حياة أفضل بدون وسائل تواصل اجتماعي
هل أن الحياة أفضل بدون وسائل التواصل الاجتماعي؟
د. علي المؤمن
نشرت رأياً على الفيسبوك حول حجب وسائل التواصل الاجتماعي وقطع خدمة الانترنيت لعدة أيام العراق خلال تشرين الأول الجاري 2019، قلت فيه بأن ((الحياة بدون مواقع تواصل اجتماعي أفضل للصحة النفسية وأمن المجتمع، وأكثر إنتاجاَ وهدوءً وأُلفة)). وخاطبت الجهة المعنية بالقول: ((أعيدوا الإنترنت واحضروا مواقع اللغو))؛ الأمر الذي دفع كثيراً من الأصدقاء لإسقاط الراهن السياسي العراقي على رأيي، وربما بدا ذلك طبيعياً، بالنظر للشد النفسي الاجتماعي العام.
وأود هنا التعليق على بعض المداخلات:
- رأيي كان بعيداً عن الشأن السياسي، وله علاقة بعلم النفس الاجتماعي والتربوي. أي أنه خلاصة لرؤية علمية لا تمت بصلة الى السياسة ومتغيراتها.
- صحيح أنني نشرت رأيي تزامناً مع الأحداث الجارية، بسبب حجب وسائل التواصل الاجتماعي التي عشناها في هذه الأيام تحديداً، ولكن لا شأن لي بأسباب الحجب؛ بل بموضوع فساد وسائل التواصل الاجتماعي، وهي وسائل لا تقل فساداً عن كل بؤر الفساد الحكومي والحزبي والفردي والمجتمعي.
- التلفزيون يختلف عن وسائل التواصل الاجتماعي اختلافاً كبيراً، فهو يجمع العائلة، ويقارب بين الناس، وهو أقل كذباً وخداعاً وفساداً وتدميراً الى حد بعيد. أما وسائل التواصل الاجتماعي فهي ـ بشهادة الأطباء النفسيين وعلماء النفس الاجتماعي ـ بؤر للفتنة والتشويش والكذب.
- لا نختلف أن في وجود مواقع التواصل إيجابيات، لكن سلبياتها أكثر بكثير.
- ليس من منهجي الانجرار وراء الأحداث والانفعالات، والكتابة عنها قبل انجلاء معالمها وحقائقها. ولذلك سيكون لي مقال حول ما جرى ويجري وما سيجري وما ينبغي أن يجري في الموضوع العراقي الراهن، حين تتكامل لدي المعطيات.
- صحيح أن وسائل التواصل الاجتماعي هي أدوات عامة للتعبير، ولمواجهة الظلم والفساد والفشل؛ لكن مؤسسات الظلم والاستبداد والفساد تستغل أيضاً مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لنفسها ولتشويه الحقائق واستغفال الناس، وهي أقوى بكثير؛ لأن أدواتها أكثر تأثيراً وفاعلية وانتشاراً من تيارات الإصلاح والتغيير الإيجابي. لذلك فإن معارك وسائل التواصل خاسرة وضحلة ومتسافلة.
- إن التخلي عن وسائل التواصل ليس خياراً شخصياً، ولا ينفع أن يكون قراراً فردياً، لأنني كفرد لا أعيش خارج واقعي المجتمعي. فلا فائدة إذا تخليت عن هذه الوسائل بمفردي، في الوقت الذي تدمن عليه أسرتي ويستخدمه مجتمعي.
- أنا لا أدعو إلى العودة الى الوراء، أي الى عالم ما قبل وسائل التواصل الاجتماعي، فليس هذا موضوعي، بل تحدثت عن تجربة عشناها، وعن فوائدها وانعكاساتها الإيجابية. وأتمنى شخصياً أن تتكرر وتتكرر وتتكرر، ولكن في ظل ظروف موضوعية إيجابية، وليس رد فعل على أحداث سياسية.
- أدعو الى عمل وطني وعالمي يقنن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ولا يحجبها، إذا صنفناها ضمن الشرور التي لابد منها، أسوة بكل الممارسات والسلوكيات الاجتماعية السيئة، بهدف حماية الصحة النفسية، والقواعد التربوية، والأخلاق، والعلاقات الأسرية والاجتماعية والأمن الفردي والمجتمعي.
فلنفكر بتجرد وموضوعية بهذا الموضوع، بعيداً عن المتغيرات اليومية، ونعيد مرة أخرى للصحافة المقروءة، والمواقع الإلكترونية الرصينة، وثقافة الكتاب، ومتعة الإذاعة والتلفزيون، ودورها وتأثيرها.
latest video
news via inbox
Nulla turp dis cursus. Integer liberos euismod pretium faucibua