د. علي المؤمن النجف وقم إصبعان بكف واحدة
المؤمن محذراً في حوار مع “المسلة” من الفتنة الإقليمية والبعثية:
النجف وقم إصبعان بكفٍ واحدة
بغداد/ المسلة:
28 كانون الأول 2018
قال المفكر الإسلامي العراقي الدكتور علي المؤمن أن أصواتاً نشازاً تعمل باستمرار على إيجاد ثغرة تنفذ من خلالها لتشويه جوهر العلاقة المتراصة بين الحوزتين العلميتين في النجف الأشرف وقم المقدسة.
وقال المؤمن في حوار مع “المسلة”، الجمعة، 28 كانون الأول 2018، أن هذه الأصوات تستغل كل مناسبة لتمرير أهدافها التخريبية ضد النجف وقم، سواء كانت أهدافاً شخصية أو فئوية أو مخابراتية أو حكومية.
واستطرد المؤمن: خلال الأيام الأخيرة عملت هذه الأصوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها على استغلال رحيل المرجع الديني السيد محمود الهاشمي الشاهرودي للحديث عن وجود خلافات ومشاكل وإشكاليات بين النجف وقم، وراحت تتحدث عن تقصير النجف تجاه إبنها المهاجر آية الله الهاشمي الشاهرودي.
وقال المؤمن بأن هناك من ينطلق من حسن نية وهو يتحدث عن هذا التقصير أو الخلاف، ولكن هذا اللون من الإنفعال يخرج المتحدث عن الموضوعية، ويجعل مخرجات كلامه وكتاباته تلتقي بأهداف من يكيد بمدرسة أهل البيت (عليهم السلام).
المخابرات الطائفية والدولية
وأضاف: ليس مستغرباً أن نشاهد وسائل إعلام أجهزة المخابرات الطائفية والدولية، كالمخابرات السعودية والأمريكية والبريطانية وغيرها، أو بقايا تنظيمات حزب البعث، وهي تسعى لشق الصف الوطني العراقي والصف الشيعي الإقليمي، فهذا دورها الطبيعي، وهو ما نشاهد مخرجاته في فضائياتهم وصحفهم ومواقعهم، وفي نشاط الجيوش الالكترونية التي أسسوها ويقودونها، وهي تتحدث يومياً في برامجها ومقالاتها وأخبارها ومقابلاتها عن الخلافات والتوتر بين النجف وقم، وتستغل وجود بعض الأصوات النشاز العراقية والإيرانية التي تنشط في هذا المجال.
ويعود الدكتور المؤمن بالحديث الى ماكان يمارسه نظام البعث في العراق ضد الحوزة العلمية بقوله: سبق لنظام حزب البعث أن عمل منذ العام 1968 وحتى سقوطه، ولاتزال بقاياه تمارس الدور نفسه، بافتعال الخلافات بين النجف وقم خصوصاً، وشيعة العراق وإيران عموماً، وبث سمومه الدعائية عبر تكريس الحديث عن العرب والعجم، والشيعة العرب والشيعة العجم، والمراجع العرب والمراجع العجم، وحوزة قم وحوزة النجف، وكلها سموم تصب في هدف قتل مدرسة آل البيت عليهم السلام، وإضعاف المنظومة الدينية الاجتماعية الشيعية.
وأوضح المؤمن: إذا كان حزب البعث قد بدأ بضرب أبناء الحوزة النجفية وعلمائها من إيرانيين وأفغانيين وباكستانيين وهنود، عبر موجات التسفير والتشريد الهائلة، فإنه انتهى بضرب علماء الحوزة من عراقيين وعرب بشكل أكثر قسوة ويشاعة، من خلال حملات الإعدام والإعتقالات والإضطهاد. وبالتالي لم يكن نظام البعث يفرق بين إيراني وعراقي ولبناني وهندي وأفغاني وبحراني وأحسائي، بل كان هدفه تدمير الحوزة العلمية والمنظومة الاجتماعية الدينية التي تقودها المرجعية الدينية. وهو الهدف نفسه الذي تسعى اليه بعض الأنظمة الإقليمية والدولية اليوم، ولاسيما السعودية وبريطانيا وامريكا.
ويبدي المؤمن استغرابه من بعض المخلصين وحسني النوايا الذين يطرقون الباب نفسه بحماس، فيقول: هؤلاء لايعون أنهم يساهمون في قطع أصبعين موصولين بكف واحدة، فقم والنجف هما أصبعان بكف واحدة، وهي الكف التي تمثل حوزة علوم آل بيت النبوة عليهم السلام. وإذا كان هذا الإصبعان، أي النجف وقم، يمثلان الحاضرتين العلميتين الشيعيتين الأهم والأكبر إطلاقاً، فإن مشهد وكربلاء، وقبلهما جبل عامل والحلة وبغداد، هي أصابع أخرى في هذا الكف، ولايمكن فصلها عن بعضها بتاتاً.
واستطرد: لذلك لا يمكن تسويغ ما يقوله بعض الناشطين من كتّاب ومتحدثين ضد النجف ورمزيتها المرجعية، وما يقومون به من بث اللغط وترويج الشائعات والتقوّلات، بحجة الانتصار لفئة أو شخصية، لأن النجف هي الأم العظيمة التي تشعّ بعطائها الى كل أتباع أهل البيت في العالم، منذ أكثر من ألف عام، وهي أكبر من كل الأسماء والمسميات والحواشي والمكاتب والييوتات، وأي تشكيك بها وتضعيف لها سيؤدي الى خسارة مأساوية للجميع. وإن غفلت هذه الأم يوماً عن احتضان أحد أبنائها أو حمايته أو دعمه، فإنما هي غفلة وقصور، ولا يمكن أن تصادِر هذه الغفلة كل التاريخ والعطاء المستدام.
ويقر علي المؤمن الغريفي بوجود تباينات شكلية بين الحوزات العلمية، فيقول بأن لكل واحد من هذه الحوزات شكل مختلف وبيئة اجتماعية وسياسية خاصة، ومخرجات تنسجم مع واقعها وحاجاتها المحلية، فلا وجود للتطابق في الشكل والمهمات الخاصة، وهو أمر طبيعي، ولكنها على مستوى المهام والأهداف العليا، وسياقات العمل والتنظيم العام، ومصادر التمويل، ومناهج الدراسة، فهي متطابقة تماماً، وتبدأ بمصدرية علوم آل البيت ومناهجها، وتمر عبر تمويل المؤمنين لها من خلال الحقوق الشرعية والهبات والأوقاف، وتنتهي بهدف قيادة المنظومة الإجتماعية الدينية الشيعية في العالم.
بث الخلاف والشقاق بين النجف وقم
وحذّر السيد المؤمن من أن مساعي الآخر الإقليمي الطائفي والدولي المتآمر، وكذا بقايا حزب البعث، في بث الخلاف والشقاق بين النجف وقم لا تبوء بالفشل دائماً، بل نرى أنها تنجح نسبياً أحياناً، وتجد لها صدى في الواقع الاجتماعي الديني. وهنا تكمن الخطورة.
وتابع المؤمن: لذلك ينبغي النظر الى هذه المساعي بجدية كبيرة، ومواجهتها بحزم، للحؤول دون إيجاد موطئ قدم لها في المنظومة الدينية الإجتماعية الشيعية.
وختم المؤمن الحوار بالقول: أعتقد أن دوراً كبيراً يقع على عاتق الباحثين والكتّاب من أبناء هذه المنظومة، وكذا وسائل الإعلام القريبة منها، لمواجهة هذا الإختراق، سواء الذي يعبِّر عنه بعض حسني النوايا من المحسوبين على قم أو النجف، أو على تيار معين أو شخصية ما، أو التي تقف وراءها أجهزة المخابرات الطائفية والغربية ووسائل إعلامها.
latest video
news via inbox
Nulla turp dis cursus. Integer liberos euismod pretium faucibua