تأثير الماضي البعثي على الحاضر العراقي

Last Updated: 2024/04/13By

تأثير الماضي البعثي على الحاضر العراقي

د. علي المؤمن

من ينتقد اليوم الواقع العراقي، بما في ذلك نظامه السياسي التوافقي الفاشل، وأساليب إدارة الدولة، وانعدام الستراتيجيات، والفساد الإداري والمالي، والسيادة المنقوصة، والخلل في الممارسة الديمقراطية، والأمن المتزعزع، ومستوى المعيشة، والبطالة، ومشاكل الكهرباء والخدمات؛ فلا شك أن الحق معه؛ إذ لا مسوغ لكثير من جوانب هذا الوضع المأساوي؛ إلّا إذا كانت أسبابه فوق طاقة المسؤولين، ولكن؛ ينبغي حين ننتقد، أن نضع قضيتين أساسيتن في حسباننا:

1- إن الأسباب الكبرى للواقع المأساوي الذي يعيشه العراق؛ هي أسباب متجذرة، أكبر حجماً ونوعاً من أي حاكم يحكم العراق، وأهمها:

أ- الإرث الطائفي العنصري للدولة العراقية، والذي تسبب في التأسيس لنظام سياسي شاذ تحتكره أقلية طائفية قومية جغرافية (السنة العرب من المحافظات الغربية الثلاث)، وتهميش المكونات الأخرى بأبشع ألوان التهميش والتمييز. مما تسبب في نشوء عقد سياسية عميقة وأمراض نفسية اجتماعية مستعصية داخل الجسد العراقي. وهذه العقد والأمراض لايمكن تفكيكها ومعالجتها ذاتياً أو بالمراهنة على الزمن؛ بل ربما بالإستئصال والكي.

ب- إرث نظام البعث ـ صدام في المجالات السياسية والثقافية والتعليمية والاجتماعية والنفسية، وعلى مستوى تبعات وجود الأعداد الهائلة لعوائل المعدومين وضحايا الحروب، وكذا إرث البنية التحتية المنهارة، وإرث انتقاص السيادة.

ت- التآمر على العراق الجديد من قبل المحيط الطائفي العربي والإقليمي، ومنع استقرار البلاد نهائياً عبر زرع ودعم الجماعات الإرهابية الطائفية، وضرب الشخصيات الوطنية بكل الوسائل السياسية والمخابراتية الاعلامية.

ث- تبعات الإحتلال الأجنبي وارتهان العراق لسياساته.

2- إن كل ما حصل من مآسي في العراق بعد العام 2003؛ لايساوي واحد بالمليون مما فعله نظام البعث الطائفي الشوفيني المجرم بالعراق وشعبه وبنيته الاجتماعية والعمرانية، وفي مقدمها تعذيب وقتل ما يقرب من (900) مرجع وفقيه وعالم دين، وتعذيب وقتل أكثر من (30,000) كفاءة عراقية من خريجي الجامعات وحاملي شهادات الماجستير والدكتوراه والأستاذية، وقتل أكثر من مليوني عراقي في مجازر السبعينات، وحرب الشمال، ومجازر الثمانينات، والحرب مع ايران، ومجازر التسعينات، وغزو الكويت، وتشريد أكثر من ثلاثة ملايين عراقي موزعون في أغلب دول العالم، ولعل واحدة فقط من هذه الجرائم تعادل كل مآسي العراق فيما بعد العام 2003؛ بل هناك جرائم متفردة، لم يشهد العالم مثيلاً لها إطلاقاً.

ولذلك؛ فإن من بديهيات إستشعار الشيعي لشيعيته، والعراقي لوطنيته، والإنسان لإنسانيته؛ أن تبقى صور إجرام دولة (البعث) محفورة في ذاكرة كل عراقي وكل مسلم؛ بل كل إنسان، ومن يعتقد أن الحكم الحالي ـــ رغم كل مساوئه ـــ أسوء من حكم البعث أو يشبهه؛ فليراجع عقله قبل إنسانيته وانتمائه.

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment