أتباع الأديان والمذاهب والقوميات في العراق (تقديرات العام 2023)

Last Updated: 2024/03/24By

هل سينجح ابن سعود في غزو النجف؟

د. علي المؤمن

ظلّ النجف الأشرف طيلة (217) عاماً عصيّاً على آل سعود الوهابيين، وبقي صمود أولاد علي متألقاً.. متأصلاً.. مجلجلاً بوجه غزواتهم المتواصلة، كما ظلت الحساسية في النجف تجاه آل سعود والفكر الوهابي عالية جداً.. ولا تزال.

فمنذ العام 1800 م وآل سعود يعملون على غزو النجف مرة أو مرتين في السنة؛ بهدف قتل أهلها وسبي نسائها وتدمير مرقد أمير المؤمنين وسرقته، وحين كانوا يفشلون يتوجهون الى الحلة أو كربلاء وغيرهما من مدن وقصبات الفرات الأوسط العراقي المواجهة لبادية نجد، والتي أخبر رسول الله أن قرن الشيطان يخرج منها.

وفي العام 1802 غزا آل سعود مدينة كربلاء، واستباحوها، وذبحوا أهلها، وقتلوا أطفالها، واغتصبوا نساءها، ودمّروا مرقد الإمام الحسين وحرقوا الضريح، ونهبوا كل ما فيه، كما نهبوا كربلاء وخرّبوها بالكامل، مستغلين وجود أهاليها في النجف لإحياء عيد الغدير. ثم توجهوا الى النجف الأشرف لغزوه، لكنهم عجزوا بسبب مناعة سور النجف وتحصن المقاتلين فيه.

وكان الفشل الأكبر لآل سعود في العام 1807؛ حين أعدوا ما يقرب من (20) ألف مقاتل لغزو النجف؛ فحاصروه أياماً، بينما ظل النجفيون يقاتلون من فوق السور، يقودهم المرجع العظيم الشيخ جعفر كاشف الغطاء. وبعد أيام من الحصار، انسحب الغزاة ليلاً فجأة، بعد تعرضهم لأهوال مناخية. ويتناقل النجفيون عن أجدادهم أن كرامةً حصلت في إحدى الليالي، ولايعرف أحد كيف حدثت؛ لكن المقاتلين فوق السور كان يسمعون صراخ جنود آل سعود في الظلام، وحين بزغ فجر الصباح كان جيش آل سعود قد فر، ولم يخلف سوى عدد من القتلى.

واستمر آل سعود الوهابيون في التعرض للنجف ومحاولات غزوها وتدميرها لعشرات السنين، إلًا أن “المشاهدة” كانوا لهم بالمرصاد، وظلوا يحبطون غزواتهم. وفي المقابل كان آل سعود الوهابيين يغدرون بالمزارعين والرعاة الساكنين خارج السور، ويقتلون الحجاج في بادية النجف وينهبون قوافلهم.

وفيما بعد؛ نظّم المقاومون النجفيون صفوفهم، وكان المواجهة المسلحة على عاتق شباب الزگرت والشمرت. ولكن؛ في مقابل الشرفاء والمقاومين، كان هناك خونة محسوبون على النجف يسكنون في منطقة الرحبة (قرب النجف من ناحية البادية)، يساعدون الغزاة السعوديين، ويدلّونهم على الثغرات داخل النجف وسوره؛ لتسهيل مهمة الغزو والقتل والنهب. وكان هؤلاء الخونة يتذرعون بالخوف على أملاكهم من تدمير الوهابيين، أو أنهم باعوا أنفسهم لآل سعود مقابل حفنة من المال والماشية، أو أن بعضهم كان مخدوعاً بكلام آل سعود، وقدرتهم على بناء علاقات تجارية بين النجف وآل سعود.

وفي كل المحاولات المستميتة التي بذلها آل سعود لغزو النجف وكربلاء؛ فإن الدولة العثمانية الطائفية كانت التي تترك النجفيين والكربلائيين لوحدهم يصارعون السعوديين الوهابيين، لأن الدولة العثمانية ـــ هي الأخرى ــ كيان دموي فاسد حالك السواد.

المحصلة؛ إن آل سعود فشلوا ـــ حتى العام 2024 ـــ فشلاً ذريعاً أمام صمود النجفيين ووعيهم ومعرفتهم العميقة بغدر آل سعود الوهابيين، وأنهم لايمكن أن يكفوا عن فتاوى التكفير والذبح؛ وإن كانت هناك قلة باعت ذمتها لهم، وآخرى انخدعت بزيفهم.

فهل سينجح آل سعود هذه المرة في غزو النجف عبر وسائل غير عسكرية، كالدعاية والإعلام والحرب الناعمة والقنصلية وزراعة البادية وشراء الذمم والملتقيات، وحينها سيذكر التاريخ  أن الوهابيين غزوا النجف في زماننا؟

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment