الى سياسي شيعي

Last Updated: 2024/04/07By

الى: سياسي شيعي

ترى بوضوح كامل، ببصرك وبصيرتك، أن شريكك الكردي يُلزمك بشروط مشروعه القومي، ويدخل معك في معارك طاحنة لتحقيق مطالبه، دون أن يختبئ خلف شعارات الوهم. كما يفرض عليك شريكك السني استحقاق مشروعه الطائفي بكل قوة، ولا يعترف بالشعارات التي يروّجها من أجل أن يستغفل جمهور الشيعة بها.

ولذلك؛ ينبغي ألّا تحمل وحدك هموم الوطن، وتنسى هموم مكونك، بينما يتفرغ شريكاك السني والكردي بحمل هموم مكونيهما، وألّا تضحى باستحقاقات مكونك الذي صعدت باسمه، وتتنازل عن جزء منها للمكونات الأخرى، بذريعة أنك (أب الوطن) و(أم الولد) و(الأخ الأكبر)، فهذا التنازل ليس من صلاحيتك، ولم يخوّلك مكونك بذلك؛ فمكونك وضعك في منصبك لأنك شيعي ولأنك تنتمي إليه، وليس لمجرد كونك عراقياً. وبالتالي؛ فإن من بديهيات واجباتك أن تعمل بجدية لرفع الظلم والحيف والنقص التراكمي عن مكونك، في جميع المجالات، التنموية والمعيشية والاقتصادية والخدمية والعمرانية والبنيوية التحتية، فضلاً عن السياسية والثقافية والتعليمية.

وينبغي أيضاً أن تفتخر بانتمائك المذهبي الإسلامي، وتعبّر عنه في المناسبات الاجتماعية والدينية الرسمية وغير الرسمية، وتؤصّله في مفاصل الدولة، وتصيغه في المناهج الدراسية، وفي مفاهيم الدولة ورمزياتها التاريخية والمعاصرة، وتكشف عنه في أسماء المدن والشوارع والأحياء والمؤسسات الرسمية، وفي التماثيل والنصب التذكارية، وصولاً الى النشيد الوطني والعلم، لأنك تمثل رسمياً ٦٥ بالمائة من سكان البلاد.

واعلم، أن تمسكك بحقوق مكونك الذي نصّبك، لتمثله وتخدمه؛ ينسجم تماماً مع وطنيتك وإخلاصك لبلدك وانتمائك إليه، ومع حبك لكل أبنائه وخدمتك لهم، بكل انتماءاتهم المذهبية والقومية والفكرية والدينية، لأن الفخر بالانتماء للمكون والعمل من أجله لا يمثل أي انحياز ظالم وسلبي للطائفة، بل هو انحياز إيجابي طبيعي، تنطلق منه لخدمة الوطن بأكمله.

ليس من صلاحيتك التنازل عن أي حق من حقوق المكون الأكبر، بذريعة أنك (أبو الوطن) و(أم الولد) و(الأخ الأكبر)، و(حامي العملية السياسية)، وغيرها من الشعارات الفضفاضة التي يعملون على استغفال جمهور الشيعة بها، لأن هذه الحقوق ملك أبناء الوسط والجنوب، وليس ملكك الشخصي ولا ملك حزبك وتيارك، لكي تهب أجزاء منها للمكونات الأخرى وأحزابها، من أجل إرضائها وكسبها سياسياً؛ فأنت مؤتمن على هذه الحقوق، بوصفك وكيلاً عن أبناء المكون، الذين أوصلوك الى منصبك بالانتخاب أو بالتعيين بناء على حصة المكون؛ ففي الحالتين، لا يخوِّلك توكيلهم لك بالتلاعب بحقوقهم التي ائتمنوك عليها، فضلاً عن التفريط بها؛ فذلك خيانة، وأكبر من كونها سرقة أو فشلاً سياسياً.

إن واجبك هو انتزاع حقوق المكون الذي أوصلك الى المنصب، واستحصالها والدفاع عنها والسهر على حمايتها، ووضعها في خدمة المكون وأبنائه ومدنه وقراه، لينعم بآثارها معيشياً وخدمياً واقتصادياً وسياسياً وقانونياً ودينياً وثقافياً. ولو نجحت في مهمتك ووظيفتك هذه؛ فسيدعمك أبناء مكونك بكل قوة، وسيقفون وراءك ولن يُخلوا ظهرك أبداً.

ومن البديهي؛ حين تصل الدولة الى حالة العدالة العملية في نظرتها الى مكونات البلد، وفق نسبهم السكانية، ويكون المكون الأكبر قد استحصل حقوقه المضيّعة، وتكون باقي المكونات قد اقتنعت بحقائق الجغرافية السكانية المذهبية للبلد، ويكون زعماء المكونات الأخرى قد تخلّوا عن خطابهم وسلوكهم ونزعتهم الطائفية والعنصرية، وعن الحديث الفج باسم حقوق مكوناتهم؛ حينها بإمكانك التخلّي عن أية نزعة مشابهة؛ إذ غير المسموح لك أن تعيش وهم الشعارات الفضفاضة، بينما يلتصق زعماء المكونات الأخرى بالواقع وبمطالب أبناء مكوناتهم.

إعلم؛ إن سنّة الاستبدال ستفعل فيك فعلها، لو قمت بخيانة التفريط بحقوق المكون الذي يمنّ عليك بوضعك في منصبك لتكون خادماً له، ولا تراهن على عدم إمكانية اختيار أبناء المكون الشيعي لبديل سني أو كردي أو بعثي أو شيوعي أو علماني، ينتزع منك منصبك، وأنك ستبقى خيار أبناء المكون الى النهاية. نعم؛ لن يكون بديلك من هؤلاء يقيناً، ولكن سيكون مؤمناً قوياً أميناً خدوماً مخلصاً، لصيقاً بالواقع وحقائقه، وينطلق من خدمة المكون الأكبر للوصول الى خدمة كل الوطن، بكل مكوناته وأبنائه.

إذا استمر خطابك الانهزامي وسلوك المصالح الفئوية والشخصية لديك؛ فسيشهد العراق بعد 30 عاماً، وفي ظل حكم الشيعة؛ ساحات وشوارع وتماثيل ومدن باسم صدام حسين، وتبجيل له في المناهج الدراسية، حاله الطغاة التاريخيين الطائفيين، الموغلين بدماء أئمة آل البيت وأتباعهم، كالمنصور والرشيد وصلاح الدين، والذين تأصّلوا كرمزيات وطنية للدولة، بحيث تحمل المدن والأحياء والشوارع والمؤسسات الرسمية أسمائهم، وذلك بذريعة درء الفتنة الطائفية، وإرضاء أهلنا السنة، وكأن هذه الشخصيات تمثل السنة.

فما الذي يختلف به صدام حسين عن المنصور والرشيد وصلاح الدين في حجم العفن الطائفي والسلوك الإجرامي؟. وإذا كانت هذه الشخصيات قد تحولت الى رمزيات في ظل الأنظمة الطائفية المتماهية السابقة؛ فإن المثير للاستغراب والأسى أن يتحول صدام حسين وعدنان خير الله وسلطان هاشم وأحمد حسن البكر وأمثالهم من مجرمي العهد الطائفي العنصري، الى رمزيات وطنية أيضاً، ربما بعد عقود قليلة، فيما لو استمر خطابك الانتهازي الضعيف، وسلوكك الانهزامي الدوني.

علي المؤمن

1/ 5 / 2022

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment