من الخدمة، والتشويه الإعلامي، والترويج لأطراف شيعية بديلة، وتغيير التركيبة السكانية المذهبية بسرعة فائقة، وصولاً الى تحويل عدد السنة الى 60 بالمائة من السكان، مقابل 40 بالمائة شيعة بحلول العام 2025.
- دمج الكيان الإسرائيلي بالمنطقة العربية دمجاً واقعياً وميدانياً، عبر الشراكة السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية مع الدول العربية، بدءاً بالخليجية منها، وتشجيع تركيا على دعم هذه العملية، عبر تقديم حوافز اقتصادية ومالية لها.
هذه الخطة التنفيذية التي تم إقرارها في العام 2017؛ حددت فترة 3 ــ 8 سنوات لبلوغ أهدافها السبعة المذكورة، أي بين العامين 2018 و2025. وتم وضع إمكانات جميع أجهزة الدولة السعودية المعنية تحت تصرف هذه الخطة، فضلاً عن بعض الأجهزة الأمريكية. ولكن؛ عند النظر الى واقع المنطقة، ونحن في العام 2023؛ نجد أن أغلب أهداف الخطة لم تتحقق، وخرج فيها الجانبين الأمريكي والسعودي بهزائم كبيرة، بدءاً بالعراق وإيران وسوريا وانتهاء بلبنان واليمن. وربما نجحتا نسبياً في ثلاثة أهداف، هدف ضرب حراك الشعب البحراني، وإقامة علاقات دبلوماسية بين الكيان الإسرائيلي من جهة ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين من جهة أخرى، إضافة الى إقامة حلف أمني بين الكيان الإسرائيلي والمملكة السعودية، وكذلك إدخال العراق، وخاصة مدنه الشيعية، في فوضى كبيرة خلال الأعوام 2018 ـــ 2020.
ولا شك أن السببين الأساسين في الهزائم المتوالية، التي ظل يتكبدها النظام السعودي، في كل معاركه التي أشعلتها ضد الآخرين، في المجالات العسكرية والسياسية والإعلامية والمالية؛ يعود أولها الى حساباته الواهمة وغير المنطقية القائمة على منطلقات طائفية وعنصرية، وروح انتقامية توسعية، ومزاعم خرافية تتمثل في ولايته على العرب والمسلمين. أما السبب الآخر فيتلخص في انقياد النظام السعودي الى الأجندة الخارجية الأمريكية التي تجعله يتصرف إقليمياً لحساب المصلحة الأمريكية، وعلى حساب المصالح الوطنية للمملكة.
latest video
news via inbox
Nulla turp dis cursus. Integer liberos euismod pretium faucibua