الإسلام وتنمية المجتمع المعاصر

Last Updated: 2024/04/01By

الإسلام وتنمية المجتمع المعاصر

مقال مشترك بقلم: الشيخ محمد علي التسخيري وعلي المؤمن

یتطلب الموضوع ـ ابتداءً ـ تحدید المفاهیم التي ینطوي علیها العنوان، ولا سیّما مفهومي: (التنمیة)، و(المجتمع المعاصر). فالتنمیة هنا لا نحصرها بمدالیلها الاقتصادیة والمادیة، بل ننفتح من خلالها علی كل مجالات الحیاة، سواء ما یتعلق بحیاة الفرد أو حیاة المجتمع. وبما أنّ الإنسان هو محور التنمیة ومحركها علی الأرض، فإنّ التنمیة تشتمل علی وضع الإنسان الاقتصادي وسلوكه الفردي والاجتماعي، فتكون النتیجة تنمیة نفسیة وروحیة للإنسان، وتنمیة اقتصادیة تستوعب مضامین العدالة والتكافل والتضامن، وتنمیة اجتماعیة تهدف إلى إيجاد السلوك الإنساني القویم علی الصعد الخاصة والعامة، ولا سيّما الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان والحریات، وتطبیق القانون، وتعمیم لغة الحوار، واحترام الرأي الآخر، وتنمیة ثقافیة وعلمیة تعمل علی رفع المستوی الثقافي العام من خلال وسائل الإعلام والاتصال المسؤولة، وغیرها من وسائل الترشید الثقافي والاجتماعي، ورفع المستوی العلمي ابتداءً من محو الأُمّیة بتعاریفها الحدیثة، وتقویة البحث العلمي والدراسات العلیا، واستثمار التكنولوجیا الحدیثة علی كل المستویات، وغیرها من مجالات التنمیة.

أمّا المجتمع المعاصر؛ فنقصد به المجتمع الذي یعیش العصر في معظم تفاصیله، ویتفاعل مع الواقع بسلبیاته وإیجابیاته. وبشكل عام یمتاز المجتمع المعاصر بالخصائص التالیة:

  1. امتلاك تكنولوجیا الاتصالات والمعلومات.
  2. التمتع بوضع اقتصادي ونمو اقتصادي مناسب.
  3. النزوع نحو تطبیق مبادئ حقوق الإنسان.
  4. السعي نحو السیطرة علی الطبیعة واستثمارها.
  5. الدعوة للسلام العالمي واستتباب الأمن علی الأرض.
  6. استثمار الجوانب الإیجابیة لحركة العولمة.
  7. النزوع باتجاه التعددیة الواقعیة وتحكیم لغة الحوار واحترام الرأي الآخر.
  8. الإبقاء علی نظام الأُسرة كأصغر وحدة اجتماعیة، والمحافظة علی تماسكها.
  9. تقویة البعد الروحي والمعنوي.

وعندما ندرس خصائص الإسلام، سنجد أنّها محفّزة علی التنمیة، وأنّ دور الإسلام في تنمیة المجتمع المعاصر هو دور متكامل، ویهدف إلى سعادة هذا المجتمع والإجابة عن تساؤلات إنسانه الحائر وسط التیارات المتضاربة التي تؤثر في عقله ومشاعره وسلوكه. ومقدرة الإسلام المطلقة في هذا المجال تتفعّل عبر تعمیم آلیات الاجتهاد الفقهي، والتجدید الفكري، وتنمیة الوعي العلمي والإنساني لدی الجماهیر.

ومن أبرز خصائص الإسلام الباعثة علی تنمیة المجتمع المعاصر:

  1. دعوة الإسلام للعلم والمعرفة في كل مجالات الحیاة، ورفضه التقلید والجمود، والتحفیز علی اكتشاف الحقیقة، والبحث عن الحكمة، والتعرّف علی وسائل القوة الإیجابیة التي تساعد الإنسان علی رفع مستوی الإنسان.
  2. دعوة الإسلام إلى إحقاق حقوق الإنسان ومنح الحریات المرشّدة.
  3. دعوة الإسلام إلى السلام العالمي واستتباب العدالة والأمن.
  4. دعوة الإسلام إلى استثمار الطبیعة التي هي من نعم الله تعالی {وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ …}([1]).
  5. الإسلام دین الحوار واحترام الرأي الآخر {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}([2]).
  6. تأكید الإسلام علی تماسك العائلة ورفضه تحللها، ودفعه نحو تنظیم علاقاتها.
  7. الإسلام دین الأخلاق والفضائل والتطهیر الروحي الحقیقي.

ومن خلال التفصیل في هذه الخصائص وتطبیقها علی مجالات التنمیة المطلوبة للمجتمع المعاصر، سنری أنّ النتائج تحمل معها سعادة الإنسان علی مختلف توجهاته ومشاربه.

أما الآلیات والأسالیب التي یجب أن نتحرك بها باتجاه تفصیل خصائص الإسلام وتطبیق تعالیمها في مجالات التنمیة المختلفة؛ فیتثمل جزء كبیر منها فیما یلي:

  1. تصحیح صورة الإسلام في ذهن الآخر؛ لكي یتقبل خصائصه الإنسانیة العامة ویستثمرها، ویكف عن معاداة أتباعه والاستمرار في حالة الصراع معهم، وفسح المجال أمامهم للتعبیر عن مساهماتهم في التنمیة العالمیة، ومن أبرز الحقائق التي یجب أن یفهمها الآخر هو أنّ الإسلام لا یتحمل وزر أتباعه وسلوكیاتهم وممارستهم.
  2. تفجیر طاقات الأُمّة واستثمارها في كل الاتجاهات.
  3. تعمیم لغة الحوار بین المذاهب الإسلامیة، والأدیان الإلهیة، والحضارات والمدنیات والثقافات.
  4. تطویر التعلیم وخلق الذهنیة العلمیة الإبداعیة لدی المسلمین.
  5. التجدید المتواصل في الفقه وأُصوله، وفي الفكر الإسلامي، بهدف تمكین الشریعة في استیعاب كل قضایا المجتمع المعاصر.

 

([1]) إبراهيم: 34.

([2]) الزمر: 18.

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment