العلمانيون والموقف من انتفاضة صفر

Last Updated: 2024/04/05By

موقف العلمانيين من انتفاضة النجف في صفر 1977

د. علي المؤمن

يُعد الحزب الشيوعي العراقي في الحال الحاضر العمود الفقري للتيار المدني (العلماني) العراقي، وهو التيار المتشدد المعادي للواقع الإسلامي العراقي ماضياً وحاضراً. وبالرغم من أن هذا التيار ظل معزولاً اجتماعياً؛ إلّا أن صوته لايزال عالياً، ويمتلك أدوات تعبير تفوق حجماً وكفاءةً أدوات التيارات الإسلامية.

ويتألف هذا التحالف (المدني العلماني) من الشيوعيين وبعض البعثيين والقوميين والليبراليين. وهو ليس تحالفاً جديداً في شكله وموضوعه؛ فتحالف العلمانيين العراقيين ضد الواقع الإجتماعي الإسلامي يعود الى العهد الملكي؛ ثم تجدّد في العام 1973 مع تأسيس (الجبهة الوطنية التقدمية) بقيادة حزب البعث وعضوية الحزب الشيوعي وباقي الأحزاب العلمانية والمدنية الأخرى.

وكان من مظاهر هذا التحالف اتهام الشيوعيين للمرجعية الدينية الشيعية بأنها رمز للطائفية الرجعية المتخلفة، وهو نفس وصفهم لكل التحركات المجتمعية الدينية؛ بمن فيها مايسمونه اليوم بجماعات “الإسلام السياسي”؛ لأن الشيوعيين ككل العلمانيين؛ غرباء فكرياً وسلوكياً عن الواقع العراقي الديني الراسخ.

ولايزال العلمانيون، بمن فيهم الشيوعيون؛ يتسترون بشعارات المدنية في حراكهم المعارض للاجتماع الديني العراقي؛ لأنهم يخشون ردة فعل العراقيين حين يجهرون بإسمهم؛ ولاسيما حين يتذكر العراقيون مواقف الشيوعيين من الواقع الإجتماعي الديني العراقي. كما يتستر العلمانيون في مناهضتهم للواقع الديني خلف لافتات المعارضة للعملية السياسية وفشل التيارت الإسلامية المشاركة في الحكم وفسادها. ولكن الحقيقة أنهم يعارضون أي دور للدين في الحياة العامة وفي التشريع وفي حركة الدولة العراقية، وليس هدفهم معارضة الجماعات الإسلامية السياسية. والدليل تحالفاتهم المعلنة والسرية مع بعض الإسلاميين والتيارات الإسلامية المشارِكة في السلطة.

ولعل أحد المواقف التاريخية للشيوعيين والعلمانيين، والتي لايزال العراقييون يستذكرونها؛ هو موقفهم من انتفاضة صفر في العام 1977. فحين كان أتباع الحسين الشهيد (ع) يواجهون رصاص البعث ودباباته وطائراته؛ خلال انتفاضة النجف الكبرى في صفر (ذكرى أربعينية الإمام الحسين) في العام 1977، والتي انطلقت مشياً على الأقدام من النجف الأشرف.. عاصمة الثورة الدائمة ضد الحكومات العلمانية الطائفية العنصرية؛ باتجاه كربلاء الحسين؛ كان الشيوعيون يساهمون مع عناصر الأمن والمخابرات في التجسس والوشاية والقبض على المشاة المنتفضين.

وقد أصدر الحزب الشيوعي حينها تعليمات وبيانات تحريضية شديدة اللهجة ضد مشاة أربعينية الإمام الحسين؛ بل أشد من تعليمات بيانات حزب البعث وإعلامه. وما يلي نموذج لبيانات الحزب الشيوعي بمناسبة الإنتفاضة الأربعينية:

((الى جميع اللجان الحزبية..

الرفاق الأعزاء..

يشهد الوضع الداخلي تفاقماً في النشاطات التآمرية الموحى بها من قِبل الأوساط الإمبريالية والرجعية والاحتكار البترولية.. نشاطات معادية للسلطة الوطنية ولمسيرة قطرنا الثورية، ويتجسد هذا التفاقم في الوقت الحاضر باستغلال المشاعر الدينية والطائفية، ومحاولة أثارة الجماهير للقيام بأعمال أستفزازية تحت هذه الواجهات بمناسبة أربعينية الامام الحسين.

ويبدو من الوقائع التي جرت خلال الايام السابقة، أن هذا النشاط (الديني الطائفي) المعادي للسلطة الوطنية ماهو إلا ستار لمؤامرة رجعية امبريالية تستهدف المسيرة الثورية لبلادنا، ومكتسبات شعبنا، وكل انجازات ثورة 17 ـ 30 تموز التقدمية.

إن حزبنا الشيوعي العراقي يقف بحزم الى جانب السلطة الوطنية وحزب البعث العربي الإشتراكي الحليف. ويَعتبر هذه النشاطات التآمرية المعادية؛ تحت أية صورة ظهرت، وبأي شعار تسترت؛ موجهة الى جموع شعبنا المناضل وجماهيره الكادحة ومكتسباته التقدمية.

إن المكتب السياسي يدعو منظمات حزبنا والرفاق كافة الى رفع اليقظة ومراقبة النشاطات التآمرية، والإتصال بمنظمات حزب البعث العربي الاشتراكي الحليف، وتنشيط لجان الجبهة الوطنية والقومية التقدمية لغرض التنسيق للقيام بأعمال مشتركة ضد التآمر واعمال التخريب والاستفزاز وفضحها على نطاق جماهيري وبهدف تبصير الجماهير بحقيقة هذه التحركات وأهدافها وارتباطاتها بالامبريالية والرجعية والأضرار الجسيمة الناتجة عنها.

الحزب الشيوعي العراقي

في 8 / 2/ 1977)).

للمزيد حول موقف الحزب الشيوعي العراقي وغيره من الأحزاب العلمانية العضوة في الجبهة الوطنية التقدمية؛ أنظر: كتاب “سنوات الجمر” للدكتور علي المؤمن.

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment