ارتفاع الأحكام الشرعية الولائية بوفاة الولي الفقيه

Last Updated: 2024/04/01By

ارتفاع الأحكام الشرعية الولائية بوفاة الفقيه

د. علي المؤمن

تبقى ولاية الحاكم الشرعي العام (المرجع الديني أو الولي الفقيه) وأحكامه الولائية نافدة، لطالما كان في منصبه، أما في حال وفاته أو تنحّيه أو تنحيته؛ فإن أحكامه ترتفع تلقائياً. وتسري هذه القاعدة أيضاً على كل فقيه أصدر أحكاماً ولائية، بصرف النظر عن موضوعاتها، ومنها ــ مثلاً ــ حكم تعيين متولي أو مسؤول أو وكيل في مؤسسة عامة، أو حكم تعيين متولي على قاصر أو يتيم. وهنا؛ لابد للولي الفقيه الجديد أن يصدر حكماً ولائياً جديداً لهذا المتولي والمسؤول، أو يعين شخصاً جديداً.

وعلى مستوى المسؤوليات الرأسية في الدولة، كرؤساء المؤسسات والسلطات التي سبق أن اختارهم الولي الفقيه أو صادق عليهم في مناصبهم، بمن فيهم المنتخبون شعبياً، كرئيس الجمهورية؛ فإن استمرارهم في مناصبهم، في حال وفاة الولي الفقيه الحاكم العام (الحاكم الشرعي العام) أو لم يعد في منصبه لأي سبب؛ يكون محل إشكال، ومن المفترض أن يتحولوا تلقائياً الى مسؤولي تصريف أعمال، وتكون إعادة تثبيتهم والمصادقة على بقائهم في مناصبهم، مناطة بالولي الفقيه الجديد، لأن المسؤول المنصوب مباشرة بحكم الولي الفقيه وغير المنتخب شعبياً، يأخذ الشرعية الدينية والقانونية لشغله المنصب من الولي الفقيه. أما المسؤول المنتخب شعبياً والذي يحتاج تفعيل شغله للمنصب الى تعيين الولي الفقيه ومصادقته؛ فإنه يأخذ مشروعيته القانونية من الشعب، بينما يأخذ شرعيته الدينية القانونية من الولي الفقيه؛ إذ أن مصادقة الولي الفقيه هنا هي بمثابة حكم شرعي ولائي يحظى ببعد قانوني، ويرتفع هذا الحكم الشرعي تلقائياً أيضاً بمجرد وفاة الولي الفقيه أو فقدانه للمنصب، لأن هذه الأحكام الشرعية هي أحكام ولائية ترتبط بحياة الولي الفقيه ووجوده في منصبه وإمكان تمتعه بصلاحياته بحرية.

وقد يرى بعض المتخصصين أن الولي الفقيه يمارس هنا صلاحية قانونية صرفة، بوصفه رئيساً للدولة، وليس حكماً شرعياً بصفته الولائية الفقهية، وبالتالي؛ فإن حكم تعيين المسؤول الذي نصّبه رئيس الدولة الإسلامية المتوفي أو المتنحى، يبقى سار المفعول. وهذا الرأي غير صحيح، لأن موقع الولي الفقيه هو بالأساس موقع ذي بعدين لاينفصلان، ديني قانوني، وليس منصباً سياسياً قانونياً، كالمناصب الأخرى في الدولة أو في الدول الأُخر، أي أن رئاسة الفقيه للدولة تقوم على قاعدة فقهية ثم قانونية، وليس على قاعدة قانونية وحسب. وبالتالي؛ لايوجد أي فصل بين الدعامة الدينية الفقهية لمنصب الولي الفقيه الحاكم، وبين الدعامة القانونية للمنصب، بوصفها رئاسة للدولة، فهو الولي الفقيه الحاكم المنصوب شرعياً، وهو رئيس الدولة المنصوب قانونياً، ولافصل بين المنصبين.

وتبرز هنا إشكالية أخرى تتعلق بإمكانية مصادقة الولي الفقيه الجديد على المسؤول المنتخب شعبياً، كرئيس الجمهورية، والذي صادق عليه الولي الفقيه السابق، دون الحاجة الى إجراء انتخابات جديدة، قبل انتهاء دورة المسؤولية. ولحل هذه الإشكالية هناك رأيان:

الأول: يذهب الى أن تجديد الولي الفقيه الجديد لحكم تعيين رئيس الجمهورية، تكفي لمنحه شرعية البقاء في منصبه.

والثاني: يرى ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية من جديد، لأن هذا الرئيس تم القبول بترشيحه من المجلس الدستوري بناء على المباني الفقهية للولي الفقيه السابق، وذلك من خلال فقهاء هذا المجلس الذين تم تنصيبهم من الولي الفقيه السابق، إذ أنهم يطبقون المباني الفقهية للولي الفقيه السابق. ولكن؛ فيما لو أبقاهم الولي الفقيه الجديد على مناصبهم أعضاء في المجلس، فإن الإشكال يكون قد تم حله. أما إذا غيّرهم أو غير بعضهم، وجب إجراء تقويم شرعي ودستوري جديد لمرشحي رئاسة الجمهورية وفق المباني الفقهية للولي الفقيه الجديد، وثم إجراء انتخابات جديدة.

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment