الحديث الى المسلة

Last Updated: 2024/06/22By

المفكر الدكتور علي المؤمن:

الطاولة السداسية هي الحل الوحيد لتشكيل حكومة العراقية قوية

(موقع المسلة ــ بغداد، 2022 م)

حذر المفكر الاسلامي الدكتور علي المؤمن من وصول مداولات الثنائية الشيعية الى طريق مسدود؛ لأن ذلك سيؤدي الى ولادة حكومة عرجاء، ترافقها فوضى وعراقيل، وسوف لن تستطيع إكمال دورتها.

وقال المؤمن: ((إذا انتهت مداولات الثنائية الشيعية الى طريق مسدود، وكان هناك اصرار على ذهاب إحداهما الى المعارضة؛ فإن الحكومة ستولد عرجاء، وسيضطر الطرف الشيعي الحكومي الى استنزاف مصالح أهل الوسط والجنوب، كما ستسقط الحكومة في مستنقع الاستجوابات والعراقيل وفوضى الشارع، ولن تستطيع إكمال دورتها، بما لايقبل الشك))، وأضاف: ((لا يبدو أن هناك خياراً أمام الفرقاء السياسيين العراقيين، سوى التحلي بالواقعية السياسية، والاذعان للحقائق الضاغظة، وترتيب أوراقهم على أساسها)).

وبشأن مداولات قادة الإطار التنسيقي في بغداد بحضور السيد مقتدى الصدر، قال: ((إن هذا هو الخيار الوحيد، وما أطرحه هنا ليست مقترحات ولا نصائح ولا عرضاً لخيار أمام خيارات أخرى؛ بل أعرض الخيار الوحيد الذي تفرضه أعراف العملية السياسية، في إطار توصيف موضوعي للواقع السياسي، بعيداً عن مزايدات الفرقاء والشعارات والكلام الاستهلاكي الدعائي، سواء أحببنا مشاهد هذا التوصيف أو كرهناها. ويتمثل هذا التوصيف بالمشاهد الرئيسة الثلاثة التالية)).

وأكد الدكتور المؤمن حقيقية أن صناعة القرار في العراق يتقاسمها حالياً قطبان رئيسان، هما السيد مقتدى الصدر والسيد نوري المالكي، وقال: ((التحولات الأخيرة أفرزت نوري المالكي ومقتدى الصدر قطبان رئيسان للساحة السياسية الشيعية؛ بل محوري العملية السياسية في العراق وتفاهمات الكتل، وخاصة ما يرتبط بتسمية الرئاسات الثلاث وتشكيل الحكومة الجديدة. وإن أية محاولات لإلغاء هاتين المحوريتين ودورهما، هو ضرب من الوهم، وستبوء بالفشل إلزاماً، سواء من خلال تصور إمكانية إنفراد أحدهما بتشكيل أكثرية عددية تتجاوز الأكثرية العددية للآخر، أو إمكانية سحب حلفائهما بالاتجاه المقابل. ربما تكون هذه المحاولات ممكنة من الناحية النظرية ونقاشات المجالس وحملات الضغط النفسي والإعلام ومقولات وسائل التواصل الاجتماعي)).

وأشار الدكتور علي المؤمن: ((هناك من يتصور أن المالكي مع حلفائه يمتلك ما يقرب من (85) مقعداً، وأن الصدر لديه مع حلفائه (82) مقعداً تقريباً، ويستطيع أي منهما أن يتفق منفرداً مع بعض الفرقاء الشيعة أو السنة والكرد والمستقلين، ويشكل كتلة يزيد عددها على ثلثي مقاعد البرلمان (220 مقعداً). نعم هذا الأمر ممكناً في حسابات التنظير فقط، لكنه على المستوى العملي سيواجه بثلاثة جدران فولاذية، تسد عليه الطريق:

أولها: إن أياً من الطرفين إذا أراد أن يتحالف منفرداً مع أحزاب السنة والكرد؛ فإنها ستفرض عليه شروطاً باهضة الثمن، ومن شأنها كسر ظهر الشيعة والمزيد من ضياع مقدرات أهل الوسط والجنوب، وهو خط أحمر لن يسمح به إطلاقاً حكماء الشيعة ورعاة الواقع الشيعي، وخاصة النجف والجمهورية الإسلامية، سواء رضينا بهذا التدخل أو لم نرض؛ فنحن نتحدث عن واقع قائم.

والثاني: إن أياً من الطرفين لايمكنه – منفرداً – جمع (220) مقعداً، لعقد صفقة شاملة تشمل الرئاسات الثلاث، مهما قدّم من تنازلات للكتل الأخرى، الكبيرة والصغيرة أو المستقلين؛ لأن انتخاب رئيس الجمهورية بحاجة الى ثلثي أصوات مجلس النواب، حداً أدنى.

أما الجدار الثالث، فيتمثل في امتناع السنة والكرد عن تجاوز الأعراف التي قامت عليها العملية السياسية، وخاصة ما يرتبط باحترام إرادة كل مكون، من خلال كتله التقليدية مجتمعةً، في ترتيب بيتها والاتفاق فيما بينها على تسمية رئيس السلطة التي تمثل حصة المكون، أي أن الكرد والسنة لن يتحالفوا مع طرف شيعي دون غيره في تشكيل الكتلة الأكبر وتسمية رئيس الحكومة، وكذلك الأمر بالنسبة لتحالفات الشيعة مع بعض كتل الكرد والسنة دون غيرها، لتسمية رئيسي الجمهورية ومجلس النواب)).

وأكد بأن ((هذه الجدران الثلاثة تمنع أية محاولة لأحد طرفي الثنائية الشيعية لعزل الطرف الآخر، وسيكون التفرد بالتحالف مع الكتل المكوناتية الأخرى من أجل تسمية الرئاسات الثلاث؛ بمثابة انتحار سياسي واجتماعي)).

وأعاد الدكتور المؤمن الأذهان الى ثلاث دورات انتخابية سابقة، تمثل تجارب واضحة في هذا المجال، بقوله: ائتلاف دولة القانون برئاسة المالكي، حصل على (89) مقعداً في العام 2010، وعلى أكثر من (102) مقعد في العام 2014؛ إلا أنه لم يذهب الى تشكيل الحكومة بمفرده، بمعزل عن التفاهم والتحالف مع الكتل الشيعية الأخرى. وهو ما حصل أيضاً في العام 2018؛ حين أخفق كل من التحالفين الشيعيين (البناء والإعمار) في تشكيل الحكومة منفرداً، بالرغم من دخول كل منهما في تحالفات منفردة مع الكتل السنية. وما لبثا أن اضطرا الى الدخول في تفاهمات ومحاصصات من أجل تشكيل الحكومة. فإذا كانت واقعية المالكي حالت دون ذهابه الى تشكيل حكومة أغلبية في العامين 2010 و2014، وهو يمتلك (89) مقعداً في الأولى و(102) مقعداً في الثانية؛ فكيف يمكن الآن لأي من الطرفين تشكيل حكومة أغلبية، وهو يحوز على عدد أقل بكثير من المقاعد؟!)).

وعرج الدكتور علي المؤمن الى واقع الساحتين السنية والكردية وأقطابها الأربعة: محمد الحلبوسي وخميس الخنجر مسعود البارزاني وبافل طالباني، وأكد بأن محمد الحلبوسي وخميس الخنجر هما قطبا الساحة السنية حالياً، ((ولا خيار لدى السنة سوى تفاهمها على تسمية رئيس مجلس النواب وتنسيب حصة السنة ومرشحيهم للوزارات. وهو ما حصل بالفعل، بعد تدخل المحورين التركي ــ القطري والسعودي ــ الإماراتي؛ ما يدل على سرعة المحورين في وعي ما يفرضه الواقع وأعراف العملية السياسية ومصالح المكون السني)، أما الساحة الكردية فقطباها مسعود البارزاني وبافل طالباني، ((ولا خيار لدى الكرد سوى تفاهمها على تسمية رئيس الجمهورية وتنسيب حصة الكرد ومرشحيهم للوزارات. وقد أذعن القطبان لهذه الواقعية كعادتهما بعد كل دورة انتخابية، ورتبا البيت الكردي بدعم أمريكي؛ بما يحقق مصالح أحزابه)).

ويرى المفكر الدكتور علي المومن بأن ((هذا التوصيف الواقعي، يفرز حقيقة لا مفر منها، تتمثل في أن الحل والربط في تحديد مستقبل الدولة القريب، هو بيد المالكي والصدر بالدرجة الأساس، ومعهما الحلبوسي والخنجر والبارزاني والطالباني))، مشيراً الى استحالة ألغاء ما أسماه (فيتو) أي من هؤلاء الستة فيما يرتبط بتسمية الرئاسات الثلاث وتشكيل الحكومة دون إجماعهم، حتى وإن أجمعت الدول ذات الاهتمام على خلاف ذلك، منوهاً الى ((أن حقيقة محوريات هؤلاء الزعماء الستة، لاتلغي دور الزعماء والائتلافات الأخرى والمستقلين وحقوقهم في الرأي والمناصب؛ بل يعني العمل وفق ما يفرضه الواقع؛ بهدف تغليب المصالح العليا للبلد والإسراع في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وإلّا ستطول مفاوضات الكتل لأجل غير مسمى)).

الدكتور المؤمن وضع خمس خطوات عملية تفرضهما هذه الواقعية؛ وتتمثل بما يلي :

((الخطوة الأولى تتمثل في الاتفاق المفصلي بين المالكي والصدر على تشكيل الكتلة الأكبر، بوصفه الخيار الأفضل، أو التفاهم على مرشح رئاسة الوزراء، وحقوق المكون الشيعي وائتلافاته في المسؤوليات الوزارية وغيرها، بالتشاور مع حلفائهما، كخيار بديل، وهو التفاهم الذي يسبق كل الاتفاقات الأخرى بين الكتل المكوناتية. والخطوة الثانية تقع على عاتق البيت الشيعي ورعاته، عبر الالتئام، لدفع القطبين (المالكي والصدر) نحو خيار الاتفاق. ولا نعني بالاتفاق الصلح الحقيقي أو التحالف بالضرورة؛ بل يعني التوصل الى اتفاق على خطوات مشتركة عملية لتشكيل الحكومة، وضمان استحقاقات المكون الشيعي ومصالح العراق.

أما الخطوتان الثالثة والرابعة فيقوم بهما الحلبوسي والخنجر عبر الاتفاق على تسمية مرشح رئاسة مجلس النواب، وحقوق المكون السني وكل ائتلاف سني في المسؤوليات الوزارية وغيرها، بالتشاور مع حلفائهما، والبارزاني والطالباني على تسمية مرشح رئاسة الجمهورية، وحقوق المكون الكردي وكل ائتلاف كردي في المسؤوليات الوزارية وغيرها، بالتشاور مع حلفائهما.

 

ثم الخطوة الأخيرة التي تتلخص في انعقاد الطاولة السداسية، التي تجمع الزعماء الستة المذكورين، والاتفاق على المبادئ الأساسية، ومنها الاتفاق على مواصفات الرؤساء الجدد، وأسماء المرشحين، وتحديد حقوق الائتلافات في تسميتهم وفي المسؤوليات الوزارية وغيرها)).

وهنا؛ وفقاً للواقعية السياسية، يشير الدكتور المؤمن ((الى قضية واقعية وقائمة، لكنها تثير حساسية الرأي العام العراقي، وتتعلق بتدخل الدول الأخرى في التسميات والترشيحات، وهو ما يسمونه بالوساطات وتقريب وجهات النظر، وهو أمر لا بد منه بين الكتل داخل المكون الواحد؛ بالنظر لحجم الخلافات النفسية، وخاصة داخل المكون الشيعي))، وأضاف: ((إن المحورين التركي والقطري من جهة والسعودي من حهة اخرى (قد  نجح المحوران التركي ــ القطري والسعودي بتوحيد رؤى الكتل السنية؛ بهدف ضمان حقوق المكون السني وكتله، ودخولها متفاهمة الى الجلسة الاولى لمجلس النواب. وهو ما يحصل أيضاً للمساعي الامريكية لتوحيد رؤى الإئتلافات الكردية))، وموكدأ أهمية ((أن تبقى الكتل الشيعية بحاجة الى طرف شيعي أبوي للتقريب بين وجهات نظرها وتوحيد خارطتها، ويتمثل هذا الطرف إلزاماً في النجف والجمهورية الإسلامية))

وختم الدكتور علي المؤمن حديثه بشأن سرعة تشكيل الحكومة، بقوله: ((بعد اتفاق الثنائية الشيعية أولاً، ثم التفاهمات الأولية مع الثنائيتين السنية والكردية ثانياً، وصولاً الى عقد الطاولة السداسية؛ فإن انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب، واختيار الرئاسات الثلاث، وتصويت المجلس على تشكيل الحكومة الجديدة؛ لن يطول أكثر من شهر واحد، وهو ما سيحفظ مصالح المكون الشيعي، ولا يضطره الى تقديم مزيد التنازلات، كما سيحقق للمكونين السني والكردي ما يصبوان اليه من مطالب معقولة، وصولاً الى تشكيل حكومة متوازنة ومقبولة، ويمكنها العمل بهدوء نسبي حتى نهاية دورتها)).

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment