بماذا يحلف النائب الملحد ؟

د. علي المؤمن

(3 /9 / 2018)

ستتضمن الجلسة الأولى للدورة البرلمانية العراقية الجديدة مراسيم أداء اليمين الدستورية للنواب الجدد. وهنا تبرز إشكالية قانونية واقعية تتعلق بصيغة القسم الذي سيؤديه النواب الملحدون. وقد لفتت نظري الى هذه الإشكالية المدونة العراقية وسن الشيخلي. ولا نطرح الإشكالية هنا للتندّر، أو للنيل من عقائد مسؤولي الدولة أو تفتيش عقائد النواب؛ لطالما يسمح الدستور العراقي بالتعددية العقدية والفكرية، ويصمت حيال وجود مسؤولين في الدولة أو نواب في البرلمان يعتنقون عقيدة الإلحاد.

ومن الطبيعي أن يكون بعض النواب الشيوعيين ملحدين؛ لأن الفلسفة الماركسية اللينينية هي أحد عناوين الإلحاد الحادة والعلنية، و مقتضى الإعتناق الكامل للعقيدة الماركسية هو الإلحاد. ولا يقتصر الإشكال القانوني على الملحدين من الشيوعيين؛ بل يشمل كل نائب يعلن بشكل وآخر عدم إيمانه بالله أو عدم إيمانه بالكتب المقدسة.

وقد حلّت الدساتير العلمانية الخالصة هذا الإشكال، وتركت للنائب والمسؤول القَسم بالصيغة التي يمكن أن تكون حجة عليه، و ما يترتب عليها من آثار قانونية متنوعة ملزِمة. ولكن دستور جمهورية العراق للعام 2005 نصّ في المادة (50) على صيغة القسم التي تبدأ بـعبارة (( أقسم بالله العلي العظيم))، وتنتهي بـ (( والله على ما أقول شهيد)).

ولذلك؛ فإنّ النائب الملحد الذي لايخفي إلحاده؛ لايعتد بيمينه وفق الصيغة المذكورة، ولن تشكل حجّة عليه، ولا إلزاماً؛ لأنه يقسم بشيء لا يؤمن به. وسيكون ذلك نوعاً من التدليس والتحايل على القانون؛ بينما أراد المشرع لهذه الصيغة أن تشكل رادعاً من الناحية القانونية. وهذه هي فلسفة القسم، وهي شبيهة بقَسم الشهود في المحاكم بالله (تعالى) أمام القرآن الكريم أو الكتب المقدسة لأتباع الديانات الأخرى؛ ففلسفته أن يكون حجة وإلزاماً على صاحب القسم، وتترتب عقوبة عليه إذا حنث بالقسم؛ فضلاً عن التدليس بالاعتقاد بالله وكتابه. وبالتالي؛ ليس المقصود بالقسم أن يكون رادعاً ذاتياً دينيا أو روحياً؛ بل رادعاً قانونياً وضعياً أيضاً؛ لما يترتب عليه من عقوبات مدنية.

من هنا؛ ينبغي إيجاد تكييف قانوني تضطلع به السلطة التشريعية أو المحكمة الإتحادية؛ لحل هذا الاشكال، وإيجاد صيغة قسم خاصة بالنواب والوزراء ومسؤولي الدولة الملحدين؛ تكون ملزمة لهم من الناحية القانونية على قاعدة ((ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم)).