السعودية كيان طائفي مصطنع
السعودية كيان طائفي مصطنع
د. علي المؤمن
كيانان مصطنعان زرعهما الاستعمار البريطاني في قلب العالم الإسلامي؛ ليكونا قاعدتيه المتقدمين اللتين تدافعان عن مصالحه بشكل خاص ومصالح الغرب بشكل عام، وخنجرين في خاصرة المسلمين:
الأول: زرعه في الجزيرة العربية، وحمل اسم المملكة “السعودية”، وهو ذو مضمون ديني طائفي، وشكل ملكي وراثي، وايديولوجية مركبة متعارضة: ثيوقراطية ـــ علمانية، عنوانها العقيدة “الوهابية”، وهي عقيدة تكفيرية إرهابية متشبهة بإيديولوجية الدولة الأموية، وحدودها الطموحة كل العالم الإسلامي.
الثاني: زرعه في بلاد الشام، وتحديداً في فلسطين، وحمل اسم دولة “إسرائيل”، وهو ذو مضمون ديني عنصري، وشكل جمهوري ديمقراطي، وايديولوجية مركبة متعارضة: دينية ـــ عنصرية ـــ علمانية، عنوانها العقيدة الصهيونية التي تستند الى خرافة الحق التاريخي لليهود في فلسطين، وحدودها الأسطورية من العراق وحتى مصر.
وبرغم اختلاف المسميات الدينية والقومية، إلّا أن إسرائيل والسعودية، اتخذتا من الصهيونية والوهابية ايديولوجيتين إرهابيتين متشابهتين في الوسائل والأهداف؛ لتبسطا سيطرتهما على أراضي الغير، وفق مخططات وزارة المستعمرات البريطانية ووعود وزارة الخارجية البريطانية؛ إذ أفرزت الايديولوجيتان الوهابية والصهيونية وسائل وأساليب وأهداف متطابقة، كالإرهاب المنظم وقتل الأبرياء وتشريد الآمنين واغتصاب أراضي الغير بالقوة وتكفير العقائد الأُخر واستحلال دماء وأموال أتباعها، الى جانب الضخ الدعائي والإعلامي، وشراء الذمم والتحايل، والاتكال على حماية الغرب في التنصل عن المسؤولية والمحاسبة. أما على مستوى الأهداف؛ فإن الكيانين ظلا منذ تأسيسهما، محورين لضرب أمن المسلمين واستقرارهم ووحدتهم في مواجهة التحديات الخارجية والداخلية، فضلاً عن تحقيق أهداف الغرب ومخططاته الخاصة في المنطقة الإسلامية، على مدى العقود الماضية؛ الأمر الذي أزاح عن كاهل بريطانيا أولاً، ثم الولايات المتحدة الأمريكية، عبأ الحضور العسكري المباشر في المنطقة الإسلامية، أو عبأ التآمر الميداني الأمني ضد المسلمين.
وفي نظرة الى توقيت تأسيس بريطانيا للكيان السعودي الوهابي في العام 1924، ثم الكيان الإسرائيلي الصهيوني في العام 1948، أي بعده بربع قرن تقريباً؛ سنجد أن التوقيتين لهما علاقة مباشرة بالوضع السياسي الاستعماري الذي كانت تمر به الإمبراطورية البريطانية العجوز بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، والإنهاك العسكري والاقتصادي الذي ظلت تعاني منه؛ الأمر الذي جعلها تفكر ببناء قواعد لها في أكثر من بقعة من بقاع العالم؛ لتستعيض بها عن حضورها الميداني المباشر، وكان بعض هذه القواعد يحمل أسماء دول، كالسعودية وإسرائيل، وبعضها يحمل أسماء أنظمة سياسية وحكومات وأحزاب في الدول الأخرى، لكنها جميعاً كانت تحقق لبريطانيا الأهداف العسكرية والأمنية والسياسية والفكرية والثقافية نفسها. بيد أن صعود الإمبراطورية الأمريكية في أعقاب الحرب العالمية الثانية والأفول التدريجي للإمبراطورية الأمريكية؛ أدخل أغلب هذه القواعد في دائرة النفوذ الأمريكي.
ولكلا الكيانين السعودي والإسرائيلي نصوصهما وقواعدها الدينية والإنثروبولوجية والاجتماعية الراسخة، ويستحيل عليهما التخلي عنها، ولو تخلتا عنها لانتفت علة وجودهما. وبالتالي؛ فالعقيدة الصهيونية والعقيدة الوهابية هما وجهان لعملة واحدة في منهجهما ومخرجات حركتهما وممارساتهما؛ وإن انتمت الصهيونية الى التفسيرات التلمودية اليهودية، وانتمت الوهابية الى التفسيرات التيمية الأُموية الإسلامية.
وكما أن الصهيونية الإسرائيلية هي فكرة عالمية لها أذرعها و(لوبياتها) وجماعات الضغط والوسائل التي تمتلكها في مختلف دول العالم؛ فإن الوهابية السعودية لها الوضع نفسه. وبالرجوع الى وصية الإمام الخميني؛ سنجد إنه يصف عداء العقيدة الوهابية السعودية للإسلام والمسلمين ولمذهب أهل البيت؛ بوصفٍ لا يختلف عن عداء العقيدة الصهيونية الإسرائيلية، ثم يوصي المسلمين بالتعامل مع العقيدتين بالصيغة نفسها.
ووصولاً الى الواقع التخريبي لهذه القواعد اليوم، وتحديداً الكيانين السعودي والإسرائيلي، سنجد أنهما يقفان وراء أغلب الدمار والفوضى والتخريب في منطقة الشرق الأوسط، حتى أن العراقيين والمصريين واللبنانيين واليمنيين والسوريين والإيرانيين والأتراك والبحرانيين وغيرهم؛ حين يتلمسون واقع التخريب في بلدانهم؛ من تفجيرات وفوضى أمنية، وقصف مدفعي وجوي، ومخططات مخابراتية وسياسية معادية، وقصف إعلامي تحريضي، وتخريب اقتصادي؛ فإن وعيهم السياسي الفطري يقودهم بشكل طبيعي الى التأكيد على أنها: ((أصابع إسرائيلية وسعودية وأمريكية))، أو بمعنى أدق ((تخريب وهابي صهيوني))، ويترافق هذا التأكيد مع تحليلات وتفسيرات تربط التاريخ بالحاضر بالمستقبل، وتربط الجغرافيا المحلية بالإقليمية بالدولية .هذه العفوية الواعية؛ لا تعبر عن أحكام نمطية مسبقة أو سذاجة سياسية، لكنها حكمة شعوب خبرت الحياة وعاشت الأزمات السياسية بكل جزئياتها. فإسرائيل والسعودية تتصدران محور التآمر على المنطقة العربية والإسلامية، وهو المحور الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية.
وهذا المحور هو محور مهاجم ومنظم وواسع وحكومي، وغني مالياً وإعلامياً، ومؤثر في المنظمات والأحلاف الدولية والإقليمية؛ كالأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والاتحاد الأُوروبي وحلف الناتو وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، ويستخدم كل أساليب العنف والقتل والإرهاب والترويع؛ على المستويات العسكرية والسياسية والإعلامية. وهو وريث المحور الغربي التقليدي خلال فترة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفيتي المنحل. ومن أهم الأدوات الدينية الفاعلة لهذا المحور: المنظومة الدينية السياسية التكفيرية الوهابية، التي تشكل البنية الايديولوجية للدولة السعودية، والتي أفرزت عشرات التنظيمات الطائفية الإرهابية، كالقاعدة والنصرة وداعش وطالبان وجيش الإسلام وبوكو حرام وغيرها من التنظيمات المسلحة التكفيرية.
latest video
news via inbox
Nulla turp dis cursus. Integer liberos euismod pretium faucibua