حزب الدعوة الإسلامية في البحرين من التأسيس الى الانحلال

Last Updated: 2024/04/14By

حزب الدعوة الإسلامية في البحرين: من التأسيس الى الانحلال

د. علي المؤمن

في البحرين؛ يحظى تنظيم حزب الدعوة بأهمية كبيرة؛ بالنظر للطبيعة الديمغرافية والتوزيع المذهبي؛ إذ يبلغ عدد شيعة حسب تقديرات عقد الخمسينات من القرن الماضي حوالي 80 بالمائة من عدد السكان، ويغلب عليهم التدين؛ فضلاً عن معاناتهم الشديدة من الحرمان والتمييز الطائفي. ولذلك كان الدخول إلى الساحة البحرينية سهلاً جداً ومرحباً به عند النخبة الشيعية البحرينية. وقد وصله عبر علماء الدين البحرينيين الذين كانوا يدرسون في النجف الأشرف، أو البحرينيين من خريجي جامعة بغداد. وكان الرجل الذي حمل معه أمر تأسيس فرع للدعوة في البحرين هو عالم الدين البحريني الشيخ سليمان المدني القادم من النجف الأشرف؛ بعد أن أقام فيها حتى العام 1967، ودرس في حوزتها وتخرج من كلية الفقه. وهو أول بحريني ينتمي إلى الدعوة، والتحق به فيما بعد الشيخ عبد الأمير الجمري والشيخ عيسى قاسم والسيد عبد الله الغريفي، وهم من دعاة الجيل الأول في البحرين، وتلاهم من الجيل الثاني مئات البحرانيين؛ كالشيخ أبي تقى البحراني والشيخ العريبي وعبد الوهاب حسين وعيسى الشارقي وحسن مشيمع والدكتور سعيد محمد وآخرين. أما الجيل الثالث فهم الذين التحقوا بالحزب بعد العام 1979، وشكل بعضهم «حركة أحرار البحرين» في أوربا، كما شكل كثيرون «جمعية الوفاق الوطني الإسلامية» التي اكتسحت الانتخابات البحرانية منذ مشاركتها في أول انتخابات في العام 2006، وتحولت إلى أهم وأكبر حركة سياسية في البحرين منذ ذلك الحين وحتى الآن.

وبالرغم من أن دخول الدعوة إلى البحرين كان في حدود العام 1965؛ إلّا أن لجنتها القيادية تأسست في العام 1968 على يد الشيخ سليمان المدني. وسرعان ما استقطب الحزب عدداً كبيراً من النخبة الشيعية المثقفة. وبلغت ثقة الحزب بنفسه درجة كبيرة إلى مستوى دفعته لدخول الانتخابات البرلمانية في العام 1972، وفاز عدد من أعضائه وشكل كتلة برلمانية تحت اسم «الكتلة الدينية» برئاسة القيادي الداعية الشيخ عيسى قاسم. كما حصل نائب آخر من أعضاء حزب الدعوة هو عبد الله المدني على منصب أمين سر المجلس الوطني البحريني. كما أسس الأخير مجلة باسم «المواقف» الأسبوعية؛ كانت تعبر عن آراء حزب الدعوة الإسلامية وكتلته في البرلمان. وهي الوسيلة الإعلامية الوحيدة في العالم التي ذكرت خبر إعدام الشيخ عارف البصري وإخوانه الأربعة (القياديين والكوادر في حزب الدعوة) في العراق في العام 1974. وانتهى الأمر برئيس تحريرها الداعية عبد الله المدني إلى الاغتيال طعناً بالسكاكين في العام 1976. وكان الدعاة يمتلكون عدداً من المؤسسات الدينية والخيرية؛ أهمها جمعية التوعية الإسلامية التي ترأسها الشيخ عيسى قاسم؛ لتكون إحدى أهم واجهات حزب الدعوة. وعلى الرغم من كل هذه النشاطات فقد ظل اسم الحزب سرياً وتنظيمه بالغ السرية، وينشط من خلال الواجهات فقط.

وفي لندن كان التنظيم المعارض الأهم للنظام البحريني هي حركة أحرار البحرين؛ التي كانت إحدى الواجهات السياسية لحزب الدعوة، وترأسها منذ نشوئها في العام 1981 الداعية الدكتور سعيد الشهابي عضو قيادة الدعوة في بريطانيا، الذي أسس فيما بعد مجلة العالم في لندن. وضمت الحركة جميع الدعاة البحرينيين المقيمين في بريطانيا وأوروبا، ومعظمهم من الطلبة الجامعيين والخريجين. ولكن بعد حل حزب الدعوة نفسه في البحرين في العام 1984 على إثر الاعتقالات في صفوفه والتهديد بإعدام أعضائه؛ باتت حركة الأحرار تعمل بشكل مستقل. وكان الفقهاء البحرانيون الثلاثة الأبرز: الشيخ عبد الأمير الجمري والشيخ عيسى قاسم والسيد عبد الله الغريفي؛ قياديين في حزب الدعوة؛ حتى حلّه في العام 1984. بيد أن مسؤولية التنظيم الرئيسة تحملها الشيخ عيسى قاسم بعد تنحي الشيخ سليمان المدني عن القيادة وتفرغة للعمل رئيساً للمحكمة الجعفرية العليا.

وقد حقق تنظيم الدعوة في البحرين إنجازات سريعة خلال ثمانية عشر عاماً من عمره؛ فقد كان معظم أعضاء البرلمان من الإسلاميين الشيعة في السبعينات، ثم بعض الوزراء؛ أعضاء في حزب الدعوة. وحتى بعد حل الحزب؛ بقيت تركة حزب الدعوة غنية وكبيرة؛ فكان معظم قادة وأعضاء المجلس العلمائي الشيعي، ثم كثير من مؤسسي حركة الوفاق وقادتها وكوادرها؛ أعضاء سابقين في حزب الدعوة؛ فضلاً عن عدد كبير من نواب حركة الوفاق الوطني ورؤساء بعض الحركات والجمعيات الأخرى في داخل البحرين وخارجها؛ كعبد الوهاب حسين وعيسى الشارقي وحسن مشيمع.

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment