الفرق بين (الشيعي) و(التشيُّعي)

Last Updated: 2024/04/05By

الفرق بين (الشيعي) و(التشيُّعي)

د. علي المؤمن

التجديد في المصطلحات والتحول في المفاهيم من المتطلبات الطبيعية التي تفرضها تحولات الزمان والمكان، وهذه القاعدة لا تقتصر على دين أو عرق أو مذهب أو مجتمع، بل هي حالة إنسانية عامة. وكلما كانت الاستجابة لتحولات الزمان والمكان أسرع وأكثر التصاقاً بالواقع؛ فهي تعني المرونة والقدرة على الاستجابة، على لا يخرج المصطلح الجديد أو المفهوم المتحول عن ثوابت المعتقد والفكر، أي أن تكون المرونة هو الوسيط الرصين بين المعتقد الثابت والواقع المتحرك.

وتطبيق هذه القاعدة على دلالات الانتساب للتشيع، هو تطبيق تفرضه القاعدة المذكورة؛ فهناك منتسب للتشيع بالوراثة أو بالانتماء الاجتماعي، لكنه غير ملتزم بمتطلبات الانتساب من الناحية الفكرية والعبادية والسلوكية، وهناك المنتسب شبه الكامل للتشيع، وهو الشيعي الملتزم الذي حدد أئمة آل البيت أوصافه وخصاله العقدية والروحية والعبادية والسلوكية والأخلاقية، لأننا لو طبقنا هذه الأوصاف والخصال على الشيعة في كل زمان، لتم اختزال الى عدد قليل جديد، كما هو الحال مع المسلمين عموماً، ومع أتباع الأديان الأُخرى.

وكان لزاماً وضع مصطلحات تميز بين الشيعي بالمعنى العام، أي المنتمي اجتماعيا الى الشيعة وقد ولد من أسرة شيعية، والشيعي بالمعنى الخاص، أي الشيعي المنتمي اجتماعياً الى الشيعة والملتزم عقدياً وفكرياً وسلوكياً. وقد وضع بعض العلماء والباحثين مصطلحات كثيرة للتمييز بين الشيعة، كالموالي والمتدين والمؤمن والملتزم، ولكنها لا تفي بالغرض. ولعل وضع مصطلح (الشيعي) نسبة الى الشيعة كمجتمع، ومصطلح (التشيُّعي) نسبة الى التشيع كمذهب؛ يفي بغرض التفريق الاصطلاحي؛ إذ أن الشيعة هم المجتمع الإنساني الذي ينتمي الى التشيع، وهم الطائفة الشيعية، أما التشيع فهي العقيدة والفقه والفكر، وبالتالي؛ فالشيعة شيء والتشيع شيء آخر.

(الشيعي) هو كل من ولد في أسرة شيعية أو اختار التشيع مدرسة عقدية ومذهباً، سواء كان ملتزماً نظرياً بالعقائد الإسلامية المذهبية الشيعية والأحكام العبادية والسلوك الديني، أو لم يكن ملتزماً بأحدهما أو كليهما. أي أن الشيعي هو الذي ينتمي الى الشيعة بالوراثة أو بالاختيار، وهو الجانب الديني الاجتماعي في الانتماء، أو ما يعرف بالانتماء للطائفة أو مجتمع المذهب. وربما كان هذا الشيعي منفلتاً عبادياً وسلوكياً أو كان علمانياً أو شيوعياً أو ملحداً.

أما (التشيُّعي)؛ فهو الشيعي الملتزم عقدياً وعبادياً وسلوكياً، وليس اجتماعياً وحسب، أي ان التشيعي لا يمكن ان يكون منفلتا عقدياً وعبادياً وسلوكياً، ولايمكن ان يكون علمانياً وشيوعياً مثلاً. وبالتالي؛ فالشيعي هو الفرد المنسوب الى الشيعة كمجتمع إنساني، والتشيعي هو الشيعي المنسوب الى التشيع كمنظومة عقدية فقهية أخلاقية، وليس الى الشيعة كمجتمع إنساني وحسب؛ فكل تشيعي هو شيعي وليس كل شيعي هو تشيعي.

وهذا التفريق الاصطلاحي، يشبه التفريق الاصطلاحي بين المسلم والإسلامي؛ فالمسلم هو كل من ولد من أُسرة مسلمة أو أصبح مسلماً بالاختيار، وهو انتماء شرعي اجتماعي قانوني، ولا يُنظر اليه من زاوية الالتزام العقدي والعبادي والسلوكي. اما (الإسلامي)؛ فهو الملتزم عقدياً وعبادياً وسلوكياً وفكرياً، أي أن المسلم هو الفرد المنسوب الى المسلمين كمجتمع إنساني، والإسلامي هو المسلم المنسوب الى الإسلام كمنظومة عقدية فقهية أخلاقية.

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment