الحكام المؤسسون للمنظومة الطائفية وروّادها ورموزها

Last Updated: 2024/04/03By

الحكام المؤسسون للمنظومة الطائفية وروّادها ورموزها

د. علي المؤمن

عند دراسة تاريخ المسلمين، منذ عصر صدر الإسلام وحتى الآن؛ سنتعرف على مئات الشخصيات التي ساهمت في التأسيس لمنظومة التمييز الطائفي، أو كان لها دور ريادي، أو أصبحت من رموزها في مراحل مختلفة من التاريخ، ومارست الجريمة السياسية بدوافع طائفية أو دوافع مركبة: طائفية سياسية شخصية، وليست سياسية سلطوية محضة، كما هو الحال مع كل الحكام الذين يقتلون ويغزون ويقمعون لأسباب سياسية وسلطوية وطموحات شخصية محضة، إذ لا يعنينا هنا هؤلاء. ونستطيع القول إن معاوية بن أبي سفيان هو المؤسس الأول للمنظومة الطائفية في التاريخ الإسلامي. صحيح أن هناك شخصيات سبقته وأخرى زامنته، قد مارست التمييز والإقصاء والقمع الطائفي، إلّا أنها لم تحوله الى منظومة تأسيسية متكاملة، كما فعل معاوية. وبالتالي؛ فإن أرخنة الإقصاء الطائفي بصورته المنظمة يبدأ مع عقيدة معاوية وسلوكياته، وهي التي كانت خليطاً من العداء للبيت النبوي الهاشمي، والرواسب الجاهلية، والطموحات الشخصية.

أما الشخصيات الطائفية التي زامنت معاوية أو جاءت بعده، أمثال مروان بن الحكم وعبد الله بن الزبير ويزيد بن معاوية؛ فقد ساهموا في التأسيس، وجاء بعدهم الرواد أمثال المنصور والرشيد والمتوكل، ثم الرموز اللاحقة، وصولاً الى عبد العزيز الأول آل سعود وصدام حسين وأسامة بن لادن. ومنذ تأسيس المنظومة؛ التحق بها محدثون وفقهاء وعلماء كلام ومؤرخون وأدباء وشعراء، في إطار عملية تخادم بين السلطة السياسية والسلطة الدينية وسلطة الدعاية. والفتوى الطائفية والعقيدة الطائفية والأرخنة الطائفية، هي سلاح بيد الحاكم الطائفي، وإذا لم ينفذها حاكم؛ ستموت.

المفارقة التي ستظل تشكل عائقاً نفسياً أمام محاولات التقارب الحقيقي بين السنة والشيعة؛ هي النظرة الى هؤلاء الحكام؛ فالشيعة يعدونهم طائفيين وجزارين وقتلة ومجرمين، والسنة يعدونهم ملوكاً عدول فاتحين، قدموا خدمات كبيرة للإسلام. والملفت للنظر إن الخطاب الطائفي يستند الى قاعدة ذهبية في تقويم هؤلاء الحكام؛ فكلما كان الحاكم مغالياً في طائفيته وعدائه للشيعة، وتضمنت سيرته مجازر جماعية كبرى وعمليات استراتيجية لاجتثاث الشيعة؛ كلما كان الخطاب الطائفي مبجلاً وضافياً على الحاكم أوصاف العدالة والتقوى والكفاءة والحزم الديني ونصرة الإسلام والقرآن وحماية المسلمين، بل إن بعض الخطاب الطائفي الأكثر تطرفاً؛ يجهر في توصيف هؤلاء الحاكم بجملة: ((قاهر الشيعة وناصر السنة))، ولايزال هذا الخطاب في أوج قوته واتساعه.

والمفارقة الأُخرى؛ أن بعض حسني النية من الشيعة والسنة يدعون الى تجاوز هذا التاريخ، وعدم اجتراره، وأنه زمن مضى، وعلى المسلمين اليوم الالتفات الى واقعهم ومشاكلهم، وهذا خطاب جميل ورقيق وينم عن إخلاص، لكنه نظري وغير واقعي؛ لأن عدم اجترار هذه الأحداث والوقائع وعدم التوقف عند هذه أسماء هؤلاء الحكام، درءاً للفتنة الطائفية، يستوجب إجراءات على الأرض، تستوجب الكف عن امتداح هؤلاء الحكام وتأليههم نهار مساء، في الكتب ووسائل الإعلام والمناهج الدراسية، وإطلاق أسمائهم على المدن والشوارع والمنشآت العامة، وإنتاج الأفلام والمسلسلات التي تحولهم الى شخصيات أسطورية ملائكية، ولكن؛ في المقابل، يُطلب من الطرف الشيعي أن لا يتكلم بأي كلمة لكشف كل هذا الزيف التاريخي، وعدم استفزاز مشاعر إخوانهم السنة الذين يقدسون هؤلاء الحكام، وإذا تكلم الطرف الشيعي مطالباً بالكف عن الإجراءات المستفزة المذكورة المفروضة عليه في كل ركن من أركان بلاده؛ فإنه يتهم مباشرة بإثارة الفتنة الطائفية. وبالتالي؛ فإن مطلب تجاوز هذا التاريخ، يفرض عدم القيام بأي إجراء استفزازي للشيعي وللسني معاً، وليس لطرف على حساب طرف آخر، وهو نوع من ازدواجية المعايير التاريخية التراكمية التي ظل المسلمون يعيشونها، منذ السقيفة وحتى الآن.

وأبرز هؤلاء الحكام الرموز:

  • معاوية بن أبي سفيان، مؤسس الدولة الأموية (ت 60 ه)
  • يزيد بن معاوية السلطان الأموي الثاني (ت 64 ه)
  • مروان بن الحكم، السلطان الأموي الرابع (ت 65 ه)
  • عبد الله بن الزبير، سلطان الحجاز المنشق على الدولة الأموية (ت 73 ه)
  • عبد الملك بن مروان، السلطان الأموي الخامس (ت 86 ه)
  • الحجاج الثقفي، والي الأُمويين على العراق (ت 95 ه)
  • أبو جعفر المنصور، السلطان العباسي الثاني (ت 158 ه)
  • هارون الرشيد، السلطان العباسي الخامس (ت 193 ه)
  • أبو الفضل جعفر المتوكل، السلطان العباسي التاسع (ت 247 ه)
  • المعز بن باديس، سلطان شمال أفريقيا (ت 454 ه)
  • محمد طغرل بيك، مؤسس الدولة السلجوقية (ت 455 ه)
  • نور الدين زنگي، مؤسس الإمارة الزنگية في بلاد الشام (ت 559 ه)
  • صلاح الدين الأيوبي، مؤسس الدولة الأيوبية (ت 589 ه)
  • محمد شيبك خان الأوزبكي، مؤسس الدولة الأوزبكية في خراسان (ت 1511م)
  • سليم الأول، السلطان العثماني التاسع (ت 1521 م)
  • محمود أفغان هوتكي، مؤسس الدولة الهوتكية في شرق بلاد فارس (ت 1724م)
  • عبد العزيز الأول آل سعود، الأمير الثاني للدولة السعودية الأولى (ت 1803م)
  • أحمد باشا الجزائر، والي فلسطين العثماني (ت 1804 م)
  • صدام حسين، الرئيس الثاني لدولة البعث في العراق (ت 2006 م)
  • عبد الله بن عبد العزيز، الملك السابع للمملكة السعودية (ت 2015 م)

ومن بين هؤلاء العشرين، هناك ستة حكام، كانوا الأكثر رمزية في الجريمة الطائفية، فقد غيروا ديمغرافيا الطوائف وجغرافيا المذاهب الإسلامية، هم: معاوية بن أبي سفيان والمنصور العباسي وصلاح الدين الأيوبي وسليم الأول العثماني وعبد العزيز الأول آل سعود وصدام حسين.

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment