شيعة العراق وخيار السلطة

Last Updated: 2024/04/14By

شيعة العراق وخيار السلطة

د. علي المؤمن

إن واقع السلطة والظرف السياسي الإيجابي الذي يكون فيه للسياسيين الشيعة حضور مركزي في الدولة وقرارها، وإن كان بعضهم أو أغلبهم سيئين، هو الذي يمنح المرجع الديني الشيعي الأعلى تمكيناً للعمل وفق صلاحياته وولاياته، ويمنح النظام الاجتماعي الديني الشيعي قدرة عملية على تفعيل أدواته ووسائله وعناصر القوة فيه، ويمنح الشيعة حرية التمذهب والقيام بشعائرهم وطقوسهم، ويقولوا كلمتهم دون أي خشية من السلطة وردود فعلها الطائفية.

هذا الأمر كان يعيه بقوة فقهاء الشيعة في العراق وايران ولبنان في العصرين البويهي والصفوي؛ فدعموا الدولتين بكل قوة، ولاسيما الدولة الصفوية، رغم سلبياتها، سواء كان دعماً بالحكم الأوّلي أو الحكم الثانوي؛ فكانت النتيجة أن حصدت الأجيال التالية في إيران، هذا الدعم والجهد، وحتى اليوم، على شكل استقرار مجتمعي قائم على الناظم المركب المذهبي- الوطني، وحرية شاملة للنظام الاجتماعي الديني الشيعي بالعمل والتحرك، وتطور سياسي واقتصادي مستدام، بغض النظر عن ايديولوجيا النظام الحاكم ومتغيرات السلطة، وهو ما افتقد اليه المجتمع الشيعي العراقي والحوزة العلمية والمرجعية الدينية في العراق، طيلة القرون التي سبقت العام 2003، برغم أن الشيعة يمثلون الأغلبية السكانية.

ما أريد قوله؛ إن فرصة السلطة ينبغي الإمساك بها بكل قوة، سواء من قبل من يتواجد فيها الآن، أو في المستقبل، وكذلك من قبل المجتمع العراقي، برغم سوء الأداء، ومؤشرات الفساد والفشل. وفي الوقت نفسه لابد من التقويم والإصلاح والتصحيح، ولكن ينبغي أن يكون الإصلاح من عناصر قوية أمينة، من داخل النظام الاجتماعي الديني والسياسي الشيعي، وليس من خارجه، وليست متعارضة معه. وليس هناك أدنى شك بأن جيلاً آخر سيظهر في العقود القادمة، يحمل الغايات والأهداف التي انتظرها شيعة العراق 1350 عاما، ليحققها ويحقق للعراق أمنه السياسي والمجتمعي، وتقدمه، ورفاه شعبه.

أما إذا فرّط السياسيون الشيعة والمؤسسة الدينية وعموم شرائح المجتمع الشيعي بهذه الفرصة؛ فإن البديل الطائفي العنصري، سوف لن يستثني سياسياً ولا عالم دين ولا رجل أعمال ولا مثقفاً ولا أكاديمياً ولا إنساناً عادياً، ولا حوزة ولا مرقداً ولا مؤسسة ولا مسجداً ولا حسينية، ولا شعيرة ولا طقساً، وستعود المرجعية والحوزة لتغلق أبوابها، وسيهاجر معظم علماء الدين الى ايران مرة أخرى، وسيعيش السياسيون في المنافي، وسيتحسر عامة الناس على شعائر آل البيت، وسيفقد الصحفيون والإعلاميون أي قدرة على الكلام والكتابة والتعبير، وستعود الكوارث المعيشية، والمقابر الجماعية وقرارات الإعدام والاعتقال والتهجير، وبكلمة واحدة؛ فإن البديل سيعيد شيعة العراق الى المربع الأموي- البعثي.

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment