مرجعية رسالة الإمام السجاد في الحقوق

Last Updated: 2024/06/10By

مرجعية رسالة الإمام السجاد في الحقوق

دراسة مشتركة بقلم: الشيخ محمد علي التسخيري وعلي المؤمن

یشكل عنصر الثبات والإلزام أهم العناصر التي تمیز النصوص الإسلامیة المصدریة عن غیرها. وهذان العنصران یدفعان بالنصوص باتجاه الإمساك بزمام الواقع دون أن یحدّها زمان أو مكان، مما یجعلها تتمتع بصلاحیة التطبیق الملزِم في كل الظروف. ویتلخّص هدف هذه النصوص في تنظیم شؤون الحیاة وعلاقات البشر، بالصورة التي تحقق غایة استخلاف الإنسان في الأرض، ومعنی العبودیة الحقیقة لله تعالی. ولا شك أنّ الفهم المتغیر لهذه النصوص ـ تبعاً لسنة التحول في مسارات الحیاة ـ یستدعي إعادة قراءتها باستمرار.. قراءة واعیة تستوعب حقائق العصر ومتطلباته، وبالتالي امتلاك القدرة المنهجیة والعملیة علی إخضاع الواقع برمته للشریعة وأحكامها.

من هنا، ينبغي استعادة قراءة النصوص الإسلامیة ذات العلاقة بحقوق الإنسان، باعتبارها مصدر التنظیر لهذه الحقوق، ومرجعیتها في مجال التطبیق؛ لأنّ حقوق الإنسان ـ في التصور الإسلامي ـ لیست حقوقاً أرضیة وضعیة مجردة عن العلاقة بشریعة السماء، بل هي امتداد لمساري التكوین والتشریع في القانون الإلهي العام الذي ینظم حركة الكون والمخلوقات. وبالتالي فإنّ موضوع حقوق الإنسان في الإسلام یستوعب حقائق التوحید والعدل وحقائق الاستخلاف والإعمار والكدح، وحقائق الثواب والعقاب.

من هذا المنطلق، فقد اخترت للقراءة والتأمل نموذجاً رائداً، هو «رسالة الحقوق» للإمام زین العابدین، التي تعد منهجاً حقوقیاً متكاملاً ووثیقة إسلامیة خالدة، تؤكد ـ مرة أُخرى ـ تفرد الإسلام في بیان حقوق الإنسان بصیغها التكاملیة، ووضعها في إطارها الإلهي ـ البشري الصحیح. وصاحب «رسالة الحقوق» هو الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الملقب بالسجاد وزین العابدین، رابع أئمة أهل البیت، ولد في المدینة المنورة سنة 38 للهجرة وعاش 57 عاماً، تربی في حضن جده الإمام علي وعمه الحسن المجتبی وأبیه الحسین الشهید. وقد أذغن فقهاء زمانه في مختلف الفرق والمذاهب لأعلمیته ومرجعیته للأُمّة في شریعة الله تعالی، حتی قال عنه الإمام الشافعي: إنّه «أفقه أهل المدینة»، في وقت لم یكن في الحواضر الإسلامیة الأُخر من یضاهي فقهاء المدینة.

ولعلّ «رسالة الحقوق»، و«الصحیفة السجادیة» هما من أنفس ما ترك الإمام زین العابدین للأُمّة، في إطار تأصیل الوعي الاجتماعي النوعي وإعادة الروح الإسلامیة الأصیلة إلى حیاة المسلمین. ففي رسالة الحقوق طرح الإمام أُسساً قانونیة تنظم علاقات الإنسان بربه ونفسه والآخرین، وفي الصحیفة السجادیة نظّم أُسلوباً متمیزاً في العلاقة المتواصلة بین العبد وربه، یقوم علی أساس الدعاء والاستعانة بالله في كل أمر وحادث. ویمكن تقسیم الحقوق التي تحدث عنها الإمام زین العابدین في رسالته إلى أربع مجموعات حقوقیة:

الأُولی: الحقوق الإلهیة، التي تنظم العلاقة بین الله وخلقه من البشر، وتنقسم إلى: حقوق الله علی الإنسان، وحقوق الإنسان علی الله.

الثانیة: حقوق النفس، وتنظم العلاقة بین الإنسان ونفسه.

الثالثة: الحقوق الخاصة، وهي التي تنظم علاقة الإنسان (الشخصیة) بإنسان آخر.

الرابعة: الحقوق العامة، التي تنظم علاقات الناس (الاجتماعیة) ببعضهم.

هذه الرؤیة الإسلامیة الشاملة التي تغوص في عمق الحقائق، وتكشف عن أصل الحقوق ونشأتها، تشیر إلى قضیة أساسیة تغفلها النظرة الأرضیة لحقوق الإنسان، وهي العلاقة الترابطیة الأصیلة بین الأرض والسماء، إذ إنّ تنظیم حقوق الإنسان ـ كما یؤكد الإمام زین العابدین ـ لا ینفصل عن تنظیمها مع الله ومع النفس، فهي منظومة متكاملة من الحقوق، ونفصّل فيما يلي مجمل هذه الحقوق:

1- الحقوق الإلهیة:

یقول الإمام زین العابدین: ((فأمّا حق الله الأكبر عليك، فأن تعبده لا تشرك به شيئاً، فإذا فعلت ذلك بإخلاص، جعل الله لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة)). وهنا یكشف الإمام عن حقیقة العبادة، فیحصر المضمون الذي یمنح حیاة الإنسان معناه الحقیقي في البعد العبادي. وفي ذلك إحالة علی الحدیث النبوي الشریف: ((إنّ حق الله علی العباد أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئاً. وحق العباد علی الله عزّ وجلّ ألّا يعذب من لا يشرك به شيئاً)). ویتضح من خلاله أنّ العبودیة هي منشأ حریة الإنسان في الدنیا والآخرة، وهي منطلق معرفة النفس وضمان نجاتها، وهي الدافع نحو إحقاق حقوق الآخرین. وتعبّر الآیة الكریمة: {ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً}([1]) عن حق الله تعالی علی الإنسان في أن یعبده ویلتزم تعالیمه. أمّا الآیة الكریمة: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}([2]) فتتحدث عن حق البشریة علی الله تعالی في أن یرفع عنهم المسؤولیة، ولا یعذبهم حتی یبعث لهم من یرشدهم إلى طریق العبادة.

لقد خلق الله تعالى الناس أحراراً علی أساس العبودیة المطلقة له، والتحرر من كل أنواع العبودیة، ومنحهم حقوقهم بمختلف أشكالها ومسمیاتها من منطلق هذا الجعل التكویني والتشریعي. من هنا، فشرعة حقوق الإنسان في الإسلام تقف علی قاعدة توحید الله تعالی والعبودیة المنحصرة به والإیمان الكامل بتعالیمه، وأنّه الحق المطلق، ومصدر كل الحقوق ومشرّعها، وأنّ الحریة تبدأ به لتنتهي إلیه؛ لأنّه الهدف النهائي للحریة. وبكلمة أُخرى، فإنّ الحریة الإنسانیة تقوم علی أساس تحریر الإنسان من قید العبودیة للنفس والشهوات والأصنام الفكریة والإنسان الآخر. وبالتالي تكون الحریة التي یقرها الإسلام هي الحریة الهادفة المرشدة المنسجمة مع مقاصد الشریعة، والتي تضمن للجمیع حقوقهم في العیش بأمان وتكافؤ الفرص.

ثم یتحدث الإمام السجاد عن بعض العبادات التي تدخل في إطار الحقوق الإلهیة، كالصلاة والحج والصوم ویوضح طبیعة حق كل منها علی الإنسان، ویصفها بأنّها: ((وفادة إلى الله))، وأُخرى ((فرار إليه من ذنوبك)).

2- حقوق النفس:

وهي مجموعة مركبة من الحقوق، تتلخص في أنّ حق النفس هو معرفتها، ویشتمل هذا الحق علی معرفة الإنسان لنفسه ونوازعها وحدودها، ومعرفة طبیعة خلقته وعقله وحواسه. یقول الإمام زین العابدین: ((وأما حق نفسك عليك، أن تستعملها في طاعة الله، فتؤدي إلى لسانك حقه، وإلی سمعك حقه، وإلی بصرك حقه، وإلی يدك حقها…)). فمن خلال معرفة الإنسان قدراته وطاقاته سیتعرف علی إمكانیة تطویعها في طاعة الله تعالی. وهو ما یتضمنه قول الرسول الأعظم: ((من عرف نفسه فقد عرف ربه)).

وبالنظر لسعة موضوع حقوق النفس، وضیق المجال للحدیث عنها بالتفصیل، سنختار نموذجین من حقوق الحواس ـ كما ذكرها الإمام السجاد، وهما: حق اللسان وحق الجار. یقول الإمام: ((وأمّا حق اللسان فإكرامه عن الخنا، وتعويده الخير، وترك الفضول التي لا فائدة فيها، والبر بالناس، وحسن القول فيهم، وحله بالآداب)). والنتیجة أنّ عدم معرفة حق اللسان وحدوده والمعادلات التي یجب أن یتحرك في إطارها، تؤدي بالإنسان إلى الهلكة، وانتهاك حقوق النفس والآخرین.

وعن حق الجار یقول: ((ولا تتبع له عورة، فإن علمت عليه سوء سترته عليه، وإن علمت أنّه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه، ولا تسلمه عند شدائده، وتقيل عثرته، وتغفر ذنبه، وتعاشره معاشرة كريمة)). وفي النتيجة؛ فإن إنّ وضع هذه الحقوق في مسار التطبیق، سیخلق أُسرة متماسكة ومجتمعاً إسلامیاً متعاضداً تسوده روح التكامل والتكافل والتعاون والعدالة ومشاعر الحب والخیر والرحمة.

3- الحقوق العامة:

یتحدث الإمام زین العابدین عن أنواع من الحقوق العامة، كالأمن والاعتقاد والممارسة السیاسیة والعمل والتعلیم والتقاضي والملكیة. ویمكن إدخالها في ثلاث مجموعات حقوقیة رئیسیة: فكریة، سیاسیة، ومدنیة. وسنطرح هنا بعضاً منها، وفقاً للتقسیم الذي اعتمده الإمام:

  • الحق المتبادل بين الحاكم والأُمّة (الحقوق السياسية):

یطلق الإمام زین العابدین علی الحاكم في رسالته صفة (السلطان) أي صاحب القدرة في الدولة أو صاحب السلطة السیاسیة، أیاً كان انتماؤه ومشربه، ودون الإشارة إلى كونه حاكماً شرعیاً أو غیر شرعي. فیقول: ((وحق السلطان أن تعلم [أيّها الإنسان] أنّك جعلت له فتنة، وأنّه مبتلى فيك بما جعله عزَّ وجلَّ له من السلطان، وأن تخلص له في النصيحة، وأن لا تماحكه…)). ویشیر الإمام هنا إلى كون المسؤولیة والحكم فتنة وابتلاء، وبذلك یكون واجباً علی الأُمّة أن تنصح الحاكم وتشیر علیه وتقوّم سیاسته، وفي ذلك صلاح له وللشعب. ویشیر الإمام السجاد في مكان آخر إلى معنی النصیحة والمشورة: ((أمّا حق المستشير إن علمت له رأياً حسناً أشرت عليه بما تعلم أنّك لو كنت مكانه عملت، ولكن ذلك منك في رحمة ولين… وإن لم يحضرك له رأي وعرفت له من تثق برأيه وترضی به لنفسك دللته عليه وأرشدته إليه)). وهذا المستوی في المشورة هو غایة النصح والإخلاص لصلاح الحاكم إذ إنّ: ((المستشار مؤتمن والمستشير معان)) كما یقول الرسول. والإسلام لا یقبل بأيّ لون من ألوان الاستبداد ومصادرة آراء الآخرین وحریاتهم، بل یدعو إلى التكامل في الرأي وإلی المدارسة والتشاور للوصول إلى الرأي السدید، في مختلف قضایا إدارة الدولة والمجتمع، وبالأُسلوب والحدود والوسائل التي قننتها الشریعة. یقول الحدیث الشریف: ((من استبد برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها عقولها)).

وینتقل الإمام السجاد إلى حق الناصح والمشیر، فیقول: ((وحق المشير عليك أن لا تتهمه فيما لا يوافقك من رأيه إذا أشار عليك… فكن عليه في رأيه بالخيار إذا اتهمت رأيه)). وشبیه بذلك حق الناصح: ((وحق الناصح: أن تلين له جناحك، وتصغي إليه بسمعك، فإن أتی بالصواب حمدت الله عزَّ وجلَّ، وإن لم يوفّق، رحمته ولم تتهمه)). وبالتالي فالمشورة أو النصیحة بین المسلمین وبین الحاكم والأُمّة هي تواصٍ بالحق وتواصٍ بالصبر.

أمّا حق الأُمّة علی الحاكم ـ كما یقول الإمام السجاد ـ: ((أن تعلم [أيّها الحاكم] أنهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك، فيجب أن تعدل فيهم، وتكون لهم كالوالد الرحيم، وتغفر لهم جهلهم، ولا تعاجلهم بالعقوبة، وتشكر الله علی ما آتاك من القوة)). فإحقاق حقوق الأُمّة يكون من خلال ضمان العدل والحریات والرحمة والعفو في المجتمع. إذ إنّ العدالة تضمن للأُمّة حقوقها وحریاتها، فهي تعني تقوى الله تعالی في الرعیة: {اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}([3]). أمّا الشكر الذي أشار إلیه الإمام السجاد في حدیثه فیرید به الشكر العملي الذي یتصل بفكر الحاكم وسلوكه، والذي من شأنه تعمیق صلته وعلاقته بالله تعالی.

ومن خلال المشورة والنصیحة وتحكیم سیاسة العدل، ستصلح الأُمّة ویصلح الحكم؛ لأنّ في الشوری والنصح تواصٍ بالحق وتواصٍ بالصبر. یقول الإمام علي: ((فليست تصلح الرعية إلّا بصلاح الولاة، ولا تصلح الولاة إلّا باستقامة الرعية. فإذا أدت الرعية إلى الوالي حقه، وأدی الوالي إليها حقها، عزّ الحق بينهم، وقامت مناهج الدين، واعتدلت معالم العدل)).

  • حق التعليم:

یكشف الإمام زين العابدين هنا عن حق الأُمّة في التعلم وكسب العلم، ویوصي الحاكم بتوفیر أسباب التعلیم لأبناء الأُمّة. یقول: ((وأما حق رعيتك بالعلم، فأن تعلم [أيّها الحاكم] أنّ الله قد جعلك لهم خازناً فيما آتاك من العلم، وولّاك من خزانة الحكمة، فإن أحسنت فيما ولّاك الله من ذلك… كنت راشداً، وكنت لذلك آملاً معتقداً، وإلّا كنت له خائناً ولخلقه ظالماً))، فالإمام یقرن الخیانة بالله بعدم إتاحة الحاكم الفرصة للأُمّة كي تكسب العلم.

  • حق التقاضي:

یذكر الإمام السجاد هنا مجموعة قواعد حقوقیة ـ أخلاقیة، تستوعب طبیعة عمل الحاكم والادعاء العام ومواقف الخصمین (المدعي والمدعی علیه). ففیما یرتبط بحق المدعي یقول الإمام: ((وحق الخصم المدّعي عليك، فإن كان ما يدّعي عليك حقاً كنت شاهده علی نفسك، ولا تظلمه، وأوفيه حقه. وإن كان ما يدّعي عليك باطلاً رفقت به، ولم تأت في أمره)). أي أن یشهد المرء علی نفسه إن كان ذلك هو الحق.

وإذا كانت الدعوی باطلة، فإنّ الإمام یطلب من المدّعى علیه أن یرفق بصاحب الدعوی ولا ینتقم منه، وحول حق المدّعی علیه یقول الإمام السجاد: ((وأمّا حق خصمك الذي تدّعي عليه، إن كنت محقاً في دعواك، أجملت مقاولته، ولم تجحد حقه، وإن كنت مبطلاً في دعواك اتقيت الله عزّ وجلّ وتبت إليه وتركت الدعوى)). وتنسحب هذه القواعد الحقوقیة علی عمل القضاء برمته، ولا سيّما جهاز الادعاء العام، بل وعلی مجمل علاقة الدولة بالأُمّة.

  • الضمان الاجتماعي:

وهو حق تشترك الدولة مع المجتمع والأفراد في حمایته وتعزیز موقعه. ویشیر إلیه الإمام زین العابدین في سیاق حركة المال الفردي والاجتماعي والإحسان والتصدق والإنعام والمعروف، بهدف ضمان أوضاع اجتماعیة واقتصادیة مناسبة للفرد والمجتمع، وخلق حالات نوعیة وكمیة من التكافل الاجتماعي بین أفراد المجتمع. ومما یذكره الإمام في مجال حق المجتمع علی الفرد: ((وحق أهل ملتك إضمار السلامة والرحمة لهم، والرفق بمسيئهم، وتآلفهم واستصلاحهم، وشكر محسنهم، وكف الأذى عنهم، وتحب لهم ما تحب لنفسك، وتكره لهم ما تكره لنفسك)).

وبشأن حركة المال في المجتمع وحق أفراد المجتمع فیه، یقول الإمام: ((وحق مالك فأن لا تأخذه إلّا من حله، ولا تنفقه إلّا في وجهه، ولا تحرفه عن مواضعه، ولا تصرفه عن حقائقه، ولا تجعله إذا كان من الله إلّا إليه، وسبباً إلى الله، ولا تؤثر به علی نفسك من لا يحمدك، فاعمل فيه بطاعة ربك، ولا تبخل به فتبوء بالحسرة والندامة مع التبعة)). ودون شك فإنّ هذا اللون من أداء الحق والبذل والعطاء، الذي یتكامل فیه البعدین المعنوي والمادي، كفیل بتطبیق أروع نظام للضمان الاجتماعي.

  • حق أهل الذمّة:

وهم النصاری والیهود وغیرهم من أهل الكتاب الذین یقیمون في الدولة الإسلامیة، وتجمعهم بالمسلمین معاهدة تعایش، أو ما یعرفون الآن بـ (الأقلیات الدینیة). وهؤلاء یتمتعون بحقوقهم الدینیة والمدنیة كاملة في ظل المجتمع الإسلامي، في حال التزموا بالعهود والمواثیق المعقودة بینهم وبین المسلمین. یقول الإمام زین العابدین: «وأمّا حق أهل الذمة: أن تقبل منهم ما قبل الله عزّ وجلّ منهم، ولا تظلمهم ما وفوا لله عزّ وجلّ بعهده… وتحكم فيهم بما حكم الله به علی نفسك فيما جرى بينك وبينهم من معاملة، وليكن بينك وبين ظلمهم من رعاية ذمة الله والوفاء بعهده وعهد رسوله حائل، فإنّه بلغنا أنّه قال: ((من ظلم معاهداً كنت خصمه؛ فاتق الله…)).

وأخیراً: فإنّ «رسالة الحقوق» للإمام زین العابدین، تبقی مادة غنیة للدراسة والبحث الحقوقي، وهي بحاجة إلى أن تخصص لها مساحات أوسع، بهدف الاستفادة من تعالیمها الرفیعة في تحكیم دعائم مجتمع العدالة الإسلامیة.

([1]) الكهف، الآية 106.

([2]) الإسراء: 15.

([3]) المائدة: 8.

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment