مبدأ الشورى في النظام السياسي الإسلامي ومنع ظهور الاستبداد

Last Updated: 2024/06/10By

مبدأ الشورى في النظام السياسي الإسلامي ومنع ظهور الاستبداد

علي المؤمن

 

مفهوم الاستبداد

الاستبداد السياسي نمط من أنماط ممارسة السلطة، وكانت توصف به الحكومات المطلقة في أوروبا، والتي ينفرد فيها الملك أو الأمير أو الحاكم بالرأي، ولا يسمح لأي رأي آخر أو مشورة، ولا سيما من الشعب، الذي يتعامل معه تعامل الأب مع أسرته أو السيد مع خدمه. ولهذا المفهوم حضور تاريخي في الأدبيات السياسية لبعض الفلاسفة المسلمين، ولا سيما إخوان الصفا في رسائلهم وابن خلدون، في مقدمته، الذي عدّ الاستبداد من أسباب انهيار الحكم. ولم تختلف الحكومات الملكية في الغرب أو الشرق عن بعضها في ممارسة الاستبداد، وكان كل منها يعطي تسويغاً قيمياً لهذه الممارسة، يدخل في إطار الدين أو الأخلاق أو العرف الاجتماعي، فالملك والأمير والسلطان هو كبير الأسرة وربها، وهو سيد الشعب وحكيمه، وهبة السماء للوطن والأمة، الأمر الذي يسوّغ له الاستبداد في الرأي وفي ممارسة السلطة، وقمع أي رأي مخالف أو نصيحة؛ لأنه فوق النصحية والمشورة والقانون، فهو أعلم بمصلحة الأمة من نفسها، ومن هنا حق له مصادرة رأيها ومعاقبتها إذا تجرأت وقدمت رأياً لا يتطابق ورأي الحاكم.

ولم تقتصر ممارسة الاستبداد على الحكومات الملكية والسلطانية؛ بل تعدّته إلى الحكومات التي أضفت على نفسها مسوحاً شعبية، كالحكومات الجمهورية التي يمارس فيها الرئيس حكماً فردياً مطلقاً، أو يمارس فيها الحزب (في أنظمة الحزب الواحد) حكماً استبدادياً. وأعطى علماء السياسة هذه الحكومات أسماء عدة، كالحكم الدكتاتوري، سواء دكتاتوريات الحاكم الفرد أو دكتاتوية الطبقة أو دكتاتورية الحزب الواحد. والاستبداد هو السمة الأساس التي تجمع بين هذه الدكتاتوريات. وهناك أيضاً الحكم الأوتوقراطي الذي يرادف الحكم الدكتاتوري الفردي، ففي الحكم الأوتوقراطي يجمع الحاكم جميع السلطات في يديه، ولا يسمح لأي شخص آخر بأن يشاركه الرأي، ولأي قانون بأن يكبح جماحه، فهو صاحب القرار الأول والأخير، وهو المشرّع والمنفذ والقاضي، وهو فوق القوانين والشرائع والحدود والأعراف. وتتميز أنظمة الحكم الأوتوقراطية والدكتاتورية في العصر الحديث باستخدامها آليات وشعارات شكلية تمنحه شرعية أي عمل استبدادي يقوم به، كالدستور والقانون والمؤسسات وغيرها، في حين لم تكن الأنظمة الاستبدادية التقليدية بحاجة إلى مثل هذه الآليات والشعارات؛ لأنها كانت تنسب نفسها إلى قيم دينية أو اجتماعية أو أخلاقية. كما تتميز الأنظمة المستبدة المعاصرة باستثمارها أساليب تعبوية جماهيرية لدفع شبهة الاستبداد عنها، سواء من خلال الإعلام أو المنظمات الحزبية أو المؤسسات التعليمية أو المهنية. ومجموع هذه الأساليب – سواء التي كانت الحكومات المستبدة القديمة أو الحديثة تستثمرها – هدفها إضفاء المشروعية على هذه الحكومات.

ويرى الباحث الفرنسي المعاصر «موريس دوفرجيه» بأن انتشار النظم الدكتاتورية بصورتها الحديثة جاء مع الثورة الفرنسية (1789) وشبّه هذا الانتشار بالوباء الكبير؛ لأن الاستبداد هو مرض نظم الحكم، وهو مرض معدٍ، ينتقل من نظام إلى آخر في البلد نفسه أو من بلد إلى آخر(*). كما أن كثيراً من الأنظمة الاستبدادية شيّد استبداده على أنقاض أنظمة استبدادية أسقطها تحت شعار القضاء على الاستبداد.

مسارب الاستبداد في النظامين الثيوقراطي والديمقراطي

من خلال دراسة البنية النظرية وسلوكيات النظامين الثيوقراطي والديمقراطي، نتوقف على احتمالات ظهور الاستبداد ومستوياته ومساربه فيهما:

1 – النظام الثيوقراطي:

وهو بطبيعته يمثل حكماً استبدادياً مطلقاً، إما أن يكون حكم مجموعة مستبدة، أو حكماً فردياً متمثلاً بالإمبراطور أو الأمير أو البابا. والحاكم الثيوقراطي يجمع كل سلطات الدولة بيده، دون قانون أو شريعة. ويستغل المستبد في ممارساته الاستبدادية مجموعة من القيم المنسوبة إلى الدين والأخلاق، الأمر الذي يجعله شخصاً مقدساً وتصرفاته مقدسة وواجبة الطاعة، وأن كل من يعترض على سلوكياته هو خارج على الشريعة، ويستحق العقوبة. ويعطي الحاكم الثيوقراطي نفسه إبطال أي قانون أو تشريع، أو تفسيرهما وتحريفهما كما يشاء. وقد أثبتت التجربة التاريخية للأنظمة الثيوقراطية، أنها كانت تمارس أبشع أنواع الاستبداد وسلب الحريات وكتم الأنفاس. وما محاكم التفتيش إلا إحدى مؤسسات الحكم الثيوقراطي، والتي تأخذ على عاتقها التفتيش عن آراء الناس ومعتقداتهم في مختلف المجالات السياسية والدينية والاقتصادية وغيرها، وحتى في مجالات العلوم النظرية والتطبيقية، وتحكم بالزندقة والكفر على من تريد التخلص منه، ومن أساليبها في تطبيق الحكم: الحرق وقطع الرأس والشنق، إضافة إلى الأحكام الأخف، كالحبس المؤبد وغيرها.

2 – النظام الديمقراطي:

جاءت الديمقراطية بأفكارها وأساليبها رداً على الاستبداد وسلطاته، أي إنها ولدت في بيئات الاستبداد والدكتاتورية، التي كانت تتمثل بالحكومات الأوتوقراطية والأرستقراطية المدعومة من الكنيسة غالباً، لتقضي عليها. ولكن الديمقراطية لا تزال عاجزة – في الواقع – عن الحيلولة دون بروز أنواع معقدة ومستترة من الدكتاتوريات والاستبداد المتجذر في أنظمتها السياسية، والتي تعيش تعارضاً داخلياً بين سلوكيات متباينة، وازدواجية بين النظرية والتطبيق. والحقيقة أن هذا العجز اكتشف مبكراً ومن خلال تجارب ديمقراطية بدائية، فقد استشرف بعض المفكرين هذا الواقع منذ بروز الإرهاصات الأولى للتطبيق الديمقراطي، خلال الثورة الفرنسية وفي أعقابها، ومنهم فقيه الديمقراطية «روسو»، الذي يلفت النظر إلى الفوضى التي تتسبب بها الديمقراطية، والتي يرى البعض – مثل أمير البوسنة آنذاك – أن الشعب يجب أن يتحملها؛ باعتبارها أفضل من السلم مع العبودية، فيقول: «ما من حكومة تتعرض إلى الحروب الأهلية والفتن الداخلية كالحكومات الديمقراطية والشعبية، وذلك لأنه ليس من حكومة مثلها تميل بقوة واستمرار إلى تغيير شكلها»(*). وليس ضرورياً أن تكون الحروب الأهلية والفتن هذه ظاهرية وشفافة؛ بل إن تراكم الخبرة لدى حكّام الأنظمة الديمقراطية، جعلهم يمارسونها بصورة غير مكشوفة للشعب، حيث تدور رحاها خلف الكواليس، بين الأحزاب السياسية والجماعات الآيديولوجية والمجموعات المالية والاقتصادية.

وكما ظلت الديمقراطية محافظة على مضامينها ومعظم آلياتها التي ورثتها من القرن الثامن عشر، فإن النقد ظل أيضاً مفتوحاً على الزمان ومتراكماً، إذ يقول «دوفرجيه» إن الأنظمة تعيش على مفهوم خاطئ للديمقراطية صنعه المشرِّعون في إطار فلسفات القرن الثامن عشر، فتعابير «حكومة الشعب الشعب» و«حكم الأمة من قبل ممثليها» هي تعابير جميلة، ولكنها غير واقعية؛ فلم «يكن هناك ديمقراطية حقة أبداً ولن يكون مطلقاً. إنه مناف للنظام الطبيعي أن يحكم هذا العدد الكبير… فالمناداة بوحدة الحاكمين والمحكومين، بوحدة القاهرين والمقهورين، تشكّل وسيلة مدهشة لتبرير طاعة المحكومين للحاكمين(*) ويضيف: «وعملياً تغطّي المسحة الديمقراطية والبرلمانية دكتاتورية قاسية»(*). فالالتفاف الذي ظلت النخب السياسية والاقتصادية تقوم به على الديمقراطية، أنتج استبداداً من نوع خاص – كما سيأتي – وهو ما يعبّر عنه الباحث الفرنسي المعاصر «جان توشار» بالاستبداد الذي تلده الديمقراطية(*).

وبما أن العملية الانتخابية التي ينتج منها اعتماد رأي الأكثرية، هي الآلية المحورية للديمقراطية، وخيارها الوحيد، فإن الاستبداد الذي تحدّث عنه منتقدو الديمقراطية يبدأ بهذه العملية. وينتهي بممارسة الجماعة الفائزة للسلطة. ففي العملية الانتخابية التي تحتكرها الأحزاب لا ترشّح سوى النخب الحزبية، أي القادة والكوادر الحزبيين الذين يشكّل معظمهم ممثلين لجماعات الضغط، وفي مقدّمهم أصحاب رؤوس الأموال وبعض المجموعات الآيديولوجية. والقوائم الحزبية الانتخابية لا تمثّل – في حقيقتها – التيارات الشعبية؛ بل تمثّل تلك النخب التي هي شكل حديث أكثر تعقيداً من أشكال الارستقراطية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. والحقيقة أن الأحزاب وأساليبها في الأنظمة الديمقراطية قطعت الطريق على العلاقة بين الناخب والنائب، وبين الشعب والبرلمان، إذ إن الناخب – كما يقول «دوفرجيه» – ينتخب من يختاره الحزب، ثم يكون المرشح الفائز بعدها ممثلاً للحزب في البرلمان وليس وكيلاً عن الأمة(*). وبالتالي فإن قوى الضغط والنفوذ السياسية والاقتصادية هي التي تقف وراء عملية الترشيح، ثم تجني ثمار العملية الانتخابية بعد فوز المرشح. ولا يختلف الأمر كثيراً بين الأنظمة البرلمانية أو الرئاسية، فالرئيس هو مرشح أحد الأحزاب الكبيرة وانتخابه يمثل انتصاراً للقوى المستفيدة. وعموماً فإن الأحزاب وجماعات الضغط تمارس أشكالاً أخرى من الاستبداد الديمقراطي خلال العملية الانتخابية منها:

1 – الاستبداد الدعائي الذي يضطهد المواطن نفسياً، ولا يترك له مساحة حقيقية من الحرية في التصويت. إضافة إلى شراء الأصوات، وفي المقدمة أصوات بعض أصحاب النفوذ الاجتماعي والاقتصادي، مقابل منحهم امتيازات شخصية، ويقوم هؤلاء بالضغط على المواطنين بأساليب شتى. وخلف هذا الاستبداد تكمن السيطرة الخفية على معظم خيوط العملية الانتخابية.

2 – التزوير في الأصوات، وهي عملية سهلة، وتستخدم فيها أساليب مختلفة على مستوى عال من الدقة. ولا سيما أن القوى المسيطرة على الواقع السياسي تمتلك كل هذه الأساليب، بما في ذلك العصابات المسلحة والخطوط المائلة العاملة في هيئات الإشراف على الانتخابات، وبالتالي سيفوز من يمتلك الأساليب الأذكى والنفوذ الأكثر تأثيراً.

3 – الضغوط المختلفة لتسيير الانتخابات بالاتجاه الذي تريده الجماعات المستفيدة. ومن ذلك الضغوط المالية (الإغراءات المالية) لكسب الأصوات، والضغوط السياسية (الإغراءات أو التهديد) على بعض التيارات والمجموعات الاجتماعية أو السياسية الأصغر وغيرها.

هذا الاستبداد الديمقراطي في العملية الانتخابية هو جزء من الصراع على السلطة والنفوذ وعلى الامتيازات السياسية والاقتصادية بين القوى السياسية والاقتصادية التي تحتكر الساحة السياسية ورأس المال، وتختفي وراء ستار الديمقراطية، وكل ذلك إفراز طبيعي للنظم الرأسمالية والليبرالية التي تطبّق الديمقراطية فيها.

وبعد فوزها في الانتخابات وإمساكها بالسلطة، تبدأ هذه القوى – وهي قوى محترفة تتداول السلطة فيما بينها – بممارسة أنواع من الاستبداد أكثر تعقيداً؛ لأنها تزعم تمثيل الأكثرية؛ وهذا التمثيل يخولها التفرد في الممارسة السياسية والاقتصادية وفي تنفيذ مخططها، مع إعطائها مساحة واسعة من الحرية للصحافة ووسائل الإعلام لمعارضتها، وهي المساحة نفسها الممنوحة لممثلي الأقلية (المعارضة). والأكثرية المزعومة تمثّل 50% + 1 من الأصوات، أي نصف أصوات المقترعين مع صوت واحد، ووفقاً لذلك ستمارس استبداداً بالسلطة أو احتكاراً لها في مواجهة الـ 50% – 1 من الأصوات، أي أقل بصوت واحد من نصف المقترعين، ويمثلون الأقلية، إذ ستحرم الأكثرية الأقلية ممارسة السلطة، سوى التعبير السياسي والإعلامي عن الاعتراض(*)، وهو ما يسميه المفكر الفرنسي «ألكس دي توكفيل» (1805 – 1859) والمفكر الإنجليزي «جون ستيوارت مل» (1896 – 1873) دكتاتورية الأغلبية أو طغيان الأغلبية. وقد تنبه هذان المفكران للموضوع في وقت مبكر. ففي الجزء الأول من كتاب «دي توكفيل» «الديمقراطية في أمريكا»، الذي صدر في عام 1835 تحت اسم «طغيان الأكثرية»، عدّ هذا الطغيان الذي يتستر خلف الممارسة الديمقراطية، تهديداً خطيراً للحرية، الأمر الذي ينعكس سلباً على حرية الفرد وحرية الشعب، وبذلك فإن هذا الطابع الدكتاتوري والاستبدادي للأغلبية يعد من «أهم مشكلات المجتمع الديمقراطي»(*). بينما درس هذه الظاهرة جون سيتوارت مل في كتابه «الحرية»، ووصف طغيان الأكثرية بأنه شر ينبغي على المجتمع أن يحترس منه»(*).

والحقيقة أن هذه الأغلبية – التي يتحدث عنها مفكرو الديمقراطية – ليست أغلبية؛ بل إنها مجرد أقلية ضئيلة، قياساً بعدد الذين يحق لهم التصويت، فالحزب الذي يدخل الانتخابات، تسيطر عليه مجموعة من السياسيين الذين يمثلون مراكز الضغط والكارتلات الاقتصادية وأصحاب رؤوس الأموال، ويقوم هذا الحزب بترشيح أعضائه ممن يمثلون هذه المراكز، وبصورة متوازنة، والذين يشتركون في الانتخابات – عادة – لا يزيدون على 30% ممن لهم حق التصويت. ومن مجموع الـ 30% يصوّت ما يقرب من 16% للمرشح الفائز، أي 8% فقط من عدد السكان. فتكون النتيجة أن أصوات 8% فقط تعلو على أصوات 92%. وهؤلاء الـ 8% سيمارسون استبداداً (ديمقراطياً) ضد الأغلبية الساحقة للشعب، من خلال الدعاية والإعلام والأمن والسياسة والاقتصاد، طبعاً، هذا في أحسن أحوال الممارسة الديمقراطية، وإلا فالمرشح المنتخب يمثّل – في الواقع – حزبه والقوى المسيطرة على الحزب، وهذه القوى التي لا تمثّل أكثر من 1% من السكان، هي التي تدّعي تمثيل الأكثرية.

وقد تحدث عن هذه القضية بإسهاب كثير من الباحثين والمفكرين السياسيين، ووجدوا في النظام الحزبي التفافاً واضحاً على الفكر الديمقراطي، الأمر الذي جعل الأساليب المعمول بها تتعارض والنظرية، إذ «إن النظام الحزبي الملازم للديمقراطية التقليدية هو أحد وسائل إفساد هذا النظام والانحراف به عن غاياته وأهدافه.. إن من شأن التنظيم الحزبي المعاصر أن يجعل السيطرة في النهاية لزعامة الحزب التي تتمثل بفرد أو عدد محدود من الأفراد ما يؤدي بالديمقراطية في ظل التنظيم الحزبي إلى أن تتحول إلى حكم الأقلية لا إلى حكم الأغلبية»(*). وحكم الأقلية الذي يمثله الحزب الحاكم وتفرزة الديمقراطية «لا يمكن أن يسفر إلا عن حكام من فصيلة واحدة، ومن طبقة واحدة، طبقة الحاكم أبداً(*). وهذه الأقلية من الطبيعي أن تمارس دكتاتوريتها التي يسمح بها القانون، فتنفرد بالسلطة (التشريعية والتنفيذية) وتنفرد بالقرار السياسي والاقتصادي.

وتبرز مفارقة كبيرة في هذا المجال طرفاها: النظم الديمقراطية التقليدية والنظم الماركسية، فالماركسيون وجدوا في النظام الحزبي الديمقراطي نظاماً غير ديمقراطي، ويحمل في داخله دكتاتورية تمارسها الطبقة الرأسمالية، وطرحوا نظاماً بديلاً اعتبروا أنه الأكثر انسجاماً مع روح الديمقراطية، وهو ما أطلقوا عليه «الديمقراطيات الشعبية»، أي ديمقراطية كل الشعب الذي يحوله النظام الماركسي إلى طبقة واحدة تمارس حقها في الاستبداد والدكتاتورية؛ لأنها تمتلك قرارها، وهي «دكتاتورية الطبقة العاملة». وقد مارست هذه الديمقراطيات الشعبية بدورها أبشع ألوان الاستبداد والدكتاتورية، بذريعة أنها تمثل دكتاتورية الأكثرية (البروليتارية) في مقابل دكتاتورية الأقلية (البرجوازية) التي تحكم النظم الديمقراطية التقليدية.

إن ديمقراطية الأقلية الحاكمة هي في الحقيقة ديمقراطية الأقوياء، أو الأقلية القوية، التي تملك كل شيء، ولا سيما التنظيم والمال والدعاية، وهي الوسائل التي تحكم بها الشعب وتمسك بقراره، وتحوّل الحكومة والدولة إلى أدوات لصيانة مصالحها التي قد تطلق عليها عناوين المصالح العامة أو مصلحة الأمة أو المصالح الوطنية، وفي مقدمة هذه المصالح الحيلولة دون اختراق النظام من قبل تيارات عقائدية أخرى لا تؤمن بالرأسمالية الليبرالية أو لديها توجهات تعارض الفكر الديمقراطي. فرغم دعوتها لضمان الحريات والحقوق السياسية والاجتماعية، فإن الأنظمة الديمقراطية التقليدية لديها ثوابتها، ومن ذلك عدم السماح للأحزاب الماركسية أو الجماعات الدينية بالوصول إلى السلطة؛ بل تعمل على قمعها بكل الوسائل السلمية، وفي مقدّمها القانون والدعاية. ويعتبر حرّاس الديمقراطية أن هذه الممارسة حق طبيعي، كي لا يصل إلى السلطة من يهدف إلى الإطاحة بالجهود التي بذلت من أجل إقامة الأنظمة الديمقراطية. وفضلاً عن التطبيق المحلي، فإن هذه الأنظمة تناقض نفسها في الخارج أيضاً، فمعظمها مارس ولا يزال يمارس سياسة في الخارج تناقض المبادئ الديمقراطية، وفي مقدّمها الحريات وحق الشعوب في تقرير مصيرها. فظواهر الاستعمار واستعباد الشعوب الأخرى ونهب ثرواتها واحتلال أراضيها وقمع حركاتها التحريرية بأبشع الأساليب، هي من الظواهر التي بلورتها ودفعتها الأنظمة الديمقراطية التقليدية في الغرب إلى الأمام. وهذه الظواهر هي إفراط طبيعي للظاهرة الموجودة في الداخل؛ لأنها تحقق للأقلية الحاكمة التي تمثل القوى السياسية والاقتصادية الأساسية في البلد، مصالحها السياسية والاقتصادية الخاصة، وإن حملت عناوين وطنية وشعبية، وهذه الظاهرة تؤكد الحقيقة القائلة بأن الأداء والممارسة والتطبيق هي الأهم في تقويم أي نظام سياسي، ولذلك يجب عدم التوقف فقط عند النظرة السياسية أو النظام الفكري الحاكم.

النظام الإسلامي والموقف من الاستبداد

جاء الإسلام بالشريعة التي تحقق آمالها بإقامة العدل وإشاعة الإحسان وضمان السعادة المادية والمعنوية، وتبشر بالحق والأخلاق والخير والحرية، وتقضي على كل ألوان العبودية والاستبداد والظلم. فكان لزاماً على النظام السياسي الذي يترشّح عن هذه الشريعة أن يحمل الصفات ذاتها. والحقيقة أن التناقض الذي ظل قائماً في التجربة التاريخية لدول المسلمين السلطانية، بين انتسابها إلى الإسلام ونظريتها وممارستها، فضلاً عن تجربة الحكومات الثيوقراطية التي تنتسب إلى المسيحية، وهو ما تم الحديث عنه في الفصول السابقة، دفع العلمانيين إلى الربط بين الحكم الديني والاستبداد، وأسقطوا تلك التجارب على النظام السياسي الإسلامي الحديث، وقالوا باستحالة أن يكون الحكم الديني شعبياً، فهذا الربط لا ينطلق من قراءة موضوعية علمية لواقع هذا النظام. وفي هذا المجال يتساءل آية الله علي خامنئي: «كيف يمكن أن تكون الحكومة الإلهية شعبية أيضاً؟ وهل إن عبارة الجمهورية الإسلامية التي تجمع بين الحكومة الإسلامية والحكومة الشعبية، هي عبارة صحيحة، أم فيها شيء من التسامح؟ في الواقع إن لقضية التناقض المدّعى وجوده بين الحكومة الإسلامية والحكومة الشعبية سوابق تاريخية. فطيلة التاريخ الماضي كانت معظم الحكومات التي قامت باسم الدين حكومات استبدادية، كما تدل على ذلك المعطيات التاريخية، بحيث إنه لم يكن للشعب والرأي العام فيها أي دور يذكر»(*).

من هنا فإن إشكالية الاستبداد لا يوجد لها موقع في النظرية السياسية الإسلامية، كما جاءت الآليات التي أقرّتها هذه النظرية من خلال النظام السياسي الإسلامي الحديث لتؤكد هذه الحقيقة، رغم أن بعض الممارسات اليومية قد تدفع بعض المنتقدين إلى التذرع بها في إطار الحديث عن تلك الإشكالية.

وليس هدف النظام الإسلامي إطلاق الحريات؛ بل هدفه تحقيق العدل والقسط، فالاستبداد لا يقابل الحرية، كما هو في الفكر الديمقراطي؛ بل يقابل العدل، وهو العدل الشامل، كما أراده الله تعالى للإنسانية، وفي كل مجالات الحياة، فالعدالة السياسية لا تنفصل عن العدالة الاجتماعية والعدالة الاقتصادية وغيرها. والعدل الذي ينشده الإسلام هو أساس الملك ومضمون السلطة، ويعني «وضع الأمر في موضعه». في حين أن إطلاق الحريات يؤدي بصورة أو أخرى إلى الاعتداء على حقوق الآخرين وحرياتهم، وإلى تجزيء الحرية والحق، والنظرة إليهما نظرة أحادية ذاتية، رغم الكوابح التي يمكن وضعها للحيلولة دون حدوث ذلك، وهو ما يمكن مشاهدته في تعامل الأنظمة الديمقراطية التقليدية مع حقوق الشعوب الأخرى وحرياتها؛ بل ومع كثير من الفئات الاجتماعية في داخل البلدان التي تحكمها تلك الأنظمة، كما مر.

ويضرب الإمام الخميني مثلاً على نوعية العدالة التي ينشدها النظام الإسلامي، فيقول: «لو صفع رئيس الجمهورية [في النظام الإسلامي] شخصاً فقيراً دونما سبب أو مجوز، فقد سقط وانتهت رئاسته للجمهورية، وعليه أن يتنحى عن منصبه جانباً، ويأتي ذلك الشخص المضروب فيصفعه على وجهه واحدة بواحدة»(*). أي إن العدالة والكفاءة ورضا الناس هي ملاكات تسلّم المسؤوليات في النظام الإسلامي، فممارسة أي عمل يخالف العدالة يعني الظلم، وبالتالي سقوط المسؤول في أي موقع كان.

ويقوم النظام الإسلامي الحديث على دعامتين أساسيتين، هما: ولاية الفقيه وشورى الأمة، وهما في الوقت نفسه ضمان عدم تحول الحكم إلى حكم استبدادي. فمن أولى وظائف الولي الفقيه مراقبة أجهزة الدولة وقادتها، والحيلولة دون ممارسة أي لون من ألوان الاستبداد والاستئثار بالسلطة، كما أن الولي الفقيه يأتي إلى الحكم بتحقق الشروط فيه، وأهمها: الفقاهة والعدالة والكفاءة، وهي شروط تحول دون تصرف الولي الفقيه تصرفاً استبدادياً، فضلاً عن أن أهل الحل والعقد من فقهاء الأمة يراقبون هذا الفقيه الحاكم ويسقطونه إذا مارس أي ظلم أو استبداد؛ بل إنه يسقط تلقائياً؛ لأنه فقد أحد شروط الولاية، وهو العدالة(*). والحقيقة أن الولاية هي للمنصب وليس للشخص، أي إنه ليس وليّاً بذاته؛ بل وليّ لأنه فقيه حاز شروط المنصب، وهذا هو الفرق الأساس بينه وبين الإمام المعصوم في النظرية السياسية الشيعية، فشخصية الإمام المعصوم ومنصبه لا ينفصلان (وحدة الشخصية الحقيقية والشخصية الحقوقية)، بينما هما منفصلان في الولي الفقيه، إذ إن «شخصية الولي الفقيه الحقيقية لا تختلف عن الآخرين، فهو يدلي في الانتخابات بصوت واحد. أما شخصيته الحقوقية [منصبه] التي تتعلق بفقاهته فهي شيء آخر، إذ تطيعه الملايين في كل أمر ونهي يصدر عنه، كما أن عليه هو أيضاً أن يعمل بهذه الأوامر والنواهي… أي إن شخصيته الحقوقية التي ترتبط بالفقاهة والعدالة والإدارة والتدبير وتصريف أمور البلاد هي التي لها الولاية، وليس لشخصه»(*).

والضمان الثاني لتطبيق العدالة في النظام الإسلامي هو الشورى، أي تدخّل الأمة في عمل النظام الإسلامي، ومشاركتها في القرار على مختلف المستويات وممارستها الرقابة على أجهزة الحكم. فالأمة هي التي تشكّل مجالس الشورى، العامة والخاصة والمحلية والمهنية وغيرها، أي إن الشورى موجودة في كل زاوية من زوايا النظام، «فالنظام الإسلامي يقوم على الشورى والبيعة، وعلى حدود مرسومة بين الحاكمين والمحكومين، وعلى جواز عزل الحاكم، ولا تسمح الأنظمة الدكتاتورية بشيء من ذلك»(*). وبالتالي فالشورى – كما سيأتي – تحول دون استبداد أي سلطة أو جهاز مسؤول في النظام الإسلامي، مهما كان موقعه، سواء كان الفقيه الحاكم نفسه أو رئيس الجمهورية أو البرلمان، لا في التشريع ولا التخطيط ولا التنفيذ.

وقد تمّ توزيع السلطات في النظام السياسي الإسلامي توزيعاً متوازناً، ووضعت آليات تلزمها بقوانين الشريعة الإسلامية وبرقابة الفقيه الحاكم ورقابة مجالس الشورى ورقابة الأمة. وحدد دستور الجمهورية الإسلامية هذه الآليات في إطار ضوابط قانونية واضحة، فضلاً عن الضوابط الشرعية والمعنوية التي حددتها الشريعة الإسلامية. يقول الإمام الخميني: «وليس لأحد أن تكون بيده الحكومة (المطلقة) لا الفقيه ولا غير الفقيه، وإنما الجميع يعملون طبقاً للقانون، وهم مجرد منفذين له وحسب. والفقيه [الحاكم] ليس فقط لا يريد ارتكاب مخالفة، وليس فقط لا يريد فرض سيطرته على الحكومة، وإنما يريد أن لا يسمح لهذه الحكومة بأن تعود إلى ما كان عليه الوضع سابقاً، وإلى الوضع الطاغوتي والدكتاتوري، ويريد أن يمنع حصول ذلك»(*). ويضيف في مكان آخر: «والحكومة الإسلامية هي الحكومة التي تأتي لمحو الدكتاتورية، وإن الشخص الذي يفوّضه الإسلام للحكم يخالف الدكتاتورية انطلاقاً من دينه، فدينه يحكم عليه بعدم انتهاج الدكتاتورية»(*).

ووضع دستور الجمهورية الإسلامية نظاماً دقيقاً للرقابة والتحكم في أداء المسؤولين، ينقسم إلى نوعين: الرقابة الذاتية والرقابة الخارجية، فالرقابة الذاتية حددها بالشروط والمواصفات التي يجب أن يتمتع بها المسؤول، كالعدالة والتقوى – مثلاً – وهما يقابلان الاستبداد والفسق، أي إن هذا النوع من الرقابة يردع المسؤول ذاتياً ويجنبه ارتكاب الظلم والفسق. وإذا عجزت هذه الرقابة عن ممارسة دورها لأي سبب من الأسباب، تأتي الرقابة الخارجية المتمثلة بأحكام الشريعة والقوانين ومؤسسات الرقابة، كمجالس أهل الحل والعقد والشورى وغيرها(*). وتدخل رقابة الأمة في إطار هذه الرقابة؛ بل هي العمود الفقري لها، ويعطيها الفقهاء أكثر من عنوان، أهمها: الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة لأئمة المسلمين. وقد فسّر المحدّثون والفقهاء معنى النصيحة لأئمة المسلمين بأكثر من تفسير، كالولاء لهم وإسداء النصح وتقديم المشورة وتقويم الرأي والسلوك(*). وقد عمل الإمام الخميني بعد تأسيس الجمهورية الإسلامية على إحياء هذا المفهوم من خلال حث الأمة ومجالسها الدستورية على القيام بهذا الواجب(*)، فيقول مخاطباً أعضاء مجلس الشورى الإسلامي: «إذا رأيتم الانحراف قد ظهر في مجلس الشورى، من حيث بروز الاستبداد ونزعة التسلط، ومن حيث ظهور نزعة جمع المال ومراكمته بين الوزراء ولدى رئيس الجمهورية قوموا بمواجهته… وينبغي للشعب أن يراقبكم ويراقب كل هذه الأمور»(*). وما يقوله الإمام الخميني في هذا المجال لا يمثل خطباً سياسية أو دعائية؛ بل إنه يعبّر عن تأصيل فقهي لموضوع رقابة الأمة والنصيحة للمسؤولين، كما أنه يعبّر عن الاتجاه العام للنظام السياسي الذي يترشح عن الشريعة الإسلامية، والذي تحول رقابة الأمة فيه دون انحرافه عن أهدافه في نشر القسط والعدل. وقد عمل الإمام الخميني – أيضاً – على تحويل هذا التأصيل الفقهي إلى ثقافة عامة يمارسها الشعب بشكل يومي وعلى مختلف الصعد، فقد ظل يحث الشعب على تبني هذه الثقافة وممارستها، وهو بذلك يحاول أن يكشف عن الصورة الحقيقية لموقف النظام الإسلامي من الاستبداد، هذه الصورة التي ظلت غائبة – غالباً – منذ نهاية عصر صدر الإسلام، ويحاول – أيضاً – أن يضمن سلامة النظام الإسلامي واستقراره ومستقبله، من منطلق السنن الإلهية في هذا المجال، وذلك ما يلخصه الحديث الشريف: «الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم»(*)، والحكمة المأثورة: «العدل أساس الملك»(*). فيقول الإمام الخميني مخاطباً الشعب: كلنا مسؤولون، ليس عن أعمالنا وحسب؛ بل عن أعمال الآخرين أيضاً، فمسؤوليتي [وضعي وعملي] على عاتقكم، ومسؤوليتكم [وضعكم وأعمالكم] على عاتقي، فإذا ما وضعت قدمي على خط الانحراف فأنتم مسؤولون، ليس في حدود أن تواجهوني بالقول: «لماذا وضعت قدميك على خط الانحراف» فحسب؛ بل عليكم أن تبادروا بالهجوم وبالنهي عن الانحراف وتسألوا: لماذا؟»(*).

ضمانات دستور الجمهورية الإسلامية لمنع الاستبداد

خصص دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية كثيراً من مواده كضوابط وضمانات عملية لتحقيق العدالة ومنع الاستبداد والدكتاتورية. فقد جاء في مقدمته: «الدستور يضمن زوال كل نوع من أنواع الدكتاتورية الفكرية والاجتماعية والاحتكار الاقتصادي، ويسعى للخلاص من النظام الاستبدادي، ومنح الشعب حق تقرير مصيره بنفسه»(*).

في المادة 109 من الدستور جاء أنّ العدالة(*) والتقوى(*) من الشروط التي يجب توافرها في شخصية الفقيه الحاكم، أي إن الفقيه – كما سبق – يفقد ولايته وتسلب منه ذاتياً إذا سقطت عدالته، وقد جعلها الدستورـ استناداً إلى أحكام الشريعة – مساوية في الأهمية لشرط الفقاهة(*). وتسقط العدالة – كما يقول الإمام الخميني – حتى إذا «تفوه الفقيه بكلمة كذب واحدة أو أقدم على خطوة انحرافية واحدة»(*)، أو مارس أي نوع من أنواع الظلم، حتى لو ضد فرد واحد من أفراد الشعب. ووضع الدستور مهمة كشف فقدان الفقيه الحاكم للعدالة، ومن ثم عزله من منصبه، على عاتق مجلس الخبراء الذي ينتخبه الشعب انتخاباً مباشراً. وكذلك الأمة، إذا ثبت لديها سقوط عدالة الولي الفقيه، فيما لو استبد بالأمر أو ظلم، أن تعزله عبر مجلس الخبراء(*).

وتتفق مدارس الفقه السياسي الإسلامي على شرط العدالة لدى ولي الأمر، وعلى عزله إذا فقده، إذ يذكر الشيخ وهبة الزحيلي إجماع علماء السنة على أن الحاكم المسلم تنتهي ولايته ويعزل إذا تغيرت حالته، «والذي يتغير به حاله، فيخرج به عن الإمامة شيئان: جرح في عدالته، ونقص في بدنه»(*). ومن هذا المنطلق قنن الدستور ضوابط منع الاستبداد، وهي ضوابط لكل زمان، إذ يقول الإمام الخميني: «من الممكن أن يأتي شخص مستبد في ما بعد، وفي تلك الحالة، فإنكم تستطيعون أن تقوموا بأي عمل تمنعونه من خلاله عن الاستبداد، ولربما جاء إلى الحكم شخص مستبد متمرد»(*). ويضيف في مكان آخر: «ويظنون أن الحكومة تقبل بأي فقيه، مهما كان فاسداً. إن الفقيه إذا خطا خطوة منحرفة وإذا ارتكب ذنباً من الذنوب الصغيرة سقطت عنه الولاية»(*).

ووضع الدستور – أيضاً – شرط العدالة لأعضاء مجلس الخبراء الذين يراقبون الفقيه الحاكم (القائد) ويعزلونه؛ وبالنظر إلى خطورة موقعهم ومهمتهم، فهم الذي يعبّرون عن حكم الشريعة في سلوك الحاكم؛ لأنهم من الفقهاء العدول، كما يعبّرون عن موقف الأمة من الحاكم؛ لأنهم منتخبون من الأمة(*). وشرط العدالة والتقوى لدى أعضاء مجلس الخبراء يحول – أيضاً – دون حصول أي اتفاق أو تواطؤ مع الحاكم في ما لو فقد الأخير أحد شروط القيادة، كما يحول دون انجرارهم وراء الضغوط العامة والخاصة التي قد تهدف إلى عزل الفقيه الحاكم تبعاً لأهداف خاصة. واشترط الدستور العدالة كذلك في رئيس السلطة القضائية(*) والقضاة(*)، والتقوى في رئيس الجمهورية(*).

لم يحدد الدستور فترة زمنية لولاية الحاكم (الولي الفقيه)، كما هو الحال مع مناصب الدولة الأخرى، كرئاسة الجمهورية (4 سنوات تمدد مرة واحدة فقط) وعضوية مجالس الشورى (4 سنوات مرة واحدة فقط)، ورئاسة السلطة القضائية (5 سنوات قابلة للتمديد)، فهذه المناصب إدارية وتنفيذية وتشريعية، في حين أن موقع الولاية الشرعية يحظى بخصوصية وحساسية بالغة؛ لأنه يرتبط بالموقع الشرعي للدولة، وهو أعلى منصب ديني فيها، وتسلم أي شخص لهذا الموقع يعني إيمان خبراء الأمة (أهل الحل والعقد) بأنه أفضل الموجودين (من الفقهاء العدول) كفاءة وتدبيراً، وأنه أفضل من تنطبق عليه الشروط. وما دام مجلس الخبراء يراقب الفقيه الحاكم باستمرار ويلاحظ مستوى احتفاظه بالشروط المذكورة، فذلك يعني أن هذا الفقيه، يمكن أن يسقط خلال فترة قصيرة بعد انتخابه أو يبقى مدى الحياة، إذ إن فقدانه لأي من الشروط أو علم مجلس الخبراء بأنه لم يكن يمتلك هذا الشرط منذ البداية، سيؤدي إلى عزله فوراً، وسيكون بقاؤه غير شرعي، وإن امتدت ولايته أياماً معدودات، وحينها سيفقد ذريعة مدة الولاية للبقاء في السلطة، فربما تمكّنه هذه الذريعة من التمسك بالسلطة رغم أنه حاكم سياسي ومرجع ديني غير شرعي، وإذا كان الفقيه محتفظاً باستمرار بشروط الولاية، وكانت قناعة مجلس الخبراء بذلك كافية، فلا يبقى هناك مسوّغ لتحديد مدة الولاية. وهذه القضية تعارفت عليها المرجعية الدينية (الشيعية تحديداً) منذ نشوئها في غيبة الإمام المهدي الكبرى.

والحقيقة أن مجلس الخبراء – من خلال النتائج التي تفرزها لجنة التحقيق المكلفة منه – يعيد انتخاب الولي الفقيه – حكماً لا عملاً – كل ستة أشهر (تبعاً لدورة انعقاد المجلس). ولجنة التحقيق المذكورة التي ينتخبها المجلس بين أعضائه، تقوم بالتحقيق الشامل والمتواصل لحسن الأداء القيادي للفقيه الحاكم، وممارسته السلطة وقابليته الاجتهادية، أي إنها تراقب فقاهته وعدالته وكفاءته وتدبيره. وقد تحدثت المادة 111 من الدستور عن عزل القائد (الفقيه الحاكم) عن منصبه إذا عجز «عن أداء وظيفته القانونية أو فقد أحد الشروط المذكورة في المادة الخامسة والمادة التاسعة بعد المئة أو علم فقدانه لبعضها منذ البدء»(*). ويمكن استكناه معنى العجز – هنا – من خلال الشروط المذكورة في المادتين5 و9 و10:

1 – ضعف الكفاءة العلمية بفقدانه ملكة الاجتهاد.

2 – قيامه بممارسات ظالمة أو استبدادية تخالف العدالة.

3 – ضعف تقواه والتزامه الديني.

4 – ضعف الرؤية السياسية الصحيحة.

5 – ضعف الكفاءة الاجتماعية.

6 – سوء الإدارة.

7 – سوء التدبير.

8 – ضعف الشجاعة.

9 – ضعف القدرة الكافية على القيادة.

كما وضع دستور الجمهورية الإسلامية أكبر مجلس استشاري للولي الفقيه، هو «مجمع تشخيص مصلحة النظام»؛ ليرسم من خلاله سياسات الدولة العليا. كما أن «المجلس الأعلى للأمن الوطني» هو الذي يقرّ السياسات الدفاعية والأمنية للدولة، وينفذها بعد مصادقة الفقيه عليها. وكلا المجلسين يحول دون تفرد رئيس الدولة بمهمة الإشراف ورسم السياسات العليا.

ورئيس الدولة محدد من جانبه بمجموعة ضوابط دستورية تردعه عن الاستبداد، فمجلس الشورى الإسلامي – المنتخب من قبل الأمة – بإمكانه عزل رئيس الجمهورية من منصبه، بعد مصادقة الفقيه الحاكم. كما يستطيع الأخير عزل رئيس الجمهورية إذا صدر ضده حكم قضائي من قبل المحكمة العليا(*). كما أن مجلس الوزراء بجمعه والوزراء كلاً على حدة، يخضعون لمراقبة مجلس الشورى الإسلامي ومحاسبته(*). وفي هذا المجال يقول الإمام الخميني: «إن الذي يحول دون تحوّل رئيس الجمهورية إلى دكتاتور، ولا يسمح لقائد الجيش أو الشرطة أو الدرك أو رئيس الوزراء بأن يمارسوا الدكتاتورية إنما هو الفقيه. إن الفقيه الذي عينته الأمة وصار إماماً لها هو الذي يريد إزالة الدكتاتورية ومكافحة مظاهرها. ويجعل الجميع ينضوون تحت راية الإسلام ويقيم حكومة تتبع القانون»(*).

والولي الفقيه ورئيس الجمهورية وغيرهما مسؤولون أمام القانون كأي فرد من أفراد الشعب، ومن ذلك المسؤولية عن ارتكاب الجرائم العادية(*). كما كلّف الدستور رئيس السلطة القضائية بمهمة «التحقيق في أموال القائد، ورئيس الجمهورية ومعاونيه والوزراء وزوجاتهم وأولادهم، قبل تحمّل المسؤولية وبعده، وذلك لئلا تكون قد ازدادت بطريق غير مشروع»(*).

وأخضع الدستور تشريعات مجلس الشورى الإسلامي إلى رقابة فقهية ودستورية من قبل مجلس صيانة الدستور(*): ليحول دون استبداده بتشريعاته أو إصدار ما يخالف الشريعة والدستور، أو ممارسة ما يعرف بدكتاتورية الأغلبية، ولا سيما إذا كانت الأغلبية البرلمانية تنتمي إلى حزب الحكومة نفسه(*). وقرارات مجلس صيانة الدستور – هي الأخرى – ليست نهائية؛ بل تعود لمجلس الشورى لإصلاحها، وإذا أصرّ المجلسان (الشورى والصيانة) على رأييهما، ترفع القضية إلى مجمع تشخيص المصلحة للتحكيم(*)، الأمر الذي يحول دون استبداد مجلس الصيانة بقراراته. فضلاً عن أن أسلوب اختيار أعضاء مجلس الصيانة هو ضمانة أخرى تمنعهم من الاستبداد، إذ يشترك في اختيارهم القائد ورئيس السلطة القضائية ومجلس الشورى الإسلامي.

ورغم الصلاحيات الواسعة الممنوحة لرئيس السلطة القضائية، والتي تطال حتى رئيس الدولة (الولي الفقيه)، ولكن أي فعل يقوم به يناقض العدالة يؤدي إلى عزله من منصبه من قبل القائد(*). وهناك محكمة خاصة بالقضاة، تتم فيها محاكمتهم على ما يرتكبونه من مخالفات، وأخرى خاصة بموظفي الدولة. كما يمكن لأي مواطن عادي أن يقدم شكوى تحريرية ضد مجلس الشورى الإسلامي والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية. وألزم الدستور مجلس الشورى «بالتحقيق في هذه الشكاوى وإعطاء الرد الكافي عليها… وإذا كانت الشكوى ذات صفة عامة وجب إعلام الشعب بالنتيجة»(*).

والفقهاء العدول – خارج السلطة – يراقبون الدولة في ممارستها للسلطة، «وربما نقضوا حكمها في الموارد التي يكون فيها نقض الحكم أقل مفسدة من الخطإ الذي وقع فيه حكمها، ويكون عصيان الحاكم أفضل من تفادي مضاعفات الانشقاق بمجاراة أخطائه في نظرهم»(*). كما ضمن الدستور للأمة في كثير من مواده ممارسة رقابتها ودورها في منع الاستبداد(*)، من خلال المشاركة في الانتخابات، والتعبير عن الرأي والنقد والتقويم، في إطار الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة – كما سبق -..

مفهوم الشورى وموقعه في النظام الإسلامي

تشكّل مؤسسات الشورى جسد النظام الإسلامي، فالشورى هي قاعدة النظام وأحد ركنيه، أما ركنه الأول فهو ولاية الفقيه التي تمثل قمة هرم النظام الإسلامي. والسلطات التي تشكّل هيكل النظام السياسي الإسلامي هي سلطات تترشح عن مجالس الشورى، وهي تكفل مشاركة حقيقية للأمة في حركة الدولة، واستيعاب طاقاتها وقواها البشرية. كما تعبّر الأمة من خلال المؤسسات الشورية عن حضورها في كل أركان النظام وأجهزته، وإرادتها في تقرير مصيرها، في الحدود التي أقرّها الإسلام، ما يوفر لها فرص التمتع بحقوقها وحرياتها التي كفلتها الشريعة الإسلامية(*).

لا يهدف البحث – هنا – إلى الحديث عن مصدر شرعية النظام الإسلامي وعلاقة الشورى بذلك، فموضوع السيادة والحاكمية والشرعية والمشروعية في النظام الإسلامي، تمت دراسته في فصول سابقة، إذ بيّن البحث أن النظام السياسي الإسلامي الحديث يرجع شرعيته إلى معايير دينية وليست بشرية (أصوات أكثرية الشعب مثلاً)، أما مشروعية النظام أو ما يمكن أن نطلق عليه تفعيل حركة النظام فيرجع إلى آلية الشورى وأصوات أكثرية الشعب، والتي يعدها بعض المفكرين المسلمين مصدر شرعية الحكومة الإسلامية، ويشبهها بالديمقراطية. وما نريده بالشورى هنا – بعيداً عن البحث النظري – هو الشورى كآلية لممارسة السلطة، من خلال مجالس الإشراف والتخطيط والتشريع والتنفيذ والرقابة والقضاء.

ومن خلال نظرة فاحصة لطبيعة عمل النظام الإسلامي في إيران، نجد أن الشورى التي تفرزها إرادة الأمة حاضرة من قمة النظام وحتى قاعدته، مروراً بالأجهزة(*). فمثلاً: إرادة الأمة أفرزت مجلس الخبراء، وهذا المجلس – بدوره – يختار الولي الفقيه (قائد النظام)، والأخير، انطلاقاً من الحق الذي يعطيه له موقعه، يتشاور ومجمع تشخيص مصلحة النظام في رسم السياسات العامة للدولة. وبغض النظر عن رأي معظم الفقهاء القائل بعدم إلزام الشورى للولي الفقيه، على اعتبار أنه يرجّح بين آراء المستشارين ويتبنى أحدها أو يعمل برأيه(*)، فإن دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية قرن رسم السياسات العامة للنظام من قبل الولي الفقيه، بالتشاور مع مجمع تشخيص مصلحة النظام(*). كما قرن الدستور تسلّم الفقيه للولاية وتمتعه بالمسؤوليات الناشئة عنها، باختيار مجلس الخبراء المنتخب من الشعب له(*)، رغم أن النظرية التي يقوم عليها النظام السياسي الإسلامي الحديث – كما سبق – تذهب إلى أن الفقيه يتمتع بالولاية باعتباره نائباً للإمام المعصوم.

وعلاقة سلطات النظام الإسلامي الإيراني بالشورى هي على ثلاثة أنواع:

الأول: الشورى أداة لاختيار مسؤولي النظام، من خلال اعتماد أصوات أكثرية الشعب، ومن ذلك انتخاب صاحب السلطة الأولى في النظام (الولي الفقيه) عبر مجلس الخبراء، وانتخاب صاحب السلطة الثانية (رئيس الجمهورية) وحكومته، وكذلك رئيس مجلس الشورى الإسلامي وأعضاء المجلس، ورئيس مجلس الخبراء أعضائه، ورؤساء البلديات والمجالس البلدية وغيرها.

الثاني: الشورى مركز لاتخاذ القرار بصورة جماعية، وبأكثرية الأصوات، وذلك من خلال المجالس واللجان والدوائر المختصة، بدلاً من القرار الفردي. وهذا النوع تطبقه جميع السلطات، ولا سيما في المجالات التي لا تحتاج إلى قرارات عاجلة. فمجمع تشخيص مصلحة النظام ومجلس الشورى الإسلامي ومجلس الخبراء ومجلس صيانة الدستور والمجلس الأعلى للأمن الوطني ومجلس الدفاع الأعلى ومجلس أمن الدولة والمجلس الأعلى للثورة الثقافية وغيرها، جميعها تتخذ قراراتها بالشورى ووفقاً لرأي أكثرية الأعضاء.

الثالث: الشورى أداة لتقوية السلطة، تمدّها بالرأي والمشورة، إذ إن الشورى – هنا – لا تكون في موقع اتخاذ القرار؛ بل إن القرار متروك لصاحب السلطة، من خلال ترجيحه لآراء المستشارين. وهذا النوع من الشورى يمكن مشاهدة تطبيقاته في علاقة القائد بمجمع تشخيص مصلحة النظام، ورئيس الجمهورية بمجلس الوزراء، ورئيس السلطة القضائية بمجلس السلطة القضائية.

مجالس الشورى في النظام السياسي الإسلامي

معظم المؤسسات الشورية في نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي مؤسسات دستورية، أما المؤسسات التي لم يذكرها الدستور فقد أنشئت على أساس قوانين وقرارات صادرة من مجلس الشورى الإسلامي. وتتمثل المؤسسات الشورية الأساسية في الجمهورية الإسلامية بما يلي:

1 – مجمع تشخيص مصلحة النظام:

هو أعلى مجلس للشورى، يستند إليه الفقيه الحاكم (القائد) في رسم سياسات الدولة، وحل الخلافات بين مجلس الشورى ومجلس صيانة الدستور. ويتألف من كبار قادة الدولة وحكمائها، ممن لديهم مسؤوليات فعلية أو سابقة، بمن فيهم رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الشورى الإسلامي ورئيس القضاء. ويعيّن القائد رئيس المجمع وأعضاءه الدائمين والمؤقتين. ويتم تداول القضايا المطروحة على المجمع بطريقة الشورى، ثم التصويت على التوصيات والقرارات، وفقاً لأكثرية الأعضاء. ومن هنا فهو بمثابة مجلس أهل الحل والعقد أو مجلس قيادة الدولة، ولكن ليس بمعنى القيادة التنفيذية؛ بل بمعنى قيادة التخطيط العليا التي ترفع قراراتها بهذا الشأن إلى القائد للموافقة عليها. ولم يمنح الدستور هذا المجمع حق التقنين؛ بل أعطاه حق حل مشكلات النظام الأساسية وإقرار الصيغ النهائية للقوانين التي يختلف بشأنها مجلس الصيانة ومجلس الشورى الإسلامي، في إطار مصلحة الدولة العليا(*).

2 – المجلس الأعلى للأمن الوطني (القومي):

يتشكل من أبرز قادة الدولة، ويتم تعيينهم وفقاً لمناصبهم كرئيس الجمهورية الذي يترأس المجلس، ورئيس مجلس الشورى الإسلامي ورئيس القضاء ورئيس أركان القيادة العامة للقوات المسلحة ووزراء الخارجية والداخلية والأمن وقائد الجيش وقائد قوات حرس الثورة ومندوبين عن القائد وآخرين. ويقوم المجلس برسم السياسات الدفاعية والأمنية للبلاد، وتنسيق النشاطات والسياسة الأمنية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ذات العلاقة بالأمن العام، واستثمار الإمكانات المادية والمعنوية للبلاد لمواجهة التهديدات الداخلية والخارجية(*).

3 – مجلس الخبراء:

هو المجلس الذي يأخذ على عاتقه اختيار الولي الفقيه (رئيس الدولة – القائد) وعزله. ويتم انتخاب أعضاء المجلس من الشعب انتخاباً مباشراً(*). ويتداول المجلس القضايا التي يطرحها بطريقة الشورى، ويصدر قرارته وفقاً لرأي أكثرية الأعضاء.

4 – مجلس الشورى الإسلامي:

هو سلطة التشريع أو التقنين في النظام، وينتخب الشعب أعضاءه انتخاباً مباشراً (جرى الحديث عنه في الفصول السابقة).

5 – مجلس صيانة الدستور:

هو المجلس الدستوري – الشرعي أو المحكمة الدستورية، التي تصادق على قوانين مجلس الشورى الإسلامي وقراراته (سبق الحديث عنه).

6 – مجلس الوزراء:

هو مجلس السلطة التنفيذية أو الحكومة، ويتألف من رئيس الجهورية الذي يترأس المجلس، ونائبه الأول والوزراء ومعاوني رئيس الجمهورية. ويحدد المجلس السياسة العامة لعمل الدولة ونهجها، كما يقوم بتنفيذ القوانين(*)، وله الحق – أيضاً – في وضع القرارات واللوائح الإدارية والتعميمات الحكومية(*).

7 – مجلس أمن الدولة:

يرأسه رئيس الجمهورية أو من يعينّه لذلك، وهو مجلس فرعي تابع للمجلس الأعلى للأمن الوطني(*)، مهمته التخطيط للسياسات الأمنية والمصادقة عليها.

8 – مجلس الدفاع:

يرأسه رئيس الجمهورية أو من يعينه لذلك، وهو مجلس فرعي تابع للمجلس الأعلى للأمن الوطني(*)، مهمته التخطيط للسياسات الدفاعية للنظام والمصادقة عليها.

9 – مجلس إعادة النظر في الدستور:

مهمته تعديل مواد من الدستور أو تكميله، وقرارات هذا المجلس يصادق عليها القائد، ثم تطرح للاستفتاء العام، وتكون نافذة المفعول إذا صوتت عليها الأكثرية المطلقة للمشاركين في الاستفتاء من الشعب(*). ويتم تشكيل المجلس من كبار قادة الدولة وكبار الشخصيات الحقوقية، وهم أعضاء مجلس صيانة الدستور، رئيس الجمهورية، رئيس مجلس الشورى الإسلامي، رئيس القضاء، الأعضاء الدائمون في مجمع تشخيص مصلحة النظام، خمسة من أعضاء مجلس خبراء القيادة، عشرة أشخاص يعيّنهم القائد، ثلاثة من أعضاء مجلس الوزراء، ثلاثة أشخاص من السلطة القضائية، عشرة من أعضاء من مجلس الشورى الإسلامي وثلاثة أساتذة جامعيين حقوقيين(*).

10 – مجلس شورى رئيس السلطة القضائية:

حل هذا المجلس محل مجلس القضاء الأعلى بعد تعديل الدستور عام 1989، وهو مجلس استشاري، وتكون قراراته ملزمة إذا وافق عليها رئيس السلطة القضائية، ويتألف من كبار مسؤولي السلطة القضائية، كوزير العدل والمدعي العام للبلاد ورئيس المحكمة العليا ورئيس ديوان العدالة الإدارية ورئيس دائرة التفتيش العام.

11 – المجلس الأعلى للثورة الثقافية:

مهمته الإشراف على شؤون التعليم العالي والبحث العلمي والثقافة العامة والشؤون الثقافية للدولة، ويتألف من رئيس الجمهورية، الذي يترأس المجلس، ورئيس مجلس الشورى الإسلامي ورئيس القضاء ووزير العلوم ووزير الثقافة وعدد آخر من الوزراء ورؤساء الجامعات والعلماء والأساتذة.

12 – مجلس الشورى الأعلى للمحافظات:

يتم تشكيله من ممثلي مجالس شورى المحافظات، ومهمته تحقيق التعاون في مجال إعداد البرامج العمرانية والترفيهية للمحافظات والإشراف على تنفيذها والتنسيق بينها(*). ويمكنه إعداد الخطط والمشاريع وتقديمها مباشرة أو من طريق الحكومة إلى مجلس الشورى الإسلامي(*).

13 – المجالس البلدية:

هي مجالس منتخبة انتخاباً مباشراً من الشعب، وتتشكل في كل قرية وناحية وقضاء ومحافظة، ومهمتها انتخاب رئيس بلدية المنطقة والإشراف على البرامج الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية والصحية والثقافية والتعليمية وسائر الخدمات الاجتماعية(*).

14 – مجالس شورى أصحاب المهن:

تتشكل من ممثلي العمّال والفلاحين وأصحاب المهن؛ بهدف إعداد البرامج والتنسيق في شؤون الإنتاج والزراعة. كما يتم تشكيل مجالس شورى من ممثلي المؤسسات التعليمية والإدارية والخدمية(*).

وهناك مجالس شورى أخرى فرعية تقوم بمهام اختصاصية، كالمجلس الإداري الأعلى والمجلس الاقتصادي الأعلى ومجلس الثقافة العامة والمجلس الأعلى للإعلام، وهي تتألف عادةً من مجموعة من الوزراء ومسؤولي المؤسسات وممثلين عن السلطات الأخرى. وبالتالي فإن هذا الكمّ الكبير من المؤسسات الشورية النوعية يؤكد موقع الشورى كعمود فقري للنظام الإسلامي.

دور الأمة في النظام الإسلامي:

الأمة هي أحد أركان الدولة الإسلامية الأربعة، إلى جانب الحكومة والأرض والقانون، ولمصطلح الأمة تعريفات متعددة، بعضها ينظر إلى الزاوية العقيدية وأخرى إلى الزاوية السياسية وغيرها إلى الزاوية القانونية للمصطلح. وهذه التعددية في التعريف تنعكس على مفهوم المواطنة والقيادة (الولاية) أيضاً. والمراد من الأمة في هذا البحث هو تعريفها القانوني، فالأمة هي مجموعة المسلمين الذين يعيشون في إقليم الدولة الإسلامية، ويحملون جنسيتها، أو ما يمكن أن نطلق عليهم مصطلح «الشعب» أو «المواطنين». هذا المصطلح (الوضعي في شكله القانوني) تفرضه مقتضيات الزمان والمكان القهرية، وفي مقدّمها معادلات الجغرافية السياسية والقانون الدولي وأمن الدولة وغيرها. وهذه الأمة هي – في الواقع – جزء من الأمة الإسلامية الكبرى، فهي أمة إقليم النظام الإسلامي وليس كل الأمة الإسلامية. وهذا المفهوم شهد تحولاً واضحاً بعد التجزئة التدريجية التي شهدتها الدولة الإسلامية تاريخياً، ففي عصر صدر الإسلام وما تلاه لبضعة قرون، كانت كل الأمة تعيش على أرض واحدة هي أرض الدولة الإسلامية، ولكن تجزئة الدولة تبعتها تجزئة الأمة، فأصبح كل جزء من الأمة يعيش على جزء من الأرض الإسلامية(*). ويفرض ذلك واجبات وحقوقاً مشتركة على كل الأمة تجاه بعضها. وحقوقاً وواجبات أيضاً تجاه قيادة الأمة ومرجعيتها؛ وإن كانت تعيش في دولة أخرى. فإذن، للمسلم انتماءات متنوعة، فمرة هو ينتمي إلى الأمة الإسلامية، وثانية إلى الأمة بجزئها الذي يعيش على إقليم الدولة التي يعيش فيها المسلم نفسه، وثالثة ينتمي إلى الدولة التي يعيش فيها ويحمل جنسيتها، ورابعة إلى قيادة الأمة التي تعيش في دولة أخرى، وخامسة إلى الدولة الإسلامية وهو يعيش فيها ولكن لا يحمل جنسيتها، وسادسة إلى الدولة غير المسلمة التي يعيش فيها ويحمل جنسيتها. وهذه الانتماءات (الوضعية منها تحديداً) فرضتها مجموعة كبيرة من العوامل التي عبّر عنها البحث بمقتضيات الزمان والمكان.

والدور الذي يقصده البحث – هنا – هو دور الأمة التي تحمل جنسية الدولة الإسلامية، أو ما يمكن التعبير عنه بالحقوق والواجبات السياسية لشعب الدولة الإسلامية، وهي التي حددها الدستور. وتعبير الحقوق والواجبات يعني أن هذا الدور ليس مجرد حق للأمة تأخذه أو يضمن لها؛ بل إن لهذا الحق وجهاً آخر هو الواجب، أي واجب الأمة تجاه النظام الإسلامي، والذي يتلخص بدعمه وتقديم المشورة له ونصح مسؤوليه والولاء لقيادته، ولهذا الواجب بعد ديني وعبادي عام، تكشف عنه دوافعه، وأبرزها: المسؤولية، الشورى، الدعوة إلى الخير، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة لأولي الأمر. وتتجلى هذه الحقوق والواجبات الدستورية في نوعين من المشاركة الحرة:

1 – المباشرة، والمتمثلة بالاشتراك في الانتخابات (الترشيح والتصويت) والاستفتاءات العامة.

2 – غير المباشرة، عبر ممثلي الشعب في المؤسسات الشورية، وتتمثل بالمشورة واتخاذ القرار.

والحقيقة أن الأمة في النظام الإسلامي يقتصر حقها في التصويت واتخاذ القرار على دائرة المباحات، أي في القضايا التي لا رأي قاطع فيها ولا هي من اختصاص الفقهاء، فالأمة لا تمتلك الحق في طرح قضايا تتعارض والشرعية الإسلامية ثم تصوّت عليها، فهذه القضايا لا تعدّ شرعية وإن حصلت على الأكثرية الساحقة من أصوات الأمة. ومن هنا، وضع النظام الإسلامي ضوابط تحول دون حصول مثل هذه الأمور، ومنها تحديد مواصفات رئيس الدولة (القائد) وإعطاؤه صلاحيات المراقبة والإشراف، ووضع مجلس دستوري شرعي للمصادقة على قوانين وقرارات مجلس الشورى، والإشراف على الانتخابات ومراقبة انطباق المواصفات المطلوبة على المرشحين.

ودور الأمة الذي كفله النظام السياسي الإسلامي من خلال الدستور والقوانين، تلتقي عنده مختلف النظريات السياسية الإسلامية، سواء القائلة بولاية الفقيه أو ولاية الفقيه والشورى (نظام ولاية الفقيه الانتخابية) أو الشورى (النظام الإسلامي الانتخابي أو ولاية الأمة على نفسها).

ونستعرض هنا حجم المشاركة السياسة للأمة على صعيدي الانتخابات والاستفتاءات العامة الحرة التي جرت في الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الفترة من عام 1979 وحتى عام 2003:

1 – الاستفتاء العام على النظام: جرى في يومي 30 و31 آذار/ مارس 1979، أي بعد (47) يوماً على انتصار الثورة الإسلامية، وهو أول ممارسة شعبية سياسية، إذ اشترك فيه ما يقرب من (20) مليون شخص، أي أكثر من 95% ممن يحق لهم المشاركة في الاستفتاء، وقد صوّت 98.2% من المشاركين على نظام الجمهورية الإسلامية، وفقاً للمضامين التي كان الإمام الخميني يطرحها في خطبه وأصل لها في كتابه «الحكومة الإسلامية». ومن هنا فإن تأسيس الجمهورية مثّل إرادة الشعب، وهو في الوقت نفسه تكليف شرعي (ديني). وقد أراد الإمام الخميني من هذا الاستفتاء تحصين النظام الإسلامي بحصانة قانونية يجمع عليها العالم المتحضر، وكذلك الاحتجاج بإرادة الأمة على المعارضين. وقد فرض الاستفتاء على الدولة الجديدة أن يكون دستورها وقوانينها ومساراتها إسلامية بالكامل.

2 – انتخاب أعضاء مجلس خبراء الدستور انتخاباً مباشراً في 3 آب/ أغسطس 1979. ويصطلح على هذا المجلس قانونياً «الجمعية التأسيسية» وهي تدوّن دستوراً مستنداً إلى تجربة بشرية وضعية، في حين أن مجلس الخبراء يحدد قراراته، بما لا يتعارض مع العقيدة والشريعة الإسلامية.

3 – الاستفتاء العام على الدستور في 2 و3 كانون الأول/ ديسمبر 1979، بعد إقراره من مجلس الخبراء والإمام الخميني. وقد صوّت 99.5% من المقترعين لمصلحة دستور الجمهورية الإسلامية. وكانت مسودة الدستور قد نشرت في الصحف ووسائل الإعلام، وجرت مناقشتها من التيارات والتنظيمات والشخصيات السياسية والاجتماعية والعلمية، ومن عامة الناس أيضاً.

ومن خلال الاستفتاء والعملية الانتخابية السابقة، يمكن القول بأن إقامة النظام الإسلامي وإقرار دستوره كان خياراً شعبياً، وهو خيار قد تفتقر إليه الديمقراطيات التقليدية، علماً أنها تدعو إلى هذا الخيار نظرياً، وترى فيه أساساً لشرعية الدولة ومذهبها السياسي.

4 – انتخاب رئيس الجمهورية انتخاباً مباشراً. وقد جرت الانتخابات الرئاسية في الجمهورية الإسلامية من عام 1980 وحتى عام 2001 ثماني مرات، انتخب فيها خمسة رؤساء، أعيد انتخاب ثلاثة منهم دورتين متتاليتين. والانتخابات الأخيرة التي جرت في عام 2001 اشترك فيها ما يقرب من 90% ممن يحق لهم التصويت. ومدة كل دورة رئاسية أربع سنوات.

5 – انتخاب أعضاء مجلس الشورى الإسلامي انتخاباً مباشراً. وقد جرت الانتخابات البرلمانية من عام 1980 وحتى عام 2002 ست مرات. وعدد أعضاء المجلس (270) عضواً، ومدة كل دورة تشريعية أربع سنوات.

6 – انتخاب أعضاء مجلس خبراء القيادة انتخاباً مباشراً. وهو المجلس الذي ينتخب بدوره الولي الفقيه (القائد) انتخاباً مباشراً. وقد جرت عملية انتخاب الخبراء من عام 1982 وحتى عام 2000 أربع مرات، وقد حدد النظام الداخلي لمجلس الخبراء عدد أعضائه بـ (74) فقيهاً، ومدة كل دورة ست سنوات.

7 – انتخاب القائد (الولي الفقيه – رئيس الدولة) انتخاباً غير مباشر، عبر مجلس الخبراء. والأخير يختار أحد الفقهاء للقيادة من بين المجموعة من الفقهاء الحائزين على شروط القيادة، وقد قام مجلس الخبراء في دورته الثانية عام 1989 بانتخاب آية الله السيد علي الخامنئي للقيادة. وبهذا الانتخاب تعطي الأمة الفقيه الولاية بالفعل، باعتبار أنه يمتلك مؤهلات الولاية سلفاً. وتفعيل الأمة لولاية الفقيه يعني أنها تمنحه المشروعية القانونية ليمارس دوره السياسي والإداري والقيادي، ليكون إماماً للأمة ورئيساً للدولة دون الفقهاء الآخرين. ومن هنا فدور الأمة – هنا – هو دور مفاضلة بين الفقهاء – أولاً – ودور تفعيل لولاية الفقيه الأفضل – ثانياً – ودور انقياد له – ثالثاً – وهناك نوع آخر لهذا الاختيار تمارسه الأمة ممارسة مباشرة، من خلال بيعتها الفقيه المتصدي للقيادة، ومعاهدتها إياه على الانقياد والولاء، عبر وسائل متعددة، كالمسيرات والرسائل ولقاءات البيعة المباشرة وغيرها، وهو ما حدث مع الإمام الخميني.

8 – الاستفتاء الشعبي العام على التعديل في الدستور، والذي جرى في عام 1989، بعد التعديل الذي أدخله مجمع إعادة النظر في الدستور على بعض مواده.

9 – انتخاب أعضاء المجالس البلدية (مجالس شورى المحافظات والأقضية والنواحي والقرى) انتخاباً مباشراً. وقد جرت مرتين ابتداءً من عام 1999.

ومن خلال ما سبق، يتضح أن الشعب الإيراني شارك خلال 24 عاماً (1979 – 2003) بثلاثة استفتاءات عامة، وإحدى وعشرين عملية انتخابية مباشرة، وعملية انتخابية واحدة غير مباشرة، أي بمعدل مشاركة عامة كل سنة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الإحالات

(1) موريس دوفرجيه، في الدكتاتورية، ص 38.

(2) روسو، العقد الاجتماعي، ص 92.

(3) دوفرجيه، الأحزاب السياسية، ص 401.

(4) المصدر السابق، ص 421.

(5) جان توشار، تاريخ الفكر السياسي، ترجمة، علي مقلّد، ص 32.

(6) دوفرجيه، الأحزاب، ص 356.

(7) انظر في هذا المجال: الإمام الخامنئي، الحكومة في الإسلام، ص 32.

(8) دي توكفيل، الديمقراطية في أمريكا، ص 536، نقلاً عن: إمام عبد الفتاح، الطاغية، ص 297.

(9) مل، الحرية، ص 138، نقلاً عن المصدر السابق، ص 298.

(10) د. يحيى الجمل، الأنظمة السياسية المعاصرة، ص 220.

(11) محمد عابد الجابري، الديمقراطية وحقوق الإنسان، ص 19.

(12) الإمام الخامنئي، ص 29.

(13) من خطبة للإمام الخميني في 19/11/1979، صحيفة نور، ج3، ص 141.

(14) للمزيد حول الموضوع، انظر: السيد كاظم الحائري، أساس الحكومة الإسلامية، ص 73 – 74.

(15) الشيخ عبد الله جوادي آملي، من محاضرة له بعنوان: «ولاية الفقيه والجمهورية»، سلسة الولاية الثقافية، العدد 35، 1998.

(16) عبد القادر عودة، الإسلام وأوضاعنا السياسية، ص 103.

(17) من خطبة للإمام الخميني في 25/10/1979، صحيفة نور، ج10، ص 53.

(18) من خطبة للإمام الخميني 17/12/1979، صحيفة نور، ج11، ص 36.

(19) انظر للمزيد، عميد زنجاني، الإدارة السياسية والدستورية في الجمهورية الإسلامية، ضمن كتاب: نظام الإدارة الحكومية في الإسلام لمجموعة مؤلفين، ص 61.

(20) خصص الشيخ الكليني في أصول الكافي، كتاب الحجة، باباً لهذا الموضوع عنوانه «باب ما أمر به النبي(ص) بالنصيحة لأئمة المسلمين، واللزوم لجماعتهم، ومن هم»، ج1، ص 403.

(21) انظر محمد سروشي محلاتي، نصيحة أئمة المسلمين، قضايا إسلامية معاصرة، العدد الأول، 1996، ص 93.

(22) صحيفة نور، ج16، ص 30.

(23) رواه المجلسي في البحار، ج72، ص 331.

(24) قول مأثور منسوب إلى عدد من الحكماء.

(25) صحيفة نور، ج8، ص 47.

(26) مقدمة دستور الجمهورية الإسلامية، ص 13.

(27) «العدالة» ملكة تقف أمام المثيرات الاعتيادية وتمنع الإنسان من ارتكاب الخطإ والزلل. ولكنها قد تستطيع الوقوف أمام المثيرات والمغريات الأكبر. وهي بذلك تختلف عن «العصمة» التي تقف أمام مغريات العالم، بكل أشكالها وألوانها، وتمنع من منحه الله إياها من ارتكاب أي معصية، رغم أنه قادر على ارتكابها. انظر: السيد كاظم الحائري، الإمامة وقيادة المجتمع، ص 68.

(28) «التقوى» ملكة تحول دون ممارسة الإنسان لصغائر الذنوب، فضلاً عن كبائرها، وتدفعه إلى الالتزام بالعبادات الواجبة والمستحبة.

(29) دستور الجمهورية الإسلامية، المادتان، 5 و109، ص 27 و96.

(30) من خطبة للإمام الخميني في19/12/1979، صحيفة نور، ج11، ص 133.

(31) دستور الجمهورية الإسلامية، المادة 111، ص 70.

(32) الزحيلي، نظام الإسلام، ص 207 – 208.

(33) من خطبة للإمام الخميني في 29/12/1979، صحيفة نور، ج 11، ص 133.

(34) من خطبة للإمام الخميني في 17/12/1979، صحيفة نور ج 11 ص 36.

(35) دستور الجمهورية الإسلامية، المادتان 108 و111، ص 96 و98 و99.

(36) المصدر السابق، المادة 157، ص 130.

(37) المصدر السابق، المادة 158، ص 130.

(38) المصدر السابق، المادة 115، ص 104.

(39) دستور الجمهورية الإسلامية، المادة 111، ص 98.

(40) دستور الجمهورية الإسلامية، المادة 110، ص 98، والمادة 89، ص 81.

(41) المصدر السابق، المادة 89، ص 81.

(42) من خطبة له في 9/11/1979، صحيفة نور، ج11، 174.

(43) الدستور، المادة 107، ص 95، والمادة 140، ص 117.

(44) المصدر السابق، المادة 142، ص 118.

(45) المصدر السابق، المادتان 91 و94، ص 82 و84.

(46) كما حصل في وزارة الشيخ أكبر هاشمي رفسنجاني الثانية ووزارة السيد محمد خاتمي الأولى والثانية.

(47) الدستور، المادة 112، ص 99 – 100.

(48) الدستور، المادة 110، ص 97.

(49) المصدر السابق، المادة 90، ص 82.

(50) الحائري، أساس الحكومة الإسلامية، ص 73.

(51) تحدث القانوني المصري الدكتور توفيق الشاوي عن الضمانات التي يمنحها دستور الجمهورية الإسلامية الشعب لممارسة سلطته ودوره، وتحول بمجملها دون انتشار الاستبداد والدكتاتورية، بالصورة التي تعجز عنها الأنظمة الديمقراطية التقليدية، التي لا تمتلك سوى خيار ممارسة الأغلبية البرلمانية لاستبدادها على المستويين التشريعي والتنفيذي. فضلاً عن أن طبيعة توزيع السلطات في النظام الإسلامي وصلاحيات كل سلطة تحول دون استبداد أي منها. انظر: ص 67 – 68 وص 184 – 185.

(52) حول هذا الموضوع انظر: حول الدستور الإسلامي في مواده العامة، الشيخ علي التسخيري، ص 283 – 332.

(53) انظر: الشيخ عباس علي عميد زنجاني، مجالس الشورى العمود الفقري للنظام السياسي الإسلامي، مقالات المؤتمر الرابع للفكر الإسلامي، ص 130.

(54) انظر: التسخيري، ص 304 – 308.

(55) دستور الجمهورية الإسلامية، المادة 110، ص 68.

(56) المصدر السابق، المادة 107، ص 67.

(57) انظر: دستور الجمهورية الإسلامية، المادة 112، ص 99 – 100، وعميد زنجاني، الإدارة السياسية، ص 59.

(58) انظر: المصدر السابق، المادة 176، ص 145 – 146.

(59) انظر: المصدر السابق، المادة 111، ص 98 – 99.

(60) انظر: المصدر السابق، المادة 134، ص 113.

(61) انظر: المصدر السابق، المادة 138، ص 115 – 116.

(62) انظر: المصدر السابق، المادة 176، ص 146.

(63) انظر: المصدر السابق، المادة 176، ص 146.

(64) انظر: المصدر السابق، المادة 177، ص 149 – 150.

(65) المصدر السابق، المادة 177، ص 149 – 150.

(66) المصدر السابق، المادة 101، ص 90.

(67) المصدر السابق، المادة 102، ص 90.

(68) المصدر السابق، المادة 100، ص 89.

(69) المصدر السابق، المادة 104، ص 91.

(70) انظر في هذا المجال: الشيخ محمد مهدي شمس الدين، في الاجتماع السياسي الإسلامي، ص 96، 97.

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment