الرفض الداخلي والخارجي لحل أزمات العراق

Last Updated: 2024/04/04By

الرفض الداخلي والخارجي لحل أزمات العراق

د. علي المؤمن

ربما كان بالإمكان حلحلة أزمات العراق المتجذرة وحلها، فيما لو كانت هناك إرادة حقيقية مشتركة لدى القوى السياسية والاجتماعية والدينية التي تتصدر مكونات العراق الرئيسة الثلاثة، الشيعة والسنة والكرد، وكان هناك إرادة إقليمية في هذا المجال، إلّا أن الرفض الداخلي والخارجي للحل، خلافاً للشعارات والتمظهرات العامة التي يغطي من خلالها الجميع على حقيقة مواقفهم، جعل حلحلة هذه الأزمات وتفكيكها وحلها خارج قدرة أية حكومة عراقية. ويتمحور هذا الرفض حول ثلاثة عوامل أساسية، مترابطة ويكمل أحدها الآخر:

1- التدخل الخارجي الضاغط الرافض للتغيير الحاصل في القوام الموروث للدولة العراقية، والتركيبة التشاركية الجديدة في الحكم؛ لأن التغيير مثّل صدمة للتاريخ العراقي بشكل خاص، والعربي بشكل عام. ولذلك؛ بذلت بعض الأنظمة العربية والأجنبية الطائفية، خاصة السعودية بالدرجة الأُولى، ثم تركيا وبعض البلدان الخليجية بالدرجة الثانية، كل ما لديها من جهد وقوة ونفوذ لمنع التغيير في موروث الدولة العراقية؛ فأبقت الحكومات العراقية المتعاقبة منشغلة في مكافحة الإرهاب والعنف، وعدم التوجه إلى التغيير الحقيقي في الواقع العراقي، وفي عملية البناء الثقافي والمجتمعي والسياسي والاقتصادي، والإعمار وتقديم الخدمات.

2- رفض أغلب المكون السني للعراق الجديد ولأي تغيير في تركيبة الدولة الطائفية العنصرية الموروثة، وهو رفض لا يزال يتسبب في حرب تخريبية داخلية ضد الدولة والنظام السياسي والعملية السياسية، بل ضد إعمار العراق، للحيلولة دون ظهور الدولة الجديدة بمظهر الدولة الناجحة النامية المستقرة، وهي حرب تدميرية مفتوحة في جوانبها السياسية والعسكرية والجاسوسية والإدارية والاقتصادية والإعلامية والدعائية والاجتماعية والنفسية، وذلك بنوعين من أدوات الحرب والتنفيذ:

  • أدوات سياسية وجاسوسية واجتماعية واقتصادية وإدارية وإعلامية ودعائية ونفسية واقتصادية، فاعلة بقوة داخل العملية السياسية، وتتحرك من مفاصل سلطات الدولة، تقودها بعض الأحزاب المشاركة في الحكم.
  • أدوات إرهابية مسلحة، تقودها بقايا النظام السابق وحلفاؤه، من منظمات إرهابية طائفية محلية، ومنظمات وهابية إرهابية تكفيرية دولية، كالقاعدة وداعش.

3- المشروع الأمريكي ــ الإسرائيلي ــ السعودي في المنطقة، وهو المشروع الذي وهو المشروع الذي يعمل بكل وسائل الضغط والترغيب والترهيب، العسكرية والمخابراتية والسياسية والثقافية والإعلامية والدعائية والاقتصادية، ويستثمر كل عوامل الخلاف والصراع المذهبي والقومي والفكري والثقافي في المنطقة الإسلامية، من أجل تثبيت دعائم مشروع الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط، ومشروع استقرار الكيان الإسرائيلي والتطبيع الشامل معه، ودمجه في واقع المنطقة، من خلال فتح قنوات امتداد سياسي واقتصادي وثقافي وإعلامي له في المنطقة، بل وإنشاء تحالفات سياسية عسكرية أمنية بينه وبين بعض الأنظمة العربية ضد المحور الإسلامي الشيعي الناهض؛ فكانت عين هذا المشروع على عراق ما بعد سقوط نظام البعث، من أجل جعله قاعدة تنفيذية رئيسة في المشروع، لكن أمريكا وإسرائيل والسعودية تفاجأوا بموقف القوى العراقية الشيعية المشاركة في الحكم، الرافض للمشروع الأمريكي في الشرق الأوسط، ولأي وجود عسكري وثقافي ونفوذ سياسي لأمريكا في العراق، وكذلك رفض أي نوع من أنواع التطبيع والعلاقة مع الكيان الإسرائيلي، بل وانخراط أغلب هذه القوى في المحور الإسلامي الشيعي الناهض والمقاوم.

ولذلك؛ بعد أن أيقنت أمريكا في العام 2012، بفشل مشروعها في العراق الجديد ورهانها عليه، وفشل ضغوطاتها الكبيرة على القوى الإسلامية الشيعية والحكومة العراقية؛ أخذت تعمل بكل الوسائل على الحيلولة دون استقرار العراق ودولته وحكومته، ودون تحوّله إلى قوة إقليمية مناهضة للمشروع الأمريكي في الشرق الأوسط وللكيان الإسرائيلي، والإبقاء على الدولة العراقية ضعيفة هشة، وحكومتها متناحرة شبه مشلولة، حتى ترضخ للشروط الأمريكية، وهي:

  • الانخرط في المشروع الأمريكي الشرق أوسطي
  • التطبيع مع الكيان الإسرائيلي
  • محاربة المحور الإسلامي الشيعي

أما بقاء العراق وقواه السياسية، ولاسيما الشيعية، على الحياد؛ فلا معنى له في قاموس نظام الولايات المتحدة الأمريكية؛ فأمريكا تخيِّر الدولة العراقية بين أن تكون معها نظرياً وميدانياً، وإلّا فإنها معادية لأمريكا ومشروعها ولإسرائيل.

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment