الضجة الشيعية حول إنتاج السعودية مسلسل معاوية

Last Updated: 2024/04/04By

الضجة الشيعية حول إنتاج السعودية مسلسل معاوية

د. علي المؤمن

سبق أن كتبت ــ قبل سنة تقريباً ــ عن موضوع إنتاج السعودية مسلسلاً عن مؤسس الدين الأموي معاوية بن أبي سفيان، بكلفة (100) مليون دولار، وقد تلمّست مؤخراً حدوث ضجة إعلامية شيعية عراقية حول الموضوع.

وأسجل هنا ملاحظاتي حول الضجة وليس عن المسلسل:

1- هذه الضجة الشيعية العراقية طبيعية ومتوقعة ومعتادة، لكنها دعائية وخجولة وبتراء وغير موضوعية، ولاتنسجم مع الحدث، وهي جزء من ردود الأفعال السلبية المعتادة التي تفتقد روح مبادرة الرد العملي، وتعتمد أسلوب البكائيات وخطاب المظلومية، وتظهر بمظهر المنهزم المستضعف المنكمش المهزوز أمام القوي المقتدر التاريخي.

2- من الطبيعي أن تنتج السعودية الوهابية مسلسلاً عن مؤسسها الأول معاوية؛ فمالجديد في ذلك؟ ولماذا نعترض على دولة تمارس حقها الطبيعي في التعبير عن انتمائها؟ فهذه مدن السعودية مليئة بالشوارع والمدارس والمؤسسات التي تحمل أسماء يزيد ومعاوية وأبو سفيان وأبو لهب والمغيرة والعاص والحجاج وعبد الرحمن بن ملجم، وكذا المناهج الدراسية التي تدافع بشراسة عن معاوية ويزيد وأمثالهما، وهذه الفتاوى التي تكفر الشيعة لاتزال حاضرة في كل مفاصل الدولة السعودية، وهذه كتب ابن تيمية الناصبي الذي يعيب على الإمام علي سياساته ويبرر لخصومه، وينتقد الإمام الحسين خروجه على إمام زمانه يزيد ويبرر قتله، وهذه المدارس الدينية الوهابية لاتزال تنتج الأفكار التكفيرية الإرهابية التي تُفرِّخ عصابات القاعدة وداعش والنصرة؛ فما الجديد الذي فعلته السعودية في إنتاج مسلسل معاوية؟ ولماذا هذه البكائيات الجديدة؟

3- كثير من المعترضين الشيعة ضد مسلسل معاوية، يعتقدون أن إنتاج المسلسل عمل فردي لاعلاقة للنظام السعودي به، وأن السعودية هي جزء من عمقهم العربي، وأن حكام آل سعود أشقاؤهم، والملف أن بعض هؤلاء المعترضين ينتمون الى تيارات سياسية لها علاقات جيدة مع النظام السعودي الوهابي، ويتكلمون باستمرار عن التغيير والانفتاح السعودي وابتعادها عن الوهابية. ولكن أمثال هؤلاء سيبقون مغفلين ومستغفلين وساذجين الى يوم القيامة، ولايفرقون بين الناقة والجمل، ويصدقون الزيف السعودي الوهابي. وشخصياً أعلم يقيناً أن محاولات من أطراف شيعية شجاعة، وسنية عاقلة، سعودية وكويتية وعمانية، جرت مع محمد بن سلمان ليبادر بمنع إنتاج المسلسل، لكنه رفض رفضاً قاطعاً.

4- إن من أسوء أنواع الوعي المستفِز هو تمسك أغلب المعترضين بالحواشي والقشور وترك أصل المشكلة، وهو ما يحدث ــ عادة ــ حيال ما ينتجه الإعلام السعودي؛ فأغلب الشيعة الذين يردون على المسلسل، باتوا منهمكين بشدة في الحديث عن رذائل معاوية وقبائحه، وعن فشل مخرج المسلسل وحقيقة فساد كاتب القصة، وكونه مأبوناً أو مغتصَباً، وخلفيات الممثلين، في حين غفل أغلب المعترضين عن دور السعودية وأهدافها وخلفياتها في أنتاج المسلسل، وأسباب إصرار محمد بن سلمان على عرضه، رغم الوساطات السنية والشيعية من العراق والكويت والإمارات والسعودية نفسها، ليوقف عرض المسلسل، حتى يخيّل لي أن السعودية هي التي تفتعل هذه الأحاديث لإشغال الناس عن دورها الأول والأخير في المسلسل.

وبالتالي؛ يفرض الوعي والفطنة عدم التمسك بالقشور، وعدم تركيز الجهود على رذائل معاوية؛ فلا أحد يخفى عليه من هو وماذا فعل وماهي سيرته، وكذلك ترك الحديث عن المخرج وكاتب القصة؛ فهما مرتزقان مأجوران يعملان لمن يدفع أكثر، وترك الممثلين وشأنهم؛ فكثير منهم يتذرع بأنه مجرد ممثل يأخذ أجره، والتنبّه الى الذي يقف وراء هؤلاء جميعاً، وهو صاحب المسلسل ومموله ومنتجه، أي السعودية التي أنتجت المسلسل وتصر حكومتها وولي عهدها على عرضه.

5- كما أقول دائماً للشيعة المتباكين على ما تفعله السعودية ومصر والأردن والإمارات وتركيا من تزوير للتاريخ ودعم للإعلام طائفية وإنتاج مسلسلات طائفية وتأسيس قنوات فضائية معادية للشيعة، أمثال روتانا وام بي سي، أقول الآن: بدل التباكي والتظلم؛ لتكن ردود أفعالكم عملية وميدانية، وهو الشيء الطبيعي الذي يقوم به كل البشر العقلاء الأقوياء الفاعلين؛ فإنتاج السعودية لمسلسلات طائفية تزويرية عن معاوية ومروان والحجاج بعشرات ملايين الدولارات، ينبغي أن يقابله شيعة العراق، بتأسيس مؤسسات إنتاج فني كبيرة وقنوات فضائية عملاقة، بدعم مالي من المرجعية الدينية والحوزة العلمية والمؤسسات الدينية والأحزاب السياسية ورجال الأعمال والتجار، وكذا دعم إخوانهم التجار الشيعة في البلدان الخليجية واوروبا، وتعاون القنوات الفضائية الشيعية، بهدف إنتاج مسلسلات وأفلام ضخمة بالمستويات الفنية نفسها عن معاوية أيضا وعن يزيد ومروان والحجاج، وعن أئمة آل البيت وعن السيدة الزهراء والسيد خديجة والسيد زينب، وعن زيد الشهيد وعن يحيى الشهيد، وعن وقائع الحرة وفخ، وعن عثمان السمري والمفيد والطوسي، وكذا أفلام ومسلسلات عن المقاومة الشيعية العراقية ضد العثمانيين، ثم ضد الانجليز وثورة النجف وثورة العشرين، وصولاً نظام البعث وجرائمه، والسيد محسن الحكيم وعبد الصاحب دخيل والشيخ عارف البصري والسيد محمد باقر الصدر والسيد محمد باقر الحكيم والسيد محمد الصدر، وهي حقبة تستحق لوحدها مائة فيلم ومسلسل.

ولكي لايتذرع بعضهم بالاجوبة المعلبة الجاهزة حول التمويل؛ أقول بكل صراحة: الأموال متوافرة، ويمكن جمعها، والمؤسسات الدينية والسياسية والمالية الشيعية متخمة بالأموال، وهي ليست بخيلة في الصرف، لكنها لا تعد تمويل الأعمال الفنية والإعلامية جزءاً من اهتماماتها وأولوياتها.

وخلاصة خطابي الى المعترضين الشيعة العراقيين على إنتاج السعودية لمسلسل معاوية بميزانية تجاوزت (100) مليون دولار: ركزوا في مداخلاتكم على السعودية المنتجة والممولة، وعلى أهدافها الايديولوجية في هذا المجال، ثم اضغطوا بشدة على مؤسساتكم الدينية والسياسية والمالية والإعلامية، وعلى رجال الأعمال والتجار الشيعة، لكي يتحملوا مسؤولياتهم أمام الهجمة الإعلامية والفنية الطائفية والوهابية الشرسة، لدعم البديل الإعلامي والفني مالياً.

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment