المصلحة الوطنية تستدعي بناء هوية واقعية للدولة العراقية

Last Updated: 2024/04/07By

المصلحة الوطنية تستدعي بناء هوية واقعية للدولة العراقية

د. علي المؤمن

بعض المثقفين الذين أحترمهم، يلحّون عليَّ باستمرار، لكي ابتعد عن خطاب الهوية الشيعية، وضرورة الالتفات الى مشاعر أهلنا السنة العرب وعدم التعرض لرموزهم التاريخية، أمثال المنصور وهارون الرشيد، والكف عن الدعوة لإحقاق المذهبية للأكثرية المذهبية في العراق في ثقافة الدولة وإعلامها والمناهج الدراسية، لأنهم يعتقدون أنني مفكر إسلامي (وفق توصيفهم)، وأن رسالتي أكبر وأعمق، وعليّ استيعاب الآخرين وعدم وضع حواجز مع نخبة المكون السني، فالرسالة الإصلاحية مساحتها أكبر.

من جهتي أعتقد أن خطابي في هذا المجال يصب تماماً في مصلحة العراق وشعبه، ومصلحة الشيعة والسنة، والعرب والكرد والفيليين والتركمان معاً، لأن الصمت تجاه شيوع الثقافة المعادية للتشيع في العراق، والثقافة التي تستفز الشيعي وتمرغ مشاعره في الوحل وتعتدي على عواطفه، والصمت على حضور أسماء قاتلي أئمة الشيعة وأبنائهم وأنصارهم، في كل مفاصل البلاد؛ حرصاً على مشاعر أهلنا السنة، بات أمراً لا يحتمل، وهو يساوي الخيانة.

ورسالة الفكر والإصلاح لا تتعارض إطلاقاً مع الجهر بالدفاع عن استحقاق الأغلبية الساحقة من سكان العراق، بل هي أساس رسالة الفكر والإصلاح، وكوني مفكراً إسلامياً – كما ترون – يفرض عليّ ألّا أُجامل ولا أنسحق ولا أنهزم، كبعض السياسيين الشيعة، أمام الموروث العنصري الطائفي للدولة العراقية أو أمام إغراءات المناصب.

وإذا كانت ضريبة احتفاظي بوصف المفكر أو أن أكون في منصب رفيع، هي أن أجامل وأدوس على عقيدتي وقلبي، كما طُلب مني أكثر من مرة؛ فليذهب هذا الوصف الى الجحيم، ولتذهب كل مناصب العالم الى سقر. وأُفضِّل أن أكون عاملاً في منجم فحم، على أن أوصف بمفكر منسحق ومجامل أو وزير مهزوم ودوني.

ثم أن الـ 16 بالمئة من الشعب العراقي هم الذين يجب أن يلتفتوا الى مشاعر الـ 65 بالمئة من الشعب، وليس العكس، ومن البديهي ألّا تصمت الأغلبية أمام الطعن بمشاعرها وعواطفها، وبالتالي؛ ينبغي أن تبادر نخبة أهلنا السنة العرب لمداراة مشاعر وعواطف الأغلبية الشيعية، ويرفعوا أسماء وتماثيل وسيرة قاتلي أئمة المسلمين وأجداد الشيعة من الشوارع والمناهج الدراسية وأدبيات الدولة ورمزياتها.

والأهم من ذلك؛ هو أن المنصور وهارون والمتوكل والأيوبي ليست رموزاً سنية؛ إنما هم سلاطين وطواغيت، حالهم حال صدام تماماً. أما رموز أهل السنة في العراق، والذين نحترمهم، ونقدِّر أن تكون هناك شوارع وساحات باسمهم، ويكون لسيرهم حضور في المناهج الدراسية؛ فهم الفقهاء والمحدثين وأئمة المذاهب وشيوخ الإفتاء، أمثال الإمام أبي حنيفة والإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد والشيخ أبي يوسف القاضي والشيخ الگيلاني والشيخ معروف الكرخي وغيرهم.

ولطالما استغرقتُ في التفكير بيني وبين نفسي، وأنا أعيش الحيرة والتعجب من انقلاب الأمور لدى بعض السياسيين والمثقفين الشيعة، وهم يزايدون السنة حرصهم على إبقاء ثقافة الدولة العراقية بصيغتها الطائفية الموروثة، من أجل مناصبهم أو مداراة لمشاعر الأقلية، وعدم الالتفات الى مشاعر الأغلبية. وهو حرص بعيد تماماً عن الواقعية والموضوعية والمصلحة الوطنية.

إنّ المصلحة الوطنية والوحدة الوطنية والتعايش المجتمعي، وثبات ركائز الدولة من خلال استقرار هويتها الوطنية المذهبية؛ تفرض علينا أن نجهز بهذه الاستحقاقات، وندافع عن حضور ثقافة الأكثرية السكانية ورموزها ومشاعرها، في كل المفاصل الثقافية والتعليمية للدولة العراقية.

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment