حوار صحيفة المونيتور مع الدكتور علي المؤمن في 2018
حوار صحيفة المونيتور مع الدكتور علي المؤمن
حول انسحاب حيدر العبادي من حزب الدعوة
بغداد ـ 2018
علي المؤمن: ((لم ينسحب الدكتور حيدر العبادي من حزب الدعوة الإسلامية حتى الآن، لكنه استقال من مواقع المسؤولية في الحزب، وتحديداُ القيادة ورئاسة المكتب السياسي. ولكن لا يستبعد أن ينسحب كلياً من الحزب، لأن بقاءه في الحزب لايسمح له باتخاذ خطوات سياسية ستراتيجية مستقلة وهو داخل الحزب، حتى و إن ترك مواقع المسؤولية.
ولا أعتقد أن استقالة السيد العبادي من المسؤوليات الحزبية أو إنسحابه من الحزب، يشكل مفاجأة للمراقبين، فقد أعلن بعض مقربيه خلال مخاضات تسمية رئيس الوزراء الجديد في العام 2018، بأنه مستعد لتجميد عضويته في الحزب مقابل تسميته رئيساً للوزراء. بل سبق أن طُرح هذا الموضوع خلال أحداث العام 2016 أيضاً، لكن تنفيذه كان سيسبب إحراجاً شديداً له، ويفقده دعم الحزب كلياً، ويجعله تحت وصاية قوى سياسية أخرى منافسة للحزب.
بعد هذا التاريخ، بدأ السيد العبادي يطرح رؤاه السياسية الخاصة، ويتخذ مواقف لم تكن تنسجم بالضرورة مع رؤى الحزب. ثم انتهى حراكه بظهور مشروعه السياسي الخاص، والذي تبلور في إئتلاف النصر. وخاض الإنتخابات البرلمانية في العام 2018 على رأس الإئتلاف، و كوّن تحالفات خاصة به.
صحيح أن السيد العبادي استقطب معظم قيادة الحزب وبعض الكوادر الى مشروعه، و تحرك خلال الإنتخابات في إطار بعض مؤسسات الحزب، إلّا أن عدم فوز أي من قيادات الحزب وكوادره في الانتخابات البرلمانية، ممن انخرط في إئتلاف النصر، ثم عدم حصول السيد العبادي على رئاسة الوزراء، تسبب في صدمة لقيادة الحزب وللسيد العبادي، أدت الى برود العلاقة بين الطرفين تلقائياً، وصولاُ الى التعارض بينهما أحياناً، ولا سيما بعد أن ألقى ثلاثة من القياديين اللوم على السيد العبادي في عدم التحام ائتلاف النصر وائتلاف دولة القانون بعد ظهور نتائج الإنتخابات؛ كما سبق أن قررت القيادة. فضلاً عن ذهاب السيد العبادي الى التحالف مع الخصوم السياسيين التقليديين للحزب، كالسيد عمار الحكيم والسيد مقتدى الصدر والسيد أسامة النجيفي والسيد أياد علاوي. وغيرها من المواقف التي كانت تحرج القيادة وتزعجها، وفي الوقت نفسه، تحسس السيد العبادي بأنه مقيد، ولا يستطيع التصرف في ائتلافه (النصر) كما يريد.
وكانت كل هذه الخطوات تعني أن تخلي السيد العبادي عن حزب الدعوة باتت مسألة وقت فقط، سواء حصل على رئاسة الوزراء أو لم يحصل عليها؛ ففي كلا الحالتين كان السيد العبادي سيترك الدعوة، لأن وجوده في الحزب أصبح عبأ عليه وعلى الحزب.
لذلك؛ أعتقد أن انسحاب السيد العبادي من الحزب لاعلاقة له بالخلافات أو التخندقات داخل الحزب، ولا علاقة له بقرار القيادة الحالية بعدم الترشح من جديد للقيادة خلال المؤتمر القادم للدعوة، بل له علاقة بمشروع السيد العبادي الخاص وتطلعاته السياسية التي تتعارض مع استمرار وجوده في الحزب، وفي مقدمها تحويل ائتلاف النصر الى حزب سياسي غير ايديولوجي، أي غير إسلامي وغير مذهبي. وبالتالي، فإن إنسحابه من حزب الدعوة الإسلامية سيحرره من كل القيود السياسية والتنظيمية التي يفرضها عليه الحزب.
و خروج قيادي بوزن السيد العبادي من حزب الدعوة الإسلامية ليس أمراُ جديداً، بل هو متعارف منذ بدايات تأسيس الدعوة، بل متعارف في كل الأحزاب، ولا أعتقد انه سيؤثر سلباً على الحزب. لكنه في الوقت نفسه، لن يشكل دفعاً سياسياً للسيد العبادي، بل سيفقده ركيزة مهمة جداً، لأن حزب الدعوة الإسلامية، بالرغم مما يمر به من مشاكل وخلافات وضعف، يمثل علامة مميزة رابحة، لما ينطوي عليه من تاريخ وتضحيات وخبرات ومقومات لا تتوافر في أي حزب آخر في العراق)).
latest video
news via inbox
Nulla turp dis cursus. Integer liberos euismod pretium faucibua