قواعد التمايز والتكامل بين المجتمعات الشيعية

Last Updated: 2024/04/22By

قواعد التمايز والتكامل بين المجتمعات الشيعية

د. علي المؤمن

عالمية النظام الاجتماعي الديني الشيعي، ووحدته الاجتماعية، وتماسك مكوناته البشرية؛ تعني أنّ الشيعة يشكلون وحدة سوسيولوجية دينية وليست سوسيولوجية محضة أو إنثروبولوجية؛ فكل مجتمع شيعي يتمايز في لغته وقوميته وثقافته المحلية وجغرافياه الوطنية عن غيره من المجتمعات الشيعية؛ فإنّه لزاماً يتمايز في خصوصياته العقلية والنفسية والاجتماعية والإنسانية، أي أنّ له هويته الإنثروبولوجية والاجتماعية المستقلة. إلّا أنّ هذه الخصوصيات لا تعيق تماسك مكونات النظام الاجتماعي الديني الشيعي ووحدة الاجتماع الديني لعموم الشيعة، بل تضفي عليه هذه الهويات المتعددة قوة التنوع الثقافي والعقلي، خاصة وأنّ طبيعة النظام الاجتماعي الديني الشيعي وتراكم خبراته تجعله يمتلك القدرة الذاتية على تقارب هذه الهويات وتكاملها في إطار هوية اجتماعية دينية واحدة، وبالتالي فإنّ تنوع الهويات الإنثروبولوجية والاجتماعية للشيعة هو عنصر شد وليس فرقة.

ولا يتوقف تعدد الهويات الاجتماعية والإنسانية للشيعة على تعدد بلدان الحضور الشيعي، بل يتسع للخصوصيات اللغوية والقومية والقبلية والمناطقية في البلد الواحد وفي الجغرافيا الواحدة. ففي العراق ـ مثلاً ـ هناك الشيعة العرب والفَيليّين والإيرانيين والكُرد والتركمان والشبك، ولكل منهم لغته وثقافته الاجتماعية الخاصة، وهكذا في أفغانستان؛ هناك الشيعة الهزارة والتاجيك والقزلباش والبشتون والفرس والبلوش والسادة (العرب)، وفي إيران؛ توجد مجموعات عرقية وثقافية ولغوية شيعية كثيرة، كالفرس والآذريين والتركمان واللّر والكرد والبلوش والعرب، وفي آذربيجان، هناك الشيعة الآذريين والطالشيين والكرد والداغستانيين والتتار والروس.

وبالتالي، فإنّ الجامع المشترك لكل هذه العرقيات والثقافات الوطنية والمحلية، هو الاجتماع الديني أو المذهبي الشيعي، وهو جامع مشترك قوي وعميق، ويتفوق ـ غالباً ـ على العنصر القومي واللغوي والمناطقي. فلذلك، نرى أنّ الأواصر المذهبية التي تشد الشيعة ببعضهم أقوى من الأواصر الأُخر. وهذه الحقيقة تتجلى أكثر في المنعطفات والمحن والتحديات المشتركة، رغم الرفض النظري لها والشعارات الظاهرية التي تتعالى عليها. وتزداد هذه الحقيقة وضوحاً، كلما ازداد مستوى التدين والتمذهب لدى الأفراد والمجتمع. لكن هذه الآصرة المذهبية لا تنتقص من الانتماءات الوطنية للشيعة؛ لأنّ الانتماءات الوطنية هي انتماءات سياسية وقانونية، بينما الانتماء الشيعي هو انتماء اجتماعي ديني، وبالتالي، لا تعارض بين الانتماءين.

 

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment