تذرع النظام السعودي بالدور الإيراني

Last Updated: 2024/04/13By

تذرع النظام السعودي بالدور الإيراني

د. علي المؤمن

حين بدأ النظام السعودي تنفيذ مشروعه الطائفي في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي،  وهاجم قوافل الحجاج وحواضر المسلمين الشيعة في المنطقة الشرقية وجنوب الجزيرة واليمن والعراق؛ لم تكن الجمهورية الإسلامية في ايران قد تأسست بعد، بل أن النظام السعودي ظل يمارس دوره الطائفي الإرهابي لقرنين من الزمن قبل أن تؤسس إيران لجبهة الممانعة الإسلامية في العام 1979، وبالتالي؛ فذريعة السعودية بأنها تقوم بهذا الدور والممارسات رداً على الدور الإيراني؛ إنما هي ذريعة تفندها حقائق التاريخ الحديث الذي وثّق للدور الوهابي السعودي الطائفي منذ العام 1795 في الجزيرة العربية والعراق.

والاستهداف الطائفي الوهابي السعودي للواقع الإسلامي عموماً، وللشيعة خصوصاً، هو استهداف قديم ومستمر ولا علاقة له بإيران؛ فالوهابية تعد شيعة العراق عدوها الأول، والعقبة الكؤود أمام هيمنتها الايديولوجية والعقائدية على منطقة المشرق العربي، ولا تحتاج السعودية لذريعة النفوذ الإيراني لتضرب الشيعة، وهجماتها على كربلاء والنجف وذبح شيعة العراق طوال القرن التاسع عشر لم يكن بذريعة صد النفوذ الإيراني، وتمويل السعودية ودعمها الجماعات الطائفية والجماعات الإرهابية التكفيرية التي تقتل المسلمين عموماً وشيعة السعودية نفسها والعراق ولبنان وسوريا واليمن وايران والبحرين خصوصاً، منذ عشرات السنين، ولاسيما بعد العام 2003، لا يتم بهدف ضرب النفوذ الإيراني، وفتاوى تكفير المسلمين عموماً والشيعة خصوصاً، التي تصدر من مفتي السعودية وهيئة كبار العلماء، وتتعالى في المدارس والمساجد لا تستهدف ايران فقط، لأنها لم تبدأ بعد ثورة ايران في العام 1979 أو بعد سقوط دولة البعث في العام 2003، بل تتراكم منذ أكثر من قرنين ونصف من الزمان.

فالمسلمون، والشيعة منهم خاصة؛ حين يواجهون المشروع الوهابي السعودي الطائفي؛ فإنهم يدافعون عن أنفسهم قبل كل شيء، ولا علاقة لذلك بوهم كبير اسمه “الانخراط في الصراع السعودي الإيراني”. نعم؛ هناك صراع سعودي إيراني على خلفيات سياسية وايديولوجية وطائفية، بالنظر لخضوع الحكم السعودي لثوابت العقيدة الوهابية التكفيرية الإرهابية، وحضورها الفاعل في المشروع الأمريكي الصهيوني، ولكن استهداف الوهابية السعودية للشيعة العرب في العراق ولبنان والبحرين وسوريا واليمن، ومساعيها لاجتثاثهم؛ ليس ابن اليوم، ولا علاقة له بإيران ولا بالصراع معها؛ بل هو استهداف وجودي قديم متجدد.

لقد قسّمت التحالفات الاستراتيجية العلنية بين المملكة السعودية والكيان الإسرائيلي برعاية الولايات المتحدة الأمريكية وقيادتها؛ قسّمت منطقة الشرق الأوسط رسمياً الى معسكرين متصارعين، محددين شكلاً وموضوعاً وأطرافاً، هما: المعسكر المعادي للمسلمين، والذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية وتنخرط فيه السعودية وإسرائيل وأنظمة إقليمية طائفية أخرى، ومعسكر الممانعة الإسلامية، والذي تتصدره إيران وتنخرط فيه قوى الممانعة الإسلامية في العراق ولبنان وسوريا واليمن وفلسطين. وقد قرر المعسكر الأمريكي الإسرائيلي السعودي منذ العام 2013، تكريس مخططاته لضرب الواقع الإسلامي وحلفائه في الصميم، وتدمير مكتسباته وحضوره الإقليمي، بينما قرر معسكر الممانعة الإسلامية الدفاع عن نفسه، بما تمليه ضرورات حفظ النفس والعرض والأرض، والإبقاء على كيانيته الاجتماعية الدينية السياسية.

ولم يترك التحالف الأمريكي الإسرائيلي السعودي لأي شيعي، فرداً أو جماعة أو كياناً؛ البقاء على الحياد، لأن كل الشيعة باتوا مستهدفين من هذا التحالف، أي أن الشيعة لم يختاروا هذا التخندق، ولم يختاروا أعداءهم، ولم يختاروا ساحة الصراع، بل أن التحالف المعادي هو الذي حشر الشيعة في دائرة التخندق والتضامن هذه، وبالتالي لم يعد لخيار الحياد وجود في الواقع؛ فأما الانخراط في المعسكر الأمريكي السعودي الإسرائيلي، أو الانخراط في معسكر الدفاع عن النفس. وليس في تخندق الشيعة هذاـ أي بعد طائفي أو مشروع طائفي، بل هو دفاع عن النفس والمصير فقط، وأما الدوافع الطائفية والمشروع الطائفي والاستهداف الطائفي؛ فهو ما أعلنت عنه السعودية صراحة، لأنها صاحبة المشروع الطائفي في العالم الإسلامي، منذ تأسيس المذهب الوهابي في نجد، وبالتالي؛ بات فهم الأفراد والجماعات الشيعية لمعنى الحياد حيال المشروع الطائفي السعودي الوهابي، يصب في دائرة الدمار الذاتي.

وفضلاً عن الجماعات الإرهابية التكفيرية؛ فإن التحالف الأمريكي السعودي الإسرائيلي، أعطى الجماعات الطائفية في العراق وسوريا والخليج ومصر والبحرين والأردن ولبنان واليمن، دفعة نفسية قوية للحديث صراحة عن اجتثاث ما أسموه بالقوى الموالية لإيران، ويقصدون التيارات الشيعية في هذه البلدان الرئيسة، وباتت تلك الجماعات الطائفية في حالة استنفار قصوى للتحرك علانية باتجاه تنفيذ المشروع الأمريكي السعودي الطائفي في العراق.

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment