على خلفية الاحتجاجات المطلبية في العراق

Last Updated: 2024/04/22By

على خلفية الاحتجاجات المطلبية في العراق:

حزم المطاليب الثلاث

د. علي المؤمن

الرؤية المطروحة هنا، أضعها بين أيدي المحتجين المطلبيين الحقيقيين، الذين خرجوا في تشرين الأول 2019، ليعبروا عن نبض الشارع العراقي، وليس أصحاب الأجندات التخريبية، سواء الممولة داخلياً أو خارجية، وسواء تحمل أهدافاً طائفية أو فكرية أو سياسية أو فوضوية.

أرى أن تتبلور المطاليب الحقيقية في ثلاث حزم:

الحزمة الأولى: المطاليب المعيشية العاجلة، كتوفير فرص العمل، السكن، البطاقة التموينية، الكهرباء، الماء، التأمين الصحي، التأمين الاجتماعي وغيرها من الأساسيات المعيشية والخدمية.

الحزمة الثانية: المطاليب الإدارية والسياسية والقضائية متوسطة المدى، كتعديل قانون الانتخابات البرلمانية، التعديل الوزاري، محاكمة كبار الفاسدين، عزل المسؤولين الفاشلين، استقطاب الشباب للمناصب العليا، سحب السلاح من الفصائل المسلحة غير التابعة للدولة، وحلها رسمياً وبالفعل، وكذا سحب السلاح من عموم الناس، استعادة المباني الحكومية من الأشخاص والأحزاب، تنفيذ قانون مجالس المحافظات وغيرها.

الحزمة الثالثة: المطاليب الاستراتيجية، وتتمثل في تعديل الدستور، إصلاح النظام السياسي، تدوين الخطط الخمسية وتنفيذها، والتي تشمل مجالات البنية التحتية والإعمار والاستثمار والصناعة والتكنولوجيا والزراعة والتعليم.

هذه الإصلاحات المعيشية والإدارية والقضائية والسياسية والقانونية، لا يمكن أن تتم دون وجود أجهزة تنفيذية وتشريعية وقضائية مستقرة، تشرِّع وتنفذ وتقضي بمنهجية، وفي ظل أوضاع آمنة، بعيداً عن حالات الانفعال والارتباك والتشبث.

ويعني هذا أن الحراك المطلبي السلمي الهادف غير المسيس، يمكنه الاستمرار في الضغط على أجهزة الدولة للعمل على تنفيذ هذه المطاليب، ومراقبة هذه الأجهزة شعبياً ومن منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام الحريصة، لتقوم بدورها على أفضل وجه، في إطار مدد زمنية محددة.

بالتالي، أعتقد أن تحقيق الأهداف النهائية للحراك الاحتجاجي الشعبي في العراق يكون من خلال:

1- تشكيل لجنة عليا مستقلة للحراك، ولجان محلية تابعة في جميع المحافظات، بما في ذلك محافظات كردستان والغربية، لمنع استغلال الحراك وحرفه عن مساراته، وضبط مواقفه الاستقلالية الوطنية، وتعميم توجهاته على كل البلاد. وتبادر اللجنة الى إعلان نفسها جهة تمثل التظاهرات أمام أجهزة الدولة والجهات الأخرى، وتقوم بتدوين الحزم المطلبية بطريقة علمية منهجية، بالاستعانة بخبراء كل في اختصاصه، بعيداً عن الانفعالات والمطاليب غير الواقعية، وتقديمها للحكومة ومجلس النواب والقضاء، مقيدة بمدد زمنية واقعية للتنفيذ، لا تتجاوز ستة أشهر للمطاليب المعيشية، وسنة واحدة للمطاليب الإدارية والقضائية والتشريعية، ولا تتجاوز السنتين للمطاليب الاستراتيجية. وتضع اللجنة بنوداً جزائية مكتوبة على أجهزة الدولة ومسؤوليها في حال لم تنفذ هذه المطاليب، أهمها استقالة المسؤول من منصبه، في حال لم ينفذ المطاليب عند انتهاء المدة المحددة، سواء كان أحد الرئاسات الثلاث، أو في المؤسسة القضائية، أو نائباً في مجلس النواب، أو وزيراً أو وكيل وزارة أو محافظاً أو رئيس هيئة مستقلة أو مديراً عاماً. وتستمر اللجنة وتشكيلاتها في مراقبة أجهزة الدولة، من أجل حسن تنفيذ المطاليب.

2- منع الحالات التي تؤدي الى حرف الحراك الاحتجاجي عن أهدافه ومساره السلمي المطلبي والوطني، والى الإساءة إلى المتظاهرين، مثل: ممارسة العنف والتعرض للأشخاص والممتلكات العامة والخاصة، تعطيل حياة الناس ومصالحهم المعيشية، ما يؤدي الى ارتداد جماهيري ضد الحراك، رفع شعارات ومطاليب مسيّسة أو غير واقعية أو تعميمية، التعرض لعقائد الناس وأفكارهم، السماح باستغلال الحراك من بعض الشخصيات والجهات السياسية المنخرطة في العملية السياسية، بهدف الحصول على مكاسب سياسية و دعاية انتخابية، السماح باستغلال الحراك من بعض الشخصيات والجهات السياسية و وسائل الإعلام الطائفية المعادية للدولة، كالبعث وداعش والقنوات الفضائية الطائفية، السماح باستغلال الحراك من بعض الجهات الخارجية الإقليمية والدولية، لأغراض بعيدة عن مصلحة العراق وشعبه، كالسعودية وإسرائيل وأمريكا، السماح بتنفيذ مخططات بعض المحرضين المقيمين في الخارج، والمرتبطين ـ غالباً ـ بأجندات تخريبية أكثر فساداً من المسؤولين الفاسدين في أجهزة الدولة، والذين يطرحون أنفسهم منظرين وقيادات للحراك الاحتجاجي.

3- إشراك الجماعات والفاعلين في المكونين الكردي والسني في الجهد الإصلاحي الوطني، بعيداً عن المقاصد القومية والطائفية المعتادة، لأن الأحزاب والجماعات والشخصيات الكردية والسنية والشيعية، مشاركة في السلطة الإتحادية منذ العام 2003، وتتحمل كل أوزار الحكومات المتعاقبة، وتتحمل مسؤولية كل أنماط الفساد والفشل والشلل والخلل.

إن إعادة تنظيم أهداف الحراك ومطاليبه ومواقفه ومساراته الشعبية الوطنية، سيعطيه زخماً وقبولاً شعبياً أكبر، ويساعد كثيراً على تحقيقها، ويقوي فيها دوافع المواصلة الممنهجة.

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment