دور المثقف المنتمي في تفكيك عوامل الأزمات الطائفية
دور المثقف المنتمي في تفكيك عوامل الأزمات الطائفية
د. علي المؤمن
المثقفون المنتمون الى الإسلام وكيانه ومجتمعه وأرضه وتاريخه وحاضره، يحرصون كل الحرص على مستقبله ومستقبل أبنائه ومصيره، ويستشعرون خطر الفتن والمؤامرات والحروب التي تهدد وجوده واستقرار مجتمعاته ووحدة أمته، ولعل المؤامرات والحروب التي ظلت تشنها المنظومة الطائفية، بدعم من أعداء الإسلام، منذ ظهوره وحتى الآن، هي من أخطر ما تواجهه الأمة، كما يستشعرون المسؤولية الكبرى تجاه هذه التهديدات الوجودية. ولذلك؛ ظل دأبهم دعوة حكماء المنطقة وعقلائها من علماء دين واعين معتدلين، ومفكرين وأكاديميين وسياسيين، لاستباق الفتن والحروب، قبل أن تتحول المنطقة الى بركان ينفجر بجميع المسلمين، لتلتهم حرائقه الأخضر واليابس، والصالح والطالح، والمجرم والبريء، وتؤدي الى تناحر مجتمعات المسلمين وكياناتهم ومكوناتهم وتياراتهم، المذهبية والقومية والعقدية والطرائقية والسياسية، وصولاً الى تمزق نسيج المسلمين وانهيارهم على الصعد كافة. وليس بعيدة عنا الدورات التاريخية التي تسببت فيها الاختلافات والصراعات الى انهيار الواقع الإسلامي سيادياً وسياسياً واقتصادياً وفكرياً، وهيمنة المستعمر الغربي.
إن دور المثقفين، من باحثين وكتّاب وإعلاميين وفنانين وناشطين حقوقيين؛ بكل اتجاهاتهم ومشاربهم ومذاهبهم، دور أساس في تفكيك الأزمات الطائفية، وتمهيد الأجواء الأكاديمية والثقافية والإعلامية والاجتماعية لحكماء الأمة وعقلائها، من علماء دين ومفكرين وسياسيين، للعمل بشكل جماعي على وأد الفتن وتجفيف منابعها، بكل ما يمتلكونه من وسائل، لأن الفتن الطائفية السياسية والإعلامية والمجتمعية، هو أحد العوائق العميقة أمام استقرار المجتمعات المسلمة ونموها وتقدمها العلمي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي؛ فهذه المجتمعات الرخوة لم يعد تحتمل أكثر مما احتملت من فتن طائفية تمظهرت إفرازاتها بأبشع ألوان القتل والقمع والاضطهاد والتهجير والاحتراب المسلح والصراعات اللاأخلاقية في المجالات السياسية والاجتماعية والإعلامية؛ جعلت حالة إنسانها يلبس أثواباً فاقعة من الحزن والخوف والملل والكآبة واليأس من الحاضر والمستقبل، وخاصة في المجتمعات المتنوعة مذهبياً وقومياً.
ومن لا يستشعر خطورة هذا الواقع ولا يتلمس المأساة ويهتم بها؛ فينبغي عليه مراجعة إنسانيته قبل دينه، وإلاّ فإنّ كل إنسان طبيعي يعيش الواقع الإسلامي، يشاهد بوضوح ما يحدث من مآسي وفشل وتراجع. ولا يقتصر هذا الواقع على بلد دون آخر، طالما هناك أكثريات وأقليات طائفية غير متعايشة تعايشاً حقيقياً متكافئاً، وطالما هناك فريقان من المسلمين، أحدهما يقول إنه ينتمي الى آل البيت، وهم الشيعة.. الأقلية المهمشة والمحُاربة في أغلب البلدان الإسلامية، وآخر يقول إنه ينتمي الى الصحابة، وهم السنة، التي تمثل طائفة الأكثرية السكانية، وهما فريقان يعيشان قلقاً شاملاً في العلاقة منذ وفاة رسول الله، رغم انتمائهما معاً إليه، ولايزال هذا القلق يتراكم بمرور الزمان، ويتم استغلاله أبشع استغلال من قبل الطائفيين ومنظومتهم.
latest video
news via inbox
Nulla turp dis cursus. Integer liberos euismod pretium faucibua