الاستقلال المالي الديني أحد عناصر قوة النظام الاجتماعي الديني الشيعي

Last Updated: 2024/04/01By

الاستقلال المالي الديني أحد عناصر قوة النظام الاجتماعي الديني الشيعي

د. علي المؤمن

يتمتع النظام الاجتماعي الديني الشيعي بالاستقلالية المالية لقيادته المرجعية ومؤسسته الدينية ـ العلمية وشعائره وطقوسه، وذلك من خلال الحقوق الشرعية التي يدفعها المؤمنون للمرجعية الدينية، وفي مقدمتها الخمس والزكاة، فضلاً عن الهبات والتبرعات والأوقاف. هذه الاستقلالية المالية عن الدولة، هي المرتكز الأساس لاستقلالية المرجعية الشيعية والنظام الشيعي ومؤسسته العلمية الدينية واستقلالية قرارها، وعدم قدرة أي نظام سياسي وجهة اقتصادية أو حزبية مصادرة هذا القرار؛ لأنّ قيادة النظام الاجتماعي الديني الشيعي ومؤسسته الدينية لم تكن يوماً بحاجة إلى المال والدعم والترويج، سوى من مقلديها وأنصارها حصراً.

كما أنّ الحقوق المالية الشـرعية هي عنوان للتكافل والتضامن الشيعي الشامل؛ إذ إنّ صرفيات الأموال الشرعية والتبرعات التي تعطى للمرجعية، لا تقتصر على المؤسسة الدينية ومؤسسات المرجعية، بل تتسع للفقراء والأيتام ولكل أنواع المشاريع الخيرية الاجتماعية والتعليمية والصحية والاقتصادية وغيرها، فضلاً عن الإجازات بصرفها على شؤون ذات موضوعات سياسية ودفاعية وإعلامية وثقافية. وهذا ما يجعل الاستقلالية المالية للنظام الاجتماعي الديني الشيعي عنصر قوة هائل لقوامه وحركته واكتفائه الذاتي، ولدفع أية محاولة لتدميره والهيمنة عليه واحتوائه.

ولعل من أبرز محاولات الخصوم لقطع شريان هذه الحقوق والتبرعات والأوقاف، هو التشكيك المستمر بتشريع الخمس أو بحق مرجع التقليد في استلام الخمس، والشبهات بشأن كيفية صرفه، وهي شبهات تستند إلى سلبيات ترتبط بإدارة المال الشرعي، لكن محاولات الخصوم لا تهدف إلى تصحيح الأخطاء والأداء، بل تعمل على مصادرة منظومة مالية عملاقة يستند إليها النظام الاجتماعي الديني الشيعي برمته، وتحقق المرجعية والمؤسسة الدينية من خلالها، استقلاليتهما من أية تأثيرات سياسية محلية أو دولية. وهذا التشكيك هو ــ غالباً ــ قياس على حالات فردية.

وهذا المال الشرعي، ليس كله حقوق شرعية، كالخمس مثلاً، بل أنّ كثيراً منه عبارة عن تبرعات طوعية من الموسرين والتجار ورجال الأعمال الشيعة في اوروبا والبلدان الخليجية والعراق والهند وايران، وليس فيه أي مصدر من الحكومات، وتقوم المرجعية بصرفه في موارده المعروفة، كالحوزات العلمية ومنتسبيها، والمؤسسات الدينية والمساجد والتبليغ الديني، والجامعات والمدارس والتعليم، والمؤسسات الصحية، والجمعيات الخيرية، وإعانة الفقراء والمرضى، وكفالة القصّر والأيتام، وهي من أهم مظاهر التكافل الاجتماعي والديني، التي لا تعرفها النظم الاجتماعية الدينية الأُخر. وبالتالي؛ فإن التشكيك بأصل تشريعات هذه الحقوق الشرعية ونظام التصرف بها؛ يهدف الى خلق حالة من النفور من المرجعية والتقليد ورجوع المؤمنين الى المرجع في أمور دينهم ودنياهم، وتسفيه واجب تقديم استحقاقات المال الشرعي الى المرجع، وصولاً الى هدف ضرب النظام الاجتماعي الديني الشيعي العالمي، الذي تقف المرجعية الدينية على رأسه.

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment