رهانات ضرب عناصر قوة الشيعة

Last Updated: 2024/04/14By

رهانات ضرب عناصر قوة الشيعة

علي المؤمن

 

لقد تنبّه المؤسسون الثمانية للنظام الاجتماعي الديني الشيعي في عصر الغيبة، وغيرهم من الفقهاء والزعماء الدينيين والسياسيين والعسكريين الشيعة، عبر مئات السنين، إلى أهمية عناصر القوة الشيعية الواقعية، وانشغلوا بتأصيلها وتطويرها وتنميتها، إلى جانب تقوية البعد النظري، العلمي والفقهي والفكري لمدرسة آل البيت؛ فكانت عبقرية هؤلاء الزعماء تعمل على خطين متكاملين: الخط النظري والخط الواقعي الميداني، وهو ما نشاهد نتائجه اليوم. ولولا هذا العمل التكاملي، لما تمكن الشيعة من البقاء، ولما وصل عددهم اليوم إلى أكثر من (400) مليون نسمة، منتشـرين في أغلب دول العالم؛ لأنّ شدة حملات الإقصاء والقتل والتشريد والقمع والاضطهاد، طوال 1380 عاماً، كان من شأنها القضاء على أي مذهب وجماعة دينية، مهما كان حجم قوتهما النظرية.

وفي الوقت نفسه، كان خصوم النظام الشيعي المتمثلون في الإيديولوجيات المذهبية الإقصائية والأنظمة السياسية الطائفية والقوى الاستعمارية العالمية ووسائل الإعلام والدعاية المعادية والجماعات المسلحة، منذ اللحظة الأُولى لنشوء عناصر القوة الواقعية هذه، وحتى الآن؛ يخططون ويعملون بكل جدية، من أجل تدمير عناصر القوة الشيعية الواقعية، وتمزيقها وتشويهها؛ بهدف إفراغ المذهب الشيعي ونظامه الاجتماعي من عناصر القوة والمناعة.

وهكذا لا يزال الصـراع الوجودي قائماً بين النظام الاجتماعي الديني الشيعي وخصومه الطائفيين والاستكباريين، ولكل منهما أهدافه ووسائله؛ فبينما يهدف النظام الاجتماعي الديني الشيعي إلى المحافظة على نفسه وأبنائه، وعلى عقيدته وشعائره وطقوسه، وعلى عناصر قوته وبقائه، فإنّ الخصوم يهدفون إلى تدمير هذا النظام وتمزيقه.

وفضلاً عن الوسائل الخارجية التي يستخدمها خصوم الشيعة في ضرب التشيع ونظامه الاجتماعي الديني؛ فإنّهم يستخدمون أيضاً عناصر داخلية من الشيعة أنفسهم، ويحركونها بشكل مباشر، عبر شراء ذممها وتشغيلها كعملاء ومرتزقة، أو بشكل غير مباشر، دون أن تشعر بأنّ من يحركها ويرسم لها مساراتها في تمزيق الواقع الشيعي، خصمٌ خارجي.

وبصرف النظر عن الخلاف في وجهات النظر حول بعض عناصر قوة الشيعة الواقعية المذكورة، والخلل والخطأ في أدائها أحياناً، والجدل حول اتهامات القصور والتقصير التي تتوجه إليها، وبصرف النظر أيضاً عن المواقف الشخصية والنفسية والعاطفية تجاهها؛ فإنّها ـ دون أدنى شك ـ تمثل عناصر قوة حقيقية للمذهب الشيعي ونظامه الاجتماعي الديني. ولذلك، فإنّ جزءاً من الحرب ضد الشيعة هو تضخيم خصومهم لمؤشرات الخلل والخطأ في بعض هذه العناصر، وخلق الصراعات والخلافات الداخلية، وإقناع بعض الشيعة بالعمل ضد هذه العناصر، وهو مكمن الخطر الأكبر؛ لأنّ الخصوم الداخليين، المرتبطين ارتباطاً مباشراً أو غير مباشر بالخصم الخارجي، هم الأكثر تشدداً واندفاعاً ضد الواقع الشيعي العام في عملية الصراع بين الشيعة وخصومهم، وكأنهم يمثلون الوجه الداخلي الآخر لسلطة آل أُمية وجيش صلاح الدين الأيوبي والدولة العثمانية والمذهب السعودي الوهابي وحزب البعث ومنظمة القاعدة وتنظيم داعش الوهابي وسياسات أمريكا وبريطانيا.

وتزداد أهمية تقويم عناصر القوة الاثني عشر المذكورة، وإصلاحها وممارسة واجب النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر معها، إلى جانب واجب دعمها وإسنادها وعدم تضعيفها؛ كلما ازداد تأثيرها وحضورها في الواقع الشيعي، وكلما ازداد الخلل في أدائها، دون أن تتحول تمظهرات الواجبين إلى ولاء عاطفي أعمى غير واعٍ، أو خصومة تهريجية مخربة.

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment