كيف تكون كاتباً محترفاً في سنة واحدة

Last Updated: 2024/04/22By

كيف تكون كاتباً محترفاً في سنة واحدة؟

د. علي المؤمن

أوضح ابتداءً؛ بأنه لا توجد طريقة سهلة وطريقة صعبة، أو بطيئة أو سريعة لتعلم الكتابة الصحفية والبحثية الاحترافية، بل توجد طريقة واحدة فقط، منتجة وناجحة، وهي الطريقة “المكثفة المركزة”، وهي دورة مدتها سنة واحدة.

هذه الطريقة التي أود الحديث عنها بٍإيجاز، هي نتاج خبرة تراكمية في الكتابة الاحترافية، عمرها أكثر من أربعة عقود، تضاف الى ثلاث سنوات من الهواية. وقد التزمت، منذ اللحظة الأولى لقرار احتراف الكتابة، بمقدمات الكتابة الاحترافية، ومررت بأغلب مراحلها، ولذلك؛ تكونت عندي قناعة بأن اتباع هذه الطريقة تنتج كاتباً محترفاً بمرور الزمن.

طريقة تعلم الكتابة الاحترافية، هي عبارة عن دورة تدريبية، لها خمس محاور وخمس مقدمات أساسية، يكمل بعضها الآخر، وإذا لم تتوافر في الكاتب المتدرب هذه المقدمات أو يتغافل عن أي واحد من المحاور، فالأفضل ألّا يتعب نفسه في المحاولة، لأنه لن ينجح إطلاقاً، حتى لو تدرب سنين طويلة.

المقدمات الخمس هي:

  • الموهبة الذاتية في الكتابة، إذ لا تنفع عشرات الدورات، بدون تمتع المتدرب بموهبة الكتابة.
  • الجدية والهدفية، أي اتخاذ تعلم الكتابة أمراً مصيرياً وحياتياً، وهدفاً نحو الاحتراف، وليس للتسلية وملئ الفراغ، وبالتزامن مع التوكل على الله والاستعانة به.
  • التفرغ لمدة ١٠ ساعات يومياً، حداً أدنى، للتعلم والتدريب، حسب الجدول الزمني المطلوب.
  • اختيار كاتب محترف، يكون المتدرب معجباً بسيرته وكتاباته بالأساس، ويتواصل معه تواصلاً مباشراً، ويتخذه أستاذاً مرشداً ومشرفاً، ويلتزم بتعليماته وتوجيهاته ونصائحه، ويعرض كتاباته عليه، وكذلك يطالع المتعلم كتابات هذا الأستاذ، ويكتب ملاحظاته حولها، بوصفها نموذج الكتابة الذي يطمح المتعلم أن يصل اليه.
  • الدراسة الأكاديمية، فالحد الأدنى هو أن يكون الكاتب المتدرب قد أنهى الدراسة الجامعية (البكالوريوس)، ويفضّل أن يكون خريج الكليات الإنسانية والاجتماعية، كالإعلام والعلوم السياسية والاجتماع والإنثروبولوجيا والقانون والشريعة والعلوم الإسلامية والإدارة والاقتصاد والأدب واللغات وما شابه.

تشتمل الدورة المكثفة المركزة الاحترافية، على خمسة محاور أساسية متزامنة، أي أن كل محور يتكامل مع المحور الآخر، ولا ينقطع أي منها على مدار السنة، وهي:

1- تعلم اللغة العربية الفصحى، بصورة احترافية عملية، قراءةً وكتابةً وإلقاءً، لأن اللغة هي منظومة ثقافية إنسانية اجتماعية، تشكل أساساً للكتابة، ويكون تعلمها عبر اتخاذ أستاذ خاص ودورات، وقراءة كتب النحو والصرف والبلاغة والإملاء والشعر والأدب، وحفظ آيات قرآنية ونصوص نهج البلاغة والنصوص الأدبية والشعر والأمثال، والتدرب على ذلك في البيت بصوت عال، ولاسيما الإملاء والنحو وضبط الحركات وعلامات الترقيم والشعر. وعدم الكتابة على وسائل التواصل باللهجة العامية إطلاقاً، حتى في المحادثات الشخصية، لكي يتحول التعلم والتدريب الى ملكة لغوية وخزين لغوي. (حصة اللغة العربية وفروعها ساعة واحدة في اليوم).

2- المطالعة الهادفة المتوازنة، وعدم التركيز في هذه المرحلة على مجال دون آخر، لكي يحصل المتدرب على كم نوعي كبير من المعلومات والمفاهيم والمصطلحات في كل المجالات، أي أنه يعمل على تكوين نفسه ثقافياً، فالكاتب إذا لم يكن مكوناً تكويناً ثقافياً رصيناً، سيكون كاتباً سطحياً إنشائياً. وتتركز المطالعة في هذه المرحلة على كتب تعلم الكتابة والبحوث، والروايات غير المترجمة، والمعلومات العامة والموسوعات ودوائر المعارف، وكذلك الكتب المنهجية في علوم السياسة والدين والاجتماع والتاريخ. وخلال المطالعة يمسك المتعلم بقلم برصاص ويضع خطوط تحت العبارات التي تعجبه أو تثير انتباهه، ويكتب ملاحظات وتعليقات في هامش الصفحات. ويكون لديه دفتر كبير، يكتب فيه ملخص كل كتاب وأية ملاحظات وأفكار تستجد لديه (حصة المطالعة وتدوين الملخصات والملاحظات ثلاثة ساعات في اليوم).

3- الدخول في دورات تعلم الصحافة والكتابة، وخاصة الدورات المكثفة، بدءاً من دورات المبتدئين وحتى المحترفين، بما مجموعه تسعة أشهر في السنة، فهناك دورة تستمر عشرة أيام وهناك دورة تستمر ثلاثة أشهر وهكذا. وفي الأيام التي لا تكون فيها دورات، تضاف ساعاتها الى حصة المطالعة وحصة التدريب التطوعي (حصة الدورات ساعتين في اليوم).

4- التطوع للعمل مجاناً في جريدة أو مؤسسة صحافية أو مركز أبحاث، من أجل التدرب عملياً، وصقل الموهبة، وتحويل المطالعة الى واقع تطبيقي. وفائدة التطوع المجاني هو أنك ستختار مجال التعلم والتدريب، ولن تفرض عليك المؤسسة المجال الذي يجب أن تعمل فيه، فيما لو كان المتعلم يعمل بأجر (حصة العمل التطوع ثلاث ساعات في اليوم).

5- الكتابة بجدية وتركيز، ليس للنشر بالضرورة، بل يكتب المتدرب لنفسه غالباً، ويقرأه بصوت عال، وينقحه، ثم يحتفظ به. ويقوم بقراءة كل مقال أو نص بعد مرور ثلاثة أشهر على كتابته له، ليقارن مستوى تقدمه في الكتابة، على مستوى اللغة والمعلومات ودقة التحليل. والأفضل ألّا تكون الكتابات مطولة، بل تكون من صفحة الى ثلاث صفحات. وينبغي للمتدرب، عندما يكتب، أن يُلزم نفسه بالتدقيق في المعلومة وفي التحليل، ويبتعد عن هدف الإثارة وخلق اللغط، لأن ذلك سيحوله الى كاتب رخيص لا يوثق به وبكتاباته. وينبغي للمتدرب عرض كتاباته على أستاذه المشرف، ليقوّمها ويعطيه التوجيه والنصح (حصة الكتابة ساعة واحدة في اليوم).

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment