النهضة الشيعية العالمية المعاصرة والحاجة الى تقويم المسارات

Last Updated: 2024/04/07By

النهضة الشيعية العالمية المعاصرة والحاجة الى تقويم المسارات

د. علي المؤمن

النهضة الشيعية العالمية المعاصرة، أسسها الإمام الخميني في مطلع ستينات القرن الماضي، وقادها حتى وفاته في العام 1989، وحقق خلالها إنجازات تاريخية غير مسبوقة في كل التاريخ الشيعي بعد عصر الأئمة؛ فكان صاحب ((قيامة الشيعة)) المعاصرة، التي أتاح له تأسيس العصر الشيعي الجديد ونهضته العالمية، وهو العصر الشيعي التاريخي السادس، الذي سبقته عصور السيد إسماعيل الصفوي والشيخ أبي جعفر الطوسي والشيخ عثمان العمري في عصر الغيبة، وقبلها عصر الإمام الصادق، والعصر التأسيس للإمام علي، وهي العصور الميدانية النهضوية المستدامة الستة.

والى جانب الإمام الخميني، كان هناك قائدان تميزا في مساهمتهما في النهضة، هما: السيد محمد باقر الصدر وحراكه التنظيمي والمعرفي والميداني في العراق والمنطقة العربية، بدءاً من العام ١٩٥٧، وحتى استشهاده في العام 1980، والسيد موسى الصدر وحراكه الشيعي اللبناني، بدءاً من العام 1959 حتى اختطافه في العام 1978، وقد حقق كل منهما إنجازات غير مسبوقة في التاريخ الشيعي أيضاً، على مستوى النظرية والأدوات والأهداف، تجاوزت الدائرة الجغرافية السياسية التي عمل فيها.

وبرغم وحدة الهدف ووحدة الإطار النهضوي الذي جمع حراك القائدين الصدرين بنهضة الإمام الخميني، وتزامنها، إلّا أن كل واحد منهم كانت له مدرسة خاصة في أسلوب العمل وأدواته، وفق ما تفرضه رؤيته لساحته ولموقعه الديني، حتى يمكن القول؛ إن كل ما حققته النهضة الشيعية العالمية خلال العقود الخمسة الأخيرة، وكل ما يحصده الشيعة اليوم من صعود تاريخي هائل ونوعي، هو نتاج ما زرعه الإمام المؤسس الخميني، وإلى جانبه القائدين الصدرين.

وقد ترك المؤسس الخميني، وكذا السيد محمد باقر الصدر والسيد موسى الصدر، إرثا نوعياً وكمياً من المنظومات والكيانات والتنظيمات والمؤسسات، الفقهية والفكرية والقانونية والثقافية والسياسية والعسكرية، والتي تعد اليوم القوام الأهم للاجتماع الديني والسياسي والثقافي والمعرفي الشيعي، وهي تشكل بمجموعها دعائم النهضة الشيعية العالمية، ودروع حماية الاجتماع الشيعي، فضلاً عن دولة متقدمة ومشاركات حكومية فاعلة، ونفوذ بين شرق الأرض وغربها.

كما ترك الثلاثة إرثاً عظيماً من الأصحاب والتلاميذ والتابعين القادة، الذين ساهموا في النهضة أيضاّ، وتركوا ولايزالون بصماتهم فيها، ولعل أبرزهم: الشيخ مرتضى المطهري والشيخ حسين علي المنتظري والسيد محمد حسين البهشتي والسيد علي الخامنئي والشيخ اكبر هاشمي الرفسنجاني والسيد محمد مهدي الحكيم والسيد محمد حسين فضل الله والشيخ محمد مهدي شمس الدين وعبد الصاحب دخيل ومحمد هادي السبيتي والسيد محمد باقر الحكيم والسيد محمد الصدر والشيخ محمد مهدي الأصفي والسيد حسن نصر الله والسيد حسين الحوثي والسيد عبد الملك الحوثي والسيد عبد الله الغريفي والشيخ عيسى قاسم.

وهذا لا يعني عدم وجود شخصيات شخصية نهضوية معاصرة مهمة أخرى، خارج إطار المدارس الثلاث المذكورة، كانت لها بصماتها في النهضة الشيعية، وقد سبقت أولئك الثلاثة أو زامنتهم، كالسيد محسن الحكيم والسيد أبي القاسم الكاشاني والشيخ محمد رضا المظفر، كما لا يعني أيضاّ عدم وجود شخصيات من غير علماء الدين، كان ولايزال لها دور مهم في النهضة. كما أننا لا نقصد هنا الزعامات المرجعية التي كانت أو لا تزال تقف على رأس النظام الديني الشيعي، بل نقصد الشخصيات التي أسست لمشاريع تغييرية نهضوية شاملة، ونجحت، عبر جهاد ممتد، في تنفيذها وتحقيق كثير من أهدافها، وإلّا لا يمكن لأي باحث أن يعبر على الإنجازات الميدانية التي حققها مراجع معاصرون كبار، كالسيد السيد علي السيستاني.

وما يعنينا في هذه المقاربة؛ التأكيد على حاجة النهضة الشيعية العالمية اليوم الى مراجعة أدائها وتقويم مساراتها، والعودة الى مبادئ المؤسسين وثوابتهم وسلوكياتهم، والأهداف التي وضعوها لحراكاتهم، وخاصة المنظومات والكيانات والتنظيمات والمؤسسات التي تنتمي الى الإمام الخميني والسيد محمد باقر الصدر والسيد موسى الصدر؛ فالاستغراق في الانشغالات الحكومية والسياسية والدفاعية، أو التوقف عند الإنجازات والنجاحات، يتسبب في غفلة أو تغافل عن أغلب السلبيات والأخطاء التي تكبر تدريجياً، ثم تتدحرج ككرة الثلج، لتطيح بالكثير من الإنجازات.

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment