صدمة التاريخ العراقية

Last Updated: 2024/06/09By

صدمة التاريخ العراقية

د. علي المؤمن

الوعي النمطي بالعراق

ظل العراق منذ آلاف السنين أحد أكثر بلدان العالم سخونة في مناخه السياسي وحراكه الاجتماعي. ولا نأتي هنا بجديد حين نستعرض الأسباب والعوامل الكامنة وراء ذلك؛ لأن المؤرخين وفلاسفة التاريخ وعلماء الاجتماع ربما أشبعوها بحثاً وتحليلاً. وقد أرجعوا ذلك إلى طبيعة التكوين الاجتماعي للعراق، وحجم ثرواته الاقتصادية، وموقعه الجيوستراتيجي؛ الأمر الذي جعله عرضة لتقلبات حادة، انعكست على تشكيل العقل الجمعي لقاطنيه. فأصبح العراق عصياً على فهم المارّين به وغزاته والمهاجرين إليه. وربما تكشف المقولة المنسوبة إلى الإسكندر المقدوني، والتي أسرّ بها إلى أستاذه أرسطوطاليس بعد أشهر على احتلاله بابل؛ عن جزء من هذه الحقيقة: «لقد أعياني أهل العراق، ما أجريت عليهم حيلة إلاّ وجدتهم قد سبقوني إلى التخلص منها؛ فلا أستطيع الإيقاع بهم، إلاّ أن أقتلهم عن آخرهم». فأجابه الحكيم أرسطو: «لا خير لك من قتلهم. لو أفنيتهم جميعاً؛ فهل تقدر على الهواء الذي غذى طباعهم؟ فإن ماتوا ظهر في موضعهم من يشاكلهم».

وأعاد آخرون إنتاج مقولة الإسكندر (الذي عاش في القرن الرابع قبل الميلاد)؛ وصولاً إلى يومنا هذا؛ إذ كرّست أحداث مئات الأعوام من التاريخ طبيعة وعي الآخر بالعراقيين، وهو يرى أنهم شعب حاد الذكاء، كثير النقد والجدل، قليل الطاعة. وعليه، ظل العراقيون على الدوام عرضة لسطوة الحكّام وسوطهم، وظلت أرض العراق مسرحاً لقلق سياسي واجتماعي مستمر، وميداناً لصولات الغزاة والمحتلين. حتى ظهرت هذه المعادلة بأقوى أشكالها بعد الاحتلال الأموي الذي أعقب انتهاء دولة الإمام علي(ع) وتنازل ابنه الإمام الحسن(ع) عن الخلافة؛ فكان طرفاها ولاة وعسكريون وطغاة، من جهة؛ وأرض مستباحة وشعب مضطهد ثائر، من جهة أخرى.

ولم يغفل المؤرخون معظم هذا الحراك السياسي والاجتماعي والعسكري؛ ولكن، ظل إنجاز الحاكم ومكاسب السلطة هما الجانب الطاغي على الموضوعات التاريخية؛ لأن من كتب تاريخ العراق الرسمي والمنطقة برمتها هم مؤرخو السلطة؛ وهو ما انعكس على الصورة النمطية في الكتب الدراسية حتى عام 2003، وهو عام سقوط الحقبة التاريخية التي تعود جذورها إلى مئات السنين. وقد لا نحتاج إلى مزيد عناء حين نثبت أن هذا الصورة النمطية للتأريخ تتعارض – في كثير من مضامينها وأشكالها – مع الحقائق البسيطة التي أثبتها المؤرخون غير الرسميين؛ على ندرتهم.

في التاريخ الرسمي، من الطبيعي أن يكون الحاكم الطاغية عادلاً؛ ويستحيل باطله حقاً؛ ويصبح المظلوم خارجاً على الحاكم؛ والمذهب غير الرسمي للسلطة هرطقة وكفراً؛ وبطانة الحاكم وأسرته وولاته وقضاته ورجال دين البلاط هم صفوة الأمة وقادتها. ويعد كل من يعارضهم، وإن كان بالفكر والكلمة، متمرداً يشق صف الأمة. أما إنجازات الأمة من علوم ومعارف وتوسع ديني وغيرها فتصادر لحساب الحاكم وأسرته.

هذه الصورة النمطية التي طبعتها السلطات في العراق منذ مئات السنين، في عقول الناس وضمائرهم؛ هي التي شكّلت الوعي العربي والإقليمي بالعراق، وهي ما يعرفه المحيط به. ومن هنا، كانت الصدمة كبيرة لهذا الوعي في عام 2003؛ حين تكشّف له جزء من جبل الجليد الغاطس. وإذا كان بعض المنصفين قد فشل في استيعاب ما انكشف له؛ فإن الغالبية العظمى رفضت أي تعرّض لوعيها النمطي؛ وفضّلت أن تقاوم الصدمة بكل ما يختزنه هذا الوعي من صور وأشكال ومضامين.

هذا الوعي يختزن صورة الأمويين باعتبارهم خلفاء رسول الله؛ الذين بادروا إلى مد رقعة دولتهم الإسلامية القوية وتثبيت دعائمها في العراق، وصولاً إلى فتوحات دينية كبرى في الشرق؛ وليس صورة الأمويين الذين دخلوا الإسلام كرها؛ بهدف ضربه من الداخل أو السيطرة عليه، ولم يؤمنوا به يوماً. وحين تحقق لهم ذلك جاهروا بمخططهم؛ فكانت ممارساتهم متعارضة مع أبسط حقائق الدين. قتلوا الإمام الحسن والإمام الحسين والإمام السجّاد والإمام الباقر (أحفاد رسول الإسلام) وآلافا من المسلمين، وانتهكوا أعراضهم وسلبوا أموالهم، وأحرقوا القرآن، ورجموا الكعبة بالمنجنيق، واستحلوا حرمة بيوت الله، واقتطعوا لأنفسهم أراضي فتوحاتهم العسكرية، واكتنزوا الأموال، وأحلوا كل المحرمات الدينية في المأكل والمشرب والملبس والسلوك. أما من رفض كل هذا أو جزءاً منه فهو خارج على خليفة المسلمين ودولته. وكان معظم هؤلاء الرافضين من أبناء العراق.

هذه الصورة النمطية عينها تعد السفاح والمنصور والرشيد عظماء؛ قدموا للإسلام وللعراق أجل الخدمات؛ فتشاد لهم النصب التذكارية، وتسمى الأحياء والشوارع بأسمائهم، وليسوا طغاة جبابرة فاقوا الأمويين في انتهاك الحرمات؛ حتى قال ضحاياهم:

((ألا ليت ظلم بني مروان دام لنا       وعدل بني العباس في النار))

إن ما حدث في العراق عام 2003 فضح جزءاً من هذا الزيف، وحرر كثيراً من الحقائق؛ ولكنه لم يحرر حتى الآن العقول التي لا تزال تقاوم الصدمة. هذه العقول التي تواصل مساعيها بشتى الأدوات المشروعة وغير المشروعة؛ لإعادة العراق إلى الصورة النمطية؛ ليبقى العراق؛ عراق عبيد الله بن زياد والحجاج الثقفي وأبي العباس السفاح، وأخيرا عراق صدام حسين.

تاريخية البنية الطائفية – العنصرية للسلطة

لم تختص صدمة عام 2003 بالتاريخ العراقي وواقعه؛ بل هي صدمة لتاريخ المنطقة العربية والإسلامية برمتها؛ بالنظر لما يمثله العراق تاريخياً وجيوستراتيجياً من خندق متفرد للمنظومة الإقليمية السياسية الطائفية؛ يحمي حدودها من أي مد (مذهبي وثقافي مغاير!) ويفصل بينها وبين الشرق المختلف طائفياً وقومياً.

وعليه، كان سقوط هذا الخندق كارثة تاريخية كبرى على ساسة هذه المنظومة ودعاتها وكهنتها. وهو ما أسميته في هذا الكتاب بـ «الصدمة التاريخية» أو «صدمة التاريخ». فالصدمة ليست تاريخية وحسب؛ بل هي صدمة للتاريخ نفسه؛ لأنها قلبته رأساً على عقب.

وقد فسّر العنوان الثانوي للكتاب البعد النوعي لهذا الانقلاب؛ إذ ظل العراق محكوماً بسلطة طائفية شوفينية (وأحياناً طائفية فقط) طيلة ما يقرب من 1350 عاماً؛ بدءاً بالاحتلال الأموي وانتهاء بصدام حسين. وظلت المعارضة الأساسية تنتمي قهراً إلى الطائفة المختلفة مذهبياً (الشيعة). ولكن صدمة عام 2003 قلبت المعادلة؛ إذ جاءت بالمعارضة لتضعها على رأس الحكم، ولتجعل من الطائفة الحاضنة للسلطة التاريخية النمطية شريكاً في الحكم، أي إنها لم تحجرها في زاوية المعارضة أو تخرجها من السلطة. وهذه منقبة تحسب لهذا الانقلاب.

ولرفع أي نوع من الالتباس، أؤكد هنا حقيقتين؛ لا أدلي بهما إرضاءً لأحد أو دفعاً لمفسدة؛ بل لقناعتي العلمية:

الأولى: إن الطائفة السنية (بمتدينيها وعلمانييها) ليست مسؤولة عن سلوكيات السلطات التي تنتمي إليها بالوراثة؛ لأن هذه الطائفة ليست مكوّناً تنظيمياً؛ بل هي عبارة عن شرائح اجتماعية متباينة في مستواها المعيشي والثقافي، ووعيها السياسي والتاريخي، والتزامها الديني والمذهبي، وفي مرتبة تعصبها ورؤيتها للآخر؛ حالها حال أي طائفة أخرى. أي إن انتماء السلطات طائفياً إلى السنة لا يعني أنها سلطات مذهبية؛ ولا يعني أنها تعمل من أجل المذهب السني وفي إطار أحكامه الشرعية؛ وذلك لوجود فرق كبير وأساس بين المذهبي والطائفي؛ لأن المذهبي مفهوم ديني وعقائدي وفقهي، أما الطائفي فهو مفهوم إنساني واجتماعي. وبما أن السلطات لم تكن تمثل الواقع الاجتماعي والسياسي، فإنها ظلت تستغل الطائفة التي تنتمي إليها كحاضنة اجتماعية وسياسية لها، وترفع شعارات مذهبية وطائفية من أجل تحقيق أهدافها الخاصة. وفي هذا السبيل ظلت السلطة تمعن في جر الطائفة السنية – طوعاً أو قسراً – لحماية نفسها، وتستخدم فقهاء الطائفة لتغطية مشروعية السلطة وممارساتها من خلال الخطاب الفقهي والعقيدي الذي يبيح للسلطة إنزال كل أنواع العقاب على المختلفين معها مذهبيا (الشيعة). وبدون هذا التركيز على وحدة المسار والمصير مع الطائفة؛ ستنهار السلطة لا محالة.

الثاني: إن الصراع التاريخي في العراق لم يكن يوماً صراعاً طائفياً مجتمعياً؛ بل كان بين السلطة التي تنتمي طائفياً إلى السنة، وبين المعارضة التي تنتمي طائفياً إلى الشيعة؛ لأن شرائح المجتمع العراقي ظلت تعبِّر عن انتماءاتها المذهبية والطائفية بالصورة التي تحول دون حصول صراعات طائفية مجتمعية؛ فضلاً عن أن الاندماج الاجتماعي (المصاهرات والصداقات والمصالح والانتماءات العشائرية المشتركة) ظل السمة الغالبة التي تطبع المجتمع العراقي. ولكن، هذا لا يعني عدم وجود نسبة من التوتر الطائفي. وهنا يكمن دور السلطة؛ فهي من أجل الوصول إلى أهدافها الخاصة، تمارس أبشع أنواع التمييز الطائفي، بدءاً بالإقصاء والتهميش والاضطهاد السياسي، مروراً بالحظر العقائدي والفكري والثقافي، والحرمان الاقتصادي، وصولاً إلى الاعتقال والتشريد والقتل وانتهاك الأعراض. وهنا تجد الطائفة الشيعية نفسها مستهدَفة بكل هذا التمييز؛ وليس المعارضة التي تنتمي إلى الشيعة وحسب. وبذلك تحقق السلطة هدفين في آن واحد:

الأول: تحتمي بالطائفة السنية وتستثير فيها الحس الطائفي في أي صراع مع المعارضة الشيعية، فضلاً عن محاولة تجميد أي جهد في الوسط السني لمعارضة السلطة؛ على اعتبار أنها سوف لن تلقى ترحيباً أو دعماً من الوسط السني. وهذا ما كان واضحاً في عهد صدام حسين؛ حيث كانت حركات المعارضة السنية (الدينية والعلمانية) ضعيفة، وكانت محاولاتها في التحرك عسكرياً تبوء بالفشل سريعاً وتتلاشى؛ لأنها لم تكن تجد حاضناً اجتماعياً يحميها ويدعمها.

الثاني: إبعاد الشيعة عن السلطة وعن أي مفاصل أساسية في الدولة. وهو إجراء احترازي، يدفع خطراً محتملاً. وهذا الإجراء لم يلق يوماً اعتراضاً في شرائح الطائفة الحاضنة للسلطة أو من أي حكومة إقليمية أو عالمية أو جماعة سياسية ودينية؛ لأنه يعد إجراء نمطيا تقليديا، ولا يعيره اهتماماً حتى من يلتفت إليه منهم.

مضمون الصدمة التاريخية

على مستوى تدوين صدمة 9 نيسان/ إبريل 2003 التاريخية، هناك من يعمد – جهلاً أو قصداً – إلى تسطيح الواقع وتبسيط الأمور؛ فيصف ما حدث بأنه احتلال أمريكي – بريطاني للعراق؛ أسفر عن سقوط الدولة العراقية.

وهذا – من زاوية البحث العلمي – غير صحيح بالمرة؛ لأن ما سقط كان سلطة صدام حسين أو دولة حزب البعث؛ إذ لم يكن هناك دولة في العراق بالمفهوم النُظُمي الحديث للدولة. وبسقوط الدولة البعثية سقطت حقبة عمرها 1350 عاماً؛ حكمت فيها سلطات فردية أو أسرية؛ أطلقت على نفسها – مجازاً – اسم الدولة؛ كالدولة الأموية والدولة العباسية والدولة العثمانية؛ وصولاً إلى الدولة البعثية. وربما كانت فترة ما بعد عام 1921 وحتى 1958 تعبِّر عن بدايات تأسيس دولة؛ ولكنها كانت محكومة بسلطة الاحتلال، ثم بملوك غير عراقيين، فضلاً عن طبيعة النظام السياسي الطائفي الذي يغيِّب الأكثرية لمصلحة أقلية تتداول سلطة السياسة والمال والعسكر والقانون والتعليم والإعلام.

أما العهد الجمهوري فمثًل شبه انقلاب على شكل الدولة؛ فرغم أن عبد الكريم قاسم كان أول حاكم عراقي يسود البلاد؛ إلا أنه حوّل الدولة إلى سلطة يمسك بها وحده.

وعندما برزت الملامح الأولى للعراق الجديد في أواخر عام 2003، بسلطته المختلفة؛ إبان تشكيل مجلس الحكم الانتقالي، واختيار الدكتور إبراهيم الجعفري أول رئيس له (ثم اختياره أول رئيس وزراء منتخب في تاريخ العراق في عام 2005)؛ كانت صدمتي بالحدث بالغة؛ لأني – كباحث – أدرك بعمق ماذا يعني أن يكون حاكم العراق:

1 – شيعياً.

2 – إسلامياً.

3 – عراقياً.

4 – ينتسب إلى حزب شيعي إسلامي.

5 – يعارض جوهر السلطة العراقية وفلسفتها في الحكم.

6 – يتبنى أيديولوجية مختلفة كلياً عن الإرث السلطوي العراقي التاريخي.

حينها، نشرت عدة مقالات أشير فيها إلى حجم العبء التاريخي المخيف الذي يتحمله حاكم العراق الجديد. وخلال تلك السنوات كان تاريخ العراق يتراءى لي لوحةً سوريالية.. متحركة.. متنافرة في أشكالها ومضامينها؛ من كلكامش إلى حمورابي إلى علي بن أبي طالب إلى هارون الرشيد إلى فيصل الأول إلى صدام حسين إلى إبراهيم الجعفري إلى نوري المالكي.

لقد مثلت صدمة عام 2003 «نهاية تاريخ وبداية تاريخ». وأنا على يقين بأن الأمريكان أنفسهم لا يدركون حقيقة ما فعلوا؛ لأن الانقلاب التاريخي الذي يعني للعراقيين، لا يعنيهم؛ وليس وارداً في مشروعهم؛ بل إن الذي يعي عمق ما حدث هم النخبة العراقية؛ سواء كانوا من نخبة السلطة السابقة وحزب البعث، أو من نخبة السلطة الحالية؛ فضلاً عن بعض النخب السياسية والفكرية في المحيط الإقليمي.

مقاومة الصدمة

يمكن تقسيم الحقب التاريخية التي مر بها العراق حتى الآن إلى خمس حقب:

1 – تأسيس الكيان العراقي وظهور الدول – المدن الأولى؛ وأبرزها: أور، وما بعدها.

2 – حقبة الاحتلالات وصراعاتها؛ وأبرزها الاحتلال الإغريقي والاحتلال الفارسي.

3 – الفتح الإسلامي، حتى نهاية دولة الإمام الحسن بن علي(ع) في الكوفة.

4 – الاحتلال الأموي وحتى انهيار سلطة صدام حسين على يد الاحتلال الأمريكي.

5 – العراق الجديد، وهو الذي بدأ بالاحتلال الأمريكي، وظهور حالة التنوع في الاجتماع السياسي العراقي واشتراك كل مكوناته في إدارة السلطة.

وعلى أساس هذه الحقب التاريخية، يمكن القول إن عراق ما بعد عام 2003 يتميز بما يلي:

1 – من ناحية السلطة التاريخية، يعد عراق ما بعد 2003 العراق الخامس: فالأول تمثل – كما ذكرنا – في بروز الدويلات العراقية الأولى، كالسومرية والبابلية والآشورية. والثاني كان العراق الخاضع للاحتلالات، والذي انتهى عند نجاح الفتح الإسلامي في إخضاعه لسيطرته. والثالث هو العراق الإسلامي الذي تتوج بانتقال خلافة المسلمين وإمامة الأمة المتجسدة في الإمام علي بن أبي طالب إلى العاصمة الكوفة؛ وهو منعطف تاريخي كبير، أعطى للعراق مجداً وعزاً وقوة. والعراق الرابع هو عراق الاحتلال الأموي الذي استمر حتى عام 2003، والذي تميّز بحالة الفصام الكبير بين الحاكمين والمحكومين، والمطبوع بالعنف الفريد من نوعه. والعراق الخامس هو عراق ما بعد عام 2003؛ وهو عراق لا يزال في مرحلة المخاض.

وإذا قدّر لهذا العراق أن يصمد ويستمر ويستقر ويستقل ويتقدّم، وتترشح عنه الدولة التي تمثِّل جميع العراقيين وتحتضنهم وتشركهم في قرارها، دون تمييز بين عرق ودين ومذهب وانتماء سياسي، فإن هذا المخاض يستحق كل أنواع التضحيات والصبر؛ وإن طال أمده عشرين عاماً. فعقدان لا يعدّان زمناً؛ قياساً بمئات الأعوام التي كانت فيها كرامة العراق ودمه وأرضه وعرضه وماله ودينه وسلطته مستباحة لأنواع من المحتلين والطغاة والطائفيين والعنصريين.

2 – من الناحية القانونية الحديثة؛ تعد الدولة العراقية التي قامت بعد 2003 هي الدولة العراقية الثانية التي تأسست على أنقاض الدولة العراقية الأولى التي نشأت في آب/أغسطس من عام 1921 وانهارت رمزيتها في نيسان/ إبريل 2003.

3 – من الناحية السياسية، تعد جمهورية العراق في مرحلة ما بعد 2003 هي الجمهورية الثالثة. فقد تأسست الجمهورية الأولى على يد عبد الكريم قاسم عام 1958 وانهارت في عام 1963. وكانت جمهورية غائمة في أيديولوجيتها وتوجهاتها السياسية. وتأسست الجمهورية الثانية بانقلاب عارف – البعث عام 1963، واستمرت حتى عام 2003. ومثّلت الجمهورية الثانية أوضح ألوان الالتزام بالايديولوجيا الطائفية – العنصرية للدولة العراقية، وما ترشح عنها من ممارسات وسلوكيات طالت الهوية المذهبية والقومية لـ81% من سكان العراق (65% الشيعة بكل قومياتهم و16% الأكراد السنة).

وكانت ولادة العراق الخامس أو الجمهورية الثالثة في العراق تعبيراً عن نجاح إرادة الشعب العراقي على أكثر من مستوى:

1 – نجاح الإرادة العراقية في تحدي الإرث الضخم للنظام السياسي العراقي الذي استمر على مدى 1350 عاماً؛ ووضع اللبنات الأساسية لنظام سياسي تعددي ديمقراطي، ودولة المواطنة، ودستور دائم صوّت عليه الشعب، وحكومات وطنية منتخبة.

2 – نجاح الإرادة العراقية في تحدي مشروع الاحتلال الأمريكي – البريطاني الذي كانت لديه أهداف وأدوات مختلفة. فقد تمكنت القوى الإسلامية الشيعية من مواجهة المشروع الأمريكي من داخل العملية السياسية؛ وصولاً إلى إلغاء كثير من أهدافه وبرامجه وتجميد أخرى. ومثّل هذا العمل لوناً متفرداً من المقاومة التي تمكنت من فرض إرادتها بأدوات سياسية.

3 – نجاح الإرادة العراقية في تحدي الانهيار الأمني الذي تقف وراءه الجماعات المسلحة المرتبطة ببقايا النظام السابق وجماعات السلفية الجهادية؛ فضلاً عن جماعات مسلحة مرتبطة بحكومات أجنبية، وعصابات محلية تعمل لمصلحتها أو لجهات أخرى.

وكان مخططاً لهذا الانهيار أن يحول دون أي استقرار للعراق الجديد؛ بهدف إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه في النظام السابق.

وتكشف النقاط الثلاث السابقة عن مفهومين أفرزهما واقع العراق الجديد، هما: الاحتلال والمقاومة. فالدولة العراقية الجديدة تأسست في ظل ظرف قاهر يتمثل في الاحتلال الأمريكي؛ وهو ظرف طارئ وزائل لا محالة. وإزالة هذا الظرف بكل تبعاته رهين بمقاومة الشعب العراقي. وهنا، لابد من الفصل بين المقاومة التي يمثلها حزب البعث وتنظيم القاعدة، والمقاومة التي تعبِّر عن إرادة الشعب العراقي. فالأولى مقاومة غير معنية بإزالة ظرف الاحتلال؛ بل بإزالة النظام السياسي المختلف الذي أفرزه الواقع العراقي الجديد، وإعادة الوضع إلى ما كان عليه (بدءاً من عام 1968 بالنسبة لحزب البعث، وبدءاً من عام 41 هجرية بالنسبة لتنظيم القاعدة).

أما المقاومة الجذرية التي أفرزتها حقائق الاجتماع السياسي العراقي فهي التي فاجأت الاحتلال وأطاحت بمشروعه لمصلحة مشروع وطني ديمقراطي تعددي. وتجسدت قيادة هذه المقاومة في المرجعية الدينية الشيعية في النجف الأشرف، ممثلة بالإمام السيد علي السيستاني. وهذه المرجعية بطبيعتها وتقاليدها وأيديولوجيتها معادية لأي لون من الهيمنة الأجنبية؛ فضلاً عن الاحتلال المباشر. ولكنها – في كل مرة – تستخدم أسلوباً مختلفاً في المواجهة والمقاومة؛ فقد استخدمت السلاح في الأعوام 1914 و1917 و1920، كما استخدمت المقاومة السياسية في مراحل أخرى؛ سواء عبر رجالاتها وأنصارها في السلطة؛ كالشيخ محمد رضا الشبيبي والحاج جعفر أبو التمن والسيد محمد الصدر (رئيس وزراء في العهد الملكي) والسيد هبة الدين الشهرستاني وغيرهم كثير. أو ما قامت به من مقاومة سلمية بدءاً من عام 2003. وكانت تقف خلف المرجعية الدينية قوى سياسية إسلامية فاعلة؛ فاجأت – هي الأخرى – الاحتلال، وتفوقت على أدواته في الهيمنة على الشارع العراقي؛ حتى استطاعت الوصول إلى السلطة عبر الانتخابات. هذه القوى تتمظهر بحزب الدعوة الإسلامية بقيادة الدكتور إبراهيم الجعفري ثم السيد نوري المالكي، والمجلس الأعلى الإسلامي بقيادة آية الله السيد محمد باقر الحكيم ثم السيد عبد العزيز الحكيم وبعدهما السيد عمّار الحكيم، والتيار الصدري بقيادة السيد مقتدى الصدر، وغيرها من القوى والشخصيات. هذه القوى بحاضنتها الشيعية الواسعة، شكلت مقاومة عراقية وطنية فاعلة. وحين اضطرت للتعامل مع الاحتلال؛ باعتباره أمراً واقعاً؛ كان هدفها درء مفاسده وجلب المصالح للشعب العراقي؛ وهو ما تحقق خلال السنوات التي أعقبت ولادة العراق الجديد.

ومن هنا؛ فقد أحبطت جبهة المقاومة الشيعية الوطنية مشروعين أساسيين في العراق:

الأول: مشروع الحفاظ على الموروث السياسي والقانوني للدولة العراقية ونظامها السياسي التقليدي السابق. وهو المشروع الذي تقوده جماعات البعث العراقي والجماعات السلفية.

الثاني: مشروع الاحتلال الأمريكي وتبعاته السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية؛ وهو مشروع يهدف إلى تفصيل العراق وإنسانه ومقدراته على مقاسات الشرق الأوسط الأمريكي الجديد.

وعلى أنقاض هذين المشروعين؛ وضعت جبهة المقاومة أسس مشروع الدولة العراقية الجديدة ونظامها السياسي ودستورها على أساس الاستقلال الشامل، ورفض كل أشكال الاستبداد والدكتاتورية والتمييز القومي والطائفي، وتطبيق مفهوم المواطنة ودولة القانون، والاحتكام للشريعة الإسلامية وأصولها ومبادئها.

وإذا كانت القوى الإسلامية الشيعية مضطرة للتعامل مع ظرف الاحتلال – كما أشرنا – فإن الاحتلال الأمريكي، هو الآخر، كان مضطرا للتعامل معها؛ ليس إيماناً بها أو بمشروعها؛ ولكن لأنها أمر واقع ضاغط؛ باعتبارها الأكثر فاعلية وتأثيرا، والأكبر حجما في الواقع العراقي؛ وبدونها لا يمكن التقدم في محو الماضي خطوة واحدة. وظل كل من الطرفين يضمر للآخر ما يظهر وما لا يظهر. ومن هنا فالمقولة السائدة في الخطاب العربي التقليدي الذي صدمه الواقع العراقي الجديد، والتي تنطوي على مضامين تخوين الشيعة واتهامهم بالعمالة لأمريكا، هي مقولة في غاية السذاجة، وتحمل أحكاماً غير موضوعية ومواقف مسبقة تتماهى مع التفسير الرسمي الطائفي للتاريخ الإسلامي.

سلطة الحكم وسلطة المعارضة

إذا كانت السلطات العراقية السابقة متعددة في أسمائها وأشكالها؛ فإن مساحة المضامين التي تؤمن بها وتطبقها هي واحدة تقريباً. وربما يكون حزب البعث هو الأكثر تمثيلاً لهذه المضامين. أما في جبهة المقاومة، فإن فلسفة تأسيس الحركة الإسلامية الشيعية المعاصرة وطبيعة مسيرتها وحتى وصولها إلى السلطة؛ تجعلها النموذج الأبرز في عملية المقارنة مع حزب البعث. ونقصد هنا رمزية «البعث» وما يمثله، ورمزية «الحركة الإسلامية» وما تمثله. وهذه الرمزية تنطبق على حزب الدعوة الإسلامية وعلى المجلس الأعلى الإسلامي والتيار الصدري وغيرها. وينسحب هذا على رمزية الشخصيات أيضاً؛ كالسيد محمد باقر الصدر وإبراهيم الجعفري ونوري المالكي، والسيد محمد باقر الحكيم والسيد محمد محمد صادق الصدر والسيد مقتدى الصدر والسيد عبد العزيز الحكيم والسيد عمار الحكيم والدكتور عادل عبد المهدي، وهكذا الأمر بالنسبة لحزب البعث وميشيل عفلق وأحمد حسن البكر وصدام حسين وعزة الدوري وطه الجزراوي. أما إذا أردنا أن نكون أكثر دقة في التحديد، فإن السيد محمد باقر الصدر هو أكثر من يمثل نموذج المعارضة التاريخية التي وصلت إلى الحكم، وصدام حسين هو أكثر من يمثل السلطة التاريخية التي فقدت الحكم.

إن حكم حزب البعث في العراق (1968 – 2003) يمثِّل خلاصة مميزة لكل المراحل التاريخية التي مر بها العراق، منذ الاحتلال الأموي؛ بل إن مرحلة حكم حزب البعث، التي مهد لها عهد عبد السلام عارف، هي مرحلة أموية بامتياز. وهي عودة للاحتلال الأموي؛ لأن عقيدة حزب البعث (عفلق – صدام) وممارساته هي أموية بمعظم تفاصيلها؛ على اعتبار أن الأمويين كان خلافهم مع عراق آل البيت هو خلاف ايديولوجي واجتماعي وتاريخي، وفيه إرث كبير من الأحقاد الجاهلية. وبالتالي؛ فإن المدرسة الأموية هي مدرسة اجتثاث آل البيت وشيعتهم.. وجودياً وعقائدياً وسياسياً ومعيشياً. في حين كان صراع العباسيين مع عراق آل البيت صراعاً سياسياً – سلطوياً، في المقام الأول؛ إذ كان هاجسهم الحؤول دون اقتراب آل البيت وشيعتهم من السلطة. وعلى هذا الأساس، اختصر حزب البعث 1350 عاماً من قمع آل البيت وشيعتهم، وهم الأكثرية التقليدية في العراق، وأمعن في مصادرة حقوقهم وحرياتهم وقتلهم وتشريدهم وانتهاك حرماتهم.

أما مدرسة محمد باقر الصدر؛ وبصرف النظر عن التفاصيل الفكرية والإشكاليات التنفيذية لمكوناتها؛ فإنها تمثل تاريخ المقموعين والمضطهدين، وما ترشح عنه واقعهم من حركات شيعية معارضة على مدى 1350 عاماً أيضاً، وهو نموذج لواقع تأسس في مدرسة آل البيت. وهذا الأمر – بذاته – يمثل صدمة تاريخية. فمثلاً؛ حزب الدعوة تأسس وفقاً لنظرية السيد محمد باقر الصدر في جواز إقامة حكومة إسلامية في عصر غيبة الإمام المهدي، وبذلك يكون قد نقل الفقه السياسي الإسلامي الشيعي إلى مرحلة مختلفة، وزرع بذور التغيير في مسار التاريخ العراقي؛ لتنمو نمواً عسيراً؛ لأنها تنمو عكس الطبيعة السائدة.

وحين دخلت مدرسة محمد باقر الصدر مرحلة الصراع مع السلطة البعثية بدءاً من عام 1979 وحتى عام 2003؛ فإنها أعادت بذلك إنتاج مرحلة الصراع بين الأمويين والعلويين بمعظم معاييرها. وكان هدف الإسلاميين الشيعة – هذه المرة – تغيير أيديولوجيا الدولة العراقية ونظامها السياسي وواقعها تغييراً جذرياً؛ يشمل كل مجالات الحياة. وفي مسار هذا الصراع، كان هناك حدثان مفصليان:

الأول: إصدار حزب البعث (مجلس قيادة الثورة) قانوناً في 31 آذار/ مارس 1980؛ يقضي بإعدام كل من ينتمي إلى مدرسة محمد باقر الصدر (تحديداً: حزب الدعوة وواجهاته ومن يدعمه ويروج لأفكاره). وفيه وصل الصراع الوجودي ذروته. وهذا يعني في جانبه التطبيقي قراراً ميدانياً باجتثاث عقيدة حزب الدعوة وفكره الإسلامي السياسي الشيعي وأعضائه وقواعده وعموم الناس الذين يؤمنون بأفكاره؛ وإن لم ينتموا إليه، وبينهم من ينتمي لجماعات مماثلة. وهو ما حصل بالفعل؛ حيث قتل نظام صدام من عام 1980 وحتى عام 2002 أكثر من (350) ألف شخص، تحت طائلة هذا القانون وغيره من القوانين الشبيهة. عدا عن ما يقرب من (500) ألف شخص أعدموا في مجازر جماعية. ومعظم هؤلاء لا ينتمي إلى حزب الدعوة. فإذا كان عدد أعضاء «الدعوة» الذين أعدموا خلال هذه الفترة يبلغ – مثلاً – عشرة آلاف شخص؛ فإن نسبتهم سوف لن تتجاوز 3% فقط ممن أعدموا تحت طائلة هذا القانون. وهذا ما يمكن أن نعدّه مظهراً لفلسفة حزب البعث في اجتثاث الفكر الديني الشيعي الحديث ودعاته ومن يؤمن به. وهو امتداد تاريخي لفلسفة الأمويين في اجتثاث العلويين؛ سواء كانوا من أنصار الإمام زيد أو يحيى أو الإمام الباقر أو الإمام الصادق، وسواء كانوا حسنيين أو حسينيين.

الثاني: وصول مدرسة محمد باقر الصدر إلى السلطة؛ في المرة الأولى بحكومة إبراهيم الجعفري (2005 – 2006)، والثانية بحكومة نوري المالكي (2006 – 2010). هنا، ظلت رمزية هذا الحدث هي الأكثر عمقاً؛ بل هي المفارقة الأكبر في تاريخ الصدمة التي نوثّق لها ونحلل أبعادها. وخلال ذلك كان هذا التيار الأكثر تشددا في تطبيق قرارات اجتثاث حزب البعث، رغم أنه لم يقدم على عمليات انتقامية ضد البعث؛ بل ترك موضوع التعامل مع البعثيين إلى القانون والمحاكم الجنائية.

إن رمزية هذه المفارقة هي موضوع هذا الكتاب تحديداً؛ لأنها تعبِّر عن انهيار المعادلة الحاكمة في العراق منذ 1350 عاماً؛ وذلك بصعود المعارضة التاريخية التي ترمز إليها مدرسة محمد باقر الصدر، وسقوط السلطة التاريخية التي يرمز إليها حزب البعث. وهو ما يعبّر عنه العنوان الثاني الذي وضعناه للكتاب: «العراق: من حكم السلطة إلى حكم المعارضة».

ولكي نكون موضوعيين في تقويمنا لآراء المعارضين للتغيير (في عام 2003) والمؤيدين له، نقول إن الإشكالية الأساسية هنا تتمثل في أن التغيير حدث بأداة الاحتلال الأمريكي؛ الأمر الذي لا يزال يعطي لمعارضي التغيير فرصة ذهبية للتمسك بشمّاعة الاحتلال؛ لإقناع الرأي العام بخطأ التغيير وضحالة الصدمة.

فمما لا شك فيه لو أن الصدمة حدثت بأدوات داخلية عراقية؛ لسقطت كثير من مبررات رافضي التغيير. وهذا لا يعني أن الصدمة لو حدثت بأدوات عراقية لحصلت على دعم المنظومة المجتمعية السياسية للعراق والمحيط العربي؛ إذ إن مبدأ التغيير في العراق، متمثلاً بقيام دولة المواطنة التي يحكمها نظام سياسي تعددي غير طائفي وغير عنصري، يقود إلى حصول الأكثرية الشيعية على حقوقها السياسية والمدنية الطبيعية، وهو ما يجعلها في موقع القرار، هو أمر مرفوض تماماً وفقا للقواعد التقليدية التي تحكم المنطقة منذ مئات السنين، لأنه سيحول العراق من خندق يحمي البوابة الشرقية للمنظومة الطائفية الإقليمية، إلى دولة عادلة في نظرتها لكل مواطنيها؛ دون تمييز في عرق أو دين أو مذهب؛ وإلى محور حضاري يصل بين شرق العالم الآسيوي وغربه العربي؛ وإلى بؤرة للحديث عن الفكر التعددي والحقوق والحريات في المنطقة؛ وإلى مركز طارد للثقافة الطائفية والشوفينية.

لكن؛ يبقى مشروع الاحتلال الأمريكي الكارثي؛ عقبة كأداء أمام وضوح معالم هذا التغيير؛ ومسوغاً لمعارضيه؛ لمقاومته وضربه؛ بحجة مقاومة المشروع الأمريكي. وهم في الواقع لا يعنيهم الاحتلال ولا مقاومته؛ لأن واشنطن حاضرة في تفاصيل حركتهم؛ سواء كانوا أنظمة أو جماعات. بل ما يعنيهم هو مقاومة التغيير وحسب. وبالتالي فهم يعبرون عن وعيهم الواقعي بكون الاحتلال زائلا عن العراق لا محالة، وأن التغيير التاريخي هو الباقي، وأن العودة إلى العراق الأموي باتت مستحيلة.

وربما يعتقد بعض المراقبين للواقع العراقي أن الشارع الشيعي العراقي وتياراته الدينية والسياسية يبالغون في رفض عودة البعث إلى السلطة أو المشاركة فيها؛ وهو ما ظهر جليا خلال الفترة التي سبقت الانتخابات البرلمانية التي جرت في آذار/ مارس 2010. ولكن، عند التعمق في دراسة موقف الرفض هذا، يتضح أنه لا يستهدف البعث كفكر أو تنظيم أو ممارسة وحسب؛ بل هو رفض لاستحضار التاريخ وعودة المرحلة الأموية. وهذا ما يختزنه الشارع في وعيه ولا وعيه؛ ويتحدث به سراً وعلناً.

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment