بأية شريعة سيحكم الإمام المهدي

Last Updated: 2024/04/07By

بأية شريعة سيحكم الإمام المهدي؟

د. علي المؤمن

الإشكال الأول موجه الى العلماني الشيعي، والإشكال الآخر موجه الى المتدين الشيعي الذي لا يقر بتأسيس دولة إسلامية في عصر الغيبة، بصرف النظر عن الأحاديث والروايات.

ربما يمكن للمسيحي أن يقول بأن المسيحية هي ديانة تربط الفرد بخالقه فقط، ولا علاقة لها بالسياسة والدولة، ولعله يستدل على ذلك بأن سيدنا عيسى (ع) لم يؤسس دولة، ولم يأمر أتباعه بتطبيق أحكام الشريعة المسيحية؛ لعدم وجود فقه اقتصادي وفقه مالي وفقه سياسي وفقه جهادي وفقه معاملات وعقود.

ولكن ماهي حجة المسلم الذي ينتمي الى الفكر العلماني حين يزعم أن الدين لا علاقة له بالسياسة وبالدولة، وليس فيه نظرية إقامة دولة؟! فما الذي كان يفعله نبي المسلمين إذن؟! ألم يكن على رأس الدولة الإسلامية والحكومة الإسلامية والسلطة الإسلامية؟! ثم ماذا كان يعمل إمام المسلمين علي بن أبي طالب (ع)؟ ألم يكن حاكماً ورئيساً للدولة؟!

أما المسلم الشيعي؛ فسيقع في مفارقة أكبر؛ فمن بديهيات المذهب الشيعي هو إيمان المنتمي إليه بوجود الإمام المهدي المنتظر؛ فماذا ستكون مهمة الإمام المهدي حين يظهر؟! هل سيجلس في المسجد ويصلي بالناس فقط ويعلمهم العبادات؛ أو سيؤسس دولة وحكومة وسلطة ؟! فإذا لم يكن في الإسلام دولة وسياسة وسلطة؛ فبأي شريعة سيحكم؟! هل سيطبق العلمانية بأحد ايديولوجياتها؟ هل سيحكم بعقيدة ماركس أو ميشيل عفلق أو جمال عبد الناصر أو روسو او مونتسكيو أو لنكولن؟! أم انه سيحكم بشريعة جده محمد بن عبد الله؟! فإذا لم يؤسس محمد دولة ولم يكن علي حاكماً؛ فبأي سنة وسيرة سيحكم الإمام المهدي؟! والأهم من ذلك؛ كيف سيؤسس الإمام المهدي الدولة الإسلامية وكيف سيديرها؟ هل سيقوم بذلك من خلال العبادات فقط والصلاة والصوم والمكوث في المسجد، وبالأخلاق الفاضلة والوعظ والإرشاد؟ أو بالعمل السياسي والعسكري والاقتصادي والثقافي والإعلامي؟ وإذا لم يكن في القرآن الكريم والسنة الشريفة كل هذه الأمور؛ فهل سيخترعها ويبتدعها الإمام المهدي، أو يعتمد على النظريات السياسية والاقتصادية الوضعية؟! فيطبق مثلاً الديمقراطية الليبرالية، ويتبنى الاقتصاد الرأسمالي واقتصاد السوق، أو ربما يطبق الاقتصاد الاشتراكي ويحصر وسائل الإنتاج بيد الدولة !!
أما إذا كان هذا المسلم الشيعي العلماني لا يؤمن بوجود الإمام المهدي وظهوره، ويعتبر ذلك خرافة، ومن اختراعات الإسلاميين؛ فهذا أمر آخر؛ إذ لا نستطيع حينها الاحتجاج بإيمانه بالبديهيات الشيعية، وهو بذلك حر، ولكن نرجو منه أن يريحنا بالإعلان عن ذلك صراحة؛ لكي نحاججه بمنهجيات أخرى يؤمن بها هو.

أعتقد أن من المهم تفكيك الإشكاليات وحصر الاختصاصات، ومن أولويات ذلك ابتعاد العلمانيين عن إصدار الفتاوى في قضايا الدين والشريعة؛ لأنه ليس اختصاصهم؛ بل اختصاص الفقهاء حصراً، وفي الوقت نفسه يجب أن يبتعد الفقهاء والإسلاميون عن اختصاص العلمانيين؛ أي اختصاص ممارسات الدولة العلمانية المتمثلة بأبشع ألوان الطائفية والعنصرية والفساد الإداري والمالي وسرقة ثروات البلد والعمالة للاستعمار والقتل والمقابر الجماعية والاغتصاب والتعذيب والتشريد وقمع الحريات والاضطهاد والتخلف والفشل.
وأكرر هنا ما ذكرته في مقالات سابقة؛ أن كلامي هذا لصيق بالبعد الفكري النظري ولا علاقة له بممارسات الإسلاميين الحالية أو بتجربة التطبيق القائمة في العراق مثلاً؛ لأنها تجربة مشوهة ومتخمة بالإشكاليات، وقد مارس فيها كثير من الإسلاميين كثيراً من اختصاصات العلمانيين.

الإشكال الآخر موجه الى المتدين الشيعي الذي لا يقر بتأسيس دولة إسلامية في عصر الغيبة، بصرف النظر عن الأحاديث والروايات؛ فهل سيستمر تعطيل أحكام الإسلام حتى ظهور الإمام المهدي؟!. ولنفترض أن الإمام سيظهر بعد عشرة آلاف سنة؛ فما هو مصير شريعة الإسلام في هذه الفترة؟ وهل أنزل الله التشريعات العامة الخاصة بأحكام السياسة والاقتصاد والجهاد لفترة النبي والإمام علي فقط؟ أي ما مجموعه عشرون عاماً فقط؟ ثم تعطلت الأحكام وترك للناس اختيار ما يحلو لهم من نماذج الحكم.. حتى يظهر الإمام المهدي؟ هل هذه هي مقاصد الإسلام وشريعته.. أن يحكم الدين الخاتم لسنوات فقط ثم تتعطل أغلب أحكامه العامة؟

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment