حرص آل سعود على التشيع العربي

Last Updated: 2024/04/14By

حرص آل سعود على التشيع العربي

د. علي المؤمن

من المقولات الطائفية المهمة التي اعتمدها النظام السعودي بعد العام 1979، مقولة “التشيع العربي والتشيع الفارسي”، رغم أن المنظومة الوهابية السعودية لا تفرق في استهدافها الطائفي بين شيعي عربي وشيعي إيراني وشيعي هندي؛ فكلهم رافضة كفار وفق عقيدتها التيمية الوهابية، إلّا أنها تهدف من وراء هذه المقولة ضرب الاستقرار المجتمعي الديني الشيعي، وبث الفرقة والشقاق بين الشيعة، وخاصة بين الشيعة العرب والشيعة الإيرانيين، بعد تأسيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، من أجل عزل الشيعة العرب عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ولكي تعطي لمقولتها الطائفية هذه مصداقية، ولو باهتة؛ فقد جنّدت عدداً من العلمانيين والمعميين الشيعة العرب من لبنان والعراق والبحرين؛ ليكونوا واجهة مخططها ورأس حربته.

وكان لخطابها هذا أثراً سيئاً خلال الحرب العراقية الإيرانية، والتي دفع فيها النظام البعثي الطائفي مئات الآلاف من شيعة العراق للموت من أجل بقائه. إلّا أن ذروة تكريس النظام السعودي لهذا الخطاب وتحويله الى مشروع سياسي وإعلامي كبير، حصل بعد سقوط النظام البعثي في العراق في العام 2003، وانتصارات المقاومة في لبنان بعد العام 2006؛ فقد خصصت وزارة الخارجية والمخابرات السعودية موازنات مالية كبيرة، قدّرها بعض المراقبين بــثلاثة مليارات دولار في العام 2013، صرفت لمجموعات وشخصيات دينية وسياسية واجتماعية وعشائرية وإعلامية، عراقية ولبنانية، سنية وشيعية، من أجل تنفيذ مشروع خلق صراعات سياسية ومجتمعية مسلحة داخل المجتمعين الشيعيين العراقي واللبناني. وبرز نتائج المشروع بقوة بعد العام 2018، خلال التظاهرات في العراق ولبنان. وإذا كان المشروع السعودي هذا قد فشل فشلاً ذريعاً في لبنان والبحرين؛ فإنه حقق نجاحات نسبية في العراق خلال الأعوام 2019 و2022، وذلك نظراً لحجم الغزو الطائفي غير المسبوق تاريخياً، الذي ظل شیعة العراق یتعرضون له خلال (35) عاماً من حكم البعث في العراق، ثم بعد سقوطه في العام 2003، وهو شبیه ـــ الی حد کبیر ـــ بالغزو الطائفي الذي ظلت إیران تتعرض له بعد العام 1979، ولا تزال.

وكنموذج إعلامي لتوجهات هذا الخطاب العنصري الطائفي وأهدافه، يمكن الإشارة الى المقال الذي نشره أحد أمراء آل سعود في جريدة الجزيرة (السعودية) في العام 2019، والذي كرر فيه مقولات التشيع العربي والتشيع الفارسي، والتشيع الصفوي والتشيع العلوي، وشنّع على رموز التشيع وفقهائه منذ المفيد وحتى الآن، واتهمهم بكل أنواع التهم التي اعتاد عليها الخطاب الوهابي، وفي مقدمها كفر الشيعة وانحرافهم وضلالهم. وذرف الأمير السعودي، في مقاله، الدموع على التشيع العربي، واستنجد بالمؤسسة الدينية الوهابية لتخليصه من براثن التشيع الفارسي. ولم يحصر صاحب المقال التشيع الفارسي بسلوك الدولة الإيرانية؛ بل عدّه نتاجاً للمحدثين والفقهاء الشيعة الأوائل، ولذلك؛ هو لا يستهدف بمقولاته هذه سلوك الدولة الإيرانية أو الفرس، بل يستهدف الواقع الشيعي العربي، وعناصر نهوضه، وخاصة في العراق ولبنان واليمن، وذلك في إطار المشروع الطائفي المذكور للنظام السعودي، أي تقطيع أطراف الواقع الشيعي من داخله، لا سيما أن الأمير الكاتب، هو ضابط كبير في المخابرات السعودية برتبة لواء.

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment