حالة العبادي المالكي في معادلات العمل الحزبي والسياسي

Last Updated: 2024/04/13By

حالة العبادي ـ المالكي في معادلات العمل الحزبي والسياسي

د. علي المؤمن

بعد حرمان نوري المالكي من استحقاقه في تشكيل الحكومة العراقية في العام 2014،  تعرض مشروع المالكي السياسي لانتكاسات خطيرة؛ بسبب الضربات المباشرة التي تلقاها من محازبه حيدر العبادي، بدءاً بالاستحواذ على قرار الحكومة والدولة، ثم التهجم عليه علناً في الإعلام، وتخوينه صراحة، والتحالف مع الخصوم لتضعيفه، والاستقواء بأمريكا وبريطانيا والسعودية لإنهاء تأثيره، والاطاحة بمنصبه نائباً لرئيس الجمهورية، والمطالبة بإلغاء منصبه أميناً عاماً لحزب الدعوة الإسلامية، والصمت على التهديدات العلنية التي ظل يتعرض لها.

ربما يشبِّه بعض المراقبين هذه الحالة بما فعله جمال عبد الناصر مع محمد نجيب، أو ما فعله رجب طيب أردوغان مع أستاذه نجم الدين أربكان، أو ما فعله عمر البشير مع زعيمه حسن الترابي أو ما فعله صدام حسين مع رئيسه أحمد حسن البكر. ولكن هذه الأمثلة لا تطابق الواقع؛ فعبد الناصر كان هو قائد الانقلاب الفعلي على النظام الملكي والقائد الحقيقي لجماعة الضباط الأحرار، ولذلك كانت اطاحته محمد نجيب تحصيل حاصل عندما احتدم الصراع بين الطرفين. أما أردوغان فإنه حقق معظم نجاحاته وانتصاراته بجهوده وتخطيطه وتحركه الشخصي. صحيح أنه تعلم من استاذه اربكان واستثمر اسمه وكيانه التنظيمي، إلّا أن نجاحات اردوغان في الإنتخابات البلدية وسطوع نجمه خلال رئاسته لبلدية اسطنبول كانت بفعل حراكه الشخصي غالباً. وبالتالي كان انقلابه على استاذه هو استبدال لمرحلة بأخرى. وفي حالة عمر البشير فإنه هو الذي خطط وقاد الانقلاب العسكري واستلم السلطة بالقوة، ثم كرّم حسن الترابي و وضعه في صدارة العملية السياسية. أي أن صاحب الجهد الحقيقي في سيطرة الجبهة الإسلامية القومية على الدولة السودانية هو عمر البشير وليس حسن الترابي. وهكذا الأمر بالنسبة لصدام حسين؛ فقد كان منذ بداية انقلاب 1968 الرجل الأكثر سطوة في الحزب والدولة، وصعد نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة ولرئيس الجمهورية ثم رئيساً للجمهورية بجهوده وتدبيره ونفوذه الشخصي؛ بل كان الأقرب الى جسد الحزب من البكر.

وإذا انتقلنا الى حالة أكثر قرباً لموضوعنا، وهي حالة استبدال ابراهيم الجعفري بنوري المالكي مرشحاً لرئاسة الحكومة العراقية في العام 2006. في هذه الحالة لم ينقلب المالكي على الجعفري؛ بل كان ترشيح المالكي لرئاسة الحكومة العراقية بمبادرة الجعفري نفسه؛ لحسابات شخصية وحزبية. وكان الجعفري مكرماً معززاً لدى المالكي، ولم تصدر من المالكي كلمةً واحدة تسيء الى الجعفري. ثم أن ما حققه المالكي من شعبية كبيرة ونجاحات متراكمة في ولايته الأولى كانت بفضل جهوده وتحركه الشخصي.

وبذلك؛ فإن ظاهرة تعاطي العبادي مع المالكي هي حالة سياسية حزبية نادرة؛ إذ لم يكن العبادي يمتلك رصيداً شعبياً؛ فقد حصل على حوالي خمسة آلاف صوت في انتخابات العام 2014، وهي أصوات لم تؤهله لعضوية مجلس النواب، وكان فائض أصوات المالكي هو الذي دفع به الى البرلمان؛ أي أنه أصبح نائباً في البرلمان بفضل شخص المالكي حصراً. كما أن الذي جعل حزب الدعوة الذي ينتمي اليه العبادي يمتلك أكبر كتلة حزبية في البرلمان (54 عضواً) هي أصوات المالكي واسمه، والذي جعل إئتلاف دولة القانون الذي ينتمي اليه العبادي أكبر كتلة برلمانية (103 أعضاء) هي أصوات المالكي واسمه؛ بل حتى التحالف الوطني الشيعي فإنه أصبح الكتلة الأكبر ـ فيما لو عددناه الكتلة الأكبر ـ بفضل إئتلاف المالكي؛ إذ كان عدد أعضاء التحالف الشيعي (173) عضواً، بينهم (103) أعضاء ينتمون لائتلاف دولة القانون الذي يترأسه نوري المالكي.

وعليه؛ فإن المالكي هو الذي بنى قاعدة وصول العبادي الى رئاسة الوزراء، ولم يكن للعبادي وغيره من رؤساء كتل دولة القانون خصوصاً، والتحالف الشيعي عموماً دورٌ في بناء هذه القاعدة. وفي النتيجة؛ فإن ما حدث في العام 2014 وما بعده، يعدّ مفارقة لامثيل لها في كل أحزاب الدنيا وديمقراطياتها وديكتاتورياتها.

 

 

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment