فرضيات وأسباب فعل الانشقاق في الجماعات

Last Updated: 2024/04/22By

فرضيات وأسباب فعل الانشقاق في الجماعات

د. علي المؤمن

تمثل هذه الفرضيات؛ الأسباب العامة للانشقاقات والتصدعات في الجماعات والكيانات الاجتماعية والسياسية؛ أي أنها أسباب إنسانية ومنهجية عامة:

1 – إن الانشقاق والتمرد والخروج والتساقط ظاهرة إنسانية طبيعية؛ بدأت مع وجود البشرية على الأرض، وكان أول انشقاق هو الذي حصل في بيت آدم (انشقاق قابيل).

2 – إن الانشقاقات تكثر في الجماعات الايديولوجية (إسلامية، عنصرية، ماركسية…)، وتزداد كلما ارتفع منسوب الايديولوجيا؛ لأن الايديولوجيا تنطلق من مفهوم احتكار الحق والحقيقة (دوغماتيزم). بينما تقل الانشقاقات في الجماعات الليبرالية والمصلحية؛ لأنها تتعامل مع مفهوم الحق باعتباره نسبي ومتعدد (بلوراليزم)، وتتحمل الخلافات الداخلية ووجود الأجنحة والتكتلات داخلها. وتضيق الجماعات الايديولوجية ذرعاً بالخلافات الداخلية ولا تتحملها، وتحولها إلى صراعات ومعارك وانشقاقات؛ لأن كل مجموعة فرعية داخل الجماعة الايديولوجية تدعي امتلاك الحق المطلق الذي يسوغ لها التمرد والتشهير والتهجم والخروج والدم وانتهاك الحرمات؛ فاختلافها تعارض يمنع الاجتماع. ومثال ذلك الانشقاقات الهائلة في صفوف المسلمين منذ وفاة الرسول (ص) وحتى الآن، والتي تفوق كل الأديان والعقائد الأخرى؛ لأن الإسلام هو أكثر العقائد حزماً في الجانب الايديولوجي؛ رغم أن العقيدة الإسلامية هي عقيدة تآلف قلوب وأنفس ووحدة أفكار وتضامن مجتمعي، وكونها تنطوي على كوابح قوية تمنع الارتداد والتمرد والانشقاق.

وبالنتيجة؛ فإن نسبة الايديولوجيا في الأحزاب سيف ذو حدين؛ فكلما ارتفع منسوب الايديولوجيا ارتفع منسوب الخروج على الحزب. ولكن في الوقت نفسه فإن الايديولوجيا المنظمة فكرياً والمدونة بمنهجية استدلالية؛ كفيلة باستمرار حياة الحزب وديمومته. ونرى هذه الظاهرة بوضوح في الأحزاب العراقية الايديولوجية الثلاثة: الحزب الشيوعي، حزب البعث وحزب الدعوة؛ فهي أكثر الأحزاب العراقية تعرضاً للانشقاق منذ تأسيسها؛ ولكنها استمرت بفاعلية ولا تزال قوية في حواضنها الاجتماعية؛ بالرغم من أن متوسط عمرها هو سبعون عاماً. واللافت أن أعضاء الأحزاب الايديولوجية هم أكثر شعوراً بالمسؤولية تجاه أحزابهم قياساً بأعضاء الأحزاب الليبرالية والنفعية، وأكثر تضحية من أجلها ومن أجل أهدافها.

3 – تتشظى الجماعات الايديولوجية في ظل عدم وجود قيادة كارزمية قوية تمسك بخيوط الجماعة، وتشكل عقلاً مركزياً جامعاً، أو في ظل عدم وجود مرجعية عليا روحية تتدخل وتردع وتوجه.

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment