التماسك المجتمعي الديني أحد عناصر قوة النظام الاجتماعي الديني الشيعي

Last Updated: 2024/04/02By

التماسك المجتمعي الديني أحد عناصر قوة النظام الاجتماعي الديني الشيعي

د. علي المؤمن

من أهم ما يميز النظام الاجتماعي الديني الشيعي؛ تماسكه الداخلي وتلاحم مكوناته وتعاون قواعده البشرية في مختلف بلدان التواجد الشيعي. وخلال مرحلة تأسيس النظام في عصر الغيبة، والمراحل التي تلتها، عمل زعماء الشيعة الدينيون وفقاؤهم على تحكيم قواعد هذا التماسك وفق المبادئ العقدية الإسلامية، فضلاً عن السياقات العملية والصياغات الهيكلية التي تشد مكونات النظام وعناصرها البشرية ببعضها.

وأخذ هذا التماسك، بمرور الزمن، صيغة وحدة المصير المجتمعي الديني، وبات مرتكز قدرة الشيعة على دفع التحديات المشتركة. وظلت أواصر هذا التماسك تزداد قوة كلما كبرت التحديات والتهديدات المشتركة التي تستهدف وجود الشيعة وحريتهم العقدية والمذهبية وشعائرهم وطقوسهم، وتصاعدت حدة القمع ضدهم. حتى بات هذا العنصر من أهم ما يميز النظام الاجتماعي الديني الشيعي عن غيره، واحد عناصر قوته الأساسية. ويستوعب عنصـر التماسك والتعاون هذا أغلب مجالات الحياة، بما فيها الجانب الشعائري والطقسي والاجتماعي والمالي والسياسي. وفي الوقت نفسه؛ ظل تفكيك هذا العنصر وضربه، أحد أكثر الأُمور التي تشغل خصوم الشيعة وتستأثر بمخططاتهم.

ولعل ما تشهده محاولات بث الفرقة وخلق الفتن والأزمات بين شيعة منطقة غرب آسيا، وخاصة بين شيعة العراق ولبنان وإيران، بل بين شيعة البلد الواحد، بالشكل الذي يحدث في العراق منذ العام 2003 وحتى الآن؛ إنّما هو التطبيق الواضح لمخططات الخصوم، وفق ما تزال تكشفه الوثائق الكثيرة. وتقف أنظمة السعودية وإسرائيل وأمريكا، فضلاً عن حزب البعث، في مقدمة الجهات التي تمارس الدور التقليدي في الوقت الحاضر، في تمزيق النسيج الاجتماعي الديني الشيعي، وهي الجهات التي أخذت ـ بالتدريج ـ مكان تركيا العثمانية وبريطانيا والنظام العراقي السابق.

وكما هو ثابت نظرياً وقائم ميدانياً؛ فإنّ الشيعة هم نسيج اجتماعي ديني واحد، والتمييز بينهم على أساس القومية واللغة والجغرافيا، منطق لا يصمد أمام رفض القرآن والرسول وأهل بيته: ((إن أكرمكم عند الله أتقاكم))، ((لا فرق بين عربي وأعجمي إلّا بالتقوى))، كما لا يستقيم هذا المنطق مع بديهيات عالمية المرجعية الدينية الشيعية ومع هيكلية منظومتها وامتداداتها، ومع طبيعة النظام الاجتماعي الشيعي العالمي الذي تقوده المرجعية ومع تقدم العنصر المذهبي في الهوية الشيعية. أما تكريس الايديولوجية القومية العنصرية فهو جزء من الحرب الشاملة التي تقودها اليوم أمريكا وبريطانيا والكيان الإسرائيلي والسعودية والبعث والجماعات الطائفية، بهدف تمزيق الشيعة وتشتيت مساراتهم وكشف ظهورهم وإضعاف قواهم. ومن أسس سياسة التمييز العنصري هذه؛ فهم آل أمية ومن تبعهم، وصولاً الى أنظمة بهلوي وأتاتورك والبعث.

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment