مادة المقابلة مع النجف الان
من يريد كسر مرآة النجف؟
مع الباحث والإعلامي الدكتور علي المؤمن:
حاوره: ضياء الغريفي
(صحفي عراقي، رئيس تحرير جريدة النجف الآن)
جريدة النجف الآن، العدد 6، 2014 م
الدكتور السيد علي حسين صادق المؤمن الغريفي؛ واحد من أبرز أبناء النجف البررة. يتميز بعشقه المثير للجدل لمدينته وبوصفها والتعريف بأهميتها؛ لأنه – كما المعروف عنه – يفهم النجف الأشرف فهماً علمياً عميقاً؛ بماضيها وحاضرها، ومستشرفا ومخططا لمستقبلها. وأثارت بعض تعريفاته للنجف لغطا في بعض الاوساط الرسمية والشعبية؛ متهميه بالمبالغة في وصف أهمية النجف. وهو بالمقابل يقول: ((أنا في كل ما يوجه لي من نقد؛ أدفع ثمن فهمي العلمي العميق للنجف وأهميتها، وعشقي الموضوعي للنجف. ومداخلي العلمية في فهم النجف تتمثل في علم الاجتماع الديني وعلم النفس الاجتماعي وعلم الاجتماع السياسي وعلم الحضارة والإنثروبولوجيا. كل هذه المداخل العلمية تنتهي بالباحث الى أن النجف مدينة متفردة على مستوى العالم، ولا نظير لها تاريخيا وجغرافيا)).
الدكتور علي المؤمن؛ رجل موسوعي في اختصاصاته وفي ممارساته؛ فهو مثقف وباحث وكاتب وإعلامي وصحفي وأكاديمي وإداري وسياسي ومجاهد وحزبي سابق. ولديه أيضا محاولات ابداعية في الرسم والخط والتصوير والشعر.
ولد علي المؤمن في النجف الاشرف عام 1964 في أسرة دينية علمية عريقة هي أسرة أل الغريفي الموسوية؛ ومن فرعها النجفي المعروف بآل المؤمن؛ الذي سبق ان سكن النجف قبل ثلاثة قرون تقريبا. وتعود أصول أُسرته الى دولة البحرين؛ حيث لايزال يعيش هناك أبناء عمومته من آل الغريفي.
عاد الدكتور المؤمن الى النجف نهائياً في نيسان 2011؛ بعد حوالي (30) عاماً عاشها في أكثر من بلد، متغرباً ومعارضا للنظام البائد؛ وآخرها لبنان، التي قضى فيها سنوات شبابه، وقدِم منها؛ بعد ان طلب منه النجف أن يعود الى أحضانه، ويستثمر خبرته في العمل البحثي والإعلامي والثقافي لخدمة الواقع الجديد الذي تعيشه المحافظة، ولم يتردد في العودة؛ فقد قبل مهمة استلام مهمة تأسيس قناة النجف الفضائية وإذاعة الكوفة وشبكة إعلام النجف الأشرف والمؤسسات التابعة لها، وإدارتها. ومنذ اللحظات الأُوَل شمّر عن ذراعيه للعمل؛ متحملاً مختلف انواع الصعوبات والعقبات، ونجح في تحقيق العديد من الإنجازات.
استضافته أسرة جريدة النجف الآن؛ ليتحدث عن النجف وعمله فيها ومشروعه ونشاطاته وهمومه ومعاناته؛ فكان الحوار التالي:
- النجف الآن: المعروف عنك أنك تتحدث عن النجف وأهميتها بلغة العلم والعقل؛ وليس العواطف أو باعتبارك إبنا باراً بها؛ فكيف تصف النجف وكيف تعبر علمياً عن أهميتها؟
– د. علي المؤمن: شكرا لجريدتكم الغراء ولحضوركم الكريم. النجف بقعة يضم عدد من أقدس مقدسات المسلمين؛ في مقدمتها مرقد الأب الثاني للأمة الإسلامية امير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، ومرقد أبو البشرية النبي آدم (ع) ومرقد الأب الثاني للبشرية النبي نوح (ع)؛ ومراقد مئات الأنبياء والأولياء والصالحين. وفيه أحد المساجد الأربعة الأكثر قدسية في العالم؛ مسجد الكوفة المقدس؛ الى جانب المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى. ويكفي مسجد الكوفة انه كان مقر حكم الإمام علي، إمام المسلمين وخليفة رسول الله (ص)، وكان مقر درس الإمام جعفر الصادق (ع)، مؤسس مذهب آل البيت (ع). فالكوفة هي العاصمة الوحيدة في التاريخ التي حكمت فيها الإمامة؛ وهي العاصمة الوحيدة في المستقبل التي ستحكم فيها الإمامة. وفي بقعة النجف أيضا عدد من أقدم وأقدس مساجد العالم؛ مسجد السهلة المقدس ومسجد الحنانة وغيرهما. وفي هذه المساجد هبط آلاف الملائكة ونزل مئات الانبياء والاوصياء والصالحين؛ ولهم فيها مقامات شاخصة.
وتضم النجف مركز المنظومة المذهبية الشيعية التي تشرف المرجعية الدينية العليا عبرها على الشؤون الدينية والاجتماعية لأكثر من (300) مليون شيعي في كل أنحاء العالم. والى جانب هذه المقدسات الدينية الاسلامية؛ تضم النجف مملكة المناذرة التي كانت عاصمة وسط العراق وجنوبه. وظلت منطقة النجف وتوابعها الإدارية قبل الإسلام مركزاً رئيسا لكنائس المسيحيين وأديرتهم طيلة مئات السنين.
- النجف الآن: ماهي مميزات النجف الأخرى على الصعيد الاجتماعي والإنساني والثقافي؟
– د. علي المؤمن: ذكرت ان النجف بقعة ذات ثلاثة عواصم: النجف عاصمة التشيع، والكوفة عاصمة الإمامة ماضيا ومستقبلا، والحيرة عاصمة العراق القديمة؛ فضلا عن عدة إمارات بائدة وسائدة؛ كإمارة بني حسن وإمارة آل فتلة وإمارة البو حداري، وغيرها، ومشيخات عموم على مستوى العراق؛ كآل عيسى وآل شبل والغزالات وغيرهم، وأسر وعشائر كبرى لها دورها البارز على مستوى العراق والعالم الاسلامي وليس النجف وحسب؛ منها على سبيل المثال: الصدر والحكيم و بحر العلوم والغريفي والبغدادي وكاشف الغطاء والجواهري والرفيعي والحمامي والصافي والحبوبي والمؤمن والخرسان وشبر والحلو والطريحي والوائلي والبرقعاوي والبلاغي ومحبوبة وسميسم والأعسم والشكري والبو سيد سلمان وجريو ومرزه و سعد راضي و شعبان وآلبوعامر وآلبو كلل والجابري والياسري والعوادي والنفاخ وبلال والخزاعل والميالي والجبور والعكايشي والشمرتي وعدوة وشلاش والرماحي والجشعمي والجزائري والخاقاني والقزويني والفتلاوي والزرفات والحارس وابو غنيم وجبرين وشلاش والشبيبي وآل سيد حمزة والعارضي والغرابات وشمسه وكمونة والعبودة وآل ابراهيم والشيباني؛ وغيرهم من الأسر الكريمة والعشائر الشريفة التي لاتحضرني أسماءهم الآن.
في الجانب الثقافي؛ فإن الكتب التي تؤلف وتطبع في النجف لا يضاهيها الا بغداد. والمؤسسات الدينية والثقافية والادبية في النجف هي الاولى في العالم عددا نسبة بعدد السكان.
وإذا تحدثنا عن الشخصيات العلمية والأدبية والثقافية والخطابية التي تخرجت من النجف؛ فنرى إنها الاولى في العالم عدداً قياساً بعدد السكان؛ بينهم مئات مراجع الدين الذين تسلموا زمام قيادة المجتمع الشيعي عالميا على مدى اكثر من الف عام. وإذا طرحنا أسماء ثلاثة نماذج فقط هم المرجع الاعلى لشيعة العالم الإمام السيد علي السيستاني وعميد خطباء الشيعة في العالم المرحوم الشيخ احمد الوائلي وشاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري؛ لنعرف ماذا خرجت النجف وماذا تضم من كنوز بشرية وحضارية ودينية ومذهبية.
وسياسياً وجهادياً؛ النجف خلال القرن العشرين فقط قادت ثورتان وانتفاضتان على مستوى العراق هي ثورة النجف وثورة العشرين وانتفاضة النجف الصفرية والانتفاضة الشعبانية.
كما تضم مقبرة لانظير لها في العالم؛ تضم رفات عشرات ملايين البشر جاءوا بهم من كل أنحاء العالم؛ بينهم الانبياء والاولياء والصحابة والتابعين ومراجع الدين والعلماء والزعماء السياسيين والأباطرة والملوك والامراء والوزراء والشعراء والأكاديميين.
وبالتالي فإن النجف لايضاهيها في المجد والقدسية والإنسانية اي بقعة على وجه الكرة الارضية خلا مكة والمدينة.
- النجف الآن: كلامكم هذا دكتور علي يقودنا الى الحديث عن ضرورة وجود مرآة تعكس هذه الحقائق. وكلنا نعلم ان أفضل وأسرع وأكثر أداة تأثيراً هي القناة التلفزيونية الفضائية. أفلا تستحق النجف صوتا ومرآة تتمثل في قناة فضائية فاعلة وكبيرة ومنوعة وواسعة الانتشار؟ بل وتستحق عشرين قناة فضائية؟.
– د. علي المؤمن: عندما جئت الى النجف كنت أحلم أن أستثمر خبراتي وحياتي التي عشتها في الخارج ومنها 30 عاما من العمل الإعلامي والثقافي والفكري والسياسي والدراسة الاكاديمية؛ لإنشاء إمبراطورية اعلامية عالمية في النجف؛ تكون بمستوى عالمية النجف، وبمستوى ما فيها، ماضياً وحاضراً.
وقد جاء مشروع قناة النجف الأشرف والتي تطورت الى شبكة إعلام النجف الاشرف؛ منسجماً مع عشقي لمدينتي الحبيبة النجف وإيماني بمستقبلها، وتطلعاتي بضرورة ايجاد عمل اسراتيجي لخدمتها دعائياً وإعلامياً على مستوى العالم.
- النجف الآن: في ظل هذه الإزمات والمعاناة؛ ماذا حققتم من إنجازات على مستوى الشبكة؟
– د. علي المؤمن: انجازات الادارة والعاملين فيها خلال سنتين ونصف لا تعد مألوفة في عالم الإعلام المرئي المسموع والمقروء والإلكتروني، ومن ذلك تأسيس مركز الذكوات وبدء الإنتاج منذ الشهر الاول في ايار 2011، وسرعة البث القياسية لقناة النجف الفضائية ومراحلها؛ حيث أطلقنا البث الفضائي للقناة بعد مرور سبعة أشهر فقط. وبعد القناة بشهرين أطلقنا إذاعة الكوفة، وأسسنا فرقة الخورنق وانتجت لنا عدة كليبات؛ منها ثلاثة كليبات عالمية بعدة لغات. ثم أسسنا شبكة الإعلام الالكتروني النجفي بفترة قصيرة، والتي تضم ثلاثة مواقع وعشرات الصفحات. هذا الانجازات القياسية كانت تتم في ظل النقص الهائل في التجهيزات وفي التمويل. وفوق كل هذا استطعنا أن ننتشر بسرعة قياسية في كل بيوت محافظة النجف وكذلك وبعض الدول التي يكثر فيها اتباع اهل البيت؛ كلبنان والسعودية وايران والكويت والبحرين وغيرها.
- النجف الآن: لنتكلم بصراحة وبالأسماء دكتور؛ كيف تقارن بين ما موجود من قنوات فضائية في محافظات الوسط والجنوب العراقي وهي محافظات شيعية، وبين ماموجود في محافظات الغرب وهي محافظات سنية؟
– د. علي المؤمن: نعم؛ لنتكلم بشفافية؛ في المحافظات الأربعة ذات الأغلبية السنية؛ هناك (13) قناة فضائية؛ منها حكومية ومنها أهلية؛ في الانبار وصلاح الدين وفي ديالى والموصل، ويصرف على القنوات الحكومية من ميزانية ديوان المحافظة أو من ميزانية مجلس المحافظة أو من صندوق الواردات المحلية. في حين تحظى سامراء والفلوجة؛ وكل منهما بحجم قضاء صغير في محافظة النجف بقناتين فضائيتين؛ وهما تشتمان الدولة ليلاً ونهاراً. ولكن في المحافظات التسع الشيعية لا يوجد غير قناتين مدعومين من الدولة (النجف وكربلاء). بينما سياسة القناة وشبكة إعلام النجف الحيادية دعم الدولة وبرامجها ومشاريعها على كل الصعد، ودعم الحكومة المحلية في النجف، والحيادية تجاه الكتل السياسية، واستيعاب كل المكونات الاجتماعية للمحافظة من أُسر المدن وعشائر الريف وقبائل البادبة كما عالجت قضايا الدين بعقيدته وفقهه والسياسة والاقتصاد والأُسرة والمرأة والشباب والرياضة والأطفال.
وأراها مناسبة؛ لأتقدم بجزيل المحبة والشكر لجميع العاملين في القناة وغيرها من مؤسسات الشبكة؛ لصبرهم وتحملهم مختلف أنواع المصاعب؛ وقد سبق لي أن أسميتهم ((ثلة فدائية مغامرة)). وكذلك خالص الشكر للمسؤولين ومنظمات المجتمع المدني؛ ولا سيما زملائنا الإعلاميين والصحفيين. والشكر موصول لكم زملاءنا في جريدة النجف الآن على هذه الفرصة الجميلة.
latest video
news via inbox
Nulla turp dis cursus. Integer liberos euismod pretium faucibua