أسئلة في إطار الهوية الشيعية
د. علي المؤمن
أطرح ثماني مجموعات من الأسئلة على النخب الشيعية، المتدينة وغير المتدينة، وعموم القراء والمتابعين، من كل البلدان، متمنياً الإجابة عليها بمنهجية علمية بعيداً عن الشعارات والخطاب السياسي. وسبق أن أرسلتها الى أكثر من (300) شخصية في أكثر من عشرين بلداً، أغلبيتهم من العراقيين واللبنانيين والإيرانيين والخليجيين. وقد وصلني عدد كبير من الإجابات، كان بعضها علمياً وموضوعياً وواقعياً، ويستحضر العناصر العقدية والفقهية والفكرية والقانونية، بعيداً عن الانفعالات الطائفية وتجاذبات السياسة. في الوقت الذي يستحق هذا الموضوع مزيداً من التداول البحثي العلمي، في إطار دراسات منهجية وندوات ومؤتمرات تخصصية.
وسبب هذا التخصيص هو حجم المعضلة التي يعاني منها الشيعة جراء عدم حل الإشكاليات المتراكمة التي تتسبب فيها أزمة الهوية، والتعاطي معها بردود الأفعال والضغوطات العاطفية والتسييس، فضلاً عن محاولات استثمار الآخرين لها إيديولوجيّاً، عبر الخطاب العنصـري أو الطائفي أو المصلحي. وبالتالي، فإنّ هذه الأسئلة لصيقة بالواقع ومشاكله الأساسية، وهي علی النحو التالي:
1ـ ماذا يعني أن يكون الإنسان مسلماً شيعياً؟ هل يعني أنّه ينتمي عقدياً وفقهياً إلى مذهب أهل البيت (التشيع)، أو أنّه مجرد انتماء اجتماعي إلى جماعة بشرية (الشيعة)؟ أو أنّه كلا الانتماءين؟ وما هو جوهر الهوية الذي سينتج عن كل نوع من أنواع الانتماء هذا؟
2ـ هل هناك تفكيك ديني وواقعي بين الهوية المذهبية للشيعي وهويته القومية وهويته الوطنية؟ أم أنّها باتت هوية مندمجة واحدة لدى المكونات الشيعية في البلدان التي يعيشون فيها حالة المواطنة القانونية والسياسية؟ وفي حال لم تكن مندمجة؛ فهل يعني هذا أنّ الشيعي يعاني من ازدواجية مركبة في الهوية، بالنظر لتعددية الانتماءات؟
3ـ كيف يمكن الجمع والموازنة بين الانتماء لمذهب آل البيت عقدياً وفقهياً (الانتماء للتشيع) واجتماعياً (الانتماء للشيعة) من جهة، والانتماء للقومية كحقيقة جينالوجية وإنثروبولوجية، والانتماء للوطن سياسياً وقانونياً من جهة أُخرى؟ وهل الأولوية الإيديولوجية والواقعية تكون للانتماء للتشيع أو الانتماء للقومية أو الانتماء للوطن؟ وفي حال حدوث تعارض بين الانتماء للتشيع والانتماء للقومية والانتماء للوطن، فأيها يتقدم؟
4ـ هل الانتماء للتشيع يمثل الجانب الديني الأُخروي، والانتماء للقومية وللوطن يمثل الجانب السياسي الدنيوي؟ وفي جانب التقليد والتولي الديني، كيف يمكن التوفيق بين تقليد أو اتّباع مرجع ديني ينتمي إلى وطن آخر، وبين الاندكاك بالقضايا القومية والوطنية ومصالحها؟
5ـ ما هو حجم المساحة التي تجمع الشيعي مع الشيعي من قومية واحدة ووطن آخر، ومثاله: ما يجمع الشيعي العراقي العربي بالشيعي اللبناني العربي، أو الشيعي مع الشيعي من قومية أُخرى ووطن واحد، ومثاله: ما يجمع الشيعي العراقي العربي بالشيعي العراقي الكردي، أو الشيعي مع الشيعي من قومية أُخرى ووطن آخر، ومثاله ما يجمع الشيعي العراقي العربي بالشيعي الإيراني الفارسي؟ وما هي المساحة التي تجمع الشيعي مع السني من الوطن والقومية نفسيهما، ومثاله: ما يجمع الشيعي العراقي العربي بالسني العراقي العربي، أو من القومية نفسها ومن وطن آخر، ومثاله: الشيعي العراقي العربي والسني الإيراني العربي؟
6ـ هل الانتماء العقدي والفقهي للتشيع، والانتماء الاجتماعي للشيعة يقتضي تجاوز ضوابط حدود الجغرافية السياسية والقوانين المحلية والقانون الدولي؟
7ـ هل الشيعي مسؤول فقط أمام الدين والمذهب وأئمة آل البيت والمرجعية الدينية، أو أنّه مسؤول أمام الحاكم والسلطة والقانون، أو أنّه مسؤول أمام الطرفين معاً؟ وكيف تنعكس هذه المسؤولية المركبة على موضوع الانتماء والهوية؟
والهدف طرح هذه الأسئلة الإسهام في إيجاد حلول علمية لإشكالية الهوية الشيعية من جهة، والمشكلتان الطائفية والعنصرية المستعصيتان لدى أغلب نظم الاجتماع الديني والسياسي في المنطقة العربية والإسلامية من جهة أُخرى، وهما المشكلتان اللتان تهددان الأمن المجتمعي، وتفرضان على الشيعة حجراً مركباً في حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر والطقوس.
latest video
news via inbox
Nulla turp dis cursus. Integer liberos euismod pretium faucibua