المنظومة البعثية والجريمة بالكلمة

Last Updated: 2024/04/07By

المنظومة البعثية والجريمة بالكلمة:

عبد الرزاق عبد الواحد نموذجا

د. علي المؤمن

المنظومة العقيدية البعثية؛ فيها سياسيون محترفون فاعلون؛ كصدام حسين وسعدون حمادي وطارق عزيز وسعدون شاكر. وفيها عسكريون مهنيون فاعلون؛ كأحمد حسن البكر وحماد شهاب وسلطان هاشم وعدنان خير الله. وفيها مثقفون مبدعون فاعلون؛ كميشيل عفلق ومنيف الرزاز وشفيق الكمالي وناصيف عواد وعبد الرزاق عبد الواحد.

وهؤلاء جميعا شبكة من الأدوات تكمل بعضها؛ أي أنهم شركاء متضامنون في كل أشكال الجريمة التي ارتكبتها المنظومة البعثية منذ عام 1968 وحتى الآن؛ سواء كانت الأداة قراراً سياسياً وقضائياً، أو أمراً عسكرياً وأمنياً، أو نظرية وفكرة وشعراً ونثرا.ً

وقد كانت جريمة عفلق والرزاز وعبد الرزاق عبد الواحد والكمالي وعفلق وعبد المجيد الرافعي وهادي العكايشي هي بأداة الكلمة؛ التي تنظِّر للجريمة وتمهد لها وتسوغها وتمتدحها، وتشجع المجرم على ارتكاب الجريمة.

وعليه؛ أطرح الأسئلة التالية؛ متمنيا أن أحصل على اجابات منهجية علمية؛ بعيدة عن الشخصنة والإتهامات والإنفعالات:

  • هل جريمة الكلمة وحرف أذهان الناس وتزييف وعي الأمة والتنظير للجريمة وتسويغها وامتداحها؛ تختلف عن جريمة القرار السياسي والجريمة المسلحة؟! وأقصد بذلك الفرق بين جرائم مثقفي البعث وجرائم سياسييه وعسكرييه.
  • لماذا يجوز الترحم على مجرمي البعث المثقفين والتعزية بوفاتهم، ولايجوز الترحم على سياسييه وعسكرييه وتأبينهم؛ كونهم جميعا قتلة؛ بالكلمة الثقافية والأدبية والإعلامية، أو القرار السياسي، أو البندقية؟!
  • إذا كان معيار الترحم والتعزية هو كون عبد الرزاق عبد الواحد قد امتدح الحسين وأهل البيت؛ فإن عفلق لديه مديح في الرسول الأعظم وأسمى إبنه محمدا، وصدام لديه مديح في أمير المؤمنين علي، وحمادي والجزراوي وبرزان لديهم مديح في الإمام الحسين؛ فهل الشعر يختلف عن النثر؟! وهل يجوز أن نعزي بعفلق وصدام والجزراوي؛ لمجرد أن لديهم نثرا في مديح أهل البيت؟ ومالفارق في هذه الحالة بين مبدعين سياسيين بعثيين امتدحوا الحسين، وبين مبدع شاعر بعثي كعبد الرزاق؟!
  • هل يكفي الإبداع المهني ليتحول صاحبه الى رمز إنساني ووطني؛ وإن إستخدم هذا الإبداع في إرتكاب أبشع الجرائم ضد الإنسانية والوطن والشعب؟!
  • هل يجوز التشبيه بين عبد الرزاق البعثي الفاعل في المنظومة البعثية، وبين دعبل والحميري وجرير والجواهري؛ لأنهم لم يكونوا ملتزمين دينيا؟ فنقيس على ذلك؛ بأن الائمة ترحموا على دعبل وغيره من الشعراء الذين امتدحوا أهل البيت، وان مراجع الدين امتدحوا الجواهري؛ رغم كون هؤلاء الشعراء غير ملتزمين دينيا؛ فينبغي إذن القياس على ذلك؛ وتقديم التعازي برحيل عبد الرزاق عبد الواحد؛ لأنه امتدح الامام الحسين. علما ان دعبل والحميري والفرزدق لم يمتدحوا أهل البيت وحسب؛ بل فضحوا الظالمين أيضا؛ وإن كانت لهم كبوات؛ ولكنهم لم يكونوا ضمن المنظمومة الاجرامية الأموية أو العباسية، كما لم يكن الجواهري ضمن المنظمومة الإجرامية البعثية. فهل هذا القياس شرعي وأخلاقي؟!

وفي هذا السياق؛ أطرح مقاربات في إطار الأسئلة المذكورة؛ للتوصل الى قواعد للفهم المشترك مع من لديه إجابات تتعارض مع فكرتي.

ابتداءً؛ أستغرب ممن يقارن بين مديح بعض الشعراء للسلاطين الظالمين؛ كمحمد مهدي الجواهري، وبين عبد الرزاق عبد الواحد في مدح البعث وصدام!. ويبدو أنهم لايعرفون الجواهري وظروفه، ولايعرفون عبد الرزاق وانتمائه. فعبد الرزاق عبد الواحد؛ كناصيف عواد وشفيق الكمالي وهادي العكايشي؛ هو بعثي فاعل وقاتل بالكلمة، وليس مجرد مداح لصدام. وظل حتى موته جزءا من المنظومة البعثية الأموية، ويدافع عنها باستماتة، ويعبر عن مواقفها بدقة.

إن رفض أن يكون لعبد الرزاق عبد الواحد رمزية إنسانية ووطنية؛ لا يعني أنني أقلل من شاعريته وإبداعه الأدبي ورمزيته اللغوية؛ فهو شاعر كبير ورمز لغوي، ولكن الإبداع لا يكفي ليتحول الشاعر الى رمزية إنسانية ورمزية وطنية؛ لأن الموهبة والإبداع المهني ليسا هما معيار الإنسانية والوطنية؛ بل المعيار هو المواقف الإنسانية والوطنية. ومشكلة عبد الرزاق ـ كما ذكرنا ـ هو أنه لم يمتدح صدام وحسب؛ بل كان جزءاً من منظومة الجريمة البعثية، وكان يمهد لجرائم صدام ويسوغ لها ويمتدحها. وبذلك فهو يختلف كلياً عن الشعراء والكتاب الذين امتدحوا صدام مضطرين ومجبرين أو مغفلين؛ بل أن أغلبيتهم لم يكونوا جزءاً من منظومة الجريمة؛ ولذلك عادوا فيما بعد الى حضن الشعب والوطن.

وبقي عبد الرزاق عبد الواحد، حتى آخر رمق، يتغنّى بجرائم صدام ويدافع عنها ويبررها، ثم دعم هذه الجرائم من خلال دفاعه عن تنظيم داعش الإرهابي الوهابي، ودعا الى إسقاط العراق ونظامه الجديد، والى عودته الى داعش والبعث. فهل هكذا شاعر يمكن أن تكون له رمزية إنسانية ووطنية وثقافية؟! فرموز الوطن هم الذين دافعوا عن الوطن وشعبه ومظلوميته وضحاياه، وقدموا للوطن فعلاً إنسانياً؛ لا أن يقولوا للمجرم: إبطش.. أقتل.. إذبح.. دمِّر.. خرب.. إسرق.. حارب..

وبالتالي؛ فإن إبداع عبد الرزاق الأدبي وشاعريته ونظمه قصيدة في الحسين؛ لا تسوغ التعزية بوفاته والترحم عليه وتأبينه؛ لأنه كان وبقي أحد أدوات صدام التي يقتل بها ويحرف بها وعي الشعب ويسوغ من خلالها جرائمه. وبذلك فعبد الرزاق عبد الواحد شريك لصيق بمشروع صدام والبعث، وأحد أجزائه وأوجهه؛ فإذا جاز تأبين عبد الرزاق؛ جاز تأبين صدام وميشيل عفلق.

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment