حقوق أفراد الأسرة وواجباتهم

Last Updated: 2024/04/14By

حقوق أفراد الأسرة وواجباتهم

د. علي المؤمن

بعد دخول المرأة والرجل بيتهما الجديد، تبدأ مرحلة البناء الحقيقي، فيأخذ كل منهما موقعه، ليبدأ بممارسة دوره في البناء، فالرجل هو مركز الثقل في الأسرة وهو رئيسها، والمرأة هي قاعدة الأسرة والمديرة الداخلية لها، وكلاهما يشكل المحور الذي يلتف حوله أفراد الأسرة الآخرين (الأبناء). وهذا يوصي الإسلام بأن يعمل كل فرد من أفراد الأسرة في إطار واجباته وحقوقه؛ لتنظيم الأسرة والحفاظ على تماسكها والحيلولة دون حصول التداخل في الأدوار والأعمال. فواجبات الرجل ـ بصورة عامة ـ تتمثل في توفير مستلزمات العيش، وإشباع حاجات المرأة من ملبس ومأكل ومسكن ومعاشرة.

ويركز الإسلام ـ في إطار واجبات الرجل ـ على مسألتين أخلاقيتين مهمتين، هما: أن يكون الرجل حسن الأخلاق في تعامله مع المرأة، وأن يصبر على المرأة وإن كانت فظّة. وفي المسألة الأخيرة يعطي الإسلام للرجل خيارين من خلال قوله تعالى: ]فأمسكوهن بمعروف أو سرّحوهن بمعروف[، إذ قنن الإسلام هنا طبيعة تعامل الرجل مع المرأة إذا لم ينسجم معها أخلاقياً، وإن كانت هي سبب عدم الانسجام. يقول الرسول محمد: ((خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)).

أما واجبات الزوجة فتتمثل ـ عموماً ـ في الطاعة لزوجها والإذعان لقيمومته وإشباع حاجاته، والتزين له، وحُسن الأخلاق، وعدم التصرف بمال الزواج دون إذنه، وعدم الخروج من البيت إلاّ بإذنه وهناك تفاصيل كثيرة في هذا المجال ذكرتها كتب الحديث والفقه، يمكن مراجعتها للمزيد.

ومن أهم أهداف بناء الأسرة هو بقاء النوع الإنساني وتكثير النسل؛ فالأبناء هم ثمرة تشكيل الأسرة، والإسلام يشجع على الإنجاب وتكثير عدد أفراد الأسرة المسلمة، إذ يقول الرسول الأعظم: ((مولودٌ من أمتي أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس)).

ويبقى أن هناك حاجات زمنية تتعلق بتنظيم حجم الأسرة، حسبما تفرضه المصلحة التي يحددها الفقهاء وأصحاب الاختصاص. وإضافة أفراد جدد للأسرة (الأبناء) يفرض وجود تشريعات وسنن أخرى تنظم العلاقة بين الأبناء والوالدين، وتكشف عن حقوق وواجبات كل منهما تجاه الآخر.

وقد سأل أحد الصحابة: ((يا رسول الله ما حق ابني هذا؟ قال: تحسن اسمه وأدبه، وتضعه موضعاً حسناً)). فمن حق الولد على أبيه تسميته باسمٍ حسن، وتربيته وتعليمه، والنفقة عليه منذ ولادته حتى بلوغه (وما بعدها في بعض الحالات).

أما حق الوالدين على الولد، فالبر بهما، والإحسان إليهما، واحترامهما، والدعاء لهما، ورعايتهما. ]ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً[.

وتقف التربية الصالحة للأولاد في مقدمات واجبات الوالدين. ولا تنجح التربية في تحقيق غاياتها إلاّ من خلال توفير الجو المناسب لها، فمن واجب الوالدين أن يخلقا جواً أُسرياً ملؤه الحب والحنان والطمأنينة والاحترام، ومفعماً بالروح الدينية ومكارم الأخلاق.

ومقدمة نجاح التربية الصالحة أن يرضع الوالدان أبناءهما ـ منذ الصغر ـ حب الله ورسوله وآل البيت. وسينعكس نشوء الأبناء نشأة حسنة متكاملة على الأسرة التي يشكلونها بدورهم مستقبلاً، ثم على المجتمع بأكمله. وتلك نتيجة حتمية.

في كلمة للإمام علي يوصي فيها ولده الإمام الحسين، يشير الإمام إلى نتائج العلاقة السليمة والعقائدية بين الوالدين والأبناء، والتي يحصل من جرائها حالة سامية من الالتئام والتكامل بين الطرفين، إذ يقول: ((فوجدتك بعضي، بل وجدتك كلّي، حتى كأن شيئاً لو أصابك أصابني، وكأن الموت لو أتاك أتاني، فعناني من أمرك ما يعنيني من أمر نفسي)).

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment