الصعود الشيعي والخلل النوعي في عمل المنظومة الطائفية

Last Updated: 2024/04/04By

الصعود الشيعي والخلل النوعي في عمل المنظومة الطائفية

د. علي المؤمن

يمثل صعود الشيعة سياسياً ونهوضهم الثقافي؛ إشكالية تاريخية وايديولوجية مستدامة لدى المنظومة الطائفية؛ فهي ترى أنّ التوازن في المسارات المذهبية، من خلال حصول الشيعة على استحقاقاتهم السياسية والمعيشية، وتماسكهم المجتمعي عالمياً، وتنفسهم حرياتهم المذهبية أسوة بأتباع المذاهب الأخرى، هو توازن مرفوض وممنوع، ويشكل خطراً على المنظومة الطائفية وأهداف الإقصاء والتهميش والقمع التي تعمل على تحقيقها بكل السبل. وترى هذه المنظومة بأن هذا التوازن يمثل صعوداً تلقائياً للشيعة. ومن مظاهر هذا الصعود المعاصر الذي أغضب المنظومة الطائفية، وجعلها تستنفر كل ماكناتها السياسية والإعلامية والمالية:

  • تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران في العام 1979، وهي دولة يقودها مرجع شيعي، وتنظم سلطاتها وفق الفقه السياسي الإسلامي الشيعي، وشكّلت المركز الشيعي الايديولوجي الأساس على مستوى العالم، حيث تعمل على الدفاع عن المذهب الشيعي وحماية أتباعه أينما وجدوا، ولا تمنع قيام مؤسساتها الدينية من التبليغ لمذهب آل البيت ونشره في بلدان العالم. أي أنّ لوجود هذا المركز أبعاد متكاملة متخادمة: دينية مذهبية وسياسية واقتصادية واجتماعية ودفاعية.
  • توجهات الدولة السورية بعد العام 1979، وهي التوجهات المتوازنة والمعتدلة سياسياً ومذهبياً؛ حيث تعطي الحرية لأتباع المذهب الشيعي بالتعبير والظهور على المستويات كافة، إضافة الى تحالفاتها مع إيران الشيعية والجماعات الشيعية في لبنان وإيران واليمن، والتي يعود أهم أسبابها الى حضور النظام السوري في محور المقاومة، ووجود العلويين الشيعة في مركز قرار الدولة، وانتماء رئيسه الى الطائفة الشيعية.
  • التغییر فی لبنان بعد العام 1982؛ إذ تحول وضع الشيعة من الحضور الهامشي العرضي في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الى حضور قوي يتناسب ونسبة الشيعة السكانية.
  • التغییر فی العراق في العام 2003، والذي تسبب في سقوط الدولة الطائفية العنصرية، التي ظلت تقمع الشيعة وتقصيهم سياسياً وتضطهدهم مذهبياً، قرون طويلة، كما تسبب في إمساك الشيعة بالجزء الأهم من قرار الدولة ومشاركتهم الأساسية في الحكم، وهو ما تسبب في خلل نوعي في عمل المنظومة الطائفية؛ بالنظر لما يمثله العراق من ثقل في العالم العربي، وكون شيعة العراق هم الأكثرية الشيعية العربية، الفاعلة والمثقفة والمندفعة.
  • التغيير في اليمن بعد العام 2011، وسقوط الدولة الطائفية المرتبطة بالسعودية، عبر الثورة التي قادتها جماعة أنصار الله.

وحیال ذلك؛ كرّس الطائفيون جهودهم باتجاه تفتيت الأمة طائفياً ومذهبياً، واتهام الجمهورية الإسلامية الإيرانية والحركات الإسلامية الشيعية بالطائفية، وبالتالي؛ إثبات فشل مشروعها الإسلامي الحضاري، أو تشويهه والحد من تأثيره. وبرغم أن التآمر الطائفي الذي يستهدف وحدة الأمة ظل دائماً الأكثر تأثياً وخطورة، إلا أنه في هذه المرحلة تبلور عن غزو طائفي واسع في مساحة حركته وتأثيره، وشامل في آلياته وأدواته وأطرافه.

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment