السيد كمال الحيدري وخطأ الزمان والمكان والمنهج والنتائج
السيد كمال الحيدري وخطأ الزمان والمكان والمنهج والنتائج
د. علي المؤمن
لا نختلف أن كثيراً من آراء الغلو والإقصاء والخرافة موجود في موروثنا الروائي والكلامي والفقهي، وهي آراء نظرية شبه مندثرة غالباً، وغير معمول بها في سيرة علمائنا وجمهورنا. لذلك؛ ليس من الوعي والحكمة والموضوعية والإصلاح أن ننبش في موروثنا وننتقي منه ما يتطابق مع أهدافنا الشخصية والايديولوجية والسياسية، ونسخرها لنتائجنا المسبقة، ونعيد الترويج لها بأساليب شعبوية، بحجة النقد والتصحيح.
نعرف أن منهج ابن تيمية في التكفير والإقصاء وسلب الحقوق والحريات والاستيلاء على الممتلكات والسبي والذبح؛ تم إحياؤه عملياً من التيميين الجدد (الوهابيين)، ولايزالون يعملون به، وهو المنهج الذي يٌجمع عليه مشايخ الوهابية قاطبة. وبالتالي؛ من المهم الكشف عن جذوره وخلفياته العقدية والفقهية والسياسية، وسيكون في التصدي له ودحضه ومنعه؛ درءاً عملياً لمفاسد كبيرة عن المسلمين، وجلباً للمصالح لهم، وإنهاء لكثير من الصراعات المجتمعية والسياسية.
ولكن؛ هل ينطبق هذا على منهج مدرسة آل البيت وسيرة علمائها؟! وهل من الإنصاف والموضوعية القيام بالنبش بطريقة انتقائية في موروث الشيعة الروائي، والإعلان للملأ وعلى تلفزيون الدولة الرسمي بأن هذه هي كتب علماء الشيعة.. إقرأوها.. إنهم يكفرون جميع المسلمين؛ فهل في هذا الأسلوب شيء من الحكمة والوعي والإصلاح والمنهجية العلمية؟!
لم يمارس علماء الشيعة التكفير والإقصاء الوجودي ضد الآخر المذهبي والديني يوماً، لاسابقاً ولا حالياً، ولم تظهر في صفوف الشيعة يوماً جماعة إرهابية تكفيرية تذبح المسلمين على الهوية المذهبية، بذريعة أنهم كفار. فعن أي إصلاح واقعي يمكن أن نتحدث، إذا كانت القضية سالبة بانتفاء موضوعها، وكانت مصاديقها الواقعية معدومة؟ وهل يمكن عبر هذه الإثارات إصلاح الواقع الشيعي، وإعادة تنظيم علاقة الشيعة بالآخر والتقريب بين المسلمين، أم العكس؟! وهل قضية التكفير (الباطني) المدّعاة، محل ابتلاء واقعي عند الشيعة، لكي نثيرها بهذا الإعلان العام، العجيب في توقيته ومكان إطلاقه ومنهج مقاربته ونتائجه، ليكون ذريعة لتشويه فكر علماء مدرسة آل البيت وسيرتهم، وتجعل الشيعة في مواجهة اصطفاف طائفي جديد؟!
ليست القناة الفضائية التي يشاهدها عامة الناس من مختلف المستويات العمرية والتعليمية والانتماءات الفكرية، هي منبراً علمياً تخصصياً مناسباً، لكي يمرر عبره السيد كمال الحيدري أفكاره في الإصلاح العلمي والفكري والكلامي والفقهي؛ إن كان الهدف هو الإصلاح فعلاً. ولا الزمان الطائفي الصاخب الخطير الذي تعيشه أمتنا ومجتمعاتنا وشعوبنا، يصلح لهذه المقاربات المثيرة للصراعات الطائفية المجتمعية. ولا المنهج الانتقائي التعميمي هو منهج موضوعي، ولا النتائج المستندة اليه يمكن أن تكون علمية.
وبالتالي؛ فإن هذا الخطأ المركب يكشف بوضوح عن الافتقاد لحكمة ((لكل مقام مقال))، ولوعي متطلبات الزمان والمكان، فضلاً عن الافتقاد لصوابية المنهج العلمي والمخرجات البحثية حيال هذا الموضوع. وهو ما يتطلب معالجة سريعة ومركزة للموقف، لإغلاق باب الاتهامات والاصطفافات المتجددة ضد الشيعة.
latest video
news via inbox
Nulla turp dis cursus. Integer liberos euismod pretium faucibua