مصاديق محاولات اختطاف التشيع

Last Updated: 2024/04/26By

مصاديق محاولات اختطاف التشيع

د. علي المؤمن

كثير من المعلقين على مقالي: ((عاشوراء: موسمٌ لاختطاف التشيع))، طلب ذكر مصاديق الإساءة والانحراف والتخريف التي أقصدها في مراسيم إحياء ذكرى الإمام الحسين، سواء المتعلقة بالمفاهيم أو وقائع النهضة أو الشعائر والطقوس.

أقول ابتداءً بأن المقال ـــ كما هو واضح من تكرار مفردة بعض ـــ يتحدث عن بعض أصحاب المقاتل والكتّاب والخطباء والشعراء و(الرواديد)، وعن بعض المظاهر والطقوس والسلوكيات، وهذا البعض خطير جداً في تشويه صورة نهضة سيد الشهداء وطهرها. والذين يتقولون على آل البيت ويمارسون السلوكيات الإنحرافية هم أقلية ذات صوت عال ووسائل تعبير هائلة، لكنهم ـــ كما ذكرنا في المقال ـــ لم ولن يستطيعوا اختطاف التشيع ونهضته؛ بل سيتحولون بمرور الزمن الى فرق ضالة إذا أصروا على تنفيذ أجنداتهم التخريبية، حالهم حال الشخصيات والفرق التي سبق أن انحرفت عن التشيع.

مع التأكيد على أن المحرفين والمغالين ليس من الضروري أن يكونوا مرتبطين بمخططات أجنبية معادية للمذهب؛ بل أن أغلبية التحريفيين تنساق وراء المناهج المتطرفة والمتحجرة والسطحية للفهم الديني والتاريخي، أو التعصب والعواطف والعناد والعقل الجمعي.

إن التحريف والتخريف المقصودين في مقالي المذكور يشتمل على ثلاثة اقسام:

  • التحريف في الوقائع التاريخية لنهضة الإمام الحسين عبر الروايات الموضوعة أو الأقوال المختلقة.
  • التحريف والتخريف في بعض الطقوس التي تحول التشيع الى فُرجة مقززة لا يرضى بها الله ورسوله وآل بيته.
  • التحريف في أهداف نهضة الإمام الحسين، وتجزأتها وتفكيكها، وتحويلها من نهضة إصلاحية دينية مفصلية في مسار الإسلام، هدفها إعادة العقيدة الى واقع الأمة وإقامة حكم الإسلام وتطبيق شريعة رسول الله، الى مشهديات طقسية أو تضحوية أو ثورية، أو سرديات خرافية، أو تماهيات مع التفسيرات التجزيئية الوضعية.

أما مصاديق التحريفات والتخريفات للأقسام الثلاثة السالفة والأدلة عليها؛ فهي كثيرة جداً، وقد ذكرتُ بعضها في الكتاب الذي أعكف عليه الآن: ((الحسين نهضة وليس ثورة)). كما تحدث عنها وتصدى لها عشرات المصلحين من المراجع والمفكرين والباحثين وكبار الخطباء، كالسيد محسن الأمين والشيخ محمد حسين كاشف الغطاء والسيد ابو الحسن الإصفهاني والسيد محسن الحكيم والإمام الخميني والشيخ المطهري والسيد الصدر والشيخ الوائلي والسيد الخامنئي والسيد السيستاني وآخرون من الفقهاء والمفكرين والباحثين. ولا يعني هذا وجود تطابق في التوجيهات والفتاوى بين مراجع المذهب ومفكريه؛ فكل منهم ينظر الى إصلاح المنبر والتاريخ والشعائر من زوايته، لكنها في المجموع تتفق على الخطوط العامة، وإن تنوعت المصاديق.

إن ذكر المصاديق ربما يحتاج الى جهد واسع وأحاديث مطولة، وتدوين مجلدات، وعرض تسجيلات صوتية وصور ومشاهد فيديو؛ لأن المصاديق والأدلة بالمئات، وهي واضحة وضوح الشمس للمطلعين. كما أن من يقوم بأعمال التحريف والتشويه ومن يدعمها ومن يقف ورائها معروفون أيضاً. لكن؛ مما لا شك فيه أن نشر هذه المصاديق والأدلة بتلك الصيغ والكثافة، هو عمل لا ينسجم مع المصلحة العامة، وخاصة في ظل تشابك المؤامرات ضد مدرسة آل البيت وأتباعها في كل مكان؛ إذ سيساهم هذا النشر والترويج والتشهير في تشويه صورة مدرسة آل البيت أيضاً، ويعمل على دق إسفين الفتنة المجتمعية بين أتباعها.

وعليه؛ فإن من يريد اكتشاف المصاديق والأدلة؛ التعرف ابتداءً على المعايير الحاكمة التي حددها القرآن الكريم والصحيح من سنة الرسول وآل بيته؛ لأنها الميزان الذي نزن فيه الغلو والخرافة والإساءة للمذهب ولشعائر آل البيت. صحيح أن مفاهيم الغلو والانحراف والتجهيل والدس هي مفاهيم عامة فضفاضة مفتوحة، ولكن يمكن تحديدها بما يتفق وتلك المعايير، من خلال عرض مصاديقها الكلية والتفصيلية على هذه المحددات، فإذا تطابق المصداق مع المعيار المحدد أو قاربه، سنعرف حينها ما هو الشرعي وما هو اللاشرعي، وماهي الشعائر وماهي الطقوس، وما هو الأصيل وما هو الدخيل، وما هو المستقيم وما هو المحرّف، وماهي المختلقات والخرافات وماهي الحقائق والوقائع، وماهي المصالح وماهي المفاسد.

وهناك فرق جوهري بين الشعيرة الدينية والطقس الاجتماعي المنسوب الى الشعيرة. فالشعيرة المنصوص عليها بنص صريح صحيح هي توقيفية تعبدية، أما الطقوس الاجتماعية المنسوبة إليها، والتي أسسها عموم الشيعة في مختلف بلدان العالم، عبر السنين؛ فهي نتاجات إنسانية، وليست شعائر بالمعنى العقدي والفقهي، ويطلق عليها المجتمع (شعائر) مجازاً وتسامحاً، كونها منسوبة الى الشعيرة. وبالتالي؛ فهي بحاجة الى موقف الشرع، إثباتاً أو نقضاً بالعنوان الأولي أو العنوان الثانوي أو حكم الحاكم الشرعي.

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment