العنف القادم والعودة الى عراق ٢٠٠٣

Last Updated: 2024/04/05By

أهداف العنف القادم في العراق والعودة الى مشروع العام 2003

د. علي المؤمن

نوعية موجات العنف التي اخترقت التظاهرات السلمية المطلبية في تشرين الأول 2019، والتي عرفت باحتجاجات تشرين، ونوعية التحريض السياسي والإعلامي من الحكومات الأمريكية والسعودية والإسرائيلية ووسائل إعلامها وتواصلها الاجتماعي، وكذا البعثية و الطائفية العراقية والعربية، ونوعية الخطاب الإنقلابي القتالي الذي ظل يركز عليه إعلاميون وناشطون عراقيون مقيمون في الخارج، والعمليات العسكرية لقوات الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في العراق، وأهمها قصف مواقع القوات المسلحة العراقية الرسمية (الحشد الشعبي)، واغتيال قادتها ومنتسبيها وضيوفها، وأبرزهم القائدين العسكريين أبو مهدي المهندس و قاسم سليماني؛ تؤكد جميعها أن مايجري في العراق أكبر بكثير من موضوعات مدخلية جانبية، كإسقاط الحكومة والإنتخابات المبكرة وتشكيل حكومة جديدة وإصلاح قوانين الانتخابات والمفوضية والأحزاب وغيرها، وأكبر من التظاهرات السلمية المطلبية وملفات الفساد والفشل، بل هي كما قال المرجعية النجفية في خطبة الجمعة 29 / 11 / 2019 ((إنّ الأعداء وأدواتهم يخططون لتحقيق أهدافهم الخبيثة من نشر الفوضى والخراب والانجرار الى الاقتتال الداخلي ومن ثَمّ إعادة البلد الى عصر الدكتاتورية المقيتة)).

فالهدف ـ إذاً ـ هو إعادة العراق الى عصر الدكتاتورية الطائفية والمشروع الأصلي للاحتلال الأمريكي.

عليه؛ فإن الأهداف الحقيقية للقوى المحلية والإقليمية والدولية، وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية وحزب البعث، من وراء الدفع باتجاه الفوضى والاقتتال الداخلي، وإحباط الاحتجاجات السلمية، تتمثل في أربعة أهداف أساسية تكمل بعضها:

    1- إقصاء القوى المحلية والإقليمية الشيعية النافذة في الواقع العراقي:

وتتمثل هذه القوى في المحاور الثلاثة التالية:

  • القوى والشخصيات الشيعية، وتحديداً الحشد الشعبي وفصائله، حزب الدعوة الإسلامية ونوري المالكي، المجلس الأعلى الإسلامي، منظمة بدر وهادي العامري، كتائب حزب الله، السيد عمار الحكيم، عصائب أهل الحق والشيخ قيس الخزعلي. أما السيد مقتدى الصدر فمطلوب إقصاؤه أيضاً، ولكن بعد الاستفراد به في مرحلة لاحقة بالتزامن مع تنفيذ الهدف الثالث من المخطط، لأسباب كثيرة.
  • القوى الإقليمية الشيعية النافذة في الواقع العراقي، وتحديداً إيران وحزب الله اللبناني.
  • مرجعية الإمام السيستاني ومحور الوعي في النجف. هذا المحور يتم التخطيط للاستفراد به، ثم إقصائه في مرحلة لاحقة بعد إقصاء المحورين الأول والثاني.

وعبر هذا الهدف يتم سحق جميع عناصر القوة القائمة أو المحتملة في الواقع السياسي الشيعي، وإعادته الى عشرينات القرن الماضي.

    2- صناعة رمزيات وأحزاب دينية وسياسية جديدة في الواقع الشيعي:

يتحقق هذا الهدف عبر النفخ الإعلامي والمالي في شخصيات شيعية هامشية من طبقة رجال الدين والأكاديميين والإعلاميين والسياسيين العلمانيين، وصولاً الى تأسيس أحزاب وكتل جديدة من خلالهم، أو دعم الضعيفة الموجودة؛ لتكون رمزيات دينية وسياسية وقوى مصطنعة جديدة، بديلة للرمزيات والشخصيات الشيعية الدينية والسياسية التي يراد إقصاؤها.

ويمكن بسهولة ملاحظة الأسماء التي ظل الإعلام الطائفي العراقي والعربي يركز عليها منذ بدء الإحتجاجات، وسرعة استبدالها بأسماء أخرى بعد فشلها.

    3- المحافظة على نفوذ القوى المحلية والإقليمية والدولية في الواقع العراق:

وتتمثل هذه القوى في المحاور الثلاثة التالية:

  • القوى العراقية المشاركة في الحكم منذ العام 2003، وتحديداً الحزب الديمقراطي الكردستاني والأسرة البارزانية، الإتحاد الوطني الكردستاني، حركة التغيير، الحزب الإسلامي، كتلة محمد الحلبوسي، كتلة اسامة النجيفي، كتلة الكربولي وكتلة اياد علاوي.
  • القوى الإقليمية والدولية المتمثلة في السعودية، تركيا، قطر، الأردن، الإمارات، بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
  • القوى العراقية المعارضة للحكم منذ العام ٢٠٠٣، وهي حزب البعث، الجماعات المسلحة السنية ورجال الدين الشيعة المناوئين لمرجعيتي النجف وإيران.

4- العودة الى المشروع الأمريكي الأصلي في العراق:

وهو الهدف النهائي، ويتمثل في تنفيذ المشروع التي جاء به الإحتلال الأمريكي في العام ٢٠٠٣، والمتمثل بتأسيس دولة عراقية، تستند الى خمس قواعد:

  • دولة عراقية كونفدرالية، تتكون من مجموعة أقاليم قومية وطائفية ومناطقية شبه مستقلة متناحرة متنافسة، من أجل سهولة السيطرة عليها.
  • دستور عراقي علماني، ونظام سياسي برلماني توافقي مفكك.
  • حكومة علمانية محصصاتية ضعيفة، تتألف من الأحزاب الكردية والسنية الحالية، وأحزاب شيعية علمانية جديدة مرتبطة بواشنطن. مع إضافة حزب البعث والجماعات الطائفية التكفيرية إليها.
  • دولة عراقية مرتهنة الى القرار الأمريكي، وتكون الضلع الثالث للمثلث العراقي ـ السعودي ـ الإسرائيلي المأمول.
  • دولة عراقية تكون إحدى ركائز المشروع الأمريكي الشرق أوسطي، وتناط بها الأدوار التنفيذية الخمسة التالية:

أولاً: تكون أداةً لخلق اجتماع سياسي وثقافي متحلل استهلاكي معاد للدين، يكون المنبع الذي تمتد مظاهره الى بلدان المنطقة الأخرى.

ثانياً: أداةً لتنفيذ استراتيجية الحيلولة دون عودة الروح والقوة الى الحاضنة الإجتماعية الإسلامية الشيعية في العراق.

ثالثاً: منطلقاً للغزو الأمريكي لإيران، إعلامياً وعسكرياً، وخنقها اقتصادياً وثقافياً.

رابعاً: منطلقاً لنشر المزيد من الفوضى في غرب آسيا، ولا سيما في تركيا وسوريا، والاستمرار في تهديد أنظمتها.

خامساً: تنفيذ صفقة القرن الأمريكية ـ الإسرائيلية ـ السعودية ـ الأردنية، والقاضية بإنهاء القضية الفلسطينية بالكامل، وإسكان جزء مهم من الفلسطينيين في العراق، وتحديداً في المحافظات الغربية.

    وبالتالي؛ فإن ما يجري منذ أكثر من عام هو مخطط إنقلابي عميق شامل تقوده حكومة ترامب، وتنفذه بمساعدة الحكومات السعودية والإسرائيلية والإماراتية والأردنية. أما كيف سيكون رد الفعل العراقي، فهو سؤال نترك الإجابة عليه للدولة العراقية وحكومتها والقوى الفاعلة فيها.

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment